واشنطن بوست: احذروا من التحالف الناشئ بين روسيا وإيران

حذر مسؤولو المخابرات من أن المساعدة المالية الإيرانية لروسيا ستكون أسهل، حال رفع العقوبات المفروضة على طهران، كجزء من تجديد الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015.

واشنطن بوست: احذروا من التحالف الناشئ بين روسيا وإيران

ترجمات – السياق

مع دخول الحرب الأوكرانية شهرها السابع، من دون أن تضع أوزارها، بدأ طرفاها التفكير في أساليب جديدة، لحسمها أو التقليل من خسائرها التي فاقت التوقعات.

فبينما اتجهت أوكرانيا إلى الغرب، الذي أمطرها بالأسلحة المتقدمة، التي أبطأت التقدم الروسي وجعلت خطواته المتسارعة تتعثر، كانت روسيا على موعد للقاء مع إيران، لاستيراد طائراتها من دون طيار، أملًا في إحداث فرق على أرض المعركة.

إلا أن الاتجاه الروسي إلى إيران، الذي تخالف بموجبه موسكو العقوبات الغربية المفروضة على طهران، والذي أدى إلى إنشاء تحالف بين البلدين، حذر منه مسؤولو المخابرات الغربية، مؤكدين أن الأمر لم يقتصر على ذلك، بل إن إيران عرضت مشاركة شبكاتها المالية لمساعدة روسيا في التهرب من العقوبات.

وفي مقال بصحيفة واشنطن بوست، قال الصحفي الأمريكي، محرر المقال ديفيد إغناتيوس، إن روسيا تكافح للحفاظ على الزخم في أوكرانيا بعد ستة أشهر من الصراع الذي وصفه بـ"الوحشي".

وحذر مسؤولو المخابرات من أن المساعدة الإيرانية الجديدة يمكن أن تغير قواعد اللعبة، بينما قال أحدهم إن «هذا ليس مجرد تحالف تكتيكي»، مشيرًا إلى أنه مع رفض الصين والهند بيع الأسلحة إلى روسيا، يمكن أن تصبح إيران خط أنابيب أساسيًا للأسلحة والمال.

 

التهرب من العقوبات

وعن إيران، قال مسؤول المخابرات «إنهم يعرفون كل الحيل في الكتاب، في ما يتعلق بالتهرب من العقوبات»، مشيرًا إلى أنه يمكن لإيران الاستفادة من شبكة بنيتها التحتية الحالية من الشركات الوهمية والمؤسسات المالية الأخرى في هذه الحملة لخرق العقوبات.

وحذر مسؤولو المخابرات من أن المساعدة المالية الإيرانية لروسيا ستكون أسهل، حال رفع العقوبات المفروضة على طهران، كجزء من تجديد الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015.

ويقول كاتب المقال ديفيد إغناتيوس، إن مسؤولي المخابرات أكدوا أن إيران بدأت تسليم مئات من الطائرات من دون طيار الانتحارية، لتعزيز مخزون روسيا من الأسلحة المستنفدة، مشيرًا إلى أنه من المحتمل أن تكون هذه الطائرات جزءًا من سلسلة «شاهد»، بحجم طائرة بريداتور الأمريكية، التي استخدمتها طهران بنجاح في العراق وسوريا.

ويقول ديفيد في مقاله بـ«واشنطن بوست»، إن التوترات بين الولايات المتحدة وإيران تصاعدت بشكل حاد، حتى مع اقتراب البلدين -على ما يبدو- من التوصل إلى توقيع الاتفاق النووي.

وشن الوكلاء المدعومون من إيران غارة معقدة بطائرة من دون طيار في 15 أغسطس الجاري، على قاعدة أمريكية في التنف جنوبي سوريا، لم تؤد إلى قتل أو إصابة أي أمريكي، إلا أن ديفيد وصفه بـ"الهجوم الجريء".

وأعلنت القيادة المركزية الأمريكية -الثلاثاء- أن الولايات المتحدة ردت بـ«الضربات الجوية الدقيقة» على قاعدة بالقرب من دير الزور تستخدمها الجماعات المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني.

 

تحذيرات أمريكية

وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية: «سنحمي شعبنا ونضرب المسؤولين، بمن في ذلك الحرس الثوري الإيراني، إذا استمروا في ذلك».

وتحذر إدارة بايدن -منذ أكثر من شهر- من خطر تزويد إيران روسيا بطائرات من دون طيار، فمستشار الأمن القومي جيك سوليفان قال -في تصريحات لشبكة «سي إن إن» الأمريكية في 15 يوليو الماضي- إن إيران «تستعد لتزويد روسيا بمئات الطائرات من دون طيار، بما في ذلك القادرة على حمل الأسلحة، وأن وفداً روسياً فحص عرضاً لهذه الطائرات في مطار إيراني.

