هجوم ضبا النفطي مؤشر على عودة إرهاب الحوثي... و3 محاور لمواجهة تصعيد المليشيا
هجوم ضبا النفطي يثير غضبًا محليًا ودوليًا... الحكومة الشرعية تستعد بكل الخيارات... وتحذيرات من تفخيخ طرق الملاحة البحرية

السياق
بعد تعنتها في تجديد الهدنة، واضعة عراقيل أمام الحكومة الشرعية، اتجهت مليشيات الحوثي إلى ممارسة ديدنها الإرهابي، الذي تجيد العزف على أوتاره، كمحاولة للضغط على التحالف العربي لدعم الشرعية وعلى المجلس الرئاسي.
تلك المحاولات الحوثية جعلت من البنية التحتية مرمى لإرهابها، في مساعٍ منها لتدمير مقومات الاقتصاد الوطني، عبر توسيع هجماتها لتشمل المنشآت الحيوية، التي ظلت ثمانية أعوام خارج دائرة الحرب.
إلا أن تلك المحاولات، التي وجدت يقظة أمنية استثنائية، قوبلت ببيانات صارمة من الحكومة الشرعية، التي أكدت أن كل الخيارات مفتوحة للتعامل مع مليشيا الحوثي، بينما حذرت دول إقليمية ودولية من محاولات الإرهابيين «تفخيخ» طرق الملاحة البحرية.
فماذا حدث في 24 ساعة؟
في أول تصعيد كبير منذ أن أفشلت مليشيات الحوثي -المتحالفة مع إيران- المساعي الأممية لتمديد الهدنة، أعلنت الحكومة الشرعية مساء الجمعة، أن قواتها اعترضت طائرات مسيرة مسلحة أطلقتها مليشيا الحوثي على ميناء الضباء النفطي في محافظة حضرموت جنوبي البلاد، بينما كانت ناقلة نفط تستعد للرسو.
وفي تصريحات لموقع «سبتمبر.نت» التابع للجيش اليمني، قال محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي، إن هجومين إرهابيين بطائرتين مسيرتين ومفخختين، شنتهما مليشيا الحوثي، استهدفا ميناء ضبا النفطي، مؤكداً أن الهجومين لم يتسببا بأي أضرار.
«الهجوم الأول وقع الساعة الثانية و5 دقائق من ظهر الجمعة، بين السفينة والعوّامة، بينما حدث الهجوم الثاني الساعة الثانية و20 دقيقة ظهرًا، وكان أكثر قربًا من السفينة، إلا أنه لا أضرار من الهجومين»، بحسب محافظ حضر موت، الذي قال إن الهجومين وقعا عقب تهديدات حوثية.
وبينما قال إن السلطات المحلية اتخذت إجراءاتها، أكد أن هناك ترتيبات أمنية لدخول السفينة مرة أخرى للميناء، واستئناف العمل.
من جانبه، قال مسؤول حكومي إن ناقلة النفط نيسوس، كان من المقرر أن تحمل مليوني برميل من النفط الخام من الميناء، مضيفًا أنه لم تقع أضرار في المرفأ ولا الناقلة.
الهجوم الإرهابي تبنته مليشيا الحوثي في بيان، زعمت فيه، أنها «نفذت ضربة تحذيرية بسيطة لمنع السفينة من تهريب النفط الخام من الميناء».
وواصلت مليشيا الحوثي إرهابها، بتهديد وتحذير الشركات المحلية والأجنبية، مطالبة إياها بالابتعاد عن أي مساهمة أو الدخول في شراكات مع الحكومة الشرعية.
وبينما قالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية إنها على علم بتقارير تفيد بوقوع حادثة قرب الشحر، أشارت إلى أن السفينة والطاقم بخير.
وأظهرت بيانات "رفينيتيف" أن ناقلة النفط نيسوس، التي ترفع علم جزر مارشال، كانت تتحرك في نطاق المنطقة –الجمعة- خارج ضبا في خليج عدن.
ردود فعل محلية
في بيان شديد اللهجة، حذرت الحكومة اليمنية مليشيا الحوثي، مؤكدة أن كل الخيارات مفتوحة للتعامل مع الهجوم الإرهابي، الذي استهدف ميناء ضبا النفطي بمحافظة حضرموت، وتصعيدها العسكري، مطالبة كل الدول باتخاذ إجراءات صارمة وقوية لإدانة هذا العمل الإرهابي، والنظام الإيراني الذي يقف خلفه.
وحذرت الحكومة، في بيانها الذي اطلعت «السياق» على نسخة منه، من أنه في حال عدم العمل بشكل قوي وصارم، لإدانة وتلافي تكرار هذا السلوك والفعل الإرهابي، فإن ذلك سيؤدي إلى آثار سلبية على عملية السلام في اليمن، وعلى إمدادات واستقرار سوق الطاقة العالمي.
