250 ألف نداء استغاثة في عام... روايات صادمة عن الابتزاز الجنسي في مصر

تطبيق قاوم دفع عشرات المصريين، إلى نشر روايات عن اعتداءات جنسية على وسائل التواصل الاجتماعي، العام الماضي، لكن نشطاء يقولون إنه لا يزال هناك تحيُّـز متأصِّل في مصر، لإلقاء المسؤولية على النساء في سلوك يُعَـدُّ استفزازيا، أكثر منها على الرجال في الجرائم الجنسية.

250 ألف نداء استغاثة في عام... روايات صادمة عن الابتزاز الجنسي في مصر

ترجمات – السياق

تزايدت حالات "الابتزاز الجنسي" التي تنطوي على تهديدات بمشاركة الصور الخاصة عبر العالم، في السنوات الأخيرة.

والعديد من الضحايا، من النساء والفتيات، والجناة هم شركاء حاليون أو سابقون، يسعون إلى إذلالهن أو إكراههن.

وفي مصر المحافظة اجتماعياً، يمكن أن تكون لمشاركة الصور الحميمة عواقب وخيمة على الضحايا، فالأمر يتعلَّق بالعار، وقد يصل أحيانًا للطرد من المنزل، وربما الانتحار أو القتل، بحسب "رويترز".

 

الموت ببطء

رضوى (27 عامًا) إحدى الفتيات اللاتي واجهن خطورة هذا الأمر، وقرَّرت التصدي لمَنْ يريد فضحها، وقالت لـ "رويترز": إن صديقها السابق هدَّدها بإرسال صور عارية لها إلى والديها، انتقامًا لانفصالها عنه، مضيفة: "كنت مرعوبة للغاية، فقد كنت أموت ببطء بسبب هذا التهديد".

عندما باحت رضوى بسِرِّها إلى بعض أصدقائها، نصحوها باللجوء إلى منصة على الإنترنت تسمى "قاوم" أطلقها نشطاء قبل عام، لمساعدة النساء في محاربة الابتزاز الجنسي، بحسب "رويترز".

وتضيف رضوى: تواصلت معهم عبر "فيسبوك"، وبالفِعل قدَّموا لي الدعم النفسي اللازم، وحصلوا على كل المعلومات، لكنهم لم يطلبوا مني أي صور، وإنما أرادوا فقط التهديدات المكتوبة، وهذا ما شجَّعني على الاستمرار معهم، ثم تعاملوا بصرامة مع المبتز، وهو ما منحني قوة غير عادية للاستمرار.

 

انتحار

منصة "قاوم"، أسسها محمد اليماني (35 عامًا) مدير تسويق وناشط على مواقع التواصل الاجتماعي، منتصف 2020، حينما أراد مساعدة النساء في مواجهة الجناة، والتأكد من إتلاف الصور، ويمكن أن تكون لمثل هذه الجريمة عواقب مأساوية.

العام الماضي، اتصلت بمؤسس منصة "قاوم"، شابة تبلغ من العمر (17 عامًا) للإبلاغ عن تهديد صديقها السابق، بنشر صور عارية لها، فحثَّها اليماني على إبلاغ الشرطة، إلا أن (المبتز) فاجأها وأرسل الصور إلى شقيقها، فما كان منها إلا أنها أقدمت على الانتحار.

وعن هذه الواقعة يقول اليماني: "كان الأمر صعبًا... شعرت بالحزن الشديد، لكن ذلك شجَّعني على إطلاق منصة، يمكن أن تساعد النساء اللاتي قد يواجهن الموقف نفسه".

التطبيق دفع عشرات المصريين، إلى نشر روايات عن اعتداءات جنسية على وسائل التواصل الاجتماعي، العام الماضي، لكن نشطاء يقولون إنه لا يزال هناك تحيُّـز متأصِّل في مصر، لإلقاء المسؤولية على النساء في سلوك يُعَـدُّ استفزازيا، أكثر منها على الرجال في الجرائم الجنسية، حسب "رويترز".

وأمام ذلك، أطلقت منصة قاوم، حملة منظِّمة على وسائل التواصل الاجتماعي، لضبط هؤلاء المبتزين، أدت إلى اعتقال رجل متهم باغتصاب وابتزاز العديد من النساء.

تحتوي المنصة على 400 ألف متابع في "فيسبوك" وتلقَّت أكثر من 250 ألف نداء للمساعدة، وهو رقم يراه اليماني "مقلقًا".

وتشير "رويترز" إلى أنه في بعض الحالات، يقتحم قراصنة حسابات وسائل التواصل الاجتماعي، لنساء غير معروفات، ويصادرون صورًا حميمة لابتزاز الضحايا، من أجل المال أو الجنس.

 

إجراءات التطبيق

وعن إجراءات التطبيق، فإن القائمين عليه يتصلون -بعد دراسة الشكوى المقدَّمة- بالجاني للوصول إلى اتفاق لتجنُّب النشر، ويتم إخبار المبتز بأنه لن يتم إبلاغ الشرطة، بشرط إرسال مقطع فيديو له يعتذر فيه، ويتعهد بمحو الصور ويتحمَّل المسؤولية القانونية، إذا تم نشرها لاحقًا.

اليماني يؤكد أن هذا النهج أثبت فعاليته في نحو 80% من الحالات.

بدورها قالت هند (19 عامًا) التي تم تغيير اسمها لحماية هويتها: "لقد حذف كل شيء، ومنذ ذلك الحين لم يتصل بي".

لكن ماذا لو تعذَّر التوصل إلى تسوية، يجيب اليماني: في هذه الحالة يساعد (قاوم) الضحايا في الذهاب إلى الشرطة، للإبلاغ عن ابتزاز جنسي، يمكن أن يعاقب عليه بالسجن 15 عامًا في مصر، رغم ندرة الإدانات.

لكن ما يزيد صعوبة الأمر، أن كثيرين من الضحايا، يترددون في توجيه الاتهامات، رغم القوانين التي تهدف إلى الحفاظ على سِرية هوية ضحايا الاعتداء على أساس الجنس، وفي ذلك يقول اليماني: "إنهم يخشون أن ينظر إليهم الضباط على أنهم أشرار، ولا يدركون أنهم ضحايا".

وتأكيدًا لخوف الضحايا، يقول المحامي المصري هاني سامح لـ "رويترز": إنه بين 15 قضية ابتزاز جنسي عمل فيها، اختار 12 عدم الذهاب إلى الشرطة، كانت بعضهن فتيات تحت سن 18، ولا يمكنهن تقديم شكوى من دون ولي أمر قانوني.

وأضاف سامح: "ذلك يجعل الأمر صعبًا على الفتاة لأنها، حتى لو كانت لديها الشجاعة لإبلاغ الشرطة، فإنها لا تستطيع فعل ذلك، من دون دعم عائلتها".

 

مؤسسة مسجلة

يهدف اليماني إلى تحويل المنصة إلى مؤسسة مسجَّلة، يمكنها تقديم الدعم القانوني والنفسي للضحايا، وربما تكوين شراكات مع الشرطة والوكالات الحكومية.

ويقول اليماني: "الآن... هو الوقت المناسب للضغط، من أجل المزيد من الوعي الاجتماعي بالابتزاز الجنسي، الذي لا يتم الحديث عنه كثيرًا في مثل هذا المجتمع المحافظ"، مضيفًا: "نأمل أن تلعب قاوم هذا الدور، وأن تساعد مئات أو حتى آلاف الفتيات، في فهم أن المبتز، هو الذي يجب أن يحاسَب، اجتماعيًا وقانونًا، وليس هي".