هل تستطيع أرامكو الوفاء بوعودها لإنتاج النفط؟
النسبة للاقتصاد العالمي، فإن احتياطي الطاقة السعودية خط الدفاع الأخير ضد المزيد من ارتفاعات معدلات التضخم المتعلقة بالطاقة.

ترجمات - السياق
سلَّط الكاتب الأمريكي خافيير بلاس الضوء على أزمة النفط العالمية الحالية، قائلاً إنه في حال كان سوق النفط ديناً، فإن أساس العقيدة فيه ستكون الطاقة الإنتاجية القصوى لشركة أرامكو، عملاق النفط السعودي المملوك للدولة، التي تقول إن بإمكانها ضخ 12 مليون برميل يومياً بشكل مستدام، وهو أعلى من هدف منظمة "أوبك بلس"، في أغسطس البالغ 11 مليون برميل.
وأضاف الكاتب، في مقال لشبكة بلومبرج الإخبارية الأمريكية، أنه بالنسبة للاقتصاد العالمي، فإن احتياطي الطاقة السعودية خط الدفاع الأخير ضد المزيد من ارتفاعات معدلات التضخم المتعلقة بالطاقة، لكن باستثناء عدد قليل من كبار المديرين التنفيذيين في "أرامكو"، وعدد قليل من أفراد العائلة المالكة السعودية، فإنه لا أحد يعرف -على وجه اليقين- عدد البراميل التي ستكون الشركة قادرة على ضخها.
بايدن وماكرون
وأشار الكاتب إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نقل معلومات إلى نظيره الأمريكي جو بايدن، الثلاثاء، خلال قمة مجموعة السبع، تشير إلى أن السعوديين ليست لديهم القدرة على إنتاج النفط بالقدر الذي يدعونه.
وتابع: "الحقيقة ستظهر في الأسابيع المقبلة، إذ من المتوقع أن توافق (أوبك بلس) الخميس على الشكل النهائي لسلسلة زيادات الإنتاج الشهرية، ما يمنح الرياض هدفاً يقارب 11 مليون برميل يومياً خلال أغسطس، وهو المستوى الذي لم تضخه (أرامكو) إلا خلال ثمانية أسابيع في تاريخها، أواخر عام 2018 وأوائل عام 2020، لكنها تواجه، الآن، احتمال الحفاظ على الضخ بهذا المستوى أو أعلى، لأشهر عدة، وربما لفترة أطول، خلال الشهور المتبقية من عام 2022 وخلال عام 2023".
وذكر الكاتب أنه على مدى الأسابيع الثمانية الماضية أو نحو ذلك، كان هناك نشاط محموم داخل "أرامكو" للاستعداد لزيادة الإنتاج، وكانت مسألة الحد الأقصى من الإنتاج المستدام، المعروفة في المقر الرئيس للشركة في الظهران بـ (MSC)، الموضوع الرئيس الذي تتم مناقشته، إذ يقول المطلعون في الشركة، في تصريحات خاصة للكاتب، إنه يمكن لأرامكو أن تصل إلى 12 مليون برميل يومياً في غضون 30 يوماً، وأن تحافظ على هذا المستوى 90 يوماً على الأقل".
وتساءل الكاتب: "ولكن ماذا عن إطالة الأمد؟"، وأجاب أن أرامكو واثقة بأنها ستثبت خطأ المتشككين مثل ماكرون.
وأضاف أن الشركة السعودية تتخذ خطوات لزيادة إنتاجيتها القصوى إلى 13 مليون برميل من 12 مليون، ولكن لن يتم تطبيق الزيادة الأولى، وهي 25 ألف برميل إضافي صغير في اليوم، حتى عام 2024، أما الجزء الأكبر من خطة التوسع، بما في ذلك زيادة الإنتاج في ثلاثة حقول نفطية رئيسة تُعرف بالزلف والمرجان والبري، فإنه من المقرر أن يتم تنفيذه عامي 2025 و2026.
لغز أرامكو
رأى الكاتب أن قدرات الإنتاج القصوى لأرامكو تمثل لغزاً لأنه لم يتم اختبارها من قبل لفترات طويلة، ففي أبريل 2020، سجلت الرياض أعلى معدل شهري لها على الإطلاق، عند 11.55 مليون برميل يومياً، وفي ذلك الوقت، ضخت الشركة 12 مليون برميل يومياً ولكن لأيام قليلة فقط.
وأشار الكاتب إلى أنه رغم التقاط المسؤولين التنفيذيين في "أرامكو"، بمن فيهم الرئيس التنفيذي، أمين الناصر، صور سيلفي أمام شاشة عملاقة تُظهر أن الإنتاج وصل إلى مستوى قياسي، وأنه ارتفع في وقت من الأوقات إلى 12.3 مليون برميل، فإن الأمور تبدو أكثر تعقيداً خلف الأبواب المغلقة، إذ يصف المسؤولون التنفيذيون في صناعة النفط السعودية، بشكل خاص، هذا الجهد بأنه تحدٍ حقيقي ويعبرون عن قلقهم بشأن الاضطرار إلى الحفاظ على هذا الإنتاج، لأن تحقيق الهدف لفترة وجيزة ممكن، أما الاستمرار في الضخ بهذا المستوى عامًا آخر فيعد أمراً مختلفاً.
