وزيرا خارجية الإمارات وإسرائيل: الاتفاق الإبراهيمي حافز إلى تغيير أوسع في الشرق الأوسط
بعد مرور عام من العلاقات المفتوحة، وإحلال السلام بين الإمارات وإسرائيل، بدا أن هناك تغييرًا حقيقيًا يحدث

ترجمات-السياق
بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لتوقيع الاتفاق الإبراهيمي، قال وزير الخارجية والتعاون الدولي للإمارات العربية المتحدة، الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، ونظيره الإسرائيلي يائير لابيد: إن الاتفاقات أثبتت قدرتها على الاستمرار بشكل غير عادي، وتساءلا عن إمكانية العمل معاً، لتحقيق سلام يشمل المنطقة".
وعدَّد الوزيران، في مقال مشترك بصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، ثمار الاتفاق في مختلف المجالات، وأضاف المسؤولان أنه "في العام الماضي تم تسهيل عمليات زرع الكلى، من خلال تدشين برنامج مانحين مشترك بين الإمارات وإسرائيل، كما أحيا الفنان الإماراتي طارق المنهالي حفلاً عبر الإنترنت مع أوركسترا إسرائيلية، وفرقة شالفا للموسيقيين الإسرائيليين ذوي الإعاقة، بينما وسَّع رواد الأعمال الأمريكيون والإسرائيليون شركة دي فاي للأغذية الصحية، من خلال عقد شراكة مع مصنع البركة للتمور في الإمارات، واشترت شركة مبادلة الاستثمارية الإماراتية، حصة بمليار دولار في حقل تمار للغاز الإسرائيلي.
وقال الوزيران: "لقد أثبتت الاتفاقات الإبراهيمية، التي تم توقيعها بين أبوظبي وتل أبيب، أنها متينة بشكل غير عادي، وذلك حتى في ظِل جائحة كورونا، التي أجبرت العديد من الدول على النظر إلى شؤونها الداخلية، إذ تم تقييد السفر والتواصل الاجتماعي بين الأشخاص، كما كان على الحكومات الجديدة في الولايات المتحدة وإسرائيل، مواجهة النداءات الداعية لتراجع أولوية هذه الاتفاقات، بينما كان الصراع بين حماس وتل أبيب، الذي استمر 11 يوماً، في وقت سابق من هذا العام، مأساويًا ومقلقًا للغاية".
ورأى الوزيران أنه رغم كل هذه الأمور، تقدَّمت العلاقات الرسمية بين أبوظبي وتل أبيب بشكل سريع، وأشارا إلى إنشاء سفارة لكل منهما لدى الأخرى، فضلاً عن استخدام كبار المسؤولين للقنوات المفتوحة بين البلدين، لمعالجة القضايا المختلفة بشكل مباشر، إذ شهد العام الماضي زيارات متبادلة، من رؤساء مجالس الوزراء بشكل شخصي، كما بدأت وزارات الصحة تعاوناً مكثفاً، في ما يتعلَّق بالمبادرات الخاصة بكورونا، وتم التوصل إلى مذكرات تفاهم واتفاقات تجارية واتفاقات رسمية أخرى.
وأضاف الوزيران: "بعد مرور عام من العلاقات المفتوحة، وإحلال السلام بين الإمارات وإسرائيل، بدا أن هناك تغييرًا حقيقيًا يحدث، وهدفنا الآن بذل المزيد من الجهد لتعميق السلام ونشره في المنطقة، صحيح أنه يمكن لكل الحكومات عقد اتفاقيات، لكن الإماراتيين والإسرائيليين، أظهروا لنا جميعاً كيف يمكن صُنع السلام، إذ استطاعوا كسر الحواجز بسرعة، بدافع المصالح والقيم المشتركة".
ورأى الوزيران، أن حدوث تحول في عقلية الأجيال، سيؤدي لدعم الاتفاقيات الإبراهيمية، وأوضحا أن رواد الأعمال والباحثين والمثقفين من الشباب، يتحدَّثون بلغة سلام جديدة، إذ يتبنون الابتكارات ونشر التكنولوجيا، والاستفادة من رأس المال الاستثماري، ويخططون للشركات الناشئة وللتبادلات في مجال الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الأخضر، واستكشاف الفضاء والأمن المائي.
