سؤال صعب ومؤلم... أوكرانيا تفكر في كيفية معاقبة المتعاونين

أعلنت المدعية العامة الأوكرانية إيرينا فينيديكتوفا، أن هناك أكثر من 700 قضية خيانة مفتوحة ضد أوكرانيين، و 700 قضية تعاون أخرى.

سؤال صعب ومؤلم... أوكرانيا تفكر في كيفية معاقبة المتعاونين

ترجمات - السياق

بينما تحاول روسيا تشكيل إدارات موالية لموسكو في المناطق المحتلة، تخطط أوكرانيا، لمعاقبة "المتعاونين" مع الجيش الروسي بتهمة الخيانة، حيث رُفعت أكثر من 1400 حالة خيانة وتعاون مع الجيش الروسي ضد مواطنين، حسب تقرير لصحيفة غارديان البريطانية.

كان الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي حذر المتعاونين في المناطق التي تسيطر عليها روسيا جنوبي البلاد من العمل مع الروس، وقال في رسالة الفيديو التي يوجهها يوميًا: إن تحمُّل المسؤولية عن هذا التعاون أمر "لا يمكن تجنُّبه".

ونشر مجلس مدينة ماريوبول، الذي يعمل جزئيًا من المنفى في مدينة زابوريجيه -جنوبي وسط أوكرانيا- تحت تهديد القوات الروسية، أسماء وصور تسعة أشخاص قال إنهم يتعاونون مع قوات الاحتلال الروسية في ماريوبول، وكتب في منشور على "تلغرام": "ستتم معاقبة هؤلاء المتعاونين على الجرائم التي ارتكبوها ضد مدينتهم وبلدهم".

 

اتهامات بالجملة

وضربت "غارديان" أمثلة بعدد من هؤلاء المتهمين بالتعاون مع الجيش الروسي، ومنهم عمدة مدينة كوبيانسك -التي تقع في خاركيف أوبلاست شرقي أوكرانيا- جينادي ماتسيغورا، الذي أعلن قبوله التفاوض مع القوات الروسية، "لتجنُّب الخسائر في الأرواح".

ونزولًا على هذه المفاوضات، فقد سلم ماتسيغورا المدينة إلى السيطرة الروسية من دون قتال، وزُعم أنه قدم في وقت لاحق للجنود الروس وسائل النقل والسكن والوقود والطعام.

وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى أن ماتسيغورا بات الآن واحدًا من مئات الأوكرانيين المتهمين بالتعاون مع الجيش الغازي، الذين قد يواجهون عقوبة تصل إلى 15 عامًا في السجن.

وبينت، أنه لم يتم القبض على ماتسيغورا حتى الآن، لأن "كوبيانسك" لا تزال تحت الاحتلال الروسي، مشيرة إلى أنه في الأماكن التي جرى فيها إبعاد الروس، اعتقلت السلطات الأوكرانية بالفعل من يشتبه في تعاونهم مع الجيش الروسي.

وحسب الصحيفة، كانت المدعية العامة الأوكرانية إيرينا فينيديكتوفا، أعلنت -بداية مايو الماضي- أن هناك أكثر من 700 قضية خيانة مفتوحة ضد أوكرانيين، و 700 قضية تعاون أخرى.

وأشارت الصحيفة إلى أنه في منطقة خاركيف المحاصرة وحدها، قال المدعون إنهم فتحوا -حتى الآن- 50 قضية، بما في ذلك ضد سبعة ضباط شرطة وخمسة رؤساء بلديات وقاضٍ، لافتة إلى أن جميعهم متهمون بتمهيد الطريق لموسكو لاحتلال القرى وقتل العشرات من الناس.

وكشفت أنه بين هؤلاء الخمسين، جرى اعتقال نِصفهم، ونقلت عن أولكسندر فيلتشاكوف، المدعي العام لمنطقة خاركيف قوله: "للأسف بقي الآخرون في الأراضي المحتلة ولم يتم اعتقالهم".

بينما قال حاكم المنطقة أوليه سينيهوبوف، إن هناك أشكالًا مختلفة من التعاون، مثل تسليم المعلومات، أو منح الروس قوائم بأسماء السكان المحليين العاملين في الجيش، أو عائلات العسكريين، أو المحاربين القدامى.

وحسب الصحيفة، زعم فيلتشاكوف أن هناك حالات قام فيها متعاونون بتسليم قوائم روسية تضم أثرياء محليين، يوضحون فيها للمحتلين أين يعيشون وما نوع الثروات التي يمتلكونها، مضيفًا: "لذلك جاء الجنود الروس إلى تلك المنازل مع المتعاونين وكانوا ينهبون ممتلكاتهم".

