بعد عام من توقيع الاتفاق الإبراهيمي... لا يزال صداه في الشرق الأوسط

الاتفاق الإبراهيمي... عام على الحدث الأكبر في الشرق الأوسط

بعد عام من توقيع الاتفاق الإبراهيمي... لا يزال صداه في الشرق الأوسط

ترجمات – السياق

من المقرر أن يعقد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، اجتماعًا افتراضيًا، الجمعة، مع نظرائه من إسرائيل والإمارات، والبحرين، والمغرب، للاحتفال بالذكرى السنوية الأولى لتوقيع الاتفاقات الإبراهيمي، الذي يعده كثيرون أحد أكبر الاختراقات في قواعد اللعبة الدبلوماسية لإدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

وقالت صحيفة واشنطن تايمز الأمريكية -في تقرير- رغم أن الرئيس جو بايدن لم يعين مسؤولًا لمتابعة الاتفاق، فإن مسؤولي البيت الأبيض أكدوا أن الإدارة "تدعم بقوة" التطبيع و "تعمل على توسيعه".

وفي 15 سبتمبر 2020، وقَّع اتفاقات أبراهام في البيت الأبيض، الرئيس السابق ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو، ووزيرا خارجية الإمارات والبحرين.

وفي الشهر التالي، أعلنت إسرائيل والسودان العمل على تطبيع العلاقات، ثم في ديسمبر، بعد الانتخابات الأميركية، جدد المغرب العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، بالتزامن مع اعتراف الولايات المتحدة بالصحراء الغربية المتنازع عليها،كجزء من المغرب.

 

حدث احتفالي

إلى ذلك قال متحدث باسم الخارجية الأمريكية، إن بلينكن سيلتقي وزراء خارجية إسرائيل والإمارات والبحرين والمغرب لـ"الاحتفال بالذكرى السنوية الأولى لتوقيع اتفاقات إبراهام، وبحث سبل ترسيخ الروابط وبناء منطقة أكثر ازدهاراً".

بدورها قالت سفيرة الولايات المتحدة بالأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد: "من الواضح أننا نريد البناء على هذا النموذج وتكرار هذا النجاح".

في غضون ذلك، أكدت القائمة بأعمال مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، يائيل لمبرت، تأييد الإدارة الأمريكية للاتفاقية، وذلك في حدث أقيم الثلاثاء في واشنطن، استضافه جاريد كوشنر صهر الرئيس السابق دونالد ترامب، وحضره سفراء إسرائيل والإمارات والبحرين لدى الولايات المتحدة.

وأخبرت لمبرت الحاضرين بأنها "مسرورة" لوجودها للاحتفال "بهذه الاتفاقيات التاريخية والتقدم الذي تم إحرازه العام الماضي".

وأضافت: "اتفاقات إبراهام لا تمثل نهاية، بل بداية، لذلك أوضحت إدارة بايدن منذ البداية، أنها ستواصل العمل لتوسيع جهود التطبيع، وجلب دول جديدة إلى هذا الاتفاق التاريخي".

 

الترويج للاتفاقية

وبينما يقول مراقبون، إن إدارة بايدن لا تزال مترددة في الترويج للاتفاق الذي رعاه ترامب، يجادل خبراء السياسة الخارجية، بأن الإدارة الحالية لم يكن لديها خيار سوى قبول اتفاقات إبراهام.

ونقلت "واشنطن تايمز" عن جوناثان شانزر، الباحث في شؤون الشرق الأوسط بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، قوله: "لم تكن هذه دعوة سهلة لإدارة بايدن، فلقد خيَّمت السياسات الحزبية على العملية، إذ كانت هذه اتفاقيات توسط فيها ترامب، وهناك معارضة قوية من حزب بايدن، لعدم الاعتراف بسياسة ترامب الفردية بأنها إيجابية".

وأضاف شانزر: "لم يكن رفض اتفاقيات إبراهام في الحقيقة خيارًا"، مشيرًا إلى أن المؤرخين لن يصوروا بايدن بلطف، لو أنه سار في هذا الطريق، مضيفًا: "أعتقد أنه يعرف ذلك جيدًا، فقط تخيل لو أن رونالد ريغان لم يعترف باتفاقات كامب ديفيد أو يشجعها، لمجرد أنها كانت من إرث جيمي كارتر.. ببساطة هذا أمر لا يمكن تصوره".

وأشار الباحث في شؤون الشرق الأوسط، إلى أن "البيئة ما زالت مهيأة" في الشرق الأوسط لتوسيع الاتفاقات.

 

تحدي الأرثوذكسية

وذكر التقرير، أن الاتفاقات أصبحت ممكنة بفضل جهود إدارة ترامب غير المسبوقة، للضغط على القادة العرب والإسرائيليين لتنحية الخلافات طويلة الأمد بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني جانباً، والتركيز بدلاً من ذلك على الدبلوماسية المباشرة بين إسرائيل والقوى العربية.