وشددت الحكومة اليمنية على أن الهجمات الحوثية تشير إلى إصرار المليشيا على بدء مرحلة أكثر إجرامًا من الحرب، وأشد وقعًا على الأزمة الإنسانية في اليمن، وأكثر اضطرابًا في أمن الملاحة الدولية، وتكشف حقيقة موقف هذه المليشيا الإرهابية رغبة جهود المجتمع الدولي في استعادة السلام بأي تكلفة، وتوضح خطأ وخطورة تجاهل الطبيعة الإرهابية للمليشيا.
وكشفت الحكومة اليمني أن حادث الجمعة هو الهجوم الإرهابي الثاني، الذي ارتكبه الحوثيون في 4 أيام، مؤكدة أنه سبق أن استهدفت ميليشيا الحوثي -بالطائرات المسيرة- ميناء رضوم البترولي بهجمتين متعاقبتين في 18 و19 أكتوبر الجاري.
وقالت إنها حرصت على تقديم التسهيلات لتجديد الهدنة الأممية والحفاظ على الوضع القائم، بعيداً عن أي تصعيد عسكري، مؤكدة أن المليشيات الحوثية تتجاوز الخطوط الحمراء، بعدما هددت دول الجوار وشركات النفط العاملة في المنطقة، من كل الجنسيات، باستهداف منشآتها وبناها التحتية ووسائل النقل، وحوَّلت تهديداتها إلى أفعال، بارتكابها لهذا الهجوم الإرهابي الغادر والجبان.
ولم تكتفِ الحكومة ببيانها الصارم، بل اتخذت خطوات دبلوماسية لإظهار إرهاب الحوثي أمام الدول الغربية، حيث أجرى وزير خارجيتها أحمد عوض بن مبارك، اتصالاً هاتفياً بسفير فرنسا لدى اليمن جان ماري صافا، لمناقشة تطورات استهداف مليشيا الحوثي لميناء ضبا النفطي.
وأكد بن مبارك، في الاتصال الهاتفي، أن الحوثيين تجاوزوا الخطوط الحمراء بمهاجمة ميناء ضبا النفطي، مشدداً على ضرورة اتخاذ مواقف حازمة ضد هذا العمل الإرهابي.
وبينما قال إن الحوثيين يسعون من وراء هذا العدوان لمفاقمة الأوضاع الإنسانية في اليمن، ما يجعل كل الخيارات مفتوحة أمام الحكومة، للتعامل مع هذا التطور الخطير، أكد السفير الفرنسي، رفضه تصعيد مليشيا الحوثي، وإغلاق الأبواب أمام فرص تحقيق السلام في اليمن.
وفي حديث هاتفي ثانٍ، أكد وزير الخارجية اليمني، أنه هاتف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، لمناقشة تداعيات الهجمات الإرهابية الحوثية على ميناءي رضوم وضبا النفطيين، اللذين استهدفتهما المليشيات الحوثية بالطائرات المسيرة والصواريخ، في إطار تهديداتها المعلنة لاستهداف الشركات النفطية والملاحة الدولية.
وأكد بن مبارك، أن هذه الأفعال الإرهابية بقدر ما تمثله من استهداف مباشر للشعب اليمني وللبنية التحتية وللمقدرات الاقتصادية، تقوِّض الجهود الدولية الرامية لإنهاء الحرب وتحقيق السلام في اليمن، بما فيها مساعي تمديد الهدنة وتوسيعها.
وبينما حذر من التداعيات الكارثية لهذه الأعمال الإرهابية على ضمان سلامة إمدادات ونقل الطاقة، طالب الأمم المتحدة باتخاذ موقف صارم وقوي ضد التهديدات الإرهابية الحوثية ومعاقبة مرتكبيها، وإيقاف ما يهدد الأمن والسلم الإقليميين والدوليين.
ومن الأمم المتحدة إلى أمريكا، كانت الجهود اليمنية مستمرة لإظهار وجه الحوثي القبيح، فالوزير بن مبارك هاتف مبعوث الولايات المتحدة الخاص إلى اليمن تيم ليندر كينغ، مؤكدًا له أن الهجمات الحوثية محاولة لإرهاب الشركات النفطية ومنعها من دخول الميناءين.
وأكد بن مبارك، أن الحكومة اليمنية ستقوم بكل ما يلزم لضمان حماية وصون مقدرات الشعب اليمني، ووقف العبث والعدوان الحوثي، مطالباً أمريكا والمجتمع الدولي باتخاذ موقف صارم وقوي ضد التهديدات الإرهابية الحوثية وتحميل مرتكبيها المسؤولية، والعمل بما يضمن منع تكرار هذه الهجمات الإرهابية أو اتساع نطاقها.