 

التحضير للاحتلال

وبينت غارديان، أنه ألقي القبض على رئيس مجلس قرية بيفدين بخاركيف، بتهمة التعاون مع الروس، ونقلت عن المدعين قولهم، إنهم وجدوا أدلة على أنه كان على اتصال بعملاء روس، وإنه كان يقوم بالتحضيرات اللازمة لدخول قوات الاحتلال.

وقال ماكسيم كليموفيتس، المدعي العام في منطقة خاركيف: "لم يصل الروس إلى هناك، واعتقلناه بعد أيام قليلة من الغزو".

بالنسبة للسلطات الأوكرانية -حسب الصحيفة- من المهم إظهار أن عقاب أولئك الذين ساعدوا في الغزو الروسي سيكون سريعًا وصارمًا، لكن في الوقت نفسه، تأتي العملية مع الكثير من الأسئلة الصعبة.

وتشمل هذه الأسئلة، ما إذا كان يمكن الوثوق بالمدعين والقضاة في أوكرانيا، الذين واجهوا اتهامات بالفساد والمحسوبية، بعدم إساءة استغلال سلطتهم، وهل من الممكن أن تشمل هذه الاتهامات المسؤولين رفيعي المستوى بالإهمال بداية الغزو، أو حتى الخيانة.

كان زيلينسكي ألمح إلى أن اتهامات الإهمال أو ما هو أسوأ من ذلك يمكن أن تمتد إلى أعلى الهياكل الحكومية، عندما أقال رئيس جهاز الأمن في خاركيف خلال زيارة للمدينة.

واتهم زيلينسكي الرجل بـ "التفكير في نفسه فقط" بدلاً من المساعدة في الدفاع عن المدينة خلال الأيام الأولى للحرب، وقال: "ستنظر أجهزة إنفاذ القانون في دوافعه".

وعن كيفية تصنيف أشكال التعاون مع الروس، نقلت "غارديان" عن إلكو بوزكو، مسؤول عسكري أوكراني -من قيادة العمليات الشرقية- قوله: "هناك أشخاص كانوا يتطلعون للانضمام إلى الجيش الآخر ، وهناك أشخاص تعاونوا لأنهم أرادوا إنقاذ حياتهم، وهناك أيضًا أشخاص أجبروا على التعاون تحت تهديد السلاح".

وترى الصحيفة أن المدعين الأوكرانيون يواجهون مهمة صعبة بشكل خاص في المناطق المحتلة جنوبي أوكرانيا، التي استولى عليها الروس بداية الحرب، مشيرة إلى أنه في هذه المناطق يسعى المسؤولون الروس لفرض نفوذهم على الحياة اليومية، مثل نقل المدارس الأوكرانية إلى المناهج الدراسية الروسية.

وأشارت إلى أنه إذا استعادت أوكرانيا السيطرة على هذه المناطق، فقد يكون هناك الآلاف من الذين ارتكبوا أعمالًا تندرج تحت التعريف الفني للتعاون، مثل المعلمين الذين استمروا في العمل بموجب المناهج الجديدة.

وتعليقًا على إمكانية التعرض لهذه القضايا، نقلت الصحيفة البريطانية، عن سيرجي جورباتشوف، أمين المظالم التربوي في أوكرانيا، قوله: "هذا سؤال صعب للغاية ومؤلم، لا أعتقد أنه يمكنك المطالبة بالبطولة من المدنيين العزل، لكن أهم شيء هو عدم التعاون الطوعي، ومن ثمّ فإننا عندما نُخرج المحتلين من أرضنا، أتوقع مشكلات كبيرة".

بينما قال فولوديمير أرييف، النائب عن حزب التضامن الأوروبي الذي يرأسه الرئيس الأوكراني السابق بيترو بوروشنكو للصحيفة، إنه يأمل أن يقوم البرلمان بصياغة قانون جديد بشأن المتعاونين، من شأنه أن يسمح بعقوبة سريعة وفعالة، ولكن أيضًا يمنع الانتهاكات ويصنف القضايا حسب الجدية.

وأضاف: "نحن بحاجة إلى أن نكون قادرين على التأكد من مستوى التعاون وأيضًا مستوى الضرر الناجم، وأن نكون قادرين على التمييز في الحالات المختلفة"، متابعًا: "بعض الناس يجب أن تتم معاقبتهم بالسجن، لكن البعض الآخر يجب فقط تغريمهم أو منعهم من الخدمة العامة".