بعد عامين من الانقطاع... دموع حزن وفرح مع عودة شبكة الاتصالات في تيغراي

الاتصالات في إقليم تيغراي، كانت مقطوعة منذ نوفمبر 2020 جراء الحرب التي مزّقت الإقليم.

بعد عامين من الانقطاع... دموع حزن وفرح مع عودة شبكة الاتصالات في تيغراي

السياق

حين رنّ هاتف بنيام يتبارك ليلة عيد الميلاد، سمع صوتًا لم يسمعه طوال عامين، صوت ابن عمّه الذي ظنّه ميتًا جراء النزاع في إقليم تيغراي الإثيوبي.

كانت الاتصالات في إقليم تيغراي مقطوعة منذ نوفمبر 2020 جراء الحرب التي مزّقت الإقليم.

لكن بعد التوصل إلى اتفاق سلام، عادت الهواتف لترنّ من جديد، ما جلب الفرح، ولكن أيضًا الحزن والغضب لسكان تيغراي، الذين يعيدون الاتصال بأحبائهم، الذين عانوا أحد أكثر الصراعات فتكًا في العالم.

وقال المصوّر بنيام يتبارك (30 عامًا)، بالحديث عن اتصاله بابن عمّه بمدينة أكسوم في ديسمبر: "كان أول ردّ فعل لي، الحمد لله أنك على قيد الحياة، لا أعرف كيف صمد خلال العامين الماضيين، لكنني سعيد بأنه على قيد الحياة".

غير أن الشعور بالارتياح لم يدم طويلًا عند بنيام يتبارك، إذ تبيّن له -خلال الاتصال- أنه خسر قريبًا له خلال الحرب، وأن ابن عمه عاش في الخوف والجوع بأكسوم، في مواجهة القوات الإريترية بالشوارع، وأن عمّه المريض كان عاجزًا عن العثور على أدوية لمرض السكري.

وأُبلغت العائلة أيضًا -خلال الاتصال- بأن عمّة محبوبة توفيت خلال أشهر انقطاع التواصل، وبأن أحد أبناء العمّ مفقود ويُعتقد أنه توفي.

وقال بنيام لوكالة فرانس برس، من مكان إقامته في سياتل بالولايات المتحدة: "صُعقنا. بدأت عمتي البكاء. اثنان من أبناء عمي لزما الصمت، كنّا نحاول السيطرة على أنفسنا، لكن عندما أغلقنا الخطّ، بدأنا جميعًا الصلاة بهدوء".

 

فرح وحزن

كانت الاتصالات عادت فترة وجيزة، في أجزاء من إقليم تيغراي، مطلع عام 2021، لكنها انقطعت في يونيو 2021.

وأعيد تشغيل خطوط الاتصال في ديسمبر 2022، بعد شهر من التوصل إلى وقف لإطلاق النار في نزاع قدّرت دول غربية أنه تسبب في قتل بين 100 ألف و500 ألف شخص.

ومهّد وقف إطلاق النار لإعادة فتح الإقليم، البالغ عدد سكانه ستة ملايين، ولرفع ما وصفته مجموعات الحماية الرقمية بأنه أطول قطع للإنترنت من حكومة في العالم.

في مدينة ميكيلي، احتشد الناس في متاجر الهواتف لإعادة أرقامهم القديمة، حسبما قالت بالغة من العمر 29 عامًا، سافرت إلى المدينة بعد استئناف الرحلات الجوية في 28 ديسمبر.

أما في العاصمة أديس أبابا، فقال رجل يبلغ 42 عامًا طلب عدم كشف هويته، في مقابلة مع وكالة فرانس برس لأسباب أمنية: "بَكَت أمّي حين سمعت صوتي بعد كل هذه الأشهر، بكيت أنا أيضًا".

لكن آخرين تلقوا أنباء مفجعة حين اتصلوا بعائلاتهم.

 

عذاب الانتظار

وقال بنيام يتبارك إن عدم معرفة مصير عائلته في أكسوم طوال عامين كان عذابًا.

وأوضح: "لا أتمنّى لأعدائي أن يمرّوا بما مرّ عليّ في العامين الماضيين(...) وطأة الحَيرة وحدها تقتل".

وفي حديث مع وكالة فرانس برس، قالت شابة من تيغراي تبلغ 25 عامًا من العمر إنها كانت "عاجزة عن الكلام" حين اتصلت بها شقيقتها فجأة من مدينة شاير، التي تعرضت لقصف كثيف في أكتوبر، لتخبرها بأن العائلة بأمان.

وأضافت: "لا أستطيع أن أصدق أنه في هذا القرن، كان عليّ أن أحلم(...) بالتحدث إلى العائلة (وأن أكتشف) ما إذا كانوا على قيد الحياة أم لا".

وبعد أكثر من شهرين من توقيع الأطراف المتحاربة على اتفاق سلام، لم تعد الخدمات كلها حتى في المدن الكبرى، مع انقطاع المكالمات بعد بضع دقائق، أو عدم نجاحها على الإطلاق.

والثلاثاء، أعلنت الهيئة الرسمية المعنية بالاتصالات أن الكهرباء ستعود إلى تيغراي خلال أسبوعين.

وقالت ناطقة باسم رئيس الوزراء أبي أحمد لوكالة فرانس برس، إنهم أصلحوا المنشآت الحيوية، وإن خدمات الاتصالات عادت إلى 51 بلدة في تيغراي، لكنها لم تقدم جدولًا زمنيًا لاستئناف خدمات الاتصالات.