تظاهرات ليبيا والسيناريوهات المستقبلية... كيف أرهب الدبيبة المحتجين؟

استبعد المحلل السياسي أيوب الأوجلي للسياق، إمكانية تصعيد الأمور عسكريًا بين الدبيبة وفتحي باشاغا بشأن استلام الأخير لمهامه، قائلًا إنه لن يكون هناك أي تصعيد عسكري، لأن الوضع في البلاد لا يحتمل

تظاهرات ليبيا والسيناريوهات المستقبلية... كيف أرهب الدبيبة المحتجين؟

السياق

مشهد ليبي معقد يزداد مستقبله غموضًا يومًا تلو الآخر، مع تتابع أحداثه وتشابك أطرافه، وسط سيناريوهات قاتمة، تنذر بعواقب وخيمة، على البلد الإفريقي.

تلك السيناريوهات، التي بدت لأول وهلة متفائلة مع انفراجات لم تكن بالمستوى المطلوب، إثر ختام الاجتماعات السياسية الليبية في القاهرة وجنيف قبل أيام، إلا أنها شهدت تحولات مثيرة، بعد اندلاع احتجاجات غاضبة في جميع أرجاء ليبيا.

ورغم انخفاض وتيرتها فإن الاحتجاجات الغاضبة التي اندلعت يوم الجمعة الماضي، لم تهدأ حتى اللحظة، لتنكأ باستمرارها جراح الماضي، وتكشف مطالب ظن سياسيو البلد الإفريقي أنها طي النسيان.

ومع استمرار تلك الاحتجاجات وتركز أغلبيتها في المنطقة الغربية حيث يسيطر رئيس الحكومة منتهية الولاية عبدالحميد الدبيبة، حاول الأخير، القفز على مسارها الذي قض مضاجع حكومته، فرفع شعار الترغيب والترهيب وسيلة لإخماد جذوة الاحتجاجات.

وفي محاولة من وزارة الداخلية التابعة للدبيبة لتقييد تلك الاحتجاجات، رفضت منح المتظاهرين تصاريح للخروج في العاصمة طرابلس، مخالفة بذلك قانون تنظيم حق التظاهر السلمي رقم 65 لسنة 2012، الذي كفل للمواطنين الليبيين حق التظاهر من دون تقييد.

 

تعنُّت الدبيبة

ولم تكتفِ حكومة الدبيبة بحرمان الليبيين من التظاهر، بل إنها سيَّـرت دوريـات لإدارة القوة والدعم وإدارة العمليات والدوريات الأمنية التابعة لجهاز الأمن العام، في محاولة منها لـ«ضبط الشارع والـحفـاظ عـلـى الممـتلـكـات الـعامـة والخـاصـة»، على حد قولها.

وبينما طالب مواطنون الجهات الأمنية باحترام القانون الليبي ورغبة المواطنين في التظاهر السلمي، أكد تيار بالتريس الشبابي الداعي الأول للاحتجاجات في ليبيا، أن هناك حملة إعلامية وصفها بـ«الشرسة» من الحكومات التنفيذية، في إشارة إلى حكومة الدبيبة.

ونفى تيار بالتريس الشبابي، قبول أي عرض مالي أو إداري ممن وصفهم بـ«سارقي المال العام »، في إشارة لحكومة الدبيبة، للتوقف عن التظاهر، مؤكدًا أن التيار متمسك بالتظاهر السلمي للمطالبة بالحقوق.

ويطالب حراك بالتريس بالإسراع في إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية، وتفويض المجلس الرئاسي لإعلان حالة الطوارئ، وحل الأجسام السياسية التي تعرقل الوصول إلى الانتخابات.

ومع تأخر تلبية مطالب المحتجين، حذر عضو ملتقى الحوار الليبي أحمد الشركسي، من أن الشارع الليبي في طريقه إلى الحل الأخير، المتمثل في إعلان العصيان المدني، مشيرًا إلى أنه سيكون حلًا حال عدم استجابة الأجسام السياسية لمطالب الناس، بإجراء الانتخابات.

