بعد 44 عامًا... مكتبة دار الساقي تغلق أبوابها بسبب الصعوبات الاقتصادية

تأسست دار الساقي على يد أندريه وسلوى غاسبار، مع صديقتهما الراحلة مي غصوب، عام 1978، حيث استقروا في لندن بعد هجرتهم من بيروت، التي مزقتها الحرب.

بعد 44 عامًا... مكتبة دار الساقي تغلق أبوابها بسبب الصعوبات الاقتصادية

ترجمات - السياق

كشفت صحيفة غارديان البريطانية، أن دار الساقي، أكبر شركة لبيع الكتب في الشرق الأوسط ومقرها لندن، تعتزم إغلاق أبوابها نهاية الشهر الجاري، بعد 44 عامًا من العمل والنجاح، بسبب التحديات الاقتصادية الصعبة.

وألقت مكتبة الساقي في لندن - التي تأسست عام 1978- باللوم على الإغلاق في ارتفاع أسعار الكتب باللغة العربية، والتأثير الضار لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وافتتحت مكتبة الساقي في حي بايزواتر غربي لندن عام 1978، وتبيع كتبًا عن الشرق الأوسط وشمال إفريقيا باللغة الإنجليزية، وفي جميع الموضوعات باللغة العربية.

 

الأعلى مبيعًا

وحسب "غارديان" تضمنت عناوين مكتبة الساقي الأخيرة الأكثر مبيعًا، وفقًا لموقعها على الإنترنت، كتاب الطبخ "الخبز والملح" لأسمهان برواني باللغتين الكردية والإنجليزية، وقصائد كلاسيكية للنساء العربيات، وهو كتاب ثنائي باللغتين الإنجليزية والعربية.

ومن المقرر إغلاق المكتبة في 31 ديسمبر من هذا العام، حيث قالت مديرة المكتبة سلوى غاسبارد إنه كان "قرارًا صعبًا يجب اتخاذه بسبب التحديات الاقتصادية الأخيرة، مثل الزيادات الحادة في أسعار الكتب باللغة العربية".

ونقلت الصحيفة البريطانية عن سلوى غاسبارد، مالكة ومديرة المكتبة قولها: "أثرت عمليات الإغلاق المختلفة والانهيار اللاحق لسلاسل التوريد سلبًا في العديد من الشركات المستقلة مثل شركتنا، لكن بصفتنا بائع كتب متخصص في الوطن العربي يورِّد مخزوننا من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كان علينا أيضًا مواجهة الزيادات الحادة في أسعار الكتب باللغة العربية ورسوم الشحن وأسعار الصرف".

وأضافت: "ستكون هذه أخبارًا حزينة للكثيرين، لأن المكتبة كانت موطنًا للشتات العربي. وبالنسبة لي، فإن الساقي أكثر بكثير من مجرد مكتبة. لقد نشأت في الساقي وقضيت أنا وأختي ساعات نلعب بين الكتب. لقد كان امتيازًا لتشغيل كتب الساقي والعمل جنبًا إلى جنب مع والدي. سنفتقد العمل بجانب المكتبة، لكننا نتطلع إلى الفصل التالي في تاريخ الساقي من مقر مكتبنا الجديد غربي لندن، حيث يتشارك دار الساقي العديد من القراء المخلصين مع المكتبة، ونحن متحمسون لإمكانية جلب أفضل ما في الكتابة الجديدة والكلاسيكية من الوطن العربي إلى الجماهير في المملكة المتحدة وخارجها".

وأشارت "غارديان" إلى أنه رغم إغلاق دار الساقي للكتب، ستظل أذرعها للنشر مفتوحة للعمل من مقر جديد غربي لندن.

تأسست دار الساقي على يد أندريه وسلوى غاسبار، مع صديقتهما الراحلة مي غصوب، عام 1978، حيث استقروا في لندن بعد هجرتهم من بيروت، التي مزقتها الحرب، وافتتحوا المكتبة في "بايزواتر" لتوفير سوق غير مستغل للغة الإنجليزية في ذلك الوقت، وكتب عربية عن الوطن العربي.

