كيف يمكن لبايدن منع بوتين من غزو أوكرانيا؟

إذا كانت الإدارة تتبنى لهجة ودية، في الوقت الذي يتبني فيه الكرملين لهجة عدائية، فإن الأخير قد يستنتج -ربما بشكل خاطئ- أنه سيكون قادراً على فعل ما يحلو له، مع الإفلات من العقاب

كيف يمكن لبايدن منع بوتين من غزو أوكرانيا؟

ترجمات - السياق

رأت مجلة ناشونال إنترست الأمريكية، أن قمة الرئيس جو بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين عبر الإنترنت، التي عُقدت منذ أسبوعين، واستفزازات الكرملين المتزايدة منذ ذلك الحين، تكشفان أن واشنطن وموسكو اتخذتا نهجين مختلفين، في العلاقات بين البلدين، منذ الربيع الماضي.

وبينما كان بوتين يحاول البحث عن نقاط ضعف إدارة بايدن، كان البيت الأبيض يبحث عن طريقة لتعزيز العلاقة، أو جعلها مستقرة لتركيز الطاقة على الخطر الأكبر المزعوم الذي تشكله الصين.

عدم تطابق

واعتبرت "ناشونال إنترست" أن النتيجة تمثلت في عدم تطابق بين رد الدولتين، الأمر الذي لا يخدم المصالح الأمريكية، كما أنه يزيد خطر شن الكرملين ضربة كبرى في أوكرانيا.

ولفتت المجلة، إلى أنه كانت هناك قضيتان أساسيتان، في قلب تحدي الكرملين للولايات المتحدة، هما أوكرانيا والقرصنة الإلكترونية، وقالت إن موسكو استخدمتهما في سعيها للاستفادة من إدارة بايدن، التي تُركت تلعب دور الدفاع، الذي كان ناجحاً في بعض الأحيان، وأخفق في أحيان أخرى.

وتابعت: "يبدو أن موهبة بوتين، تتمثل في الاستفزازات التي تحمل وعوداً بتحقيق مكاسب، لكنها تترك أيضاً إمكانية التراجع حتى لا يخسر شيئاً، كما أن اهتمامه يتمثل في حل مشكلته الرئيسة في السياسة الخارجية بأوكرانيا، حيث فشلت حربه المحدودة التي استمرت قرابة ثماني سنوات في دونباس، في إقناع كييف بالتخلي عن سياستها الخارجية ذات الميول الغربية، لذا فهو يبحث عن طريقة جديدة لتحقيق هذه الغاية، من خلال إجبارها على تنازلات، أو عن طريق خداع الولايات المتحدة أو ألمانيا أو فرنسا، لتقديم تنازلات تقوِّض موقف كييف".

 

بوتين يختبر بايدن

ووفقاً للمجلة، فإن أوكرانيا هي القضية التي اختار بوتين استخدامها في أول اختبار له لبايدن، موضحة أنه أوائل ربيع 2021، حشد الكرملين ما يصل إلى 100 ألف جندي شرقي دونباس وشمالي شبه جزيرة القرم، مقدِّماً أسباباً غير مقنعة لهذا الوجود الكبير، مثل الرد على مناورات الولايات المتحدة و"الناتو"، أو أنها كانت خطوة استباقية لردع هجوم أوكراني في دونباس (وهو ما لم يحدث منذ هزيمة أوكرانيا على يد القوات الروسية النظامية بإيلوفيسك في صيف 2014).

وقالت المجلة: "كانت استجابة فريق بايدن لاستفزاز الكرملين ممتازة، إذ إنه سرعان ما لاحظ الخطر وأشار إلى أنه إذا شنت موسكو غزواً عسكرياً، ستفرض الولايات المتحدة عقوبات كبيرة على روسيا، وستقدِّم 100 مليون دولار مساعدات عسكرية إضافية لأوكرانيا".