ووفقاً للكاتب، فإن مديري شركات النفط ومسؤولي الطاقة الذين تحدثوا إلى السعوديين -في الأشهر الأخيرة- تلقوا إشارات متضاربة عن قدرات "أرامكو"، إذ قيل للكثيرين منهم، بعبارات لا لبس فيها، إن الشركة ستفي بتعهداتها الخاصة بضخ 12 مليون برميل، مشيراً إلى أنه سمع أرقاماً مختلفة من مجموعة أخرى ممن لديهم علاقات ودية بالمملكة، يقولون إنه سيكون من الصعب ضخ ما يزيد على 11.2 إلى 11.3 مليون برميل أكثر من بضعة أشهر.
ولفت الكاتب إلى أن هذه الأرقام الأكثر تشككاً تعكس ما قاله ماكرون لبايدن خلال قمة مجموعة السبع، إذ إنه وفقاً للرئيس الفرنسي، فإن رئيس الإمارات العربية المتحدة، الشيخ محمد بن زايد، أخبره بأن السعوديين لا يمكنهم حالياً زيادة الإنتاج بشكل كبير، وأنه ربما يمكنهم ضخ 150 ألف برميل إضافي يومياً، وفي حال كانت هناك حاجة إلى المزيد، فإن الرياض ستحتاج إلى ستة أشهر أخرى.
عمليات حفر
رأى الكاتب أنه يمكن أن يكون السيناريوهان المتفائل والمتشائم صحيحين في الوقت نفسه، إذ يمكن أن يكون ضخ 12 مليون برميل يومياً ممكناً، كما أنه يمثل تحدياً كبيراً، إذ تشير التجربة إلى أن الرياض ستبذل قصارى جهدها للحفاظ على سُمعتها، باعتبارها المورد الأكثر موثوقية للنفط في العالم، كما لن يمثل المال مشكلة، حيث سيتم الموافقة على عمليات حفر إضافية، وتأخير عمليات الصيانة إذا لزم الأمر.
وتابع: "يمكن لأرامكو أن تتخذ بعض الخطوات لتوصيل كميات إضافية من النفط بدلاً من إنتاجه، إذ تحتفظ الشركة بمخازن نفط ضخمة في مصر وهولندا واليابان، حيث يمكنها شحن المزيد من البراميل، إضافة إلى ذلك، فإنها تحتفظ باحتياطي استراتيجي من المنتجات المكررة في كهوف تحت الأرض في خمسة مواقع بالمملكة، ويمكنها الاستفادة من هذا الاحتياطي غير المعروف عنه الكثير، والذي استغرق بناؤه عقدين، لتزويد سوقها المحلي بالبنزين والديزل ووقود الطائرات لفترة من الوقت، ما يقلل استخدام الخام في مصافي التكرير المحلية، وبذلك تحرير المزيد للتصدير، وهو ما فعلته الرياض، سراً، بعد هجوم عام 2019 على أكبر معامل تكرير النفط الخاصة بها في بقيق".
قدرات السعودية
أوضح الكاتب أن التجربة تشير أيضاً إلى أنه في كل مرة يشكك فيها السوق بقدرة السعودية على زيادة الإنتاج، فإن المملكة تثبت خطأ هؤلاء المشككين، ولعل أبرز مثال على ذلك هو كيف خسر الكاتب الأمريكي مات سيمونز، مؤلف كتاب "شفق في الصحراء: صدمة النفط السعودي المقبلة والاقتصاد العالمي" الرهان الخاص بأن إنتاج النفط السعودي قد بلغ ذروته.
وقال: ومع ذلك، فإن هناك أسبابًا للقلق، إذ إن أرامكو لا تستخدم قدرتها الفائضة لمواجهة الزيادات الحادة في الطلب العالمي على النفط فحسب، ولكن للحفاظ على مستويات الإنتاج أثناء الصيانة الروتينية للحقول أيضاً، ومع وصول الرياض إلى الحد الأقصى من الإنتاج المستدام، فإن الشركة ستضطر إلى تشغيل حقولها النفطية بكل طاقتها مع إجراء القليل من الصيانة، وهو ما يمثل وصفة مثالية للاضطرابات، حيث سيكون أي توقف غير مخطط له في الإمداد، يمكن للمملكة العربية السعودية أن تخفي آثاره في الأوقات العادية بفضل قدرتها الاحتياطية، أمراً كارثياً.
ونهاية المقال، رأى الكاتب الأمريكي أنه بصرف النظر عن مستوى الإنتاج المحتمل، فإن هناك شيئًا واحدًا واضحًا، أن الأيام التي كان بإمكان (أرامكو) فيها ضخ المزيد من البراميل بسهولة قد ولَّت، ومن الآن فصاعداً، فإن كل برميل إضافي سيمثل صراعاً، وتابع: "سواء أكنتم تؤمنون بالسعوديين أم لا، فإن العالم يواجه الآن يوم الحساب".