سرد زمني لما قبل أحدث 11 سبتمبر... كيف كان الطريق إلى هذا الحادث الأليم؟
سِر اتصال أسامة بن لادن بوالدته... مجلة أمريكية تكشف بالأدلة طريق الإرهابيين إلى 11 سبتمبر

ترجمات – السياق
رسمت مجلة نيوزويك الأمريكية، الطريق الذي اتبعه «الإرهابيون» قبل شنهم الهجوم الدامي في 11 سبتمبر 2001، قبل 20 عامًا، كاشفة بعض الكواليس من التقارير الأمريكية التي رُفعت عنها السِّرية.
البداية، كانت من اتصال هاتفي، أجراه أسامة بن لادن مؤسس وزعيم تنظيم القاعدة السابق، بوالدته في سوريا في 10 سبتمبر 2001، ليخبرها بأنه قد لا يتمكن من مقابلتها بعض الوقت، لأن شيئاً كبيراً سيحدث، من شأنه أن ينهي اتصالاتهم فترة طويلة.
الدرس القاسي
وتقول «نيوزويك»، إن الأيام التي سبقت الحادي عشر من سبتمبر، منذ تلقي الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش تحذيره الأول في 6 أغسطس حتى 11 سبتمبر، ستظل بعض أكثر الأيام درسًا في التاريخ الأمريكي، وبعضها أكثر حزنًا.
وقالت الصحيفة الأمريكية، إن المخابرات الأمريكية علمت أن شيئًا ما قادم -شيئًا كبيرًا- لكنه لم يكن منهجيًا، مشيرة إلى أنه رغم الدلائل التي لا حصر لها، على أن هناك بعض التخطيطات والاستعدادات الإرهابية، التي تجرى على قدم وساق، تضمَّنت طائرات تجارية كبيرة، فإن وكالة المخابرات المركزية لم تكن قادرة على تجميع القطع معًا.
فشل ذريع
الأهم من ذلك –بحسب "نيوزويك"- أنه لا وكالة المخابرات المركزية، ولا مكتب التحقيقات الفيدرالي، ولا وكالات أخرى، كانت تستخدم الأدوات التي كانت تحت تصرفهم بشكل فعال، فلم تكن هناك مطاردة على الصعيد الوطني، ولا تحذير لشركات الطيران أو أمن المطارات، مشيرة إلى أن الحكومة الفيدرالية تحركت، مفتقرة إلى الجدارة، وحتى غير كفؤة، في الوقت الذي كان فيه قادتها في الغالب في إجازة، بينما موظفوهم لم يتمكنوا من تجميع «الفسيفساء».
وتقول الصحيفة، إن سجل الأيام، التي سبقت تلك الساعات المصيرية، أوضح مدى إمكانية تجنُّب ما أعقب 11/9، مشيرة إلى أن ردود الفعل المفرطة المذعورة، ومضاعفة الأخطاء، واعتقاد أن المزيد من الهجمات وحتى استخدام أسلحة الدمار الشامل، كانت في متناول الإرهابيين، كان ذلك في حد ذاته استنتاجات مبنية على معلومات استخباراتية سيئة، وعجز الحكومة عن رؤية صورة كبيرة.
وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، كوندوليزا رايس، قالت بعد الهجمات: «لا أعتقد أن أحداً كان بإمكانه أن يتوقَّع أن يركب هؤلاء الأشخاص طائرة ويصطدمون بها في مركز التجارة العالمي».
سيناريو 11 سبتمبر
ورغم تصريحات الوزيرة السابقة، فإنه في الشهر والأيام الستة التي سبقت الهجمات، تمت مناقشة مثل هذا السيناريو في مكتب التحقيقات الفيدرالي، بحسب «نيوزويك»، التي قالت إن اعتقال زكريا موسوي المقيم في مينيابوليس في 16 أغسطس 2001، وكان يحاول تعلُّم كيفية قيادة طائرة بوينج 747 الذي خلص مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى أنه مسلم متطرف، أثار قلق المخابرات وإدارة الطيران الفيدرالية، لكنه لم يدفع شركة الطيران ولا غيرها إلى إصدار تحذيرات عامة.
