كيف يواجه الأمريكيون التضخم وغلاء الأسعار؟

مدخرات بـ 2.7 تريليون دولار أمريكي

كيف يواجه الأمريكيون التضخم وغلاء الأسعار؟

ترجمات - السياق
الوضع الاقتصادي الأمريكي معقد، موجة تضخم تضرب البلاد كباقي الدول، سببها إغلاقات كورونا وارتفاع أسعار المحروقات، جراء الحرب الروسية الأوكرانية.

إلى ذلك كشفت صحيفة وول ستريت، أن كثيرين من الأمريكيين اضطروا للجوء لاستخدام الأموال التي ادخروها أثناء فترة انتشار وباء كورونا، كمحاولة لمكافحة التضخم، في الربع الأول من عام 2022 فقط.

وحسب الصحيفة الأمريكية، فإنه وفقًا لتحليل مؤسسة موديز -المعنية بالأبحاث الاقتصادية والتحليلات المالية- الذي يستند في تحليلاته إلى البيانات الحكومية، سجلت الأسر الأمريكية مدخرات بـ 2.7 تريليون دولار أمريكي طوال فترة الوباء.
وأشارت إلى أن عمليات الإغلاق بسبب كورونا، أبقت الناس في المنزل من دون أن يضطروا لإنفاق أموالهم، بينما عززت ثلاث جولات من مدفوعات التحفيز دخولهم، إلا أنهم مع عودة الحياة -ولو جزئيًا- إلى طبيعتها اضطروا لإنفاق هذه الأموال، نتيجة التضخم وغلاء الأسعار وارتفاع تكاليف الغذاء والإسكان والضرورات الأخرى.

تضخم  قياسي

يذكر أن معدلات التضخم، في الولايات المتحدة الأمريكية، واصلت تحقيق أرقام قياسية، حيث ارتفعت 8.6% على أساس سنوي في مايو الماضي، وهو الرقم الأعلى منذ 40 عامًا.

وأشارت إلى أنه مع ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوياته، وتراجع الأجور، اضطر الأمريكيون إلى السحب من مدخراتهم لتغطية التكاليف المعيشية، حيث استفادت العائلات من قرابة 114 مليار دولار من مدخراتها.

وأوضحت أنه خلال بداية جائحة كورونا، نمت المدخرات النقدية للأمريكيين، أثناء تحصنهم في أماكنهم خوفًا من الوباء، مع توقفهم عن إنفاق الأموال على تناول الطعام بالخارج والسفر وغير ذلك، فضلًا عن أنهم استفادوا من ثلاث جولات من الشيكات التحفيزية ومساعدات البطالة الإضافية ومدفوعات الائتمان الضريبي للأطفال، لزيادة هذه المدخرات.
ارتفاعات غير مسبوقة

وذكرت الصحيفة الأمريكية، أنه خلال ذروة الوباء في ديسمبر 2021، بلغ إجمالي المدخرات الفائضة للأمريكيين 2.7 تريليون دولار ، إلا أنه خلال هذا العام زاد التضخم بشكل غير مسبوق، ووصل إلى أعلى مستوى له في 40 عامًا ، حيث ارتفعت أسعار كل شيء، من البنزين إلى المواد الغذائية، ما أدى إلى تقليص ميزانيات الأسرة، خصوصًا أن أجور العديد من العمال لا تواكب هذه الارتفاعات غير المسبوقة.

وشددت الصحيفة على أنه مع ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوياته منذ عقود وتراجع الأجور، اتجه الأمريكيون إلى هذه المدخرات لتغطية التكاليف، مشيرة إلى أن معدل الادخار الشخصي -وهو مقياس لمقدار الأموال المتبقية بعد الإنفاق والضرائب- بلغ نحو 5.4% في مايو الماضي.

ووفقًا لمكتب التحليل الاقتصادي الأمريكي، فإن هذا الرقم أقل من متوسط العقد الماضي، وأقل بكثير من الرقم القياسي البالغ 34% في أبريل 2020، بينما -وفقًا لـ "موديز"- استفادت العائلات من نحو 114 مليار دولار من مدخراتها الوبائية حتى الآن.