ويقول كاتب المقال ديفيد، إن الروس كانوا يسارعون إلى وضع الطائرات الإيرانية من دون طيار في ساحة المعركة، مشيرًا إلى أن المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي أخبرته بأن المسؤولين الروس أجروا تدريبات في إيران، كجزء من اتفاقية نقل هذه الطائرات.

وبينما أكدت المسؤولة الأمريكية أن روسيا أطلقت -هذا الشهر- قمرًا صناعيًا إيرانيًا من نوع الخيام، يتمتع بـ«قدرات تجسس كبيرة»، أشار مقال -نُشر الثلاثاء في صحيفة بوليتيكو الأمريكية- إلى أن روسيا أرسلت مديرين تنفيذيين من "غازبروم" وشركات أخرى إلى طهران، لتوسيع العلاقات الاقتصادية الروسية الإيرانية وبناء إطار للتهرب من العقوبات.

وأضافت «بوليتيكو»، أن مسؤولين اقتصاديين إيرانيين زاروا موسكو أيضًا، مشيرة إلى أنه «بموجب ما يسميه التجار ترتيب المقايضة، يمكن لإيران استيراد الخام الروسي إلى ساحلها الشمالي على بحر قزوين، ثم بيع كميات معادلة من الخام -نيابة عن روسيا- في ناقلات إيرانية تنطلق من الخليج».

 

عقبة جديدة

ويقول ديفيد كاتب المقال بـ«واشنطن بوست»، إن التحالف الناشئ بين موسكو وطهران يضيف عقبة جديدة أمام تجديد الاتفاق النووي لعام 2015، مشيرًا إلى أن المسؤولين الأمريكيين ما زالوا مقتنعين بأن القيود الأمريكية على تخصيب إيران لليورانيوم ستعزز أمن الولايات المتحدة وإسرائيل.

وبينما طالبت طهران بتنازلات خارج إطار الاتفاق، رفضت إدارة بايدن تقديمها حتى الآن، بحسب ديفيد الذي أشار إلى أن أهم مطلب إيراني هو أن تضغط الولايات المتحدة على الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، لوقف تحقيقاتها في مواقع نووية غير معلنة.

وقال متحدث باسم فريق التفاوض الإيراني عبر "تويتر": «لن يتم تنفيذ أي اتفاق قبل أن يغلق مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشكل دائم ملف الاتهامات الكاذبة».

كان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي قال إن الوكالة لن توقف التحقيق ما لم تتعاون إيران، مشيرًا إلى أهمية تقديم الإجابات الضرورية والأشخاص والأماكن، حتى تتبين الوكالة الأشياء اللازمة للتوضيح.

تصميم أمريكي

يقول ديفيد إنه من الواضح أن الولايات المتحدة ليست على استعداد للتزحزح عن قضية تحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية، خاصة بعد أن أبلغ جروسي إيران بأن عليها الإجابة عن أسئلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وأشار كاتب المقال إلى أن المطلبين الآخرين لإيران ليست لهما صلة بالموضوع، مؤكدًا أنه بينما طلبت طهران من واشنطن إزالة الحرس الثوري الإيراني من قائمتها للجماعات الإرهابية، رفضت إدارة بايدن.

ويريد الإيرانيون ضمانات بأن الإدارة الأمريكية اللاحقة لن تنسحب من الصفقة، كما فعل الرئيس دونالد ترامب، إلا أنه من الواضح أن بايدن لا يمكنه إلزام رئيس لاحق، ولن يمرر الكونغرس هذا التعهد، بحسب ديفيد إغناتيوس، الذي قال إن صفقة الطائرات من دون طيار الروسية مع إيران علامة على مدى خطورة مشكلات توريد الأسلحة لموسكو بعد ستة أشهر من الحرب في أوكرانيا.

ويقول مسؤولو المخابرات إن موسكو كانت مترددة -في البداية- في التواصل مع طهران، التي لا تثق بقادتها والتي عارضت طموحاتها النووية، مشيرين إلى أن روسيا تحب أن تعتقد أنها قوة عظمى لا تحتاج إلى مساعدة من جار مزعج.

ونقل كاتب المقال عن مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية قوله: «يظهر الكثير من اليأس من جانب الروس أنهم يعتمدون على الإيرانيين»، مشيرًا إلى أن روسيا تكافح لمواكبة تدفق الأسلحة من الولايات المتحدة وحلفائها في "الناتو" إلى أوكرانيا.

وبينما يخدم التوجه الروسي إلى إيران حاجة قصيرة الأجل، إلا أنه يضع موسكو في مكان أكثر عزلة وخطورة، بحسب ديفيد إغناتيوس كاتب المقال بصحيفة واشنطن بوست.