وحينها أكد ترامب وصهره كوشنر -الذي أدار ملف الاتفاقات- أنه يمكن إحراز تقدم، رغم الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المجمَّد، وأنه على المدى الطويل، يمكن المساعدة في تسوية دائمة للفلسطينيين، من خلال علاقات أفضل بين إسرائيل وجيرانها.

وأشار التقرير، إلى أن عددًا من الدبلوماسيين الأمريكيين ومسؤولين سابقين في إدارة ترامب، بمن فيهم كوشنر الذي شغل منصب كبير مستشاري الرئيس في الشرق الأوسط، كثفوا لقاءاتهم عام 2019 بالمسؤولين في الجانبين لإنجاح المبادرة، وبلغ الأمر ذروته بحفل سبتمبر 2020 لإبرام اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والإمارات والبحرين والسودان.

وذكر التقرير أن الاتفاقات، التي سُميت على اسم النبي إبراهيم -المعترف به من قِبل اليهودية والإسلام- تم توسيعها لتشمل الاتفاقات الدبلوماسية، بين إسرائيل والمغرب والسودان.

من جانبه، قال سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان، وفقًا لصحيفة تايمز أوف إسرائيل: "يمكن لمثل هذا التحالف، تبادل المعلومات الاستخبارية عن التهديدات المختلفة، وحتى التعاون في القدرات الدفاعية"، مضيفًا: "هل يمكنك تخيل أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية، مثل القبة الحديدية وهي تحمي المجال الجوي لشركائنا الجدد في الخليج؟ ربما في يوم من الأيام حتى المملكة العربية السعودية؟".

 

تباطؤ العمل

وعن أسباب تباطؤ العمل والترويج للاتفاقية من قِبل إدارة بايدن، نقلت "واشنطن تايمز" عن بعض المحللين قولهم: إن الإدارة الأمريكية، منشغلة أكثر بتداعيات كورونا والأزمة الأفغانية.

في حين ذكرت صحيفة واشنطن بوست في يونيو الماضي، أن الإدارة تدرس اختيار سفير الولايات المتحدة، في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما لدى إسرائيل دانيال شابيرو، لتولي منصب المبعوث الخاص للترويج للاتفاقات، إلا أن التعيين لم يتم.

وأشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أن بايدن، عيَّـن في يونيو الماضي توماس نيديس، المسؤول في وزارة الخارجية في إدارة أوباما، المدير التنفيذي لوول ستريت، ليكون سفير الولايات المتحدة التالي لدى إسرائيل، لكن لم يتم عقد جلسة استماع في مجلس الشيوخ حتى الآن.

وأوضحت، أن الأحداث في إسرائيل، أدت أيضًا إلى تعقيد بعض الأمور الدبلوماسية، حيث أطاحت حكومة ائتلافية برئاسة نفتالي بينيت نتنياهو، وانخرطت إسرائيل في تبادل عسكري قصير، لكنه مكثف مع عناصر حماس في قطاع غزة في مايو الماضي.

وعن ذلك، يقول جوناثان إتش. فيرزيجر، المحلل المقيم في القدس، الزميل غير المقيم في المجلس الأطلسي: إن دعم إدارة بايدن لمبادرة ترامب كان "فاترًا في أحسن الأحوال"، مضيفًا في مقال بمجلة فورين بوليسي: "من خلال إهماله إكمال تنفيذ اتفاقات إبراهام، وإلقاء الثناء الخافت على علاقات إسرائيل الجديدة مع الخصوم العرب السابقين، يساعد بايدن في جر السلام العربي الإسرائيلي، إلى السياسات الحزبية الضيقة".

وأضاف: "السماح لترامب بالاحتفاظ بملكية هذا الاختراق، في صُنع السلام العربي الإسرائيلي، وعدم العمل بقوة لتوسيع نفوذه "خطأ"، لذا من المؤكد أن الجمهوريين سيستفيدون منه، وهم يخططون لعودتهم إلى البيت الأبيض، في غضون ثلاث سنوات".

من جانبهم، رفض مسؤولو إدارة بايدن هذا التوصيف، وقال متحدِّث باسم البيت الأبيض، في رسالة بريد إلكتروني إلى صحيفة واشنطن تايمز: إن الإدارة "عملت على تعزيز الاتفاقات الحالية".

وأضاف: "نعتقد أن هذه الاتفاقات تظهر فوائد كسر الحواجز وزيادة التعاون في الشرق الأوسط، لاسيما في الطرق التي تعزِّز التنمية الاقتصادية والعلاقات بين الناس".