وانخفض إجمالي فائض المدخرات الأمريكية إلى 2.5 تريليون دولار، أي أكثر من 10% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

منخفضو الأجور

20% من أصحاب الدخل الأدنى هم مجموعة الدخل الوحيدة التي لم تعتمد على مدخراتها الوبائية، في الربع الأول من العام، لأن العاملين في الصناعات منخفضة الأجور، مثل الضيافة وتجارة التجزئة والرعاية الصحية، ارتفعت أجورهم بشكل أسرع من التضخم.

من ناحية أخرى -حسب الصحيفة- فقدت الأجور الحقيقية للعمال ذوي الدخل المتوسط والمرتفع قوتها، بالنظر إلى أنها تنمو بوتيرة أبطأ من معدل التضخم.

نفاد المدخرات

وحسب "وول ستريت جورنال" فإذا ظل التضخم على ما هو عليه تقريبًا، عند 8.6%، فإن الأسر ذات الدخل المنخفض لديها مدرج مدته ستة أشهر قبل أن تبدأ مدخراتها النفاد.

وبينت أنه -حتى الآن- كانت هذه المدخرات وسادة مالية مهمة جدًا لمعظم الأسر، ولهذا السبب استمر النشاط الاستهلاكي، محذرة من أن استمرار التضخم بهذا الشكل قد يطيح هذه المدخرات في فترة وجيزة، خصوصًا أن هناك من ينفقون كما يفعلون عادةً، رغم أن التضخم المرتفع للغاية يؤثر في الدخل الحقيقي والقوة الشرائية.

وأشارت الصحيفة إلى أنه رغم هذه المدخرات التي ادخرها الأمريكيون في فترة الوباء، فإن الأسر ذوي الدخل المنخفض قد تنفد من القوة الشرائية إذا استمر التضخم في الارتفاع ودخلت الولايات المتحدة في ركود، مضيفة: "مع مرور كل شهر، تصبح الأمور أكثر إحكامًا، لكنها نجحت بشكل معقول".

ركود غير مسبوق

من جانبهم، توقع عدد من الاقتصاديين في "وول ستريت"، أن تدخل الولايات المتحدة فترة ركودة -غير مسبوقة- خلال الأشهر الـ 12 شهرًا المقبلة، بنسبة 40%.

يذكر أن شيكات التحفيز ومدفوعات ائتمان ضرائب الأطفال الموسعة، ساعدت الأسر الأمريكية أثناء فترة الوباء، حيث منح الائتمان الضريبي للأطفال العائلات قرابة 300 دولار لكل طفل شهريًا في النصف الثاني من عام 2021، لكن ذلك انتهى في ديسمبر، كما أرسلت التحفيز الأخيرة للحكومة الفيدرالية منذ أكثر من عام.

وتشير الصحيفة إلى أن المستهلكين الأمريكيين حائط الصد بين نمو الاقتصاد الأمريكي والانكماش الاقتصادي.

بينما قال مسؤولون تنفيذيون في البنوك الأمريكية، إن أرصدة الحسابات الجارية للأمريكيين قفزت، بعد أن حصلوا على مدفوعات التحفيز الوبائي، وأوضح كريس ويت، الرئيس المشارك لمعهد جيه بي مورغان تشيس، وهو مركز أبحاث داخلي بالبنك، أنه بينما أنفق العملاء بعض هذه الأموال، لا تزال الأرصدة أعلى بشكل ملحوظ مما كانت عليه عام 2019، مشيرًا إلى أنه نهاية مارس الماضي، كانت أرصدة الأسر ذات الدخل الأدنى 65% أعلى من مستويات عام 2019.

من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لبنك جي بي مورغان، جيمي ديمون –الشهر الماضي- إن المستهلكين الأمريكيين لا يزال لديهم ما بين 6 و9 أشهر من القوة الشرائية في حساباتهم المصرفية.