هل العالم بحاجة إلى زيادة إنتاج النفط حاليًا؟

 سلطت شبكة -جي زيرو ميديا- الإعلامية الدولية، الضوء على تحذيرات عدد من محللي صناعة النفط والمتخصصين، بشأن إمكانية وصول أسعار النفط -المرتفعة بالفعل- إلى مستويات قياسية خلال الأشهر المقبلة.

هل العالم بحاجة إلى زيادة إنتاج النفط حاليًا؟

ترجمات - السياق

 سلَّطت شبكة «جي زيرو ميديا» الإعلامية الدولية، الضوء على تحذيرات عدد من محللي صناعة النفط والمتخصصين، بشأن إمكانية وصول أسعار النفط -المرتفعة بالفعل- إلى مستويات قياسية خلال الأشهر المقبلة.

وأشارت الشبكة، في تحليل لخبير الطاقة العراقي رعد القادري، مدير الشرق الأوسط وإفريقيا بجماعة استراتيجيات البلدان، في شركة بي إف سي إينرجي بواشنطن، إلى أن بنك غولدمان ساكس رفع توقعاته للسعر للنصف الثاني من العام إلى 135 دولارًا للبرميل، بينما توقع عملاق التداول (ترافيغورا) أن ترتفع الأسعار إلى أكثر من 150 دولارًا للبرميل.

وقال بنك باركليز في مذكرة: "مازلنا نرى مخاطر على الأسعار تميل إلى الاتجاه الصعودي بسبب شح المخزونات وقدرة الإنتاج الفائضة المحدودة".

وأوضح أن هذه التحذيرات تدعم المخاوف من أن الحرب في أوكرانيا ستؤدي إلى انخفاض كبير في إنتاج وتصدير النفط الخام الروسي، لافتًا إلى أنه منذ أن غزت روسيا جارتها الغربية، كانت الأسواق في حالة تأهب لظهور اضطرابات حادة من شأنها الضغط على إمدادات النفط الخام.

 

كثرة المعروض

ورغم هذه المخاوف، فإن القادري كانت له وجهة نظر مختلفة، متسائلًا: "ماذا لو كان العالم ينظر في الاتجاه الخاطئ؟ وماذا لو كان التركيز على خطر حدوث صدمة في العرض (مع فقدان النفط الروسي)، يصرف الانتباه عن ضعف حقيقي في الطلب العالمي على النفط؟".

وللإجابة عن هذه الأسئلة، أوضح خبير الطاقة، أن البيانات الحديثة تشير إلى أن ضعف الطلب العالمي على النفط، قد يكون هو الحال الآن، لافتًا إلى أن إمدادات النفط العالمية ظلت متوقفة بشكل ملحوظ منذ بدء حرب أوكرانيا، من دون أزمة في المعروض، للدرجة التي أجبرت روسيا -جراء العقوبات- على البحث عن مشترين بديلين لصادراتها من النفط الخام.

وبيّن أن العقوبات الغربية ضد روسيا، لم تضطر الأخيرة لإيقاف تدفق النفط، وهو ما جعل الحجم الإجمالي لإنتاج النفط العالمي أكثر من كافٍ لتلبية الطلب.

وتفسيرًا لذلك، رأى القادري، أنه عكس الشائع، من وجود أزمة مرتقبة في النفط، فإن العالم يعاني فائضًا في العرض في الوقت الحالي، يصل إلى نحو مليون برميل يوميًا، ومن المرجح أن يمتد هذا الفائض خلال الصيف.

وعن أسباب ضعف الطلب العالمي على النفط في الفترة الأخيرة، رغم الحرب الدائرة في أوكرانيا، أشار خبير الطاقة إلى أن عمليات الإغلاق في الصين -القوة التقليدية لنمو الطلب العالمي- جراء تفشي كورونا، أدت إلى انخفاض مستويات الاستهلاك هناك، لافتًا إلى أنه نظرًا لالتزام بكين ببرنامج صفر كورونا، من المرجح أن تستمر القيود الصارمة أشهرًا عدة.

وأضاف: "في الوقت نفسه، يؤثر ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم المرتفع في النمو الاقتصادي بجميع أنحاء العالم، ما يؤدي إلى زيادة انخفاض الطلب على النفط"، متوقعًا أن يؤدي الركود في الولايات المتحدة وأوروبا إلى تفاقم هذا الوضع (أي ضعف الطلب العالمي على النفط).

