تصاعد الاحتجاجات وسط الخرطوم.. وتدخل أمريكي لضبط بوصلة الأزمة السودانية
وسائل إعلام محلية، كشفت أن المعتصمين في محيط القصر الرئاسي -الذين بدأوا اعتصامهم الأسبوع الماضي- أغلقوا كل الطرق وسط الخرطوم، ومداخل جسر المك نمر، إضافة إلى إضرام النيران في الإطارات بأحد الشوارع.

السياق
إغلاق للطرق وإشعال النيران في إطارات السيارات، كانا عنوانًا لتصاعد الاحتجاجات، في العاصمة السودانية الخرطوم، بينما قوبلت تلك التحركات بانتشار أمني مكثف من الشرطة.
وكشفت وسائل إعلام محلية، أن المعتصمين في محيط القصر الرئاسي -الذين بدأوا اعتصامهم الأسبوع الماضي- أغلقوا كل الطرق وسط الخرطوم، ومداخل جسر المك نمر، إضافة إلى إضرام النيران في الإطارات بأحد الشوارع.
وأضافت التقارير المحلية، أن القوات الأمنية نفَّذت انتشارًا مكثفًا في الشوارع الجانبية، وأطلقت الغاز المسيل للدموع على متظاهرين، أغلقوا شارع النيل بالقرب من وزارة الخارجية، مشيرة إلى أن هناك عمليات كر وفر بين المحتجين والأمن، بعد محاولتهم إغلاق شوارع وسط الخرطوم.
تصاعد الاحتجاجات، يأتي بعد ساعات من محاولة متظاهرين بالعصي، اقتحام مقر وكالة الأنباء السودانية الرسمية «سونا» قبل مؤتمر صحفي مقرر لوفد من قوى إعلان الحرية والتغيير "التحالف الحاكم".
وقالت صحيفة «سودان تريبيون»، إن نحو 150 من المشاركين في الاعتصام أمام القصر الجمهوري، المطالبين بحل الحكومة المدنية وتسليم السلطة إلى العسكريين، اقتحموا مقر الوكالة قبل بدء المؤتمر الصحفي، مشيرة إلى أنهم أضرموا النيران في إطارات السيارات وأغلقوا شارع الجمهورية قرب مباني الوكالة، وسط تصاعد التوتر في الموقع.
إسكات الأصوات
وقال القيادي في قوى الحرية والتغيير، صديق الصادق المهدي، لـ«سودان تربيون»، إن «جماعة من القصر الرئاسي منعت عقد مؤتمر صحفي للائتلاف الحاكم في موعده المحدد بالثالثة عصر السبت»، مشيرًا إلى أن «محاولة إسكات الأصوات، سلوك أشخاص لا يملكون ثقة بأنفسهم، وهذا يؤكد ضعف حجتهم».
وبينما نفى مساعد رئيس تحرير السودان لشؤون الإعلام، نور الدائم طه، ضلوعهم في منع المؤتمر الصحفي، حمَّلت «قوى الحرية والتغيير» في بيان «مجموعات تتبع الفلول واعتصام القصر»، مسؤولية اقتحام مقر الوكالة لمنع المؤتمر.
وتعيش العاصمة الخرطوم، على وقع توترات متصاعدة، أبدى مراقبون تخوفهم من نتائجها، بعد مظاهرات حاشدة الخميس الماضي، لأنصار ومؤيدي قوى الحرية والتغيير، للمطالبة بتسليم الحكم للسلطة المدنية وإبعاد العسكريين.
من جانبه، قال ياسر عرمان، عضو المجلس المركزي القيادي للحرية والتغيير، في كلمته خلال مؤتمر صحفي، إن الحكومة لن تحل بقرارات فوقية لفرد أو بإملاءات، مشيرًا إلى أن قرار الحل والعقد بيد الشعب.
وأكد عرمان، مساندة قوى الحرية والتغيير للحكومة، وعلى رأسها عبد الله حمدوك رئيس مجلس الوزراء، في مساعيها لمعالجة الأزمة السياسية والاقتصادية، مشيرًا إلى أن احتجاجات الحادي وعشرين من أكتوبر الجاري، أكدت أن الشعب قال كلمته الداعمة للانتقال ومساندته للديمقراطية كخيار وحيد.
انقلاب زاحف
واعتبر عرمان، أن «الأزمة الحالية مصنوعة على شكل انقلاب زاحف، في وقت يغلق فيه المحتجون منذ نحو شهر مرفأ بورتسودان الرئيسي شرقي البلاد، وينفِّذ مئات المحتجين الآخرين اعتصامًا منذ أسبوع قرب القصر الرئاسي، للمطالبة بتشكيل حكومة جديدة بعد حل الحالية».
