هنري كيسنجر: 3 سيناريوهات محتملة لنهاية الحرب الأوكرانية

اقترح أن تجعل مفاوضات السلام بين أوكرانيا وروسيا هدفها إنشاء حدود في دونباس، كما كانت عشية العملية العسكرية الروسية

هنري كيسنجر: 3 سيناريوهات محتملة لنهاية الحرب الأوكرانية
هنري كيسنجر

ترجمات – السياق

رغم مرور قرابة خمسة أشهر على الأزمة الأوكرانية، فإن الحرب التي دقت طبولها لم تضع أوزارها، مخلفة مأساة إنسانية «هائلة»، وطارحة تساؤلات عن نهاية تلك الأزمة التي أرهقت اقتصادات عدة.

إلا أن وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هينري كيسنجر، الذي أثارت تصريحاته في مايو الماضي تفاعلًا وجدلًا كبيرين، بعد أن اقترح أن تجعل مفاوضات السلام بين أوكرانيا وروسيا هدفها إنشاء حدود في دونباس، كما كانت عشية العملية العسكرية الروسية، عرض 3 سيناريوهات للأزمة.

السيناريو الأول

وقال كيسنجر، في تصريحات لمجلة ذي سبيكتيتور إنه إذا بقيت روسيا في مكانها، ستكون قد سيطرت على 20% من أوكرانيا ومعظم دونباس، المنطقة الصناعية والزراعية الرئيسة، وقطاع من الأرض على طول البحر الأسود.

وأشار إلى أنه إذا بقي الرئيس الروسي هناك سيكون قد سجل انتصارًا، رغم الانتكاسات التي عانوها في البداية، مؤكدًا أنه في هذه الحالة لن يكون دور حلف الناتو حاسمًا.

السيناريو الثاني

بحسب وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، فإن السيناريو الثاني يتمثل في محاولة إخراج روسيا من الأراضي التي سيطرت عليها قبل هذه الحرب، بما في ذلك شبه جزيرة القرم، إلا أنه أكد أن هذا السيناريو سيضع موسكو في مواجهة مباشرة مع نفسها إذا استمرت الحرب.

السيناريو الثالث

قال عنه الدبلوماسي الأمريكي إنه إذا كان بإمكان الشعب الحر منع روسيا من تحقيق أي انتصارات عسكرية، وإذا عاد خط القتال إلى الموقع الذي بدأت فيه الحرب، ستكون الهزيمة حليفًا للرئيس بوتين، وستتم إعادة تشكيل أوكرانيا بالشكل الذي كانت عليه عندما بدأت الحرب.

وأشار إلى أنه ستتم حينها إعادة تسليح كييف وربطها بشكل وثيق بحلف الناتو، إن لم يكن جزءًا منها.

هل يمكن استنساخ الوضع في كوريا الشمالية والجنوبية؟

وردًا على تساؤل عما إذا كانت أوكرانيا مقبلة على وضع شبيه بكوريا الشمالية والجنوبية، قال الوزير السابق: نحن نتحدث عن 2 في المائة فقط من البلاد وشبه جزيرة القرم، أي 4 في المائة أخرى، تختلف علاقتها بالمنطقة عن تلك الخاصة بأوكرانيا، لأنها كانت روسية منذ مئات السنين.

وأضاف: لن أحكم على النتيجة التي يجب أن تكون عليها المفاوضات، لكن إذا نجح الحلفاء بمساعدة الأوكرانيين في إخراج الروس من الأراضي التي سيطروا عليها في هذه الحرب، يتعين عليهم تحديد المدة التي ينبغي أن تطول الحرب فيها.

وعن إمكانية معاقبة بوتين عن أي من السيناريوهات الثلاثة، حال تحققها، قال كيسينجر، إنه إذا انتهت الحرب كما رسمت في دافوس، سيكون إنجازًا كبيرًا للحلفاء، وسيتم تعزيز "الناتو" بإضافة فنلندا والسويد، ما يوفر إمكانية الدفاع عن دول البلطيق.

وأضاف: سيكون لأوكرانيا أكبر قوة برية تقليدية في أوروبا مرتبطة بحلف شمال الأطلسي أو عضو فيه، بينما على روسيا أن تثبت أن الخوف الذي ساد أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، من جيش روسي -الجيش التقليدي ينحدر إلى أوروبا عبر الحدود- يمكن منعه من خلال الإجراءات التقليدية لحلف شمال الأطلسي.