 

مساعدة أوكرانيا

بعد تحقيق الكثير من المكاسب الإلكترونية، عاد بوتين مرة أخرى إلى أوكرانيا، لكنه هذه المرة رفع الرهان، إذ إنه في يوليو الماضي، مهَّد الطريق لاستفزاز أكثر خطورة، من خلال كتابة تحليل تاريخي قال فيه إن الروس والأوكرانيين شعب واحد، وإن أوكرانيا ليس لها الحق في الوجود كدولة مستقلة، إلا في تحالف مع روسيا.

وتابعت المجلة: "وفي الأيام التي تلت ذلك، قاد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الطريق، نحو تبني الدبلوماسية مع أوروبا المصممة للتوصل لموقف مشترك عبر الأطلسي، يعارض بشدة تصعيد الكرملين الكبير في أوكرانيا، الذي أثار تصريحات قوية من ألمانيا وفرنسا، وأدى إلى التنسيق بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن العقوبات المحتملة، وحددت الولايات المتحدة ثلاث خطوات، يمكن أن تنتج عن أي هجوم روسي جديد: فرض العقوبات على الاقتصاد الروسي، وتقديم المزيد من المساعدات العسكرية لأوكرانيا، وزيادة نشر قوات "الناتو" لدى الأعضاء الشرقيين، ومن المؤكد أن استعراض القوة هذا، والوحدة عبر الأطلسي، لفتا انتباه موسكو".

وأوضحت المجلة أنه بعد تبني إدارة بايدن لخطاب متشدد تجاه موسكو، قدمت غصن زيتون إلى الكرملين، إذ أنه في غضون أيام من المؤتمر الصحفي لبلينكن، أجرى مستشار مجلس الأمن القومي جيك سوليفان، مكالمة مع سكرتير مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف بشأن "العمل على تحسين العلاقات المتبادلة بين البلدين".

 

موسكو وواشنطن

ورأت المجلة أن ما وصفته بـ"التناقض" بين نهج موسكو وواشنطن في العلاقة بينهما، اتضح جلياً عندما قال بلينكن لمنظمة الأمن والتعاون بأوروبا في 21 ديسمبر الجاري: "أعتقد أنكم سترون في وقت مبكر نسبياً من العام الجديد، تعاوناً في جميع المجالات، لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا حل اختلافاتنا دبلوماسياً".

وفي اليوم نفسه، ادعى وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو، من دون دليل، أن الولايات المتحدة كانت تجهز القوات الأوكرانية "لأعمال عدائية شرقي أوكرانيا، وأنها سلَّمت كيميائياً إلى المنطقة لاستخدامه في ارتكاب استفزازات".

كما أفادت صحف في 21 ديسمبر أيضاً، بأن موسكو تعمل على تقليص إمدادات الغاز إلى أوروبا، وهو ما قد يعد خطوة استباقية، لعدم فرض عقوبات على روسيا، إذا تصاعدت الأمور في أوكرانيا.

 

الكلام المعسول

وقالت "ناشونال إنترست" إن استخدام الإدارة الأمريكية للكلام المعسول خطير للغاية، مشيرة إلى أنه إذا كانت الإدارة تتبنى لهجة ودية، في الوقت الذي يتبني فيه الكرملين لهجة عدائية، فإن الأخير قد يستنتج (ربما بشكل خاطئ) أنه سيكون قادراً على فعل ما يحلو له، مع الإفلات من العقاب.

ونهاية التقرير، أشارت المجلة إلى أن رد الإدارة الأمريكية الضعيف، على أشهر من الاستفزازات الإلكترونية لبوتين، جعله يدرك أنه يستطيع الضغط على بايدن كيفما يشاء والاستفادة من ذلك، لكن حان الوقت لواشنطن للكف عن كلامها المعسول، مطالبة الإدارة بإرسال الأسلحة الإضافية التي وعدت بها أوكرانيا بشكل فوري، وأن تعمل مع الحلفاء لتعزيز وضع القوات في دول البلطيق وبولندا ورومانيا، وتابعت: "كما أنه يمكن أن تبدأ إرسال قوة استكشافية جوية إلى رومانيا بطائرات مقاتلة من طراز F-22 Raptor وF-35 Lightning II إضافة إلى الطائرات الهجومية من طراز A-10 Thunderbolt لاستخدامها كرادع لموسكو".