فلم تكن هناك قوانين ولا سياسات، تقف في طريق تفتيش كمبيوتر موسوي وممتلكاته، إلا أن مكتب التحقيقات الفيدرالي اختار ببساطة عدم متابعة أمر تفتيش جنائي، بحسب «نيوزويك» التي قالت إنه بينما تتقاتل مكاتب مختلفة في مكتب التحقيقات الفيدرالي مع بعضها عمّا يجب القيام به، لم يقف أي شخص خارج المكتب في طريق «الإرهابيين».
إحاطة استخباراتية
وقالت «نيوزويك»، إن الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش تلقى في 6 أغسطس 2001، إحاطة استخباراتية يومية مع مقال بعنوان «بن لادن مصمم على توجيه ضربات في الولايات المتحدة»، مشيرة إلى أن نائب مدير وكالة المخابرات المركزية جون ماكلولين رسم «القشة القصيرة» واضطلع بواجبه الصيفي في إحاطة الرئيس.
كان الهدف من المقال الرئاسي اليومي الموجز، هو إعطاء ملخص عن خلفية تهديد القاعدة، وهو على عكس الادعاءات اللاحقة، التي قالت إنه لم يكن تحذيرًا محددًا، بحسب «نيوزويك» التي قالت إن الرئيس بوش لم يتجاهل التقرير، بل سأل مختصيه في مناسبات عدة: ما إذا كان أي تهديد يشير إلى الولايات المتحدة؟
إلا أن وكالة المخابرات المركزية، أعدت مقالًا للرد على أسئلة بوش، ثم قررت إدخاله وتسليمه في 6 أغسطس، تضمَّن أن التهديد بشن هجوم داخلي من منظمة أسامة بن لادن، لا يزال قائماً وخطيراً.
وذكرت المقالة، التي رُفعت عنها السِّرية جزئيًا، أن «التقارير السِّرية والحكومية الأجنبية ووسائل الإعلام، تشير إلى أن بن لادن منذ عام 1997 أراد تنفيذ هجمات إرهابية في الولايات المتحدة.
وألمح بن لادن -في مقابلات تلفزيونية أمريكية- عامي 1997 و1998 إلى أن أتباعه سيتبعون حذو العالم، مفجر المركز التجاري رمزي يوسف [مهاجم عام 1993] وجلب القتال إلى أمريكا».
سرد زمني
قالت «نيوزويك»، إن أحد خاطفي الطائرات، كان قد دفع في 8 أغسطس 2001، رسومًا لممارسة مهارات الطيران في مركز كمبر للطيران، في ولاية فلوريدا.
وفي 10 أغسطس، خرج الخاطف الذي هاجم مبنى البنتاغون لاحقًا، في رحلة جوية بهدف استكشاف منطقة العاصمة واشنطن من الجو، بينما تواصل أحد مدربي الطيران في ولاية مينيسوتا، مع مكتب التحقيقات الفيدرالية «FBI»، في 11 أغسطس، لإبلاغهم باشتباهه في أحد أعضاء فرقة الاختطاف، وهو زكريا موسوي، الذي كان طالبًا في أكاديمية للطيران، وتم احتجازه لاحقًا.
وفي 12 أغسطس، خرج كبير المخططين للهجمات محمد عطا، في رحلة حملته إلى مدينة لاس فيغاس، لمناقشة هدف الهجمات مع طيارين آخرين، إلا أن إدارة الطيران الفيدرالية حذَّرت في 16 أغسطس، من إرهابيين قد يستخدمون أسلحة لاختطاف طائرة.
وفي 17 أغسطس، حلَّق الخاطف، زياد جراح، بجولة فحص للأنظمة المحمولة جوًا في مدرسة طيران بفلوريدا، بينما كان مكتب التحقيقات الفيدرالية يعتقد أن موسوي وشريكه في السكن، جزء من مخطط أكبر لجماعة متطرفة، في 18 أغسطس.
وفي اجتماع عُقد لأول مرة في 4 سبتمبر، شهد البيت الأبيض مناقشات للسياسات المخصَّصة للتعامل مع الإرهاب، وتنظيم القاعدة، إلا أنه في 5 سبتمبر، أرسل مكتب التحقيقات الفيدرالية تقريرًا وإيجازات إلى سُلطة الطيران الفيدرالية المحلية في مينيابوليس، محذِّرًا من تهديدات محتملة لاختطاف طائرات تعود لشركات كبيرة.
