كيف تدهورت العلاقات بين الجزائر والمغرب
بعد عقود من التوتر بين البلدين... الجزائر تقطع العلاقات والمغرب يرد

السياق
بعد عقود من التوتر بين البلدين، جاء تصريح وير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، بقطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، ليكون نهاية متوقَّعة وأليمة، للعلاقات بين البلدين الجارين.
وأدت حوادث عدة، في يوليو وأغسطس، إلى تأجيج التوترات بين البلدين، لا سيما مسألة الصحراء الغربية.
واتهمت الجزائر جارتها، بالتورُّط في الحرائق المميتة، التي اجتاحت منطقة القبائل، وأودت بحياة العشرات.
قطع العلاقات
وقال وزير الشؤون الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، إن بلاده قرَّرت قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، على خلفية ما وصفها بـ"الأفعال العدائية" المستمرة ضد الجزائر.
وأكد الوزير لعمامرة، في تصريحات بثتها وكالة الأنباء الجزائرية، أن «المغرب جعل من أراضيه منصة تسمح لقوى خارجية، بالإدلاء بتصريحات عدائية ضد الجزائر»، مشيرًا إلى أن الرباط «لم تتوقف عن فِعل أعمال غير ودية، وأعمال عدائية ودنيئة، ضد بلدنا منذ استقلال الجزائر»، على حد قوله.
أعمال عدائية
لم تتوقف التصريحات الجزائرية، عند كلمة لعمامرة، بل إنه نقل كلمة باسم الحكومة والرئيس عبدالمجيد تبون، قال فيها، إن «المغرب لم يتوقف يومًا عن القيام بأعمال غير ودية وأعمال عدائية ودنيئة ضد الجزائر منذ استقلالها»، مشيرًا إلى أن «هذا العداء الموثَّق بطبيعته الممنهجة والمبيتة، تعود بداياته إلى الحرب العدوانية المفتوحة عام 1963 التي شنتها القوات المسلحة الملكية المغربية ضد الجزائر حديثة الاستقلال، ما أدى إلى مقتل 850 شخصًا».
وأوضح البيان، أنه رغم ما وصفها بـ«الجراح الكبيرة» التي خلفتها هذه المواجهة المسلحة، فقد عملت الجزائر على إقامة علاقات عادية مع الجار المغربي، مدللًا على قوله، بـ«معاهدة الأخوة وحُسن الجوار والتعاون، وكذا اتفاقية ترسيم الحدود بين البلدين، الموقعتين في إفران عام 1969 والرباط عام 1972، لتكريس مبدأ حرمة الحدود الموروثة غداة الاستقلال».
تاريخ العلاقات
إلا أنه قال إن المغرب قرر عام 1976، بشكل مفاجئ، قطع العلاقات الدبلوماسية مع الجزائر التي اتخذت حينها، إلى جانب عدد من الدول الأخرى، القرار السيادي بالاعتراف بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، مشيرًا إلى أنه بعد اثني عشر عامًا من قطع العلاقات، قرر البلدان عام 1988 تطبيع العلاقات الثنائية، وإدراجها ضمن منظور تاريخي، يأخذ بالاعتبار «المصير المشترك للشعبين الجزائري والمغربي».
وأشار إلى أن البيان المشترك الجزائري المغربي الصادر في 16 مايو 1988، الذي يمثل أساس استئناف علاقات البلدين، تضمن 4 معايير وصفها بـ«المهمة» جعلت تطبيع العلاقات بين البلدين ممكناً، مؤكدًا أن بينها «السِّلم وحُسن الجوار والتعاون بين الشعبين الجزائري والمغربي، وإعادة تأكيد صلاحية المعاهدات والاتفاقات المبرمة بين البلدين».
وأكد البيان، أنه انطلاقًا من مبادئ بلاده، ترفض الجزائر التدخل في الشؤون الداخلية للمملكة المغربية، مهما كانت الظروف، مشيرًا إلى أن مواقف الجزائر أظهرت ذلك، خصوصًا خلال أزمات سياسية وأمنية «خطيرة» هددت استقرار وأمن المغرب، إلا أن أجهزة الأمن والدعاية المغربية، تشن حربًا إعلامية واسعة النطاق، ضد الجزائر وشعبها وقادتها، من دون تردد في نسج سيناريوهات «خيالية وإشاعات ونشر معلومات مغرضة، بل إن أحد المفوضين للمملكة، قام بانحراف خطير جدًا وغير مسؤول، من خلال التطرق إلى ما سماه حق تقرير المصير لشعب القبائل».