وأكد أنه لأول مرة في التاريخ الحديث، يتعين على روسيا أن تواجه الحاجة إلى التعايش مع أوروبا ككيان، بدلاً من أن تكون أمريكا العنصر الرئيس في الدفاع عن أوروبا بقواتها النووية.

الاقتراب من الصين

وعن العلاقات الأمريكية الصينة، قال وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، إن الولايات المتحدة منذ أن كان الرئيس السابق دونالد ترامب في الحكم، وهي تنفذ سياستها تجاه الصين على أساس أنه إذا قمت ببناء تحالفات في جميع أنحاء الصين، فإن ذلك سيقنع الصين بقبول قواعد السلوك التي تم تطويرها في الغرب.

إلا أن نهج الصين يختلف عن النهج الأوروبي للسياسة، بحسب الدبلوماسي الأمريكي، الذي قال إنه تم إنشاء النهج الأوروبي من الدول الصغيرة نسبيًا، التي كانت واعية لتأثير الدول المجاورة فيها، وبذلك تطلبت تعديلات مستمرة في ميزان القوى.

وأشار إلى أن تاريخ الصين -على مدى آلاف السنين- هو تاريخ دولة مهيمنة في منطقتها من حيث الحجم، وقد أوجد ذلك أسلوبًا للسياسة الخارجية، حيث يسعون إلى نفوذهم من خلال مقياس إنجازاتهم، وعظمة سلوكهم، معززة عند الضرورة بالقوة العسكرية لكن لا تهيمن عليها.

وأكد أن السياسة طويلة المدى مع الصين تحتاج إلى عنصرين، الأول: القوة الكافية، بحيث تتم مطابقة القوة الصينية أينما تظهر بطريقة مهيمنة، لكن في الوقت نفسه يمكن أن تجد الصين نفسها فيه تعامَل على قدم المساواة وكمشارك في النظام.

المحادثات النووية الإيرانية

وردًا على تساؤل عن المحادثات النووية الإيرانية، وما إذا كانت إدارة بايدن تقوم بعمل جيد في ذلك، قال إنه كان متشككًا في الاتفاقية النووية الأصلية، مشيرًا إلى أنه اعتقد أنه سيكون من الصعب للغاية التحقق من وعود إيران، وأن المحادثات أفرزت نمطًا كان من الممكن أن يتباطأ فيه الحشد النووي قليلاً، لكنه أصبح لا مفر منه.

وأكد أن مشكلة المحادثات النووية الحالية تكمن في أنه من الخطير للغاية العودة إلى اتفاقية لم تكن كافية في البداية - لتعديلها في اتجاه يجعلها تبدو أكثر احتمالًا للخصم، لذا فإن المخاوف التي كانت لدي بشأن الاتفاقية الأصلية، سأواجهها الآن.

وأشار إلى أنه لا بديل للقضاء على القوة النووية الإيرانية، فليس هناك من سبيل لتحقيق السلام في الشرق الأوسط بالأسلحة النووية في إيران، لأنه قبل أن يحدث ذلك، فإن هناك خطرًا كبيرًا من الاستباقية من قِبل إسرائيل، لأن تل أبيب لا تستطيع انتظار الردع.

حرب الفضاء الإلكتروني

وقال الدبلوماسي الأمريكي، إن الجانب الفريد تاريخيًا للعالم المعاصر أن التكنولوجيا تنتج الآن ضرورات المواجهة والقدرة القصوى على تدمير الحضارة كما نفهمها.

وأشار إلى أن هذه التعقيدات تزداد من خلال حقيقة أنه لا توجد خبرة في استخدام هذه الأسلحة على الإطلاق، مؤكدًا أن الجمع بين قدرتها التدميرية واستقلالية هذه الأسلحة، التي لديها القدرة على اختيار هدفها وتحديد خطرها، يفرض ضرورة الحد من نطاقها.

ورغم ذلك، فإنه قال إن هذا لا يحدث في هذه اللحظة، فلا توجد مناقشات بين البلدان ذات التقنية العالية، مؤكدًا أن هذه إحدى المهام الرئيسة للمرحلة التالية من السياسة الخارجية، التي لا يمكن تجنُّبها.