خطوة روسية للرد على توسع الناتو... ما ملامح عالم ما بعد الأزمة الأوكرانية؟
قال وزير الدفاع سيرجي شويغو، إن القواعد الجديدة ستكون جاهزة نهاية العام، مشيرًا إلى أنها ستنتشر في المنطقة العسكرية الغربية.

السياق
رغم مرور قرابة 3 أشهر على الأزمة الأوكرانية، فإن الحرب الضروس التي تورطت فيها روسيا لم تضع أوزارها، بينما لا تزال أغلبية اقتصادات العالم تئن من تبعاتها، حتى اللحظة.
إلا أن الحرب الأوكرانية، رسمت -في جانب منها- تحالفات عدة، وبشرت بولادة عالم جديد بدأت تتشكل معالمه، في انتظار المخاض العسير لتلك الأزمة، وما تسفر عنه من إعادة رسم القوى المتحالفة أو المتناحرة فيها.
أحد ملامح ذلك العالم الجديد، كان ما أعلنته السويد وفنلندا من تقديمهما بشكل رسمي طلبين للانضمام إلى التحالف العسكري الغربي (الناتو)، بتحول جذري في سياسة الحياد التاريخية للبلدين تجاه التحالف، في خطوة لم يكن من الممكن تصورها قبل الهجوم الروسي على أوكرانيا في 24 فبراير الماضي.
وتشترك فنلندا في حدود برية بطول 1300 كيلومتر مع روسيا، في حين أن جزيرة جوتلاند السويدية لها أهمية استراتيجية في بحر البلطيق، وتبعد 300 كيلومتر فقط عن المعسكر الروسي العسكري كالينينغراد.
إلا أن الخطوة التي يبدو أن البلدين اتخذاها، بسبب الهجوم الروسي على أوكرانيا وقرب الدولتين الاسكندنافيتين من موسكو، أثارت اعتراض دول على رأسها تركيا، بسبب موقف البلدين من قتال أنقرة للجماعات الكردية المسلحة، وعلى رأسها حزب العمال الكردستاني النشط في تركيا والمنطقة.
موقف مفاجئ
وبعيدًا عن الاعتراض التركي ومآلات تلك الخطوة، كان لروسيا موقف فاجأ الدول المتورطة في الأزمة الأوكرانية، أعلنه اليوم الجمعة، وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو، الذي أكد أن بلاده ستنشئ 12 قاعدة عسكرية جديدة غربي البلاد، ردًا على طلب السويد وفنلندا الانضمام إلى عضوية "الناتو".
وقال وزير الدفاع سيرجي شويغو، إن القواعد الجديدة ستكون جاهزة نهاية العام، مشيرًا إلى أنها ستنتشر في المنطقة العسكرية الغربية.
وأبلغ كبار مسؤولي الوزارة والجيش بأن هناك «تناميًا في التهديدات العسكرية على حدود روسيا»، ملقيًا باللوم على "الناتو" والولايات المتحدة.
المسؤول العسكري الروسي أكد أن وحدات القوات المسلحة الروسية، مع فرق الميليشيا الشعبية في جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك الشعبيتين، ستواصل بسط السيطرة على أراضي دونباس، مشيرًا إلى أن «تحرير» جمهورية لوغانسك الشعبية شبه منجز.
وبينما أكد شويغو أن انضمام فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) أدى إلى زيادة التهديدات العسكرية بالقرب من الحدود، شدد على أن موسكو تتخذ إجراءات مضادة مناسبة.
حلول روسية
وتنظر روسيا في السماح لمن هم فوق الأربعين، بالتسجيل في الخدمة العسكرية، بحسب البرلمان الروسي، الذي قال إنه سيدرس مشروع قانون للسماح للروس، الذين تزيد أعمارهم على 40 عامًا والأجانب الذين تزيد أعمارهم على 30 عامًا بالتسجيل في الجيش.
وقال الموقع الإلكتروني لمجلس الدوما، إن هذه الخطوة ستمكن الجيش من الاستفادة من مهارات المهنيين الأكبر سنًا، مضيفًا: لاستخدام الأسلحة عالية الدقة وتشغيل الأسلحة والمعدات العسكرية، هناك حاجة إلى متخصصين على درجة عالية من الاحتراف، وتظهر التجربة أنهم يصبحون كذلك من 40 إلى 45عامًا».
كان بإمكان الروس، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و40 عامًا والأجانب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عامًا فقط إبرام العقد الأول مع الجيش.