وفي 8 سبتمبر، حذرت وكالة الأمن القومي من هجمات إرهابية وشيكة، وفي 10 سبتمبر، اتصل بن لادن بوالدته، علياء، ليخبرها بأنه قد لا يتمكن من رؤيتها فترة من الزمن، بسبب شيء كبير كان على وشك أن يحصل.
وفي 11 سبتمبر، استفاق الأمريكيون والعالم على الاعتداء الإرهابي الأضخم على الأراضي الأمريكية، الذي خلَّف نحو 3 آلاف قتيل.
تحقيق مشترك
وخلص التحقيق المشترك بعد 11 سبتمبر، إلى أنه رغم المعلومات الاستخباراتية عن سرعة مستوى التهديد في ربيع وصيف 2001، ساد الافتراض في حكومة الولايات المتحدة، بأن الهجمات لا يمكن أن تحدث هنا يوم 11 سبتمبر، ونتيجة لذلك، لم تكن هناك جهود كافية، لتنبيه الرأي العام الأمريكي، إلى حقيقة التهديد وخطورته.
وبعد الحادي عشر من سبتمبر، كان هناك توجيه أصابع الاتهام إلى الرئيس بوش والبيت الأبيض، بين بيل كلينتون السابق وإدارة بوش، في وكالة المخابرات المركزية، ووكالة الأمن القومي، ومكتب التحقيقات الفيدرالي، وحتى في البنتاغون، لتفويت الأشياء وعدم التركيز.
وثائق مشكوك فيها
وأشارت إلى أن المخابرات الأمريكية، ومجتمعات إنفاذ القانون، ومكتب التحقيقات الفدرالي، وبقية مجتمع الاستخبارات، فشلت في أداء وظائفها، إضافة إلى أن البيت الأبيض فشل في التركيز والانتباه إلى الإشارات، بينما فشلت إدارة الطيران الفيدرالية، في إصدار تحذير كافٍ، وفشل العشرات من موظفي شركات الطيران والأمن، في أداء وظائفهم صباح 11 سبتمبر عندما كان هناك 19 رجلاً -بعضهم لديهم وثائق مشكوك فيها وواحد على الأقل لا يستطيع التحدُّث باللغة الإنجليزية بشكل كافٍ للإجابة عن الأسئلة الأمنية- ركبوا الطائرات وحوَّلوا ذلك الثلاثاء المشمس إلى أحد أحلك أيام أمريكا.
بن لادن والمخابرات المركزية
وتقول «نيوزويك»" مع الانسحاب السوفييتي عام 1989، سحبت وكالة المخابرات المركزية أيضًا، كل الدعم لبرنامج عملها السِّري ضد السوفييت، ولم تحتفظ بأصول مهمة داخل البلاد، بينما لم يُعرف سوى القليل عن بن لادن، بخلاف أنه كان واحدًا من العديد من المموِّلين للجماعات المتطرفة والإرهابية.
وعام 1993، تم إنشاء وحدة خاصة داخل مركز مكافحة الإرهاب التابع لوكالة المخابرات المركزية (CIA) تسمى محطة بن لادن، التي ركزت على تطوير المعلومات الاستخبارية عن الممول، وخلال عام 1998، عندما تعرَّضت السفارتان الإفريقيتان للهجوم في أغسطس، عملت وكالة المخابرات المركزية بمفردها مع أجهزة استخبارات أجنبية صديقة لتعطيل بن لادن، وتقليل قدرته على الانخراط في الإرهاب، وتقديمه إلى العدالة.
وخلص التحقيق المشترك بعد 11 سبتمبر، إلى أن استراتيجية مكافحة الإرهاب، التي تبنتها حكومة الولايات المتحدة في القضاء على أفغانستان، كملاذ وأرض تدريب لشبكة أسامة بن لادن الإرهابية، غير مجدية أو فشلت في تحقيق نتائج.
وفي الوقت الذي تولد فيه العديد من الملاحقات القضائية الناجحة، لم تكن جهود إنفاذ القانون كافية، من خلال استهداف أو القضاء على ملاذ بن لادن، فاستمرت الولايات المتحدة في احترام سيادة القانون وقبول قواعد السلوك الدولي، لكن بن لادن والقاعدة، لم يعترفا بأي قواعد وازدهرا في الملاذ الآمن، الذي توفِّره أفغانستان.