أزمة العراق تتفاقم... شروط جديدة لمقتدى الصدر والغموض يكتنف موقف القوى السياسية

مطالبًا جميع الأحزاب الموجودة على الساحة السياسية، منذ سقوط صدام حسين، بما في ذلك حزبه، بالتخلي عن المناصب الحكومية، للسماح بحل الأزمة السياسية

أزمة العراق تتفاقم... شروط جديدة لمقتدى الصدر والغموض يكتنف موقف القوى السياسية

السياق

يومًا بعد الآخر تتعقد الأزمة العراقية وتضل طريقها نحو الحل، خاصة مع تطور مواقف القوى السياسية في البلد الغني بالنفط، واتجاهها نحو اللا حل.

فرغم دعوات الحوار التي انطلقت من قادة سياسيين، والتشديد على التهدئة، فإن الطريق إلى الحل بات حافلًا بالأشواك، خاصة مع غلق التيار الصدري أبواب النقاش مع القوى السياسية.

فبينما أكد رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، أن بلاده تمر بأزمة سياسية تهدد ما وصفها بـ"الإنجازات الأمنية"، كان التيار الصدري يقف في الجهة المقابلة واضعًا شروطًا أكثر تعقيدًا، مطالبًا جميع الأحزاب الموجودة على الساحة السياسية، منذ سقوط صدام حسين، بما في ذلك حزبه، بالتخلي عن المناصب الحكومية، للسماح بحل الأزمة السياسية.

ما أبرز التطورات على الساحة العراقية؟

كانت الأربع والعشرون ساعة الماضية حبلى بالتطورات السياسية في العراق، إذ انطلقت شرارتها من التيار الصدري، الذي قدم زعيمه مقتدى الصدر، مبادرة وصفها بأنها «أهم» من حل البرلمان وإجراء الانتخابات المبكرة.

وقال وزير التيار الصدري صالح محمد العراقي، في بيان، إن هناك ما هو أهم من حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة. الأهم هو عدم اشتراك جميع الأحزاب والشخصيات التي اشتركت بالعملية السياسية منذ الاحتلال الأمريكي عام 2003 إلى يومنا هذا، بكل تفاصيلها قيادات ووزراء وموظفين ودرجات خاصة تابعة للأحزاب، بل مطلقاً، بما فيهم التيار الصدري أقول ذلك وبملء الفم"

العراقي أضاف في بيان عبر «تويتر»، نقلًا عن مقتدى الصدر: "هذا، بدل كل المبادرات التي يسعى إليها البعض بمن فيهم الأمم المتحدة مشكورة. أنا على استعداد -خلال مدة أقصاها 72 ساعة- لتوقيع اتفاقية تتضمن ذلك من الآن."

وتابع مقتدى الصدر: "لا أن يقال إن تحقيق ذلك بعد الانتخابات المقبلة، ولا أن يتحقق بطريقة دموية. وإذا لم يتحقق ذلك، فلا مجال للإصلاح، ولا داعي لتدخلي بما يجري مستقبلاً لا بتغريدة ولا بأي شيء آخر."

وفي بيان ثان، دعا مقتدى الصدر -الأحد- إلى "عراق جديد، لا مجال فيه للمليشيات ولا للتبعية ولا للإرهاب، ولا للتمسك بالسلطة ولا للجريمة ولا للعنف."

ودعا التيار الصدري إلى إرساء سلطة وحكم في العراق، بعيداً عن الميليشيات والتبعية للدول الخارجية، مؤكدًا أهمية إبعاد الأحزاب المجربة عن السلطة، ومكافحة الفساد والطائفية، وتفلت السلاح.

المحاصصة

وبينما أكد ضرورة الابتعاد عن المحاصصة، والتمسك بالسلطة والاقتتال، أعرب عن أمله بأن تكون للعراق علاقات متوازنة مع غيره من الدول، وأن يتمتع بقضاء نزيه غير مسيس.

شروط مقتدى الصدر، تفاعلت معها قوى سياسية عراقية، محذرة من الانسداد السياسي وتعطيل مؤسسات الدولة، مؤكدة أن التنصل من المسؤوليات والتصعيد المفتوح لا يخدمان المواطنين.

وقال رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، في تصريحات صحفية، على هامش المؤتمر الإسلامي لمناهضة العنف ضد المرأة، إن الانسداد السياسي مضر بمصالح الناس، ومعطل لعمل مؤسسات الدولة، مشيرًا إلى أن رفع سقف المطالب السياسية من دون مشاريع واقعية، لا يمثل مدخلاً لحل الملفات العالقة.

وأوضح الحكيم أنه "لا شك في أن تعقيدات الساحة واختلال التوازنات السياسية والاصطفافات التي حصلت عقب الانتخابات والصراع الإعلامي، كلها أزمات أخذت مأخذها من البلاد وقتًا وجهدًا وترقبًا»، مشيرًا إلى أن العراقيين يترقبون الحل ونهاية الانسداد السياسي، الذي يضر بمصالح الناس ويعطل مؤسسات الدولة.

"سياسات التزمت"

وشدد على أن ما وصفها بـ"سياسات التزمت والتنمر"، لا يمكنها أن تكون بديلاً لما ينتجه الحوار، لأننا لسنا أمام خيارات وتوقيتات مفتوحة، بل أمامنا خيار واحد أن نتقدم ونتجاوز الإشكاليات معًا بإيثار ووعي ومثابرة.

من جانبه، يرى البرلماني العراقي عدم مشاركة التيار الصدري في أي حوار يفقده جدواه، مشيرًا إلى أن الأزمة الحالية بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، وليست مع الأطراف الأخرى.

يأتي ذلك في ظل تحركات الإطار التنسيقي لجمع توقيعات، لتقديمها لرئاسة البرلمان لعقد جلسة نيابية ينتخب من خلالها رئيس الجمهورية وتكلف الكتلة النيابية الأكبر بتقديم مرشحها لرئاسة الوزراء وتشكيل الحكومة.

وهو ما أشار إليه عضو دولة القانون زهير الجلبي، الذي قال إن هناك إصرارًا من عدد من النواب على استئناف جلسات البرلمان، مؤكدًا أن العمل جار على استئناف جلسات مجلس النواب، بينما يحتاج مبنى البرلمان إلى إعادة تأهيل وترتيب بعد انسحاب المتظاهرين.

هروب للأمام

وقال الجلبي -في تصريحات صحفية- إن تغريدة الصدر الأخيرة هروب إلى الأمام، مضيفاً أنها لم تختم بختم الصدر وما يصدر عن الشخصيات الوهمية لا يؤخذ به، في إشارة إلى وزير التيار الصدري صالح العراقي.

تلك التحركات عدها مراقبون استفزازًا للتيار الصدري صاحب الكتلة الشعبية الأكبر، ولأنصاره المعتصمين في ساحة المنطقة الخضراء بالعاصمة العراقية بغداد، ما قد يعقد الأزمة.

بدوره، حذر رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري -في تصريحات صحفية- من تفجر الأوضاع في الشارع السياسي، خاصة بعد إصرار بعض قوى الإطار التنسيقي على تحريك غضب الصدر ببعض المواقف المتعلقة بعقد الجلسة النيابية، أو إدارة الظهر للمطالب التي يرفعها، بينها حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.

وشدد على أن تعقد الأزمة يتطلب حلولاً ومعالجات أكبر من جلسة حوار يجتمع فيها الفرقاء، مناشدًا قوى الإطار التنسيقي تقديم التنازلات الواقعية، من دون مماطلة ولا مراهنة.