 

غموض الأسواق

ورغم ما قدَّمه القادري من تفسير رؤيته لضعف الطلب العالمي على النفط خلال الفترة المقبلة، فإنه عاد ليؤكد أن المستويات الحادة من عدم اليقين والافتقار إلى البيانات الواضحة يعملان على غموض حركة الأسواق، ما يجعل التنبؤ بالمستقبل أكثر صعوبة من المعتاد.

وحذر من أن ما سماه (ضباب الحرب)، والضغط السياسي لفرض عقوبات أكثر صرامة على روسيا، والمستويات المنخفضة للغاية من احتياطي النفط في أوبك، تسبب مجموعة مذهلة من المخاطر السياسية.

إلا أنه أشار إلى أنه بمجرد أن تبدأ الأسواق إيلاء المزيد من الاهتمام بالأساسيات، يمكن أن تنخفض الأسعار، مضيفًا: "إذا كان هذا التحول في الاهتمام مدفوعًا بعلامات تدل على ضعف أكبر في الطلب، فقد يكون الانخفاض حادًا".

وبيّن أن الأسعار بدأت الارتفاع الأخير لها من 70 دولارًا للبرميل أواخر ديسمبر الماضي، لافتًا إلى أن الطلب يميل إلى أن يكون أقوى في الصيف، لذلك من غير المرجح أن تنخفض الأسعار إلى تلك المستويات مجددًا، حتى لو كانت ظروف السوق الأساسية حاليًا لا تختلف كثيرًا -بشكل عام- عما كانت عليه في ذلك الوقت.

 

ارتفاع الأسعار

ورغم تأييده لانخفاض الطلب على النفط مستقبلًا، فإن خبير الطاقة العراقي، عاد ليؤكد أن ذلك لا يعني أن التوقعات بارتفاع الأسعار لن تتحقق، مشيرًا إلى أن حظر الاتحاد الأوروبي على شركات التأمين الأوروبية والمملكة المتحدة من توفير التغطية للنفط الروسي في جميع أنحاء العالم، قد يؤدي إلى الإضرار بالصادرات بشدة، عندما يدخل حيز التنفيذ أواخر عام 2022.

وأوضح أن الحظر المفروض من الاتحاد الأوروبي على شركات التأمين وإعادة التأمين الأوروبية، لتغطية النقل البحري للنفط الروسي، بصرف النظر عن وجهته، يمكن أن يزيد وطأة العقوبات على موسكو التي تبحث عن منافذ أخرى، علمًا أنه أقل إثارة للانتباه من الحظر التدريجي على الخام.

ولكن مع مرور الوقت لترتيب البدائل -يضيف الكاتب- من المرجح أن تجد روسيا وعملاؤها حلولاً من شأنها الحفاظ على تدفق الكثير من النفط، خصوصًا أن حظر الاتحاد الأوروبي يواجه أيضًا تراجعًا سياسيًا من الدول التي تستفيد من خصم واردات الخام من روسيا.

وأشار إلى أن الهند من جانبها، كانت تضغط على حكومات الاتحاد الأوروبي إما لإلغاء الحظر وإما لتقديم إعفاءات، بينما تفضل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أن تتخذ أوروبا خطوات لحرمان روسيا من الوصول إلى عائدات التصدير، بدلاً من إجبار النفط الروسي على الخروج من السوق.

ومع ذلك -حسب خبير الطاقة- لن يخفف انخفاض أسعار النفط ارتفاع أسعار الغاز والديزل على المدى القريب.

وأوضح أن الارتفاع الصاروخي في الأسعار بالمضخة ناتج عن انخفاض صادرات المنتجات المكررة من روسيا، ما أدى إلى تكديس طارئ في أوروبا والصين، وانخفاض قدرة التكرير في العالم خلال السنوات الماضية.

وشدد على أن أسعار النفط الخام الأرخص أو ارتفاع حجم إنتاج النفط، لن تفعل شيئًا لتخفيف حدة هذه الأزمات قريبًا، مشيرًا إلى أن عكس النقص في التكرير يتطلب زيادة الاستثمار خلال عدد سنوات.

في غضون ذلك -يضيف الكاتب- فإن أفضل أمل لخفض أسعار البنزين هو حدوث انخفاض كبير في الطلب، ولكن بما أن ذلك قد يعني أن العالم سيكون في حالة ركود، فلن يكون أكثر من مجرد رحمة صغيرة للمستهلكين.