احتجاجات إيران على صفيح ساخن... إضرابات ومعدات ستار لنك تتحدى حجب الإنترنت

من أوكرانيا إلى إيران كانت خدمات ماسك حاضرة، إذ أظهرت مقاطع فيديو لمدونين إيرانيين، نجاح خدمة الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية التي تقدمها، لتمكين الإيرانيين من الوصول إلى الإنترنت.

احتجاجات إيران على صفيح ساخن... إضرابات ومعدات ستار لنك تتحدى حجب الإنترنت

السياق

عودة رياضية شهيرة من دون حجاب، توعد بالفتك المحتجين، إضراب للمعلمين، معدات ستار لنك تشق طريقها لإيران.. تطورات «مهمة» على طريق الاحتجاجات في إيران، التي دخلت أسبوعها السادس على التوالي، وسط فشل السلطات في قمعها.

فبهتاف «الموت للديكتاتور... والموت لخامنئي»، خرج المحتجون على وفاة الشابة مهسا أميني، على يد ما تعرف بـ«شرطة الأخلاق»، إلى شوارع زاهدان، مركز محافظة بلوشستان، جنوب شرقي إيران ومدن عدة، منددين بسياسات النظام، ومطالبين بإسقاطه.

الاحتجاجات، طافت مناطق عدة، إلا أن مجموعة «شباب أحياء طهران» أعلنت -في بيان- أن التجمعات التي ستنظم السبت، ستكون بالقرب من الأسواق والجامعات، في جميع أحياء طهران والمدن الإيرانية.

وأظهرت مقاطع فيديو انتفاضة المحتجين في زاهدان بالشوارع تحت هتاف: «من زاهدان إلى طهران أضحي بحياتي من أجل إيران»، و«الموت للباسيج».

وبالتزامن مع استمرار الاحتجاجات الشعبية في إقليم بلوشستان، واصل طلاب هذه المحافظة أيضًا الإضراب والمظاهرات المناهضة للنظام، بينما قالت قناة مجالس اتحاد الطلاب في إيران، إن طلاب جامعة زاهدان للعلوم الطبية أخذوا طعامهم إلى القاعة ورددوا هتاف «الحرية» بشكل مستمر، بعد أن منعتهم سلطات الجامعة من الحضور في المقصف بشكل مختلط مع الفتيات.

وفي خطوة تضامنية مع الطلبة، أعلن المجلس التنسيقي للمنظمات النقابية للمعلمين الإيرانيين أن المعلمين سيضربون عن دخول الصفوف الدراسية، الأحد والاثنين المقبلين، مؤكدًا أن المعلمين سيذهبون إلى المدارس، لكنهم سيرفضون دخول الفصول.

عودة رياضية شهيرة من دون حجاب

وفي مؤشر على تنامي الغضب من سياسات النظام بين الرياضيين والمشاهير في إيران، عادت متسلقة الجدران الإيرانية إلناز ركابي، التي شاركت في نهائيات البطولة الآسيوية لتسلق الجدران في كوريا الجنوبية إلى طهران من دون حجاب، وسط تأييد كبير لها لحظة وصولها.

إلا أن السلطات الإيرانية لم تمهلها، فبحسب «إيران إنترشيونال»، فإن الاتحاد الإيراني للتسلق، الذي أخذ من الرياضية إلناز ركابي شيكـًا بمليار تومان، قبل إيفادها إلى بطولة آسيا للتسلق، صادر عقد بيتها البالغ سعره 10 مليارات تومان.

وبحسب المصادر الإيرانية، فإن ركابي -بعد عودتها إلى إيران- خضعت لحبس منزلي بعيدًا عن عائلتها.

ولم تكتفِ السلطات بالاستيلاء على أموال ركابي وسجنها في منزلها، بل اعتمدت أسلوب الترهيب ضدها، فرجل الدين المتشدد المقرب من المرشد خامنئي، أحمد علم الهدى، وصفها بأنها «مخدوعة».

وقال أحمد علم الهدى: «هذه الفتاة التي خلعت حجابها أهدرت سمعة النظام أمام شعوب العالم»، منتقدًا لقاء وزير الرياضة بها بعد عودتها إلى إيران.

