كافالا.. هل يتسبب في أزمة دبلوماسية جديدة بين تركيا والغرب؟
قرار الرئيس التركي ينذر بإلحاق المزيد من الضرر بالليرة التركية المتعثرة، التي سجلت سلسلة من الانخفاضات القياسية في الأسابيع الأخيرة، وسط قلق المستثمرين بشأن تدخل أردوغان في السياسة النقدية، وإدارته للاقتصاد

ترجمات – السياق
رأت صحيفة فايننشال تايمز، أن قرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، باعتبار سفراء 10 دول، بينها أمريكا، أشخاصًا غير مرغوب فيهم، ينذر بتدهور جديد، في علاقات تركيا المتوترة بالفِعل، مع أوروبا والولايات المتحدة.
وقالت الصحيفة، في تقرير، إن قرار أردوغان جاء على خلفية مطالبتهم بالإفراج عن المعارض التركي المسجون عثمان كافالا، وتوقعت أن يثير القرار -حال تطبيقه- أزمة دبلوماسية مع الدول العشر التي يمثلها السفراء.
وقال أردوغان، خلال جولة وسط تركيا: "أمرت وزير خارجيتنا بالتعامل في أسرع وقت، مع إعلان هؤلاء السفراء العشرة عبر اعتبارهم أشخاصاً غير مرغوب فيهم"، من دون أن يعلن موعداً لذلك.
كانت وزارة الخارجية التركية استدعت، سفراء عشر دول بينها الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا، بسبب بيان يطالب بالإفراج العاجل عن كافالا.
يذكر أن بقية السفراء يمثلون كندا والدنمارك وهولندا والنرويج، والسويد، وفنلندا، ونيوزيلندا.
نسف العلاقات
ورأت "فايننشال تايمز" أن خطوة أردوغان، قد تنسف جهود أنقرة الأخيرة، لإصلاح العلاقات مع واشنطن والاتحاد الأوروبي، وتتسبِّب في المزيد من "الألم" لليرة التركية، التي تراجعت بشدة في الأسابيع الأخيرة، وسط مخاوف بشأن الاقتصاد.
ودعا السفراء العشرة، في بيان مشترك، إلى حل سريع وعادل لقضية كافالا، المسجون منذ أعوام بتهمة السعي لقلب نظام الحكم.
وأكدت "فايننشال تايمز" أن جماعات حقوق الإنسان وأحزاب المعارضة، وحتى أعضاء في الحزب الحاكم الذي ينتمي إليه أردوغان، وصفوا الاتهامات بحق "كافالا" بأنها واهية وذات دوافع سياسية.
وأشارت إلى أنه عام 2019، أمرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بالإفراج عنه، إلا أن كافالا ظل محاصرًا في سلسلة من المحاكمات المتعاقبة، من دون سبب، والعام الماضي، تمت تبرئته من تهمة تنظيم احتجاجات "جيزي" عام 2013، ثم أعيد اعتقاله بعد ساعات.
وأوضحت الصحيفة البريطانية، أن كافالا (64 عاما) أصبح رمزًا في مواجهة حملة القمع الشاملة، التي أشرف عليها أردوغان، في أعقاب محاولة الانقلاب المزعومة عام 2016، إلا أن أردوغان يصفه بـ"الإرهابي"، وفي حديثه الخميس الماضي ردًا على بيان السفراء، قال إنهم لن يطلقوا سراح "قُطاع الطرق والقتلة والإرهابيين" في بلدانهم.
تدهور الليرة
وحذرت "فايننشال تايمز" من أن قرار الرئيس التركي ينذر بإلحاق المزيد من الضرر بالليرة التركية المتعثرة، التي سجلت سلسلة من الانخفاضات القياسية في الأسابيع الأخيرة، وسط قلق المستثمرين بشأن تدخل أردوغان في السياسة النقدية، وإدارته الأوسع للاقتصاد البالغ 765 مليار دولار.
وأوضحت الصحيفة، أن الليرة وصلت الجمعة، إلى أدنى مستوى عند 9.66 مقابل الدولار، بعد أن فاجأ البنك المركزي الخميس الماضي، الأسواق بخفض سعر الفائدة الرئيسي، في وقت يتزايد فيه التضخم وعدم الاستقرار المالي.
من جانبه، اتهم كمال كيليجدار أوغلو، زعيم المعارضة الرئيسي في البلاد، الرئيس التركي بالتصرف ليس من أجل المصلحة الوطنية، بل لأجل "صُنع مبررات وهمية" تضر بحالة الاقتصاد المترنح بالأساس.
كما وصف سونر كاجابتاي، الزميل البارز في معهد واشنطن، القرار بأنه "جنوني، حتى بالمعايير التركية".
وأضاف: "أعتقد أن أردوغان استوعب حقيقة أن الاقتصاد التركي، ساء بشكل لا يمكن إصلاحه، وبدلاً من محاولة تحسين الأمور، يحاول إلقاء اللوم على الغرب".
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية، إنها على علم بالتقارير المتعلقة بتصريحات أردوغان، وإنها "تسعى لتوضيح" من وزارة الخارجية التركية.
وقالت هولندا والسويد والنرويج والدنمارك، إنها لم تتلق أي إخطار رسمي من السلطات التركية بشأن طرد سفرائها.
مَنْ هو كافالا؟
يذكر أن كافالا رجل الأعمال، وأحد رموز المجتمع المدني في تركيا، موقوف منذ أكتوبر 2017 ويواجه عقوبة السجن مدى الحياة، إذا أدين بالتهم الموجهة إليه.
ويتهم القضاء التركي كافالا بـ"محاولة قلب نظام الحكم"، في إشارة إلى تورطه المزعوم في محاولة الانقلاب الفاشلة ضد الرئيس رجب طيب أردوغان في يوليو 2016، و"التجسّس السياسي".
وتمتد الاتهامات التي تلاحق كافالا، إلى دوره المزعوم في الاحتجاجات المناهضة للحكومة عام 2013، بعدما أبطلت محكمة استئناف في يناير، حُكم البراءة الذي حصل عليه قبل عام، في هذه القضية.
وطالما نفى كافالا التهم الموجهة إليه، وتعتقد المنظمات الحقوقية غير الحكومية، أن الحكومة تحاول أن تجعله عبرة، لترهيب المجتمع المدني.