بعد زيارة وزير الخارجية السعودي باكستان.. ما مسارات تعزيز العلاقات الثنائية؟

تطرق الجانبان، إلى أهمية استكشاف فرص الاستثمار والفرص المتاحة، في ضوء رؤية المملكة 2030، بما يحقِّق المزيد من الازدهار للبلدين.

بعد زيارة وزير الخارجية السعودي باكستان.. ما مسارات تعزيز العلاقات الثنائية؟

السياق

صفحة جديدة من العلاقات، بين السعودية وباكستان، بدأها البلدان الطامحان إلى تعزيز التعاون الاستراتيجي بينهما، خدمة لشعبي الدولتين، وقضايا المنطقة.

فزيارة وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان إلى باكستان، التي بدأت الثلاثاء، والتقى خلالها مسؤولين باكستانيين رفيعي المستوى، نوقشت خلالها قضايا عدة، بينها تعزيز التعاون النفطي والعسكري، فضلًا عن تخفيف قيود السفر بين البلدين، إضافة إلى ضرورة مواجهة التطرف.

 

مواجهة التطرف

وفي أول لقاء مع مسؤول باكستاني، عقد الوزير فيصل بن فرحان، مباحثات مع نظيره شاه محمود قريشي، في مقر وزارة الخارجية بإسلام أباد، تطرق الجانبان خلالها، إلى ضرورة تضافر جهود العالم الإسلامي، لمواجهة التطرف والعنف ونبذ الطائفية، والسعي الحثيث لتحقيق الأمن والسِّلم الدوليين، بحسب بيان للخارجية السعودية.

وأكد البيان السعودي، أهمية مواصلة الجهود المشتركة لمكافحة ظاهرة الإرهاب، التي لا ترتبط بأي دين أو عِـرق أو لون، والتصدي لكل أشكالها وصورها، وأياً كان مصدرها.

قيود السفر

وبعد ساعات من جلسة المباحثات، عقد وزيرا خارجية البلدين مؤتمرًا صحفيًا، أكدا فيه، أن باكستان والسعودية ناقشتا سبل تخفيف قيود السفر، التي فرضها جائحة كورونا، والتي أدت إلى تقطع السبل بنحو 400 ألف عامل باكستاني في بلادهم.

ووصف قريشي العلاقات بين باكستان والسعودية، بأنها «تاريخية»، قائلًا إن البلدين مرتاحان للغاية، للطريقة التي تسير بها الأمور على الجبهة الثنائية.

وقال الوزير الباكستاني، في تصريحات نشرتها الخارجية الباكستانية واطلعت «السياق» على نسخة منها: «ما نركز عليه الآن، هو تحسين روابطنا الاقتصادية، من خلال تعزيز التجارة الثنائية وتشجيع الاستثمارات»، مضيفا أن البلدين يهدفان إلى تحقيق ذلك، من خلال إنشاء وتفعيل مجلس التنسيق الأعلى بين البلدين.

وأشار إلى أنه ناقش، خلال محادثاته مع نظيره السعودي، كيفية هيكلة الهيئة، وما ينبغي أن تكون خُطة عملهم لهذا الغرض، مؤكدًا أن البلدين قرَّرا أن يكون هناك مسؤول اتصال في وزارة الخارجية الباكستانية وفي السعودية، للإشراف على التقدُّم على الجبهة الثنائية، ما يسمح لهم ببحث العلاقات الثنائية بطريقة مؤسسية.

 

رؤية 2030

وحدَّد وزير الخارجية الباكستاني رؤية 2030، وهي خُطة تحول وطنية، قدَّمتها الحكومة السعودية، كمجال يمكن أن تساهم فيه باكستان، قائلًا: يمكن لمهنيينا المهرة وشِبه المهرة، تقديم مساهمات كبيرة في رؤية 2030.

