لماذا يدفع الأردن نحو تطبيع العلاقات مع النظام السوري؟

تصريحات للملك عبدالله الثاني وخطوات حثيثة لإعادة سوريا إلى الصف العربي

لماذا يدفع الأردن نحو تطبيع العلاقات مع النظام السوري؟

ترجمات - السياق

كشفت صحيفة سوريا أوبزرفر، أن الأردن يدفع نحو تطبيع العلاقات الاقتصادية مع سوريا، كمقدِّمة لإعادة الانخراط السياسي مع نظام بشار الأسد.

وأكدت الصحيفة الناطقة بالإنجليزية، أن ملك الأردن يدفع واشنطن والاتحاد الأوروبي، إلى تشكيل فرقة عمل بشأن سوريا، من شأنها إشراك الروس والنظام، في محاولة لإنهاء الجمود وإطلاق عملية سياسية جديدة.

وأشارت إلى أن تلك التطورات، تأتي بعد تصريحات مثيرة للجدل للملك عبد الله الثاني، في مقابلة مع شبكة سي إن إن الأمريكية، قال فيها إن النظام السوري «موجود ليبقى».

«يتمتَّع بشار بعمر طويل... النظام موجود ولذا علينا أن نكون ناضجين في تفكيرنا... هل هو تغيير النظام أم تغيير السلوك، وإذا كان تغييرًا في السلوك، فماذا نفعل لنتحد معًا للتحدُّث مع النظام، لأن الجميع يقومون بذلك، ولكن لا توجد خطة في الوقت الحالي»، يقول الملك عبدالله في مقابلة مع «CNN» عن بشار الأسد.

 

دور حيوي

وأضاف الملك عبدالله، أن على الغرب أن يتحدَّث مع الروس الذين يلعبون «دورًا حيويًا»، مشيرًا إلى أن «الوضع الراهن، حيث يتواصل العنف ويدفع الشعب السوري الثمن، لا يمكن أن يستمر، لذلك علينا أن نعترف بأنه لا توجد إجابة كاملة، لكن المضي قدمًا في الحوار بطريقة منسَّقة، أفضل من تركه كما هو».

وحذَّر ملك الأردن، من أن الموجودين في سوريا، ليسوا الروس ووكلاء إيران فقط، لكن أيضًا تنظيم داعش، الذي هُزم ولم يتم تدميره، مضيفًا أن إعادة إعمار المدارس والمستشفيات، المرتبطة بالإصلاحات السياسية، يمكن أن تشجِّع اللاجئين على العودة.

 

مأساة لبنان

وأضاف الملك، أن ما يحدث في سوريا يرتبط أيضًا بـ«المأساة» التي تحدث في لبنان، محذِّرا من أن الأردن قد يشهد موجة أخرى من اللاجئين.

وبينما كان رد الفِعل، على تصريحات الملك بشأن سوريا، خافتًا في المملكة، سلَّطت وسائل إعلام روسية الضوء على تصريحاته، وتحدَّثت عن أهمية سوريا للاقتصاد الأردني، وجهود الملك لإعادتها إلى الصف العربي، بحسب «سوريا أوبزرفر».

فالحرب في سوريا، خلَّفت نحو 500 ألف قتيل، معظمهم من هجمات النظام، وأجبرت أكثر من خمسة ملايين سوري، على الفرار إلى الدول المجاورة، إضافة إلى نزوح ستة ملايين مدني سوري داخليًا.

 

الاقتصاد المحاصر

في 27 يوليو، هاتف وزير الداخلية الأردني مازن الفرايح، نظيره السوري محمد الرحمون، لمناقشة افتتاح معبر جابر - نصيب البري بين البلدين.

إلا أنه بعد يوم، من الموعد المقرَّر لفتح المعبر الحدودي، أعلن الأردن في 31 يوليو أنه أغلقه مؤقتًا بسبب «التطورات الأمنية» من الجانب السوري.

وبحسب «سوريا أوبزرفر»، فإن ذلك جاء نتيجة تصاعد العنف، بين فصائل المعارضة والنظام، في مدينة درعا الجنوبية الغربية، التي أطلق عليها «مهد الثورة» ضد الأسد.

وقطع المتمرِّدون السوريون، الطريق السريع الرئيسي الذي يربط بين البلدين، في ما بدا وكأنه ضربة خطيرة للنظام السوري.

 

الرسوم الجمركية

وكان وفد من غرفة التجارة الأردنية، في دمشق 23 يوليو، لمناقشة توسيع التجارة الثنائية بين البلدين، بينما يضغط المصدِّرون الأردنيون على الحكومة، لتخفيف الرسوم الجمركية على الواردات من سوريا.

وتأثَّرت الصادرات الأردنية بشدة من إغلاق الحدود، فالمعبر قبل اندلاع الحرب الأهلية السورية، سهَّل التدفقات التجارية بين سوريا وتركيا ولبنان إلى الشمال، وبين الأردن ومصر والخليج إلى الجنوب، حيث كان ما يقرب من 17% من الصادرات الأردنية، تمر عبر المعبر الحدودي قبل عام 2011.

وأعيد فتح الحدود جزئيًا عام 2018 عندما استعادت قوات النظام السوري السيطرة عليها.

 

أمر حيوي

ويُعَدُّ فتح المعبر للاقتصاد الأردني المحاصر، أمرًا حيويًا لقطاعي الصادرات والنقل، بحسب «سوريا أوبزرفر»، التي قالت إن ملك الأردن أثار -خلال اجتماعاته مع الإدارة الأمريكية الشهر الماضي- قضية إعفاء الأردن من العقوبات، بموجب قانون قيصر للتجارة مع سوريا.

ورغم أنه لم ترد تقارير رسمية عن رد الفِعل الأمريكي، فإن «سوريا أوبزرفر»، قالت إن التطورات الأخيرة لم تكن لتحدث، من دون الضوء الأخضر الأمريكي.

وبخلاف التجارة، يأمل الأردن استئناف المحادثات مع سوريا، لتزويد المملكة بمياه إضافية من نهر اليرموك، في المقابل، يأمل الأردن تزويد سوريا بالكهرباء والمواد الأساسية لإعادة الإعمار، خاصة في الجنوب السوري.

 

النظام يتحكَّـم

وتعليقًا على تصريحات الملك، قال المحلل السياسي، رئيس مركز القدس للدراسات السياسية، أوريب الرنتاوي، إن العاهل الأردني، لخَّص الوضع في سوريا، من خلال تأكيد حقيقة أن ثلاثة أرباع البلاد الآن، تحت سيطرة النظام.

وأوضح المحلل السياسي، أن «الدعوات لإسقاط النظام تختفي على الساحة الدولية، والمطلوب الآن إطلاق عملية سياسية»، مشيرًا إلى أنه «للأردن مصلحة كبيرة في إنهاء الأزمة السورية، بسبب إغلاق الحدود وموجات اللاجئين، الذين يبلغ عددهم الآن 1.3 مليون، والإرهاب وغيرهما».

 

قانون قيصر

وقال المحلل الاقتصادي، رئيس تحرير موقع المقار الإخباري، سلامة الديراوي، إن الملك عبدالله أثار قضية قانون قيصر وتأثيره المدمِّر في الاقتصاد الأردني، خلال زيارته للولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن الأردن دفع ثمناً باهظاً، لالتزامه بالقانون الدولي وإيماءاته الإنسانية.

وأوضح المحلل الاقتصادي أنه في السنوات العشر الماضية، كلَّف التزامنا تجاه اللاجئين السوريين الخزانة، أكثر من 13 مليار دولار، ناهيك عن التأثير في البطالة والمياه والبنية التحتية.

وأشار إلى أن الأردن طلب إعفاء الإدارة الأمريكية من العقوبات، بموجب قانون قيصر، وأن واشنطن تدرس الطلب الأردني.

 

تصدير الكهرباء

وختم تصريحاته: حتى الربيع العربي، كانت صادراتنا إلى سوريا أكثر من 200 مليون دولار، لذلك نحن بحاجة إلى إحياء علاقاتنا الاقتصادية بسوريا، لتصدير الكهرباء إليها.

ومنذ اندلاع الحرب الأهلية السورية، أبقى الأردن السفارة السورية مفتوحة بسفير، مع الحفاظ جزئيًا أيضًا على السفارة الأردنية في دمشق.

وعام 2019، عينَّت عمّان القائم بالأعمال، بينما يرى مراقبون في الأردن، أنها قد تعيِّـن قريبًا سفيرًا، في محاولة لتطبيع العلاقات.

ويقول الرنتاوي: إن ما اقترحه الملك عبدالله، يعكس التفكير في كثير من العواصم العربية والخليجية، مشيرًا إلى أن حكومات عدة، أعادت الاتصالات بالنظام السوري، لأن الوضع الراهن سيؤدي إلى مزيد من الدمار.