طرد الغنوشي للمرة الثانية.. التونسيون يرفعون الكارت الأحمر في وجه الإخوان
الحادث ليس الأول، بل إنه الثاني في يومين، فمصلون بجامع مراكش في منطقة الملاسين الشعبية بضواحي العاصمة التونسية، طردوا زعيم الإخوان الجمعة الماضية، وطالبوه بالرحيل وإخوانه عن الحياة السياسية

السياق
«يا غنوشي يا سفاح»، بهذا الهتاف طرد تونسيون رئيس حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي، للمرة الثانية خلال يومين، لينصاع الأخير راغمًا لهتافات التونسيين، جارًا أذيال الخيبة.
فبعد عشرية سوداء، تصدرت فيها حركة النهضة التونسية سدة الحكم في البلد الإفريقي، اقتلعتهم قرارات رئاسية استثنائية في 25 يوليو 2021، إلا أنهم حاولوا مرارًا القفز على إرادة التونسيين، فكان الطرد جزاءهم.
وطرد تونسيون -مساء الأحد- رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، من أمام مسجد التوبة، بمحافظة بن عروس، حيث كان يعتزم تأدية صلاة القيام، إلا أن احتشاد التونسيين ضده حال بينه وبين الصلاة، فهرب مسرعًا خوفًا من الحشود الرافضة.
وبهتافات «الغنوشي يا مجرم» و«تونس تونس حرة حرة... الإخوان برة برة» و«يا غنوشي يا سفاح يا قتال الأرواح»، طارد التونسيون الغنوشي، حتى غاب عن الأنظار.
ليس الأول
الحادث ليس الأول، بل إنه الثاني في يومين، فمصلون بجامع مراكش في منطقة الملاسين الشعبية بضواحي العاصمة التونسية، طردوا زعيم الإخوان الجمعة الماضية، وطالبوه بالرحيل وإخوانه عن الحياة السياسية، بعد أن رفضوا دخوله مسجد مدينتهم لأداء صلاة التراويح معهم.
ويعد الحادثان اللذان لم يفصل بينهما سوى ساعات، دليلًا دامغًا على انحدار شعبية تنظيم الإخوان الذي لفظه التونسيون، وطالبوا الرئيس قيس سعيد بإقصائهم من الحياة السياسية ومحاسبتهم على ما اقترفوه من جرائم بحق المواطنين، في العشرية المنصرمة.
كما يعد الحادثان دليلًا واضحًا، على أن قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد الاستثنائية التي لفظت الإخوان، لها مرجعية شعبية، وليس كما يردد تنظيم الإخوان، بأنها ذات طبيعة منفردة.
وبينما لم تنفِ حركة النهضة التونسية ما تعرض له الغنوشي، إلا أنها حاولت تخفيف وطأته، زاعمة في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، أن «مجموعة صغيرة لا تتجاوز عدد أصابع اليدين، انتظروا خروج راشد من المسجد، ليحاولوا الاعتداء عليه والإيهام بطرده من طرف أهالي المنطقة».
ادعاءات إخوانية
واتهمت الحركة الإخوانية، المواطنين الذين طردوا الغنوشي بأنهم «مجموعة مأجورة جاءت لأداء مهمة محددة لفائدة أجندة معينة»، مدعية أن عددًا من المصلين من أبناء المنطقة تصدّوا لهذه المجموعة وطردوهم من المكان، بالمخالفة للواقع.
وبينما أشارت الحركة -في بيانها- إلى ما وصفته بـ«خطاب التقسيم والتحريض»، متجاهلة تاريخها التحريضي ضد الدولة والرئاسة التونسية، قالت إنها لن تتوانى عن تتبع من وصفتهم بـ«الفوضويين» قضائيًا.
إلا أن ذلك البيان الذي وسم رافضي الغنوشي بـ«الفوضويين»، لحقه بيان ثان وصف العشرات من مؤيدي الحركة، الذين خرجوا للاحتجاج مساء أمس أمام المسرح البلدي، بأنهم مدافعون عن البرلمان المنحل والديمقراطية ودستور الجمهورية، في ازدواجية معايير واضحة.
تغريد خارج السرب
ذلك البيان، كان محاولة من الحركة التونسية التغطية على فشلها في حشد المؤيدين، الذين بدأوا ينفرون منها يومًا تلو الآخر، فوزارة الداخلية التونسية قالت -في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه- إن مجموعة من الأشخاص لم يتخط عددهم 400، نظموا وقفة احتجاجية أمام المسرح البلدي، بشارع الحبيب بورقيبة، مشيرة إلى أنهم اختلطوا مع المارة ومستعملي الطريق، ما عطّل حركة السير والتسوق بالشارع الحيوي.
ورغم أن ولاية تونس أصدرت قرارًا بتخصيص شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة، لممارسة الأنشطة الإبداعية والثقافية والسياحية والاستعراضية، وعلى الراغبين في الاحتجاج استغلال ساحة حقوق الإنسان لهذا الغرض، فإن حركة النهضة خالفت القوانين وآثرت شارع الحبيب، كونه مكتظًا بالمارة، في محاولة لإظهار أن لديها قاعدة شعبية عريضة.
وأكدت وزارة الداخلية التونسية، أنها حاولت السيطرة على الأوضاع، فركزت نقاط تفتيش وكثفت الحضور الأمني، حماية للمواطنين والمارة، وتسهيلاً لانسيابية حركة المرور، مشيرة إلى أن المحتجين الـ400 غادروا بعد قرابة ساعة من وصولهم، ما أدى إلى انسيابية الحركة المرورية في تلك المنطقة الحيوية.
مفاجأة مدوية
وفي مفاجأة «مدوية»، قالت وزارة الداخلية التونسية -في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه- إنها تلقت معلومات مفادها دفع أموال لتحريض أشخاص على المشاركة في وقفة احتجاجية بشارع الحبيب بورقيبة في العاصمة.
وأوضحت الداخلية التونسية، أنه في إطار التحري مع مجموعة من المشتبه بهم، اعترف أحدهم وهو قادم من الجنوب التونسي، بتسلمه 140 دينارًا من أحد الأطراف الداعية لهذه الوقفة الاحتجاجية بجهته، كما اعترف بتقاسم المبلغ مع أحد أقاربه الذي دُعي إلى الوقفة نفسها، على أن يتلقى كل منهما 70 دينارًا.
وأشارت إلى أنها احتجزت المبلغ المضبوط بحوزة هذا الشخص، وحررت محضرًا، بينما أمرت النيابة العامة باستكمال التحقيقات واتخاذ الإجراءات اللازمة.