وبينما قال السياسي الليبي إن العصيان المدني قد يبشر نتائج إيجابية بشرط عدم استثماره من الأطراف ذات المصالح، أكد أن الشارع الليبي قادر على تجاوز محاولات الترهيب التي تقوم بها مليشيات الدبيبة في العاصمة طرابلس.

 

دور الجيش

وعن الدور الذي يمكن أن يلعبه الجيش في المرحلة المقبلة وموعد التدخل للاستجابة لمطالب المحتجين، قال مدير إدارة التوجيه المعنوي في القوات المسلحة الليبية، إن القائد العام خليفة حفتر، ترك المجال للشارع ليقول كلمته ويفرض إرادته.

ورغم أن اللواء خالد المحجوب، أكد أن الوقت ما زال مبكرًا للحديث عن تدخل القوات المسلحة، لأن الشعب لديه قوة التغيير وفرض إرادته، فإنه أشار إلى أن القائد العام خليفة حفتر قد يتدخل، حال الالتفاف على إرادة الليبيين من الخارج.

إلى ذلك، قال المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي، في تصريحات لـ«السياق»، إن التظاهرات التي اندلعت في أنحاء متفرقة من ليبيا، تبحث عن حل للأزمة الليبية، إلا أنها لم تضع طريقًا محددًا لها.

وأوضح المحلل السياسي الليبي، أن المتظاهرين ينادون بإسقاط الأجسام السياسية كافة، من دون أن يكون هناك بديل يضمن استقرار الأوضاع في ليبيا، مشيرًا إلى أن هناك بعض الأطراف أسهمت في تحريك المتظاهرين نحو القيام بعمليات تخريبية غير مبررة، ما قد يسهم في تعقيد الأمور على نحو قد لا تحمد عقباه، في إشارة إلى حرق مقر مجلس النواب في طبرق.

كان البرلمان أدان -في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه- عملية حرق الأرشيف الورقي للمجلس، الذي جمع خلال الأعوام الثمانية الماضية، القوانين واللوائح والمستندات المتعلقة بعمل مجلس النواب بما فيها علاقاته بالدول، والتقارير السرية التي ترد إليه من الأجهزة الأمنية المتعلقة بالأمن القومي الليبي المحلي والدولي.

وتعهد مجلس النواب -في بيانه- بملاحقة الجناة الذين وقفوا خلف هذه الأحداث التي وصفها بـ«المؤسفة» عبر السلطات القضائية الممثلة في النائب العام، الذي أعلن فتح تحقيق عاجل في الواقعة.

 

سيناريوهات مستقبلية

وعن السيناريوهات المستقبلية، قال المحلل السياسي الليبي الأوجلي، إنه لا يعتقد أن تستمر هذه المظاهرات حتى إطاحة المجلسين (النواب والأعلى للدولة) كونهما يمثلان السلطات التي تتحاور معها الجهات الدولية الفاعلة.

أما عن إمكانية تنفيذ سيناريو حل المجلسين من قِبل «الرئاسي»، فأكد المحلل الليبي أن المجلس الرئاسي لا يملك أي قوة على الأرض، تمكنه من الدخول في أي صراع.

وردًا على الدعوات التي تطالب القوات المسلحة الليبية بالتدخل، قال المحلل الليبي إن الجيش طالما كان واضحًا في تصريحاته ووقوفه إلى جانب مطالب الشعب، إلا أنه عبَّـر عن عدم اعتقاده بإمكانية تدخله لحل هذه الأزمة إلا حال تفاقمها.

ونفى إمكانية تصعيد الأمور عسكريًا بين الدبيبة وفتحي باشاغا بشأن استلام الأخير لمهامه، قائلًا إنه لن يكون هناك أي تصعيد عسكري، لأن الوضع في البلاد لا يحتمل، مشيرًا إلى أن باشاغا سيستمر وحكومته في مدينة سرت (وسط ليبيا) إلى حين التوصل إلى حل دستوري لإنجاح الانتخابات.