بوتين يهدد أوكرانيا بسلاح دمار شامل جديد.. فهل يلجأ إليه؟
قال زيلينسكي إنه إذا تعرضت محطة كاخوفكا للطاقة الكهرومائية للتدمير فإن ذلك سيؤدي إلى كارثة على نطاق واسع.

ترجمات - السياق
رأت صحيفة التلغراف البريطانية، أنه حال قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تفجير سد كاخوفكا -الذي يضم محطة لتوليد الطاقة الكهرومائية في منطقة خيرسون جنوبي أوكرانيا، الخاضع لسيطرة القوات الروسية- فإن نتائجه ستكون كارثية، بل لن تكون أقل من استخدام سلاح دمار شامل.
وقالت -في تحليل للعقيد ريتشارد كيمب القائد السابق للقوات البريطانية في أفغانستان- إنه من غير المرجح أن يتراجع الجنرال سيرغي سوروفيكين، القائد الأعلى الجديد للقوات الروسية في أوكرانيا، عن "قتل الآلاف والتسبب في أضرار بيئية لا توصف، بتفجير سد لتوليد الطاقة الكهرومائية، إذا كان يعتقد أن ذلك سيحقق لجيشه تقدمًا عسكريًا".
وبالفعل، كان الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، اتهم روسيا بتفخيخ سد خيرسون جنوبي أوكرانيا، بالمتفجرات.
وحذر زيلينسكي من أن سوروفيكين يفكر بالفعل في استهداف السد، كمحاولة لمواجهة اختراق أوكراني محتمل، يُهدد بهزيمة روسيا حول منطقة خيرسون، التي تحمل مفتاح الدفاع عن شبه جزيرة القرم.
وقال زيلينسكي إنه إذا تعرضت محطة كاخوفكا للطاقة الكهرومائية للتدمير فإن ذلك سيؤدي إلى "كارثة على نطاق واسع".
وحذر -في خطاب موجه للقادة الأوروبيين- من أن مئات الآلاف من السكان القاطنين حول نهر دنيبرو سيكونون عُرضة لخطر حدوث فيضانات جارفة، حال تدمير السد.
وأضاف أن المياه قد تغمر 80 بلدة ومدينة، الأمر الذي يؤدي إلى حرمان محطة زابوريجيا النووية من مياه التبريد، وهي أكبر محطة نووية في أوروبا.
بينما قال معهد دراسات الحرب ومقره الولايات المتحدة، إن روسيا تظن أن الفيضانات الناتجة عن تدمير السد قد تمنح القوات الروسية غطاءً أثناء انسحابها من مناطق في مدينة خيرسون.
ووفقًا لـ ميخائيلو بودولياك، مستشار زيلينسكي، فإن الهدف الروسي من تدمير السد هو وقف التقدم الأوكراني في منطقة خيرسون وحماية القوات الروسية المتمركزة هناك.
هجمات عشوائية
وأوضح كيمب، في تحليله بعنوان "بوتين يجد سلاحًا جديدًا للدمار الشامل"، أن الجيش الأوكراني واصل -طوال الشهر الماضي- شن هجمات ضد القوات الروسية على الضفة الغربية لنهر دنيبرو الذي يمر بالمنطقة، وتم صد بعضها.
وأشار إلى أن سوروفيكين رد على ذلك، بشن عدد من الهجمات العشوائية بالصواريخ والطائرات من دون طيار على كييف ومدن أخرى، مستخدمًا التكتيكات القاسية نفسها التي استخدمها لإخضاع المعارضة في سوريا عن طريق قصف المنازل والمدارس والمستشفيات.
ورأى أن سوروفيكين -المعروف بمجازره في أفغانستان والشيشان- يواجه أيضًا صعوبات كبيرة في الاحتفاظ بقوة لديها ما يكفي من الذخيرة والوقود والمعدات القتالية، ويعود ذلك جزئيًا إلى الأضرار التي لحقت بجسر كيرتش، الرابط بين روسيا وشبه جزيرة القرم، وهو شريان إمداد رئيس.
وحسب الصحيفة، فإنه في اعتراف غير عادي لقائد روسي، قال سوروفكين إن "الوضع متوتر" في الجنوب، مضيفًا بشكل ينذر بالسوء: "لن نستبعد اتخاذ أصعب القرارات".