وأكد قريشي، أهمية بناء الروابط الثقافية، من خلال الدبلوماسية الثقافية، مشيرًا إلى أنه ووزير الخارجية السعودي، بحثا أيضًا فرص المستثمرين السعوديين، للاستثمار في مناطق اقتصادية خاصة، ضمن الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني.

 

دعم سعودي

وشكر قريشي الأمير فيصل والحكومة السعودية، على دعمها الثابت لباكستان، في الأمور المتعلِّقة بمجموعة العمل المالي وقضية كشمير المحتلة، قائلًا: لقد أظهرت المملكة العربية السعودية وضوحًا وثباتًا في دعم باكستان بقضية كشمير.

علاوة على ذلك، قال قريشي، إنه أجرى مناقشة بشأن تطور الوضع في أفغانستان مع الأمير فيصل.

 

الزيارة الثانية

من جانبه، عبَّـر وزير الخارجية السعودي، عن سعادته بما وجده من ترحيب، خلال زيارته الحالية إلى باكستان، مشيراً إلى أنها الزيارة الثانية له إلى هذا البلد.

وأشار إلى زيارة رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان إلى المملكة خلال مايو الماضي، ولقائه ولي العهد  السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، واتفاقهما على إنشاء مجلس التنسيق الأعلى السعودي الباكستاني، الذي يهدف إلى الارتقاء بالعلاقات الثنائية، إلى آفاق أرحب من التعاون والازدهار، بشكل مؤسسي يشمل جميع المجالات.

 

محاثات مثمرة

ووصف الأمير فيصل، محادثاته مع الجانب الباكستاني، بأنها مثمرة للغاية، مشيراً إلى رغبة مشتركة لدى البلدين في تعزيز العلاقات الثنائية، خاصة في الاقتصاد والاستثمار والتكنولوجيا، وتشجيع رجال الأعمال من الجانبين، على استكشاف فرص الاستثمار في مجالات التكنولوجيا.

وفي ما يتعلَّق بتغيُّر المناخ، أكد وزير الخارجية السعودي، التزام بلاده وتطلعها لمواصلة العمل مع باكستان، التي تسعى إلى تحقيق رؤية رئيس الوزراء عمران خان، في تحقيق أهداف الحفاظ على البيئة، وفرص التعاون بين البلدين في هذا الشأن، في إطار مبادرتي السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر اللتين أطلقتهما المملكة.

الوزير السعودي التقى –كذلك- خلال زيارته رئيس وزراء باكستان عمران خان، لاستعراض العلاقات التاريخية بين البلدين وسبل تعزيزها في المجالات كافة، من خلال مجلس التنسيق السعودي الباكستاني، الذي يهدف إلى تعزيز الشراكة الفاعلة، وتكثيف التنسيق الثنائي في القضايا ذات الاهتمام المشترك، بحسب وكالة الأنباء السعودية «واس».

 

فرص الاستثمار

وتطرق الجانبان، إلى أهمية استكشاف فرص الاستثمار والفرص المتاحة، في ضوء رؤية المملكة 2030، بما يحقِّق المزيد من الازدهار للبلدين.

زيارة الأمير فيصل، إلى باكستان التقى خلالها رئيس جمهورية باكستان الدكتور عارف علوي، لاستعراض العلاقات التاريخية بين البلدين وسبل تعزيزها في كل المجالات، كما تطرقا إلى أهمية استكشاف الاستثمار والفرص المتاحة، في ضوء رؤية المملكة 2030، بما يحقِّق المزيد من الازدهار للبلدين، بحسب بيان للخارجية السعودية.

 

حفظ الأمن

كما التقى اليوم الأربعاء الوزير السعودي، قائد الجيش الباكستاني الفريق الأول الركن قمر جاويد باجوا، لمناقشة تعزيز التعاون لحفظ الأمن والاستقرار، إضافة إلى الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.

تلك اللقاءات التي أجراها الوزير السعودي، خلال زيارته لباكستان، تأتي تتويجًا لزيارة رئيس وزراء باكستان عمران خان إلى السعودية، في مايو الماضي، التي وقَّع خلالها البلدان اتفاق إنشاء مجلس التنسيق الأعلى السعودي الباكستاني، واتفاقيتين ومذكرتي تفاهم، بين المملكة وباكستان.