بيان مقتضب
قائمة الاتهامات، التي كالتها الجزائر للمغرب، رد عليها الأخير ببيان مقتضب قال فيه، إنه أحيط علمًا بالقرار الأحادي للسُّلطات الجزائرية، بقطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب.
وقالت وزارة الشؤون الخارجية المغربية، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إن المغرب يعرب عن أسفه لهذا القرار «غير المبرر» لكنه متوقَّع بالنظر الى منطق التصعيد، الذي تم رصده خلال الأسابيع الأخيرة، مشيرة إلى أن القرار سيؤثر في الشعب الجزائري.
وأكدت الوزارة المغربية، رفضها «بشكل قاطع المبررات الزائفة، بل العبثية التي انبنى عليها» قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع الجزائر، مشيرة إلى أن المغرب سيظل «شريكًا موثوقًا ومخلصًا للشعب الجزائري».
وتعهدت وزارة الخارجية المغربية، في ختام بيانها، بمواصلة العمل «بكل حِكمة ومسؤولية، من أجل تطوير علاقات مغاربية سليمة وبنّاءة».
الزيارة الإسرائيلية
التصريحات المتبادلة بين البلدين، تصاعدت وتيرتها الهجومية خلال الفترة الأخيرة، بعد زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي لابيد المغرب في 11 أغسطس الجاري، التي عبَّـر فيها عن قلقه مما وصفه بتقارب بين الجزائر وإيران.
وقال لايبد، خلال مؤتمر صحفي بمدينة الدار البيضاء، في ختام زيارته إلى المغرب، حينها: «لقد ناقشنا موضوع الصحراء والقضايا التي تهم البلدين، ولم نتطرق لأي صفقات تخص السلاح.
وأضاف الوزير الإسرائيلي: «نحن نتشارك مع بعض القلق من دور دولة الجزائر في المنطقة، التي باتت أكثر قربًا من إيران، وهي تشن حاليًا حملة ضد قبول إسرائيل في الاتحاد الإفريقي بصفة مراقب».
تشويه الأدوار
تلك التصريحات، التي اعتبرتها الجزائر عدائية ضدها، اتهمت إثرها المغرب بالتحريض ضدها، وتشويه دورها الإقليمي وعلاقاتها الخارجية.
وأكدت الجزائر في بيان، أن «للمغرب رغبة مكتومة، في قيادة حليفه الشرق أوسطي الجديد، في مغامرة خطرة موجهة ضد الجزائر، هذه المغامرة الخطيرة، التي تراهن على الأسوأ، تشكل إنكارًا رسميًا لليد الممدودة المزعومة التي تستمر الدعاية المغربية في نشرها بشكل مسيء وعبثي».
تغليب لغة الحوار
دعت المملكة العربية السعودية، الجزائر والمغرب، إلى تغليب لغة الحوار والدبلوماسية، لحل المسائل الخلافية بينهما، بحسب وكالة الأنباء السعودية.
وعبَّـرت وزارة الخارجية السعودية، في بيان، عن "أسف الحكومة السعودية لما آلت إليه تطورات العلاقة بين الأشقاء في المغرب والجزائر".
كما أعربت الوزارة عن "أمل حكومة المملكة في عودة العلاقات بين البلدين بأسرع وقت ممكن"، داعية البلدين إلى "تغليب الحوار والدبلوماسية لإيجاد حلول للمسائل الخلافية، بما يسهم في فتح صفحة جديدة للعلاقات بينهما، وبما يعود بالنفع على شعبيهما، ويحقق الأمن والاستقرار للمنطقة، ويعزز العمل العربي المشترك".
إلى ذلك، دعت فرنسا، الجزائر والمغرب، إلى العودة لمنطق الحوار، من أجل الاستقرار في منطقة المغرب العربي.
وقال مساعد الناطق باسم الخارجية الفرنسية، في بيان، إن فرنسا تبقى بالطبع متمسكة بتعميق العلاقات والحوار بين دول المنطقة، من أجل ترسيخ الاستقرار والازدهار فيها.