وتابع الوزيران: "ولكن في الوقت الذي نحتفل فيه بكل هذه الإنجازات، يتعين على الإسرائيليين والإماراتيين، الاستمرار في التركيز على شيء أكبر، وذلك لأنه طالما كانت الاتفاقيات الإبراهيمية تهدف إلى أن تكون حافزاً إلى تغيير أكبر، ولكن كيف يمكننا الآن العمل معاً لتحقيق سلام يشمل المنطقة؟".
وقال الوزيران إنه من أجل تحقيق ذلك، يجب أولاً أن تتحقق فوائد التطبيع لجميع الموقِّعين على الاتفاقات، وكذلك لمصر والأردن، وأشارا إلى أن هناك دراسة أجرتها مؤسسة راند، قدَّرت الإمكانات الموجودة على مستوى المنطقة، في الأنشطة الاقتصادية الجديدة، بتريليون دولار.
وأوضح المسؤولان أنه بالنظر إلى أن أبوظبي وتل أبيب، من أكثر الدول ديناميكية وتقدُّماً في العالم، يمكن من خلال عملهما معاً، المساعدة في زيادة الفرص الاقتصادية عن طريق الدفع نحو التكامل الإقليمي بشكل أعمق، معتبرين أن إنشاء المؤسسات الجديدة والتعاون، يعد أساسياً لتسهيل التجارة والتعاون في الصحة العامة والتنمية.
وتابعا: "كما يعد استمرار المشاركة الأمريكية والأوروبية أمراً شديد الأهمية، صحيح أن الجمهوريين والديمقراطيين، لا يتفقون على الكثير من الأمور، لكن التطبيع حظي بدعم كبير من إدارتي الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والحالي جو بايدن، فضلاً عن الدعم الذي حظي به داخل الكونجرس، والترحيب الحار الذي لقيه في جميع أنحاء أوروبا أيضاً".
ورأى الوزيران في مقالهما، أن استمرار الولايات المتحدة وأوروبا، في تقديم الدعم السياسي والمالي والفني، سيساعد في استغلال كل الإمكانات، فضلاً عن تعيين مبعوثين خاصين لتنسيق هذه الجهود، وهي الخطوات التي قالا إنها سيتم الترحيب بها، باعتبارها إشارة واضحة على استمرار التزام أصدقاء أبوظبي وتل أبيب، باستقرار وأمن المنطقة.
ووفقاً للوزيرين، فإن الاتفاقات الإبراهيمية، أكدت أنه حتى لو لم يكن هناك اتفاق سلام شامل يلوح في الأفق، فإن توفير ظروف أفضل للفلسطينيين، مصلحة مشتركة للجميع، معتبرين أن التطبيع سيساعد في تسهيل زيادة الاستثمارات والتجارة والتبادلات، بين الفلسطينيين والعالم العربي.
وفي نهاية المقال، قال وزيرا الخارجية: "صحيح أن هؤلاء المشككين سيظلون دائماً متشائمين، لكن يجب أن ينظروا إلى ما حدث العام الماضي، رغم الصعاب التي واجهناها، إذ بات واضحاً أن تبني طرق جديدة، في التفكير والمصالح المشتركة، يسمح بحدوث اختراقات، وبناء علاقات جديدة، الأمر الذي يشجع الدول الأخرى في المنطقة، على فتح قنوات جديدة للحوار الدبلوماسي، ورغم صعوبة الاختراقات الحقيقية، فإن الإماراتيين والإسرائيليين، أظهروا أنها ممكنة، وهذه مجرَّد بداية، وستتمثَّل الخطوة المقبلة في توسيع نطاق الفرص، وربط الأشخاص في جميع أنحاء المنطقة، حيث إننا نرى أن ذلك أفضل علاج للتشاؤم وللأيديولوجيات المتطرفة، التي طالما أعاقت منطقة الشرق الأوسط".