 

ضوء رائد

وقال مسئولو الدار في بيان الإغلاق: على مدى العقود الأربعة الماضية، أصبحت المكتبة ضوءًا رائدًا ليس فقط للمغتربين العرب في المملكة المتحدة وأوروبا، بل أيضًا للزوار العرب الراغبين في الحصول على الكتب المحظورة في بلدانهم، كما كان للساقي نصيبه من العملاء المشهورين، بينهم الشاعر البريطاني أكالا والموسيقي الإنجليزي الشهير بريان إينو والعازف والملحن الشهير دامون ألبارن.

وبينت غاسبارد أن المكتبة كانت تشتري الكتب من لبنان "لكن الوضع الاقتصادي هناك جعل هذا الأمر شبه مستحيل"، حيث ارتفعت أسعار الكتب في البلاد بشكل كبير.

وقالت: "اضطر الناشرون إلى وقف العمل، حيث تضاعفت تكلفة الورق والشحن"، وتابعت: "كان فرق سعر الصرف، أيضًا، من أسباب الإغلاق، خصوصًا أننا كنا ندفع بالدولار الأمريكي، ثم، بالطبع، هناك ارتفاع في تكلفة المعيشة بالمملكة المتحدة، حيث أصبحت التكاليف المرتبطة بتشغيل المكتبة مرتفعة للغاية".

وأوضحت غاسبارد أن هناك أيضًا انخفاضًا في المبيعات، ويرجع ذلك جزئيًا إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتابعت: "اعتدنا بيع العديد من الكتب إلى الاتحاد الأوروبي، وهو أمر لم يعد ممكنًا بسبب الإجراءات".

وأشارت إلى أن من الأسباب التي اضطرتهم للإغلاق أيضًا تراجع المبيعات للمكتبات العربية الموجودة في المملكة المتحدة، بخلاف فقد الدار لجزء كبير من قاعدة عملائها، بسبب قلة الزوار العرب خلال الفترة الأخيرة، لافتة إلى أن هناك أيضًا مشكلة تتعلق بالأجيال، إذ لم يعد الشباب العرب يهتمون بالقراءة كما كان آباؤهم.

كانت صناعة النشر في المملكة المتحدة تشعر بالقلق بشأن أسعار الكتب هذا العام، حيث إن ارتفاع تكاليف الورق والطاقة وتأثيرات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تعني أنها تواجه ضغوطًا مالية متزايدة.

وحسب "غارديان" فإن من المحتمل أن ترتفع تكاليف الورق مرة أخرى، رغم محاولة الناشرين تخفيف ذلك باستخدام ورق أرخص وأرق، وتأجيل إعادة طبع الكتب القديمة ونشر عدد أقل من العناوين، لتقليل التكاليف وتجنُّب زيادة أسعار التجزئة الموصى بها.

كما شهدت المكتبات أيضًا زيادة في أسعار الكتب الخيالية ذات الغلاف المقوى، التي كانت تُباع عادةً بالتجزئة بسعر يتراوح بين 15 و20 جنيهًا استرلينيًا.

وذكرت مجلة بوك سيلر -المعنية ببيع الكتب- أن الكتب المقواة تباع بشكل متزايد بسعر تجزئة موصى به، يتراوح بين 22 و25 جنيهًا إسترلينيًا، مع عدم قدرة المكتبات المستقلة على التنافس مع بائعي التجزئة الأكبر حجمًا، الذين يمكنهم تحمُّل الخصم.

وأشارت المجلة إلى أن المتجر يفتخر بـ "جو من الانفتاح والنقاش والتجمعات الودية والمناسبات العامة" في المتجر نفسه، وكذلك في معرض الكوفة، وهو مكان مهم للفنون في مبنى ويستبورن غروف.

كما رحب الساقي برموز ثقافية مهمة متباين،ة مثل هارولد بينتر والروائية المصرية الراحلة نوال السعداوي.

في المقابل، واجهت المكتبة تحديات على مر السنين، بدءًا من حملات الرقابة، وتحطيم نوافذ المتاجر بعد قضية سلمان رشدي وأثناء حرب العراق عام 2003، ونضوب المخزون بسبب قصف أحد المستودعات والحصار البحري خلال حرب لبنان عام 2006.

وفي يوليو 2021، غمرت المياه الطابق السفلي للمتجر، ودمرت مئات الكتب.

أمام ذلك، جمعت حملة تمويل جماعي أكثر من 15000 جنيه استرليني، في غضون 48 ساعة، وحصلت على دعم كبير من عدد من المشاهير، مثل مقدمة التلفزيون البريطانية ماري بيرد.