ودخل الاتحاد العالمي للتسلق على خط أزمة ركابي، قائلًا -في بيان-إنه على علم بالأحداث المتعلقة بمشاركة إلناز ركابي في المسابقة، مشيرًا إلى أنه على اتصال بها وبالاتحاد الإيراني.

وأكد الاتحاد أنه يراقب ظروف ركابي عند وصولها إلى إيران، مضيفًا: «سلامة رياضيينا مهمة للغاية بالنسبة لنا ونحن ندعم كل جهد للحفاظ على سلامة عضو مهم بمجتمعنا في هذه الظروف».

وأكد الاتحاد العالمي أنه يدعم الرياضيين وخياراتهم والحق في حرية التعبير.

رسائل مسمومة

ومن ترهيب ركابي إلى ترهيب الإيرانيين، كانت بيادق النظام حاضرة، محاولة استغلال خطبة الجمعة، لبث رسائل مسمومة ضد المحتجين، ولإثناء آخرين عن الانضمام إليهم.

أحمد خاتمي، خطيب جمعة طهران وممثل المرشد، قال في كلمته أثتاء خطبة الجمعة: «أولئك الذين يقودون أعمال الشغب، ويتلقون الأموال لكتابة الشعارات وتنفيذ إجراءات معادية للأمن القومي، يجب ألا يتم التسامح معهم، وينبغي التعامل معهم بصرامة».

وفي تطور لافت للتجاوب مع الاحتجاجات، اعتبر إمام أهل السنة في زاهدان إيران مولوي عبدالحميد، أن علي خامنئي وسلطات النظام الإيراني مسؤولون عن قتل المواطنين في جمعة زاهدان الدامية، مشيرًا إلى أن ربط جمعة زاهدان الدامية بالانفصالية والمجموعات المعارضة «كذبة».

مشروع قانون

دعم الاحتجاجات لم يقتصر على قوى داخلية، بل إن موقع «واشنطن فري بيكون»، قال إن مشروع قانون بعنوان «قانون مهسا أميني»، قدَّمه برلماني جمهوري، يهدف إلى معاقبة علي ‎خامنئي وإبراهيم رئيسي، ودائرتهما المقربة بسبب جرائم حقوق الإنسان المنتشرة على نطاق واسع في ‎إيران.

يهدف مشروع القانون، إلى تجميد أصول المسؤولين في إيران، الذين لعبوا دورًا في انتهاكات حقوق الإنسان، بمن في ذلك خامنئي ورئيسي، وينص على أن «المرشد الإيراني يتمتع بسلطة على القضاء والأجهزة الأمنية، بما في ذلك وزارة الاستخبارات، والحرس الثوري الإيراني، ومنظمة الباسيج، وجميع المؤسسات المتورطة في انتهاكات حقوق الإنسان بإيران».

وبينما عرض المشروع على مكاتب الأعضاء الديمقراطيين في مجلس النواب الأمريكي، قالت عضوة مجلس النواب الأمريكي الجمهورية كلوديا تيني: «أنضم إلى مشروع جيم بانكس للتعريف بقانون مهسا، لصياغة عقوبات ضد كبار القادة الإيرانيين ومنتهكي حقوق الإنسان».

وعن هذا القانون، نقل «فري بيكون» عن السجين الأمريكي السابق في إيران، شيو وانغ، قوله، إن مشروع قانون الجمهوريين في مجلس النواب الأمريكي، المعروف بـ «قانون مهسا أميني»، يطبق عقوبات غير مسبوقة على خامنئي ودائرته المقربة، ولها آثار جانبية في الشعب الإيراني.

يأتي ذلك، بينما دخلت الشركة المملوكة للملياردير إيلون ماسك، بإعادة ضخ الإنترنت في شرايين إيران، بعد الجلطة التي أصابته إثر حجب السلطات الإنترنت.

"ستار لنك"

وبعد أزمات بين إيلون ماسك والإدارة الأمريكية، إثر مطالبة الأول البنتاغون بدفع عشرات الملايين من الدولارات شهريًا، لتمويل ستار لنك في أوكرانيا، أعلن ماسك –فجأة- على "تويتر" أنه سحب طلب التمويل.