ويضيف الكاتب: "إذا رأى سوروفيكين أنه لا يستطيع السيطرة على مدينة خيرسون، فقد يأمر بالانسحاب إلى شرق النهر، إضافة إلى إجلاء المدنيين"، مشيرًا إلى أن هناك أدلة على أن روسيا بدأت بالفعل سحب المعدات العسكرية والقوات بدلاً من المخاطرة بخسائر كبيرة في المنطقة.
وأوضح أنه إذا حققت القوات الأوكرانية خرقًا في تلك المنطقة، سيكون أحد الخيارات لدى الروس تفجير سد محطة كاخوفكا لتوليد الطاقة الكهرومائية، وإغراق مناطق شاسعة على طول نهر دنيبرو لإبطاء التقدم، وهو ما أكده زيلينسكي قائلًا إن القوات الروسية أعدت خطة هدم السد، من خلال زرع عبوات ناسفة قوية.
ابتلاع 80 بلدة
وحسب "تلغراف"، فإن سد كاخوفكا يحتوي على أكثر من 18 مليون متر مكعب من المياه. وإذا تم تدميره، سوف يقذف بكمية من المياه تبتلع 80 بلدة وقرية على طول نهر دنيبرو، بما في ذلك مدينة خيرسون، التي كان عدد سكانها قبل الحرب 284 ألف نسمة، ما يؤدي إلى إغراق الآلاف وطوفان من اللاجئين، وحرمان جنوب أوكرانيا من أراضيها.
لن يتوقف الأمر عند هذا الحد، وإنما -حسب الكاتب- سيمنع أيضًا إمدادات المياه، وسيوقف مياه التبريد بشكل خطير عن محطة زاباروجيا النووية، ويتسبب بانقطاع شديد في التيار الكهربائي عن مئات الآلاف.
ويرى كيمب، أن احتمالات أن يأمر سوروفيكين بمثل هذه الكارثة كبيرة، رغم أنها ستدمر الأراضي الروسية التي تم ضمها حديثًا، إذ يرى العديد من المتشددين الروس أنه "الأمل الأخير لحربهم الفاشلة".
وبما أن سوروفيكين أحد هؤلاء الصقور في الجيش الروسي، فإن الكاتب يؤكد أن سجله يظهر أنه "لن يتوقف عند أي شيء لتحقيق مهمته، مهما كانت مُكلفة على صعيد الخسائر في الأرواح".
ويضيف أن التاريخ "يعطي أيضًا نظرة ثاقبة للعقلية العسكرية الروسية، حتى بعد عقود"، مشيرًا إلى أنه عام 1941، دمر القادة السوفييت سد زاباروجيا لتوليد الطاقة الكهرومائية، أيضًا على نهر دنيبرو، لإبطاء تقدم النازيين، وأغرقوا في هذه العملية ما يصل إلى 100 ألف شخص.
وتابع: "كان القادة السوفييت -خلال الحرب العالمية الثانية- يعلمون جيدًا أن تفجير سد زاباروجيا لن يكون له أي تأثير في الألمان، لكنهم كانوا خائفين من رد فعل ستالين -القائد الثاني للاتحاد السوفييتي- إذا لم يفجروه".
كانت الولايات المتحدة حذرت روسيا من العواقب المدمرة لاستخدام الأسلحة النووية، وأرسلت الأمم المتحدة فريقًا من الخبراء لتفقد محطة زابوريزهزهيا النووية وسط مخاوف من أن القصف قد يتسبب في كارثة إشعاعية ربما أكبر من تشيرنوبيل.
وختم الكاتب تحليله بالتحذير من أنه حال تدمير سد كاخوفكا، لن تكون نتائج ذلك أقل من استخدام سلاح دمار شامل، وقد تكون آثاره أكثر كارثية من قنبلة نووية تكتيكية أو ضربة كيميائية أو تداعيات إشعاعية من محطة نووية.
وأضاف: "ليس من قبيل الصدفة أن يشبه دعاة حماية البيئة آثار تفجير السد، بإرسال قنبلة ذرية من المياه، تنسف القرى والبلدات المحيطة"، مشددًا على أنه مع هذا الاحتمال المروِّع الذي قد يكون وشيكًا، يجب أن يكون حلف شمال الأطلسي (الناتو) أكثر وضوحًا بالنسبة لخطوطه الحمراء، أو أنه سيندم على عواقب هذه الحرب التي أصبحت أكثر بربرية.