إخوان تونس يدعون لتأسيس برلمان المهجر... ما سر التوقيت؟

على طريقة إخوان مصر، انتشرت دعوة بين البرلمانيين التونسيين المحسوبين على حركة النهضة، أطلقها أسامة الخليفي رئيس كتلة قلب تونس، لتأسيس ما يعرف ببرلمان المهجر، في محاولة لإحراج الدولة التونسية.

إخوان تونس يدعون لتأسيس برلمان المهجر... ما سر التوقيت؟

السياق 

بعد الضربات والخسائر المتتالية التي مُنيت بها حركة النهضة التونسية، حاولت اللعب على «الوتر الحساس»، ببدء معركة جديدة مع الدولة التونسية، في محاولة للعودة إلى الحياة السياسية.

فعلى طريقة إخوان مصر، انتشرت دعوة بين البرلمانيين التونسيين المحسوبين على حركة النهضة، أطلقها أسامة الخليفي رئيس كتلة قلب تونس، لتأسيس ما يعرف بـ«برلمان المهجر»، في محاولة لـ«إحراج» الدولة التونسية.

ورغم أن المسار الذي سلكه إخوان تونس، كان مشابهًا لذلك الدرب الذي سار فيه نظراؤهم في مصر، وإن أجهضت الفكرة، بعد اقتلاعهم ورئيسهم في ثورة شعبية، إلا أن فكرة تأسيس برلمانات موازية، مسار معروف عن تنظيم الإخوان، للمناكفة والتعريض بالدولة.

وبينما لم يعلن أي نائب، سواء من حركة النهضة الإخوانية أم حلفائها بالبرلمان المنحل، تضامنه مع دعوة الخليفي حتى الآن، إلا أن محللين تونسيين قالوا إن عدم التفاعل معها، خطة لمفاجأة النظام السياسي بتشكيل هذا البرلمان المزعوم في الخارج.

 

دعوات بائسة

وتهدف تلك الدعوات، التي وصفها مراقبون بـ«البائسة»، إلى البحث عن حصانة دولية، والإفلات من عقوبة التهم الموجهة إلى أعضاء تنظيم الإخوان في البرلمان المنحل، بحسب قانون الدولة التونسية.

ويواجه راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإخوانية، وبرلمانيون اتهامات بارتكاب جرائم انتخابية، كما يخضع ونواب بالبرلمان المنحل ومعظمهم إخوان، للتحقيق بعد خرق قرارات 25 يوليو التي أصدرها الرئيس التونسي قيس سعيد، بشكل استثنائي، لإصلاح ما أفسدته النهضة خلال عشرية حكمها.

ورغم الهدف الذي يسعى تنظيم الإخوان لتحقيقه، فإنهم يواجهون -بحسب القانون التونسي- تهمًا عظمى تتعلق بالاعتداء على هيئة الدولة.

الفصل 72

إلى ذلك، قال حمادي الهنشيري محامٍ بالجمعية التونسية للعدالة والمساواة في تصريحات لـ«السياق»، إن نواب البرلمان المنحل، الداعين والمشاركين في برلمان المهجر، يواجهون -بحسب الفصل 72 من المجلة الجزائية بالقانون التونسي- تهم الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة، أو حمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضا بالسلاح، وإثارة الهرج والقتل والسلب بالتراب التونسي.

وأوضح الهنشيري، أن النيابة العامة في تونس فتحت تحقيقًا ضد المشمولين بالتتبع في قضية التآمر على أمن الدولة المنسوبة إلى راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة ورئيس البرلمان المنحل معه، وعدد من النواب الذين شاركوا في جلسة افتراضية عُقدت الشهر الماضي بالمخالفة لقرار حل البرلمان.

من جانبه، اعتبر حازم القصوري، المحامي التونسي والخبير في الشؤون السياسية، في تصريحات تلفزيونية، أن الاتهامات الموجهة إلى النواب وحركة النهضة «وجيهة» وتهدف إلى حماية الأمن القومي التونسي، خاصة أن أعضاء حركة النهضة ومن يدعمونهم كانوا عادة ما يفلتون من العقوبة خلال عشرية حكمهم.

وعن الدعوة لتأسيس «برلمان المهجر»، أكد القصوري أن حركة النهضة، بزعامة راشد الغنوشي، تسعى جاهدة إلى دحرجة المشهد التونسي إلى المشهد الليبي.

 

طريقة إخوان مصر

وبينما وافق الناشط السياسي التونسي أمين الكشو، تصريحات القصوري والهنشيري، أكد أن سعي نواب حركة النهضة وحلفائها لإقامة برلمان مواز، مسار معروف عن جماعة الإخوان الإرهابية بشكل عام، رغبة منها في العودة للحياة السياسية، رابطًا بين مساري إخوان تونس وإخوان مصر.

كان نواب بمجلس الشعب المصري، المنحل بقرار من المحكمة الدستورية العليا منتصف عام 2012، من المنتمين إلى جماعة الإخوان والهاربين خارج البلاد، عقب سقوط حكم الرئيس المعزول محمد مرسي عام 2013، أعلنوا من مدينة اسطنبول التركية، استئناف جلسات مجلس البرلمان المنحل.

وزعم هؤلاء النواب -في ذلك الوقت- أنهم سيتعاملون مع الهيئات والمنظمات الدوليّة، كممثلين للشعب في مجلس منتخب، وأن رئيسهم مرسي لم يوقِّع قرار حلّ مجلس الشعب، الأمر الذي عدَّه سياسيون نوعًا من «العبث».

 

ضرب مسار 25 يوليو

وأوضح الكشو، في تصريحات لـ«السياق»، أنه رغم أن عددًا من النواب والسياسيين المتورطين في منظومة حكم العشرية الفارطة، غادروا تونس خوفًا من المحاسبة القضائية، عقب القرارات الاستثنائية في 25 يوليو، فإنهم سعوا لضرب مسار 25 يوليو، حتى وصل بهم الحد إلى استجداء التدخل الأجنبي في البلاد.

وعدَّ الناشط السياسي التونسي، الدعوة إلى تأسيس برلمان المهجر، التي تحدث عنها  الرئيس قيس سعيد، وروَّج لها عضو مجلس النواب المنحل أسامة الخليفي، «فصلًا رديئًا» من فصول الإخوان طوال العشرية الماضية، ولن يكون له أي أثر سياسي يذكر.

كان الرئيس التونسي قيس سعيد استنكر الدعوات لتأسيس برلمان المهجر بفرنسا، ليكون بديلًا للبرلمان التونسي المنحل، قائلًا إن «الدولة ليست لعبة»، موجهًا الدعوة إلى النيابة العامة للتحرك ضد هؤلاء النواب.

 

مناوشات سياسية

مختار اللواتي، الكاتب والمحلل السياسي التونسي، عدَّ -في تصريحات لـ«السياق»- حديث نواب البرلمان المنحل التابعين لحلفاء النهضة الإخوانية، عن تأسيس برلمان بالمهجر، مناوشات سياسية تهدف لاستمرارهم في قلب الأحداث.

وأوضح اللواتي أن هذه «المناوشات» تهدف لإبعاد النظر عما يتردد عن عزم الرئيس التونسي، تقديم 121 نائبًا إلى المحاكمات بتهم قد تصل عقوباتها إلى الإعدام.

وأكد المحلل السياسي التونسي، أن بطء قرارات المحاسبة، التي انتقدها الرئيس التونسي، يمنح فرصة للإخوان ومن يوالونهم بإعادة تنظيم صفوفهم و«التطاول» على الدولة ورئيسها، مشيرًا إلى أنه مادام رئيس حركة النهضة وزعيمها راشد الغنوشي، وأغلبية أعضاء مجلس النواب المنحل داخل تونس، سيظل الرئيس التونسي ممسكًا بخيوط اللعبة السياسية وهم «القابعون في المصيدة».

 

فشل داخلي وخارجي

تصريحات السياسيين والقانونيين التونسيين، أيدتها ضحى طليق الكاتبة والمحللة السياسية التونسية، التي أشارت إلى أن تحرك أسامة الخليفي، تزامن مع تقدم ماهر مذيوب النائب عن حركة النهضة الإخوانية، بشكوى لدى البرلمان الدولي.

محاولات قالت عنها طليق في تصريحات لـ«السياق»، إنها تؤشر إلى فشلهم في حشد الداخل والخارج، وتأكيد لأن قرارات الرئيس التونسي كانت نتيجة مطالب شعبية وليست مجرد نزوة سياسية، كما يحاول أعضاء البرلمان المنحل الترويج له.

لكن المحللة السياسية التونسية أكدت ضرورة أخذ هذه التحركات على محمل الجد، مطالبة السلطات بالتحرك دبلوماسيًا، لإقناع الخارج الداعم لهذه الجماعة الإخوانية وحلفائها، بضرورة دعم الرئيس التونسي وحكومته لدعم استقرار البلاد.