وأكد عرمان دعمه للجنة التفكيك، لأنها أحد أهم عوامل تفكيك دولة الحزب الواحد، التي عمل على تمكينها النظام البائد لصالح دولة الوطن، داعيًا إلى تسليم المطلوبين للعدالة الجنائية.
وشدد على أن قضية شرق السودان عادلة واستراتيجية، ينبغي ألا تقحم في أتون التجاذب السياسي والصراع على السلطة، مشيرًا إلى ضرورة العمل على وجود جيش واحد.
ووسط محاولات، للضغط على حكومة حمدوك للاستقالة أو إجراء تعديلات وزارية، تحدثت أنباء عن موافقة الأخير على بعض التغييرات، إلا أن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء السوداني، عبدالله حمدوك، نفى التقارير التي تحدثت عن موافقة الأخير على حل مجلس الوزراء.
وقال المكتب الإعلامي لحمدوك، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إن هذه التقارير كانت غير دقيقة، في عرض مواقف الأطراف المختلفة، مشيرًا إلى أن «رئيس الوزراء لا يحتكر حق تقرير مصير مؤسسات الانتقال، وأنه متمسك بالنقاط التي أوردها في خطابه يوم الجمعة 15 أكتوبر كمدخل لحل الأزمة، بمخاطبة كل جوانبها عبر حوار يشارك فيه الجميع».
وأكد المكتب الإعلامي، أن حمدوك يواصل اتصالات ولقاءات، بمختلف أطراف السلطة الانتقالية والقوى السياسية، لبحث سبل معالجة الأزمة، مشيرًا إلى أنه التقى ممثلين للمكون العسكري في المجلس السيادي، كما التقى ممثلين للمجلس المركزي للحرية والتغيير، لحماية عملية الانتقال المدني الديمقراطي، وحماية أمن البلاد وسلامتها.
تدخل أمريكي
وفي محاولة لحلحلة تلك الأزمة المتصاعدة منذ سبتمبر الماضي، بين المكونين المدني والعسكري، اللذين يتقاسمان السلطة في البلاد، عقد المبعوث الأمريكي للقرن الإفريقي جيفري فليتمان في مكتبه بالقيادة العامة، اجتماعًا مع رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو، ورئيس الوزراء عبدالله حمدوك، تبعه بآخر مع حمدوك في مقر إقامته.
وبحسب بيان نشرته السفارة الأمريكية، فإن المبعوث فليتمان ناقش مع القيادات السودانية، تطورات الوضع السياسي الراهن، والجهود الجارية للخروج من الأزمة، وشدد على دعم الولايات المتحدة لانتقال ديمقراطي مدني، وفقًا للرغبات المعلنة للشعب السوداني.
وحث المبعوث الأمريكي جميع الأطراف، على تجديد الالتزام بالعمل معًا لتنفيذ الإعلان الدستوري واتفاقية جوبا للسلام، مطالبًا الأطراف المشاركة في الانتقال، بالعمل على تكوين المجلس التشريعي، والمحكمة الدستورية، ومفوضية الانتخابات، وهياكل العدالة الانتقالية، ومجلس القضاء العالي.
ووصف فيلتمان، مطالبة حمدوك بحل الحكومة، بأنها محاولة لصرف النظر عن القضايا الأساسية، وطالب الطرفين -المدني والعسكري- بدلًا من ذلك، بتكريس الجهود والعمل لإنجاز مهام الانتقال، مشيرًا إلى أنه ليس للمدنيين، اختيار شركائهم من العسكريين في العملية الانتقالية، وكذلك الأمر بالنسبة للعسكر فهم لا يمكنهم أن يختاروا شركاءهم من المدنيين.
توسيع المشاركة
وقال مجلس السيادة، في بيان بعد اللقاء، إن البرهان دعا إلى توسيع المشاركة السياسية للقوى الوطنية ما عدا المؤتمر الوطني، مشيرًا إلى أنه «لا يمكن احتكار الحكومة التنفيذية بأحزاب بعينها، لا تمثل كل أطياف الشعب السوداني».
وبعد الاجتماع الرباعي، عقد المبعوث الأمريكي لقاءً منفصلًا مع حمدوك، قالت عنه وكالة الأنباء السودانية، إنه ناقش الأوضاع السياسية، وأهمية المحافظة على عملية الانتقال المدني الديمقراطي، وصولاً لانتخابات حرة نزيهة، يختار فيها الشعب السوداني ممثليه بنهاية الفترة الانتقالية.
واستعرض اللقاء، الأزمة السياسية الحالية، وسبل الخروج منها، عبر الالتزام بالوثيقة الدستورية واتفاقية جوبا لسلام السودان، بالشراكة الحالية.