بدوره، دان وزير الإعلام والثقافة اليمني معمر الإرياني، الهجومين، مؤكدًا أنهما يمثلان تصعيدًا خطيرًا، ويؤكدان استمرار النظام الإيراني في استخدام مليشيا الحوثي كأداة لزعزعة الأمن والاستقرار، وتصدير الفوضى والإرهاب، لليمن والمنطقة، وتهديد خطوط الملاحة وأمن الطاقة، عصب الاقتصاد العالمي.
وأوضح الإرياني أن هذه الهجمات تؤكد ان النظام الإيراني الراعي الرسمي للإرهاب في المنطقة والعالم، وأن الإرهاب المُصدَّر من طهران طوَّر أدواته، فأصبحت المسيرات المفخخة بديلًا للسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة، وسلاحًا عابرًا للحدود، لإرهاب الدول وتهديد خطوط الملاحة ومصادر الطاقة، وابتزاز العالم.
إدانات دولية
وزارة الخارجية السعودية أدانت الهجوم الإرهابي، معتبرة إياه خرقاً سافراً لقرار مجلس الأمن رقم 2216، وانتهاكاً للقوانين والأعراف الدولية، وأنه يؤكد استمرار ميليشيا الحوثي الإرهابية ومن يقف وراءها، في استهداف المنشآت المدنية والاقتصادية وإمدادات وممرات الطاقة العالمية، وتهديد البيئة البحرية بالتلوث.
وأوضحت وزارة الخارجية، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، أن هذا الهجوم يُعد تصعيداً من ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، بعد انتهاء الهدنة الأممية في اليمن، الذي رفضت تلك المليشيا تمديدها وتوسيعها رغم الجهود التي بُذلت، وحرص الحكومة الشرعية على تقديم التسهيلات لتجديدها، انطلاقاً من مسؤولياتها تجاه الشعب اليمني الشقيق.
وأشارت وزارة الخارجية إلى موقف المملكة الراسخ والداعم لكل ما يضمن أمن واستقرار الجمهورية اليمنية، ويحقق تطلعات الشعب اليمني، واستمرار دعم التحالف للحكومة الشرعية اليمنية، وجهود الأمم المتحدة الرامية إلى تمديد الهدنة وإيقاف إطلاق النار في اليمن، والتوصل إلى حلٍ سياسي شامل للأزمة اليمنية.
وفي بيان شديد اللهجة، أدانت مصر بأشد العبارات الهجوم الذي وصفته بـ«الغاشم»، محملة مليشيا الحوثي مسؤولية التصعيد الراهن فى اليمن، وعرقلة جهود تجديد الهدنة، مؤكدة ضرورة تخلي المليشيا عن مواقفها المتعنتة وتجاوبها بشكل فوري مع المساعي الدولية والإقليمية لتجديد الهدنة، على النحو الذى يمهد الطريق إلى التوصل لوقف دائم لإطلاق نار وإفساح المجال أمام جهود التسوية السياسية، ورفع المعاناة عن الشعب اليمني الشقيق.
وحذرت من مغبة استغلال أى طرف للظروف الدولية الراهنة لتأجيج الصراع فى اليمن، وتهديد أمن واستقرار المنطقة وطرق الملاحة، أو محاولة الاستحواذ على المقدرات الاقتصادية للشعب اليمني. وشددت على دعم مصر الراسخ لوحدة اليمن وسيادته على أراضيه، وتضامنها معه في مواجهة التهديدات.
استراتيجية لمواجهة الحوثي
باستراتيجية تتكون من ثلاثة محاور، عرض المحلل العسكري والاستراتيجي اليمني ياسر صالح، في تصريحات تلفزيونية، حلولًا لمواجهة مليشيا الحوثي وتحييد أخطارها.
وقال صالح، إن المحور الأول يبدأ من تقديم حلول للتعامل مع مليشيا الحوثي، عبر تأمين موانئ تصدير المنتجات النفطية وتشكيل خطوط دفاعية متتالية وترتيبها بأقواس نيران متتالية ومتقاطعة لحماية منشآت تصدير النفط.
أما المحور الثاني فيرتكز على أسلوب مواجهة مليشيا الحوثي، الذي قال عنه المحلل العسكري، إنه يجب اتباع أسلوب المعاملة بالمثل مع مليشيا الحوثي، في هجماتها وفي طريقة تعاملها مع المواطنين في المناطق التي تسيطر عليها، خاصة أنها تلجأ إلى الجباية كمحاولة لجمع ما تحتاجه خزائنها.
بينما يرتكز المحور الأخير على ضرورة رفع شعار المواجهة مع مليشيا الحوثي، عبر إعلان المجلس الرئاسي نهاية الهدنة والدخول في معركة مواجهة لحماية مكتسبات الشعب، بحسب المحلل العسكري.