تعد الأضخم.. صفقة الأسلحة القياسية ترسخ التعاون بين فرنسا والإمارات

الصفقة التاريخية، ضمن علاقات مضيئة وقوية بين الإمارات وفرنسا، إذ تعتمد أبوظبي -منذ ثمانينيات القرن الماضي- على الطائرة المقاتلة الفرنسية متعددة المهام -ميراج 2000-

تعد الأضخم.. صفقة الأسلحة القياسية ترسخ التعاون بين فرنسا والإمارات

ترجمات - السياق

أبرمت الإمارات العربية المتحدة مع فرنسا أكبر صفقة أسلحة، تفوق قيمتها 17 مليار يورو -نحو 19.2 مليار دولار- لشراء 80 طائرة مقاتلة رافال، في نسختها المتقدمة «ف 4 استاندر» التي تنتمي إلى الجيل الرابع وتقترب من الجيل الخامس.

وأوضحت مجلة ووتش جيروزاليم الإسرائيلية، أن إعلان هذه الصفقة كان 3 ديسمبر المنصرم، خلال زيارة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى أبوظبي، ضمن جولة لعدد من الدول الخليجية شملت قطر والسعودية.

وأشارت إلى أن هذه الصفقة التي تضمنت شراء 12 طائرة مروحية، تُعد ضمن الأضخم في تاريخ الصفقات، وتكمن أهميتها في أنها سيكون لها تأثير كبير في مستقبل الجغرافيا السياسية بالشرق الأوسط.

وكشفت المجلة الإسرائيلية، أن هذه الصفقة أكبر طلبية خارجية للطائرات الفرنسية المقاتلة، منذ دخولها الخدمة عام 2004، موضحة أن الطائرات ستُسلَّم بدءًا من عام 2027، وتهدف الصفقة إلى استبدال 60 طائرة من طراز "ميراج 2000-9" حصلت عليها الإمارات عام 1998.

 

تاريخ مضيء

وأكدت "ووتش جيروزاليم" في تقريرها، أن الصفقة التاريخية، ضمن علاقات مضيئة وقوية بين الإمارات وفرنسا، إذ تعتمد أبوظبي -منذ ثمانينيات القرن الماضي- على الطائرة المقاتلة الفرنسية متعددة المهام (ميراج 2000).

وعن إمكانية أن تكون للصفقة علاقة بصعود إيران، وتراجع نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة، نقلت المجلة الإسرائيلية، عن تقرير لوكالة رويترز قوله: زيارة ماكرون تأتي في وقت أعربت فيه دول الخليج العربية عن شكوكها في تركيز الولايات المتحدة على المنطقة، حتى في الوقت الذي تسعى فيه الدول الخليجية إلى الحصول على مزيد من الأسلحة من حليفها الأمني الرئيس.

وتأكيدًا لهذا التعاون القوي بين فرنسا والإمارات، قال ماكرون في تصريح للصحفيين أثناء وجوده بدبي: "هذا الالتزام الفرنسي في المنطقة، وهذا التعاون النشط في مكافحة الإرهاب، والمواقف الواضحة التي اتخذناها، تعني أننا زدنا قربًا من دولة الإمارات العربية المتحدة".

وأضاف: "أعتقد أن هذا الاتفاق يقوي موقع فرنسا"، مشددًا على أن أبوظبي ترى في فرنسا "شريكًا قويًا"، وتابع أن باريس شريك "يفي" بتعهداته ويمكن "الاعتماد عليه".

 

تراجع أمريكي وقلق إيراني

وتعليقًا على هذه التصريحات، أشارت "جيروزاليم ووتش" إلى أن تلميح ماكرون واضح، بأن "الإمارات العربية المتحدة تشك في وعود الولايات المتحدة"، إذ يمكن اعتبار الصفقة إشارة على نفاد صبر أبوظبي، إذ يتردد الكونغرس الأمريكي في الموافقة على صفقة شراء طائرات إف-35 للإمارات.

وقال جلال حرشاوي، وهو زميل كبير في المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود لـ "رويترز": "ذلك يقدم تفسيرات كثيرة للهالة غير العادية لأبوظبي في التفكير الاستراتيجي لباريس... إنها المرة الأولى التي يعتمد فيها شريك مقرب للولايات المتحدة في العالم العربي، على التكنولوجيا الفرنسية، أكثر من اعتماده على التكنولوجيا الأمريكية".

وأمام تحديات عدة بالمنطقة، اعتبرت "جيروزاليم ووتش" أن إيران مصدر القلق الأمني الرئيس لدول الخليج، إذ تراقب فرنسا -التي تحصل على أكبر حصة من البترول المكرر من المملكة العربية السعودية، إضافة إلى حصة كبيرة من الإمارات العربية المتحدة- الوضع الأمني.

وأشارت، إلى أنه لسنوات عدة، نشر الاتحاد الأوروبي سفنًا بحرية ومراقبة جوية، في محاولة لتأمين مضيق هرمز ونقاط الاختناق الحيوية الأخرى بالمنطقة، موضحة أن فرنسا لديها قاعدة عسكرية في أبوظبي، لمواجهة الخطر الإيراني.

وشددت المجلة الإسرائيلية، على أنه يتعين على الدول العربية أن تقرر إلى أين تتجه، للحصول على الدعم لاحتواء إيران، من الولايات المتحدة أم أوروبا؟ خصوصًا أن الاتفاق النووي لعام 2015 لم يُفعل حتى الآن، كما أن المفاوضات الجارية في فيينا لم تجعل المنطقة أكثر أمانًا.

وتضيف المجلة: بدلًا من وصول الولايات المتحدة إلى اتفاق يريح المنطقة من الخطر الإيراني، تتقدم طهران بثبات نحو إنتاج قنبلة نووية، من دون عوائق تقريبًا، باستثناء الضربات السرية من إسرائيل، بينما يواصل مقاتلو الحوثي باليمن -الذين تمولهم إيران- الاستيلاء على السفن في البحر الأحمر، وتضاعفت هجمات الحوثيين على السعودية عام 2021، مشددة على أنه "في الوقت نفسه، فقدت الولايات المتحدة مصداقيتها في جميع أنحاء العالم العربي، بعد انسحابها السريع والفوضوي من أفغانستان".

 

ملء الفراغ

وتؤكد "جيروزاليم ووتش" أنه أمام هذا التراجع الأمريكي، تبدو فرنسا ودول الاتحاد الأوروبي الأخرى، على استعداد لملء الفراغ بالمنطقة.

وأضافت المجلة، أنها توقعت "لسنوات عدة، أن يحدث هذا التحول"، في إشارة إلى تراجع الدور الأمريكي، مع تعميق التعاون بين الدول العربية وأوروبا، كمحاولة لمواجهة التحديات التي تجتاح الشرق الأوسط.