ومن أوكرانيا إلى إيران كانت خدمات ماسك حاضرة، إذ أظهرت مقاطع فيديو لمدونين إيرانيين، نجاح خدمة الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية التي تقدمها، لتمكين الإيرانيين من الوصول إلى الإنترنت.

وقال موقع «التجارة نيوز» الإيراني، إن هناك أشخاصًا يبيعون معدات شركة ستارلينك في المناطق الحدودية بين إيران وإقليم كردستان شمالي العراق، مشيرًا إلى أن خدمة استقبال الإنترنت الدولي عبر "ستارلينك" اختبرت بنجاح في العاصمة طهران وبعض المدن.

بدوره، قال الباحث بمعهد كارنيجي الإيراني كريم سجاد بور، إن هناك العشرات من محطات استقبال الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية ستارلينك إلى إيران، مضيفًا أنه رغم أن هذه الجهود لا تزال وليدة، فإن الأدلة تشير إلى أن محطات استقبال الإنترنت الخاصة بشركة ستارلينك في إيران نجحت.

من جانبه، قال أحد الذين يعملون في مجال بيع معدات ستارلينك في طهران وكرمنشاه ومشهد: "لكي نستورد تلك المعدات فإننا نتلقى أولاً 350 دولارًا (11 مليون تومان) كدفعة مقدمة من العملاء، على أن تسلم المعدات بعد 15 يومًا".

وأشار إلى أنه يمكن للعميل زيارة مدينة بانة الحدودية مع إقليم كردستان والمدن الأخرى لاستلام المعدات، أو إرسالها في عبوات مزيفة عن طريق حافلات خارج المدينة.

وبينما قال إن رسوم الاشتراك في الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية في إيران مجانية لمدة تصل إلى شهرين، أكد أن سرعة تحميل الإنترنت عبر هذه الأقمار التي أصبحت متاحة، تصل إلى 300 ميغا بايت في الثانية.

بدوره، قال العضو السابق في غرفة التجارية الإيرانية العراقية المشتركة دياكو أفخم، إنه بينما تُباع معدات ستارلينك بأسعار فلكية في المدن الحدودية، فإن البائعين يقولون إنه يمكن لكل جهاز مودم توفير الإنترنت لـ 200 جهاز محمول في الوقت نفسه أيضًا، ويمكن استخدام أجهزة المودم هذه حتى دائرة نصف قطرها 400 متر.

خيارات عدة

وبحسب مصادر «سي إن إن»، فإن مسؤولًا كبيرًا في الإدارة الأمريكية، قال إن الولايات المتحدة مهتمة بإيجاد طرق لضمان وصول الإيرانيين إلى الإنترنت عبر هواتفهم وفي أي مكان آخر، مشيرًا إلى أن «ستار لنك» أحد الخيارات، لكنه ليس الوحيد.

وقال مسؤولون مطلعون، في تصريحات للشبكة الأمريكية، إن البيت الأبيض أجرى محادثات مع إيلون ماسك بشأن إمكانية توفير خدمة الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية التابعة لشركة سبيس إكس، داخل إيران.

تأتي المحادثات، التي لم يتم الإبلاغ عنها، في الوقت الذي تبحث فيه إدارة بايدن عن طرق لدعم حركة الاحتجاج الإيرانية، التي انفجرت قبل أكثر من شهر بعد وفاة مهسا أميني البالغة من العمر 22 عامًا، إثر احتجازها من قِبل شرطة الأخلاق.

ويرى البيت الأبيض أن تقنية ستار لنك المدمجة سهلة الاستخدام كحل محتمل لجهود النظام الإيراني لتقييد وصول النشطاء إلى الإنترنت واتصالاتهم.

وتقول شبكة «سي إن إن»، إن الرئيس جو بايدن أراد أن يكون أكثر تفاؤلاً وداعمًا للمتظاهرين الإيرانيين من الرئيس السابق باراك أوباما، الذي اختار البقاء بعيدًا إلى حد كبير عن حركة الاحتجاج الإيرانية التي اندلعت عام 2009.

وقال بايدن ببيان في 3 أكتوبر الجاري، إن إدارته «تقف إلى جانب الإيرانيات وجميع مواطني إيران الذين يلهمون العالم بشجاعتهم» وتحاول تسهيل وصول الإيرانيين إلى الإنترنت.