وعن المجلس، قال بلال أكبر السفير الباكستاني لدى السعودية: «سنرسم خريطة تنفيذ، لتعميق هذا التعاون، وترجمته على أرض الواقع»، مشيرًا إلى أن المجلس التنسيقي الأعلى، الذي تم توقيعه بين البلدين، سيعمِّق التعاون والعلاقات بينهما، والمضي بالعلاقات الثنائية إلى آفاق أرحب من التعاون، في مختلف المجالات، في ظِل التطلعات إلى مزيد من التعاون، لتحقيق الأهداف المشتركة.

 

مهام المجلس

ومن أبرز مهام المجلس، ضمان أن تصبح نصوص الاتفاقات واقعًا، بدءًا من الاتفاقيات الأخيرة، التي وقِّعت خلال زيارة مايو الماضي، والتي شملت: اتفاق التعاون في مجال مكافحة الجريمة، واتفاق التعاون في مجال المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية، مذكرة تفاهم في مجال مكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف الكيميائية، إلى جانب قيام المجلس بدوره، في استكشاف المزيد من فرص التعاون المشتركة بين البلدين.

وتلعب الزيارات رفيعة المستوى والمنتظمة بين البلدين، دورًا محوريًا في توفير قوة دفع، للعلاقات الأخوية والتعاون الوثيق بينهما.

 

روابط اقتصادية

تلك اللقاءات المتتالية، التي لا تنقطع، والاتفاقات بين البلدين، لا تقتصر على الأبعاد السياسية، بل إن البلدين تجمعها روابط اقتصادية وتجارية.

حسب البيانات الرسمية، فإن حجم التبادل التجاري بين البلدين، بلغ 33 مليار ريال خلال 3 أعوام، منها 9 مليارات ريال خلال 2020، رغم تداعيات جائحة كورونا.

ووصل حجم الصادرات السعودية غير النفطية إلى باكستان، خلال عام 2020 إلى أكثر من 2.75 مليار ريال، في حين بلغ حجم الواردات من باكستان خلال العام نفسه قرابة 1.97 مليار ريال.

 

52 رخصة استثمارية

لم يقتصر الأمر على الصادرات، بل إن السعودية منحت العام الماضي 52 رخصة استثمارية لشركات باكستانية، بزيادة 100% على عام 2019، الذي بلغ فيه العدد 24 رخصة، ما يؤكد الإقبال المتزايد للمستثمرين الباكستانيين، للاستفادة من الفرص الاستثمارية الواعدة، والمزايا التنافسية التي يتمتع بها الاقتصاد السعودي.

وتعمل في المملكة العربية السعودية، نحو 362 منشأة، 19% منها مشتركة، والنسبة المتبقية استثمارات باكستانية 100%، بينما يُعَدُّ قطاعا التشييد والصناعات التحويلية، أبرز المجالات الاستثمارية، التي تعمل فيها الشركات الباكستانية، يليهما قطاعا الاتصالات وتقنية المعلومات وتجارة الجملة والتجزئة.

 

مصدر مهم

الشركات السعودية تعمل –هي الأخرى- بمختلف القطاعات الحيوية في باكستان، مثل شركة بترومين التي تعمل في صناعة زيوت السيارات، وشركة الجميح للطاقة والمياه، وشركة صافولا في قطاعي الأغذية والتجزئة، وشركة أكوا باور.

وتمثل المملكة العربية السعودية، مصدرًا مهمًا للعملات الأجنبية الداعمة للاقتصاد الباكستاني، من خلال تحويلات العاملين الباكستانيين في المملكة، ويقدَّر عددهم بأكثر من مليوني باكستاني، يساهمون بـ7 مليارات دولار، أو ربع إجمالي التحويلات السنوية إلى باكستان.