وعانت روسيا انتكاسات ضخمة وخسائر فادحة بالرجال والمعدات في الحرب المستمرة منذ 86 يومًا، ما دفع المحللين العسكريين الغربيين إلى القول إنها بحاجة ماسة إلى حشد المزيد من الجنود.
وقال "الدوما" إن المبادرة المزمعة ستجعل من السهل أيضًا تعيين أطباء مدنيين ومهندسين ومتخصصين في العمليات والاتصالات، في إشارة إلى حاجة الكرملين الملحة لتعزيز مجهوده الحربي في أوكرانيا.
طرد كبار القادة
يأتي ذلك، بينما تعتقد المخابرات البريطانية أن روسيا طردت كبار القادة الذين كان أداؤهم سيئًا، بحسب تحديث استخباراتي من وزارة الدفاع البريطانية، أكد أن موسكو أقالت كبار القادة الذين عدت أداءهم ضعيفًا خلال المراحل الأولى من «الغزو» الأوكراني.
وقالت وزارة الدفاع البريطانية، عبر «تويتر»: «الفريق سيرهي كيسيل، الذي قاد جيش دبابات الحرس الأول، جرى إيقافه عن العمل بسبب فشله في الاستيلاء على خاركيف».
ومن المرجح أيضًا أن نائب الأدميرال إيغور أوسبيبوف، الذي قاد أسطول البحر الأسود الروسي، قد جرى إيقافه بعد غرق الطراد موسكفا في أبريل، بحسب وزارة الدفاع البريطانية التي قالت إن رئيس الأركان العامة الروسي فاليري جيراسيموف لا يزال في منصبه.
وذكر تحديث المخابرات البريطانية أيضًا أن ثقافة التستر وكبش الفداء «من المحتمل أن تكون سائدة» داخل النظام العسكري والأمني الروسي، مشيرًا إلى أنه من المرجح أن يشتت انتباه العديد من المسؤولين المشاركين في «غزو» أوكرانيا بشكل متزايد، بسبب الجهود المبذولة لتجنُّب المسؤولية الشخصية عن النكسات العملياتية لروسيا.
وأضافت: «من المرجح أن يؤدي ذلك إلى مزيد من الضغط على النموذج المركزي للقيادة والسيطرة في روسيا، حيث يسعى الضباط -بشكل متزايد- إلى تأجيل القرارات الرئيسة لرؤسائهم».
ماذا عن الوضع الميداني؟
يقول مسؤولون عسكريون أوكرانيون إن 12 شخصًا قُتلوا في منطقة لوهانسك الشرقية ودمر القصف الروسي 60 عقارًا الخميس، لكنهم لاحظوا أن القوات الروسية لم تحرز أي تقدم -على ما يبدو- على الخطوط الأمامية الرئيسة في لوهانسك ودونيتسك.
ولقي 12 شخصًا مصرعهم في مدينة سيفيرودونتسك، بحسب رئيس الإدارة العسكرية في لوهانسك سيرهي هايدي، مشيرًا إلى أن العديد من المنازل دمرت في أنحاء المنطقة.
ورغم القصف المكثف، يقول رئيس الإدارة العسكرية في لوهانسك إن خطوط جيشه الدفاعية صامدة، مشيرًا إلى أن الهجوم على سيفيرودونتسك لم ينجح، ما أدى إلى معاناة الروس من خسائر بشرية.
وقال أولكسندر ستريوك، رئيس الإدارة العسكرية لمدينة سيفيرودونتسك، إن هناك ما يصل إلى 15 ألف مدني لا يزالون في المدينة، يعيشون في ملاجئ وأقبية من القنابل، مضيفًا: «المدينة بلا كهرباء ولا إنترنت ولا اتصالات منذ ما يقرب من أسبوع (...) جرى تدمير نحو 70% من المساكن في المدينة».
الروس يضغطون
جنوب سيفيرودونتسك، حاولت القوات الروسية اختراق بلدة توشكيفكا، في إطار جهودهم لاستكمال «الاستيلاء» على لوهانسك وفقًا لهيئة الأركان العامة الأوكرانية، التي قالت إن الجنود الروس حاولوا الدفع باتجاه بلدة فيسكريفا الصغيرة.
إلى الشمال في منطقة خاركيف، حيث شنت القوات الأوكرانية هجومًا مضادًا في الأسابيع الأخيرة ، يستمر القصف الروسي للمناطق التي استعادتها القوات الأوكرانية، وفقًا للجيش الأوكراني.