الحرب في أوكرانيا.. روسيا تستخدم سلاحًا خارقًا وآمال السلام ممزوجة بالتحذيرات

تفيد موسكو بأن هذا الطراز من الصواريخ الذي يمكن التحكم به بشكل كبير، تعجز عن رصده كل أنظمة الدفاع الجوي.

الحرب في أوكرانيا.. روسيا تستخدم سلاحًا خارقًا وآمال السلام ممزوجة بالتحذيرات

السياق

وسط دعوة أوكرانية إلى إجراء مفاوضات بشأن السلام بلا تأخير، ومحاولات انتشال المئات من تحت الأنقاض، تتزايد الخسائر في صفوف المدنيين الأوكرانيين، مع استمرار موسكو في هجومها على مدن رئيسة، في البلد الأوراسي.

فبينما تظهر صور الأقمار الصناعية، الجيش الروسي يحفر ويقيم حواجز ترابية واقية حول معداته العسكرية شمالي غرب كييف، توقف الهجوم الروسي للسيطرة على العاصمة إلى حد كبير، بحسب مسؤولي حلف شمال الأطلسي (الناتو).

وتستمر عمليات الفرار في ميكولايف، حيث قُتل العشرات في هجوم على الثكنات الأوكرانية، بحسب الرئيس الإقليمي فيتالي كيم، الذي قال إن عمليات الإنقاذ لا تزال جارية في ميكولايف صباح السبت، في موقع هجوم صاروخي على ثكنة تضم جنودًا.

ووردت أنباء عن قتل العشرات من الجنود في الهجوم على أيدي القوات الروسية، بينما قالت شبكة «سي إن إن» الأمريكية، إن طائرتين مقاتلتين روسيتين أسقطتا ما يبدو أنه خمس قنابل، ودمرت العديد من المباني في الثكنات.

وقال كيم إنه لم يتمكن من تقديم معلومات عن القتلى، حيث كان ينتظر البيانات الرسمية، ويستخدم رجال الإنقاذ في الموقع المجارف وأيديهم العارية، لتحرير الناجين من أنقاض المباني.

وفي مقطع فيديو مصور شوهد جندي أوكراني يُسحب حياً من تحت الأنقاض.

ونقلت «سي إن إن»، عن سرحيل، أحد الجنود الناجين، الذي كان نائمًا في الثكنة المقابلة لمكان الهجوم، قوله: «بين نحو 200 كانوا هناك، أعتقد أن 90% لم ينجوا».

وقال نيكيتا، جندي أوكراني يبلغ من العمر 22 عامًا: «طار الزجاج في كل مكان، دعوت الله أن يكون لدي وقت للاحتماء قبل وصول المزيد من القنابل، هناك المزيد من القنابل».

كانت ميكولايف، وهي مدينة جنوبية تقع على طول البحر الأسود، هدفًا للهجمات الروسية، وينظر إليها على أنها هدف استراتيجي للقوات البرية الروسية، في أي تحرك للاستيلاء على ثالث أكبر مدينة في أوكرانيا، أوديسا، التي تقع غربًا على طول الساحل.

 

ممرات هروب

الاستهدافات الروسية، أدت إلى معاناة كبيرة لدى المدنيين، ما دفع الحكومة الأوكرانية إلى إنشاء عشرة ممرات هروب للمدنيين المحاصَرين في مناطق الحرب، بحسب نائبة رئيس الحكومة الأوكرانية، إيرينا فيريشتشوك.

وقالت فيريشتشوك، إن أحد هذه الممرات يقود إلى الخروج من مدينة ماريوبول في الجنوب، التي تشهد معارك عنيفة منذ أيام، باتجاه مدينة زاخبوريششيا، مشيرة إلى أنه من المنتظر نقل اللاجئين هناك من محطة برنديانسك الوسيطة في حافلات، وتقديم مساعدات عينية لهم أيضًا.

وتابعت فيريشتشوك، أن هناك أربعة ممرات تقود إلى الخروج من منطقة لوهانسك، شرقي البلاد، إلى مدينة باخموت، مؤكدة إنشاء ممرات هروب أخرى من قرى ومدن حول العاصمة كييف.

وأحرزت القوات الروسية تقدماً جنوبي أوكرانيا، بتكتيكات استخدمتها في سوريا، حسبما قال ماسون كلارك، المحلل الروسي الرئيس في معهد دراسات الحرب ، لشبكة سي إن إن، مشيرًا إلى أنها تشمل «استهداف كل حي على حدة»، وأسلحة أقل دقة تؤدي إلى خسائر أكثر وحشية، وتضرب البنية التحتية.

 

مكاسب تدريجية

وأشار وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إلى أن روسيا تواصل تحقيق مكاسب تدريجية جنوبي أوكرانيا، مستخدمة «أساليب وحشية» في الطريقة التي استهدفت بها المدنيين.

وعن تقدم الروس في الجنوب، قال المسؤول الأمريكي إنهم يواصلون تحقيق مكاسب متزايدة، معبرًا عن أمله بأن «تختار روسيا مسارًا مختلفًا(..) حجم الألم الذي عاناه المدنيون، كان من الصعب مشاهدته».

وقال أوستن، إن أوروبا تواجه أكبر تحد أمني لها منذ أجيال، مشيرًا إلى أن حرب الاختيار، التي يشنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضد أوكرانيا، كانت مأساوية.

وقال أوستن: «لقد أدى العدوان الروسي إلى تحفيز الشعب الأوكراني وحلف شمال الأطلسي والعالم الحر(..) تحسين الاستعداد العسكري البلغاري وقابلية التشغيل البيني للناتو أكثر أهمية اليوم»، مضيفًا: "الولايات المتحدة ستستمر في الوقوف بقوة مع بلغاريا وحلفائنا الآخرين في الناتو".

 

آمال وتحذيرات

في محاولة لإنهاء النزف الذي تعانيه بلاده، دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى إجراء مفاوضات بشأن السلام بلا تأخير، وحذر من أن خسائر روسيا ستكون ضخمة إذا لم يحدث ذلك.

في حديثه السبت، قال زيلينسكي: «مفاوضات السلام والأمن بالنسبة لنا ولأوكرانيا -الهادفة والعادلة بلا تأخير- الفرصة الوحيدة لروسيا لتقليل الضرر الناجم عن أخطائها».

وتابع: «لقد أصررنا على المفاوضات، وعرضنا الحوار وعرضنا الحلول من أجل السلام، وأريد أن يسمعني الجميع، خاصة في موسكو(..) حان وقت اللقاء، حان وقت الحديث، حان الوقت لاستعادة وحدة الأراضي والعدالة لأوكرانيا(..) خلاف ذلك، ستكون خسائر روسيا ضخمة للغاية، ولن تكفي أجيال عدة للتعافي».

في الجهة المقابلة، حاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تبرير الحرب على أوكرانيا بكلمة في حفل موسيقي، بمناسبة الذكرى الثامنة لضم روسيا لشبه جزيرة القرم، إلا أن خطابه توقف فجأة في البث التلفزيوني الحكومي، في حدث وصفه الكرملين بالخطأ الفني.

ولوَّح عشرات الآلاف بالعلم الروسي في الاستاد الوطني، أثناء مشاركتهم في احتفالات إحياء الذكرى الثامنة لضم روسيا لشبه جزيرة القرم، الأمر الذي تعده الحكومة الأوكرانية غير قانوني وغير معترف به في الغرب.

وقال بوتين، وهو يتحدث من منصة أمام لافتة كتب عليها «من أجل عالم خالٍ من النازية»: «روسيا ستنفذ بالتأكيد جميع خططنا في أوكرانيا».

 

مقاومة شرسة

إلا أن الخطط الروسية، فوجئت بشراسة غير متوقعة من المقاومة، بحسب وزارة الدفاع الأوكرانية، مشيرة إلى أن موسكو اضطرت إلى تغيير نهجها العملياتي.

وقالت وزارة الدفاع البريطانية: «الكرملين فشل -حتى الآن- في تحقيق أهدافه، وينتهج استراتيجية استنزاف»، مشيرًا إلى أنه من المحتمل أن يشمل ذلك الاستخدام العشوائي للقوة النارية، ما يؤدي إلى زيادة الخسائر في صفوف المدنيين، وتدمير البنية التحتية الأوكرانية، وتفاقم الأزمة الإنسانية.

وأكدت بريطانيا، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عزز سيطرته على وسائل الإعلام، مشيرة إلى أن الكرملين يحاول «السيطرة على السرد، والانتقاص من المشكلات العملياتية، وإخفاء أعداد الضحايا الروس الكبيرة عن الشعب الروسي».

 

أسرع من الصوت

وبينما تتجاهل القنوات الروسية، الإفصاح عن خسائر الجيش الروسي، إلا أنها لا تجد غضاضة في إعلان الاستهدافات التي شنتها القوات المسلحة الروسية، التي كان آخرها تدمير ترسانة صواريخ في منطقة إيفانو-فرانكيفسك الأوكرانية بصاروخ أسرع من الصوت.

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها استخدمت صواريخ "كينجال" فرط صوتية لتدمير مخزن أسلحة تحت الأرض في غرب أوكرانيا. وذكرت وكالة "ريا نوفوستي" الحكومية الروسية للأنباء أنها المرة الأولى التي يستخدم فيها صاروخ من هذا النوع في النزاع في أوكرانيا.

وأفادت موسكو بأن هذا الطراز من الصواريخ الذي يمكن التحكم به بشكل كبير، تعجز عن رصده كل أنظمة الدفاع الجوي.

وتطلق صواريخ كينجال من مقاتلات إم آي إف-31، يمكنها ضرب أهداف على مسافة تصل لألفي كيلومتر، وفقًا لقناة روسيا اليوم، التي أشارت إلى أن سرعة الصواريخ تتجاوز سرعة الصوت بمرات عدة، ويمكن أن تتجاوز سرعتها ستة آلاف كيلومتر في الساعة.