قتل وحرق واغتصاب.. انتهاكات مروِّعة للأطفال في مناطق الصراع

أفغانستان كانت أحدث مثال على الانتهاكات ضد الأطفال، بحسب يونسيف التي قالت إن لدى كابل أكبر عدد من الضحايا الأطفال الذين تحقق منهم منذ عام 2005، بأكثر من 28500، ما يمثل 27% من الضحايا الأطفال الذين تحققت منهم على مستوى العالم.

قتل وحرق واغتصاب.. انتهاكات مروِّعة للأطفال في مناطق الصراع

السياق

من أفغانستان إلى اليمن، ومن سوريا إلى إثيوبيا، دفع آلاف الأطفال ثمنًا باهظًا، مع استمرار انعدام الأمن والنزاع المسلح، ما دفع منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونسيف» إلى إطلاق صرخة استغاثة نهاية عام 2021، إلى جميع أطراف النزاع، بضرورة إنهاء الهجمات ضد الأطفال.

وقالت «يونسيف» في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إن أقل من نصف أطراف النزاع على مستوى العالم ملتزمون بحماية الأطفال، محذرة من تزايد الانتهاكات الجسيمة لحقوقهم في نزاعات العالم.

وأشارت المنظمة الأممية، إلى أن أربعة أطفال كانوا بين الضحايا، قبل نحو أسبوع في ولاية كاياه شرقي ميانمار، حيث قُتل ما لا يقل عن 35 شخصًا، منهم اثنان من موظفي منظمة إنقاذ الطفولة، مؤكدة أن هذه الواقعة كانت أحدث مثال على الخسائر المدمرة، التي يلحقها النزاع والتهديدات المستمرة للعاملين في المجال الإنساني.

من جانبها، قالت المديرة التنفيذية لـ «يونسيف»، هنرييتا فور: «عامًا بعد آخر، تستمر أطراف النزاع في إظهار التجاهل المروِّع لحقوق الأطفال ورفاههم»، مشيرة إلى أن «الأطفال يعانون ويموتون بسبب هذه القسوة، ويجب بذل كل جهد ممكن، للحفاظ على هؤلاء الأطفال في مأمن من الأذى».

 

اختطاف وعنف جنسي

وقالت «يونسيف»، إن بيانات عام 2021 ليست متاحة، لكنها تحققت من 26425 انتهاكـًا صارخًا ضد الأطفال عام 2020، بينما شهدت الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2021 انخفاضًا طفيفًا في الانتهاكات الجسيمة التي تحققت منها.

ورغم ذلك، فإن حالات الاختطاف والعنف الجنسي التي تحققت منها، استمرت في الارتفاع بمعدلات تنذر بالخطر، بأكثر من 50 و10%، على التوالي، مقارنة بالربع الأول من العام الذي سبقه.

وبحسب المنظمة الأممية، فإن الصومال تصدرت عمليات الاختطاف التي تحققت منها، تلتها جمهورية الكونغو الديمقراطية، ودول حوض بحيرة تشاد (تشاد ونيجيريا والكاميرون والنيجر)، مشيرة إلى أن عمليات «العنف الجنسي» التي تحققت منها كانت الأعلى في الكونغو، والصومال، ثم جمهورية إفريقيا الوسطى.

 

استهداف مدارس ومستشفيات

وأشارت إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سجلت أكبر عدد من الهجمات التي تحققت منها على المدارس والمستشفيات منذ عام 2005، مع التحقق من وقوع 22 هجومًا في الأشهر الستة الأولى من هذا العام.

أفغانستان كانت أحدث مثال على الانتهاكات ضد الأطفال، بحسب «يونسيف» التي قالت إن لدى كابل أكبر عدد من الضحايا الأطفال الذين تحقق منهم منذ عام 2005، بأكثر من 28500، ما يمثل 27% من الضحايا الأطفال الذين تحققت منهم على مستوى العالم.

 

أثمان باهظة

وأكدت أنها تحققت من انتهاكات في بوركينا فاسو والكاميرون وكولومبيا وليبيا وموزمبيق والفلبين، مشيرة إلى أنه رغم عقود من المناصرة مع أطراف النزاع وأصحاب النفوذ عليها، وتعزيز المناصرة، وآليات الإبلاغ والاستجابة للانتهاكات الجسيمة للحقوق، يستمر الأطفال في تحمُّل وطأة الحرب.

«فكل يوم، يعاني الفتيان والفتيات، الذين يعيشون في مناطق النزاع أهوالًا لا توصَف، ويجب ألا يمر بها أي إنسان»، بحسب «يونسيف» التي وثقت 266 ألف حالة من الانتهاكات الصارخة ضد الأطفال، في أكثر من 30 حالة نزاع عبر إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية على مدى 16 عامًا.

ورغم الأرقام «المفزعة»، فإن هذه الحالات هي فقط التي تحققت منها عبر آلية الرصد والإبلاغ التي تقودها الأمم المتحدة، والتي أنشئت عام 2005 لتوثيق أكثر الانتهاكات فظاعة ضد الأطفال في مناطق النزاع، بشكل منهجي.

وقالت «يونسيف» إن الأرقام الحقيقية ستكون أعلى من ذلك بكثير، مشيرة إلى أنه في كثير من الأحيان، يقع الأطفال ضحية العديد من «الانتهاكات الجسيمة» لحقوقهم، ففي عام 2020، أدت 37% من عمليات الاختطاف التي تحققت الأمم المتحدة منها، إلى تجنيد الأطفال واستخدامهم في الحرب، مع تجاوز هذه الحالات 50% في الصومال وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية أفريقيا الوسطى.

 

الأسلحة المتفجرة

وشددت «يونسيف» على أن استخدام الأسلحة المتفجرة، لا سيما في المناطق المأهولة بالسكان، تهديد مستمر ومتزايد على الأطفال وأسرهم، ففي عام 2020، كانت الأسلحة المتفجرة والمتفجرات من مخلفات الحرب، مسؤولة عما يقرب من 50% من الإصابات بين الأطفال، ما أسفر عن مقتل وتشويه أكثر من 3900 طفل.

وفي أكتوبر 2021، أماطت «يونسيف» اللثام عن قتل أو تشويه 10 آلاف طفل في اليمن، منذ تصاعد القتال في مارس 2015، بما يعادل أربعة أطفال يوميًا.

وهو ما حذر منه مرارًا وزير الإعلام والثقافة اليمني معمر الإرياني، الذي كشف في مناسبات عدة، خطط المليشيا الحوثية للزج بالأطفال في المناطق التي تسيطر عليها إلى «محارق الموت».

 

تحذيرات يمنية

وبينما وثق وزير الإعلام اليمني تصريحاته بصور لصغار يحملون أسلحة ورشاشات، أكد أن المليشيات الحوثية تواصل استغلال أطفال اليمن في أعمال قتالية، مشيرًا إلى أن «الميليشيات تقتاد الآلاف منهم كل يوم إلى معاركها العبثية في مختلف جبهات القتال، خدمة لمشروعها وتنفيذ الأجندة التوسعية الإيرانية، من دون أي اكتراث بمصيرهم ومعاناة أسرهم».

وبينما أكدت أن الأسلحة المتفجرة لها آثار مميتة وطويلة الأمد في الأطفال، بما في ذلك تعطيل الخدمات الضرورية لبقائهم على قيد الحياة، دعت جميع أطراف النزاع -بمن فيهم 61 من الأطراف المدرجة في مرفقات التقرير السنوي للأمين العام لسنة 2021 عن الأطفال والنزاع المسلح- إلى الالتزام بخطط العمل الرسمية واتخاذ تدابير ملموسة لحماية الأطفال.

وتشمل هذه التدابير منع الانتهاكات الجسيمة في المقام الأول، وإطلاق سراح الأطفال من القوات والجماعات المسلحة، ووقف الهجمات على المدارس والمستشفيات، وقد وُقِّعت 37 خطة من قِبل أطراف النزاع منذ عام 2005، وهو رقم منخفض بشكل صادم، بالنظر إلى المخاطر بالنسبة للأطفال، بحسب «يونسيف».

وقالت المديرة التنفيذية لـ «يونسيف» ، هنرييتا فور: «نهاية المطاف، لن يكون الأطفال الذين يعيشون في خضم الحرب آمنين، إلا عندما تتخذ أطراف النزاع إجراءات ملموسة لحمايتهم والتوقف عن ارتكاب انتهاكات جسيمة»، مشيرة إلى أنه «مع اقتراب نهاية عام 2021، أدعو جميع أطراف النزاع إلى إنهاء الهجمات ضد الأطفال، ودعم حقوقهم والتوصل إلى حلول سياسية للحرب».