الاتفاق الإطاري... هل ينهي الأزمة في السودان؟
ينص الاتفاق الإطاري، على بدء مرحلة انتقال سياسي يقودها مدنيون لمدة عامين، تنتهي بإجراء انتخابات، ويهدف إلى إنهاء الأزمة السياسية، التي اندلعت بعد قرارات المجلس السيادي في أكتوبر 2021.

السياق
بعد أكثر من عام على الأزمة السياسية التي يعانيها السودان، بدأ البلد الإفريقي يطوي صفحة الخلافات، نحو مرحلة انتقالية جديدة، عنوانها تنحية الجيش عن الشأن السياسي وإصلاح الخلل الذي شاب المراحل السابقة.
تلك المرحلة الجديدة، بدأت الاثنين، من القصر الجمهوري، حيث توقيع الفرقاء السياسيين، الاتفاق السياسي الإطاري، لإنهاء الأزمة السياسية بالبلاد، تمهيدًا لتشكيل حكومة لإكمال الفترة الانتقالية.
الاتفاق -الذي وُقع الاثنين- يقود السودان إلى مرحلة انتقالية عمرها 24 شهرًا من تاريخ تعيين رئيس الوزراء، كان أطرافه رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق عبدالفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو، إضافة إلى حزب الأمة القومي والمؤتمر السوداني والحزب الاتحادي والمؤتمر الشعبي وقوى إعلان الحرية والتغيير المجلس المركزي وعدد من القوى السياسية.
ملامح الاتفاق
ينص الاتفاق الإطاري، على بدء مرحلة انتقال سياسي يقودها مدنيون لمدة عامين، تنتهي بإجراء انتخابات، ويهدف إلى إنهاء الأزمة السياسية، التي اندلعت بعد قرارات المجلس السيادي في أكتوبر 2021.
وثيقة الاتفاق السياسي الإطاري، التي وقعها الفرقاء الاثنين، تكونت من محاور عدة، بشأن هوية الدولة وحرية المعتقدات، ودور الجيش وقوات الشرطة والمخابرات العامة في المرحلة المقبلة، واختصاصات كل جهاز.
هوية الدولة وملامح عامة
الاتفاق الإطاري، نص على أن «السودان دولة متعددة الثقافات والإثنيات والأديان واللغات، تتأسس هوياتها على أساس مكوناتها التاريخية والمعاصرة»، إضافة إلى أن السودان دولة مدنية ديمقراطية فدرالية برلمانية، السيادة فيها للشعب وهو مصدر السلطات، ويسود فيها حكم القانون والتداول السلمي للسلطة، عبر الانتخابات الحرة والنزيهة والتقسيم العادل للثروات».
ينص الاتفاق على أن الدولة (السودان) تدعم وتحمي حرية المعتقد والممارسات الدينية، وتقف على مسافة واحدة من الهويات الثقافية والدينية، ولا تفرض دينًا على أي شخص، وتكون غير منحازة في الشؤون الدينية.
كما ينص على ضرورة الالتزام بمواثيق حقوق الإنسان الدولية، خاصة حقوق النساء، وحماية المبادئ الداعمة لحرية العمل النقابي والتجمع السلمي، وترسيخ مبدأ العدالة، ووضع حد لجرائم الإفلات من العقاب وقانون حقوق الإنسان وكل أشكال العنف ضد المرأة، بما في ذلك العنف الجنسي.
كما ينص على الالتزام بمبدأ العمل السياسي السلمي ورفض وإدانة وتجريم كل أشكال اللجوء للعنف والتطرف أو الخروج عن الشرعية الدستورية وتقويض النظام الديمقراطي.
ونص على ضرورة اعتماد سياسة خارجية متوازنة، تلبي مصالح البلاد العليا وتجنبها الانحيازات، وتدعم السلم والأمن الإقليمي، وتقوم على محاربة الإرهاب وحُسن الجوار، إضافة إلى مكافحة الفساد.
قضايا ومهام الانتقال
بحسب نص الاتفاق، الذي تلاه مدير هيئة الإذاعة والتلفزيون السابق لقمان أحمد، فإن الإصلاح الأمني والعسكري يقود لجيش مهني واحد، يحمي حدود الوطن، وينأى بالجيش عن السياسة، ويحظر مزاولة القوات النظامية للأعمال الاستثمارية والتجارية، ما عدا تلك التي تتعلق بالتصنيع الحربي.
ويُنقى الجيش من أي وجود سياسي حزبي، بينما تقتصر مهمة جهاز المخابرات على جمع المعلومات وتحليلها للجهات المختصة، ولا تكون له سلطة اعتقال أو احتجاز، ولا يحتفظ بمرافق لذلك الغرض.
كما نص الاتفاق على إطلاق عملية شاملة تحقق العدالة الانتقالية، وتضمن عدم الإفلات من العقاب، وإيقاف التدهور الاقتصادي والإصلاح الاقتصادي، وفق منهج تنموي شامل ومستدام، يعالج الأزمة المعيشية وينحاز للفقراء، ويعمل على محاربة الفساد.
وأكد الاتفاق ضرورة إزالة تمكين نظام 30 يونيو، واسترداد الأمول المتحصل عليها بطريقة غير مشروعة، ومراجعة القرارات التي بموجبها جرى تفكيك لجنة نظام الثلاثين من يونيو.
ونص الاتفق على إطلاق عملية شاملة لصناعة الدستور والاتفاق على الأسس والقضايا الدستورية، وتنظيم عملية انتخابية شاملة بنهاية الفترة الانتقالية، على أن يبدأ التحضير لها، بينما تكون مدة الفترة الانتقالية 