هل اكتشف فريق بايدن جدارة نهج ترامب تجاه إيران؟

تساءل وزير الخارجية أنتوني بلينكن، قبل أيام، عمّا إذا كانت طهران تريد حقًا العودة إلى الاتفاق النووي، قائلاً: لا يمكن أن تكون هذه عملية غير محدَّدة"، في إشارة إلى التعنُّت الإيراني تجاه العملية السياسية ومفاوضات فيينا.

هل اكتشف فريق بايدن جدارة نهج ترامب تجاه إيران؟
دونالد ترامب

ترجمات - السياق

لم تخفِ إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن وأنصارها، ازدراءها لسياسة الرئيس السابق دونالد ترامب، بالضغط الأقصى على إيران، وفقًا لروبرت مالي، كبير المفاوضين الأمريكيين، في المحادثات النووية في فيينا.

وقال أنتوني روجيرو، الزميل السابق في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، في مقال بموقع  realclearworld إن خطة الإدارة كانت تتمثَّل في إحياء اتفاق باراك أوباما النووي لعام 2015، من خلال إظهار حُسن نيتها ومرونتها، ولكن مع التقدُّم الضئيل -بعد ست جولات من المفاوضات- يبدو أن فريق بايدن، يكتشف أن النفوذ جزءٌ لا غنى عنه من الدبلوماسية.

 

نية طهران والعقوبات

تساءل وزير الخارجية أنتوني بلينكن، قبل أيام، عمّا إذا كانت طهران تريد حقًا العودة إلى الاتفاق النووي، قائلاً: "لا يمكن أن تكون هذه عملية غير محدَّدة"، في إشارة إلى التعنُّت الإيراني تجاه العملية السياسية ومفاوضات فيينا.

قبل ذلك بيوم واحد، بدت الإدارة الأمريكية وكأنها مهدت الطريق لمحور محتمل للضغط على إيران، إذ قال مسؤول أمريكي كبير لم يذكر اسمه: إن بايدن قد يفكر في سياسة بديلة، خاصة أن طهران تواصل تقدُّمها النووي، مضيفًا: "إذا جعلت إيران من المستحيل العودة إلى الاتفاق النووي، فستعود الإدارة إلى استراتيجية المسار المزدوج، المتمثِّل في العقوبات، وأشكال أخرى من الضغط، وعرض دائم للمفاوضات".

وحذَّر المسؤول، الذي لم يكشف عن اسمه، المفاوضين الإيرانيين من أنهم "ربما يعتقدون أنهم تلقوا أفضل ضربة، يمكن أن يقدِّمها الأمريكيون، وأنهم سيكونون على ما يرام الآن، لكن ذلك سيكون خطأ".

وأشار المسؤول، إلى أنه إذا زاد بايدن الضغط على إيران، فسوف يستفيد من "إجماع دولي على أنه لا توجد صفقة بسبب إيران، فسوف يواجهون وضع 2012 وليس عام 2019".

بعبارة أخرى، سيحظى موقف واشنطن -الأكثر تشدُّدًا- بدعم أوروبي، كما حدث خلال مرحلة ما قبل الاتفاق النووي لسياسة أوباما تجاه إيران.

لكن الأمر سيستغرق أكثر من مجرَّد تحذيرات، من مسؤولين لم يكشف عن أسمائهم، لإقناع طهران بأن بايدن نفد صبره، وقلَّت حماسته للوصول إلى اتفاق، حسب روجيرو .

وأشار الكاتب، إلى تصريحات المسؤولين الإيرانيين، التي تكشف نية عدم الرغبة في الوصول إلى اتفاق قريب، لافتاً إلى انتقاد المرشد الأعلى علي خامنئي، قبل أيام، للرئيس الإيراني المنتهية ولايته حسن روحاني، بسبب ميوله إلى إتمام التفاوض، قائلاً: "في هذه الحكومة، ظهر أن الثقة في الغرب لا تنجح".

تصريحات خامنئي بُثت على التلفزيون الحكومي، وجاءت قبل أيام من وصول إبراهيم رئيسي إلى الرئاسة، إذ لا يخفى على أحد أن (رئيسي) اختيار خامنئي المتشدِّد.

وذكر الكاتب، أنه مما يكشف عن نية إيران التعنُّت، بشأن الوصول إلى ااتفاق ملزم، ما قاله وزير الخارجية جواد ظريف، إن التعنُّت ينتزع التنازلات من المفاوضين الأمريكيين.

ويرد روجيرو على ذلك بقوله: لقد أظهرت الأشهر الستة الأولى من فترة ولاية بايدن، أن ذلك صحيح، لذا فإن التحدي الأول الذي يواجهه، إذا كان جادًا في تغيير المسار، هو تراجعه الفوري عن الأخطاء التي ارتُكبت بالفعل.

 

نصائح لبايدن

ووجَّه روجيرو نصائح عدة، للتعامل مع طهران، قائلًا "لقد تدهورت بشكل كبير مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية للبرنامج النووي لإيران، وهو ما يزيد القلق من إتمام عملية التخصيب النووي"، مشيرًا إلى أنه رغم الأدلة المتزايدة على وجود نشاط نووي غير مشروع، فإن طهران لا تخشى المجتمع الدولي، بل تعلم أنها لن تواجه عواقب وخيمة على عرقلتها عمل المفتشين.

وعن إصلاح هذا الأمر، قال روجيرو: يمكن لبايدن اتخاذ الخطوة الأولى لإصلاح هذا الخطأ، من خلال بناء تحالف مع مجموعة E3 (فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة) ودول أخرى متشابهة في التفكير، لزيادة الضغط الدبلوماسي على طهران، في اجتماع مجلس محافظي الوكالة، المقرَّر في سبتمبر المقبل.

كما يجب أن تقود الولايات المتحدة جهدًا، لتمرير قرار يدعم المدير العام للوكالة الدولية، ويحث إيران على الامتثال لأوامره، أما إذا لم يحدث ذلك، فإنه يجب على بايدن رفع القضية إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

واستبعد روجيرو أن يكون لروسيا والصين -العضوين الدائمين في مجلس الأمن- دور في أي عقوبات محتملة ضد إيران، قائلًا: إن احتمالات دعم روسيا والصين لاتخاذ إجراءات عقابية بشأن إيران، أقل من منخفضة، لذا يجب أن تكون إدارة بايدن مستعدة للتوجُّه نحو حملة ضغط قصوى جديدة، بالتنسيق مع مجموعة E3.

 

مبادرات الضغط الأقصى

وقال الكاتب، إن العديد من مسؤولي أوباما، الذين ابتكروا حملة الضغط الأصلية، هم الآن ضمن إدارته، وبذلك يمكنهم البناء على مبادرات الضغط الأقصى لإدارة ترامب، التي لم تفكك الإدارة الجديدة معظمها، مشيرًا إلى أنه سيكون لهذا الانعكاس دعم قوي، بين المسؤولين الجمهوريين السابقين، وفي الكونجرس.

وأشار إلى أن الإدارة الأمركيية تدرس فرض عقوبات أكثر صرامة على واردات الصين من النفط الإيراني، وهو مصدر رئيس لإيرادات طهران.

واعتبر روجيرو العقوبات، بداية جيدة، لكنه طالب بايدن بأن يذهب إلى ما هو أبعد، بما في ذلك الإشارة إلى استعداده لاستهداف الأفراد والشركات والبنوك الصينية، مشدِّداً على ضرورة العودة إلى شعار "يمكنك التعامل مع الولايات المتحدة أو إيران، لكن لا يمكنك التعامل مع كليهما".

وأشار روجيرو، الزميل السابق في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إلى توسُّع أنشطة إيران النووية، بما في ذلك إنتاج اليورانيوم، وهي خطوة حاسمة في تطوير الأسلحة النووية، موضحًا أن طهران زادت بالفعل تخصيب اليورانيوم إلى 60 في المئة، وهو مستوى قريب من المطلوب لصُنع أسلحة نووية، مؤكدًا أنه لا يوجد استخدام مدني معروف في البلاد، لمثل هذه المواد.

ومن المقرَّر أن يبدأ مسؤولون إسرائيليون زيارة إلى واشنطن هذا الأسبوع، للتحضير لاجتماع بايدن الأول، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت.

وأشار الكاتب الأمريكي، إلى أن هذه الزيارة ستكون فرصة لبايدن، للإشارة علنًا إلى أن إدارته تشرع في مسار جديد، لمنع النظام الإيراني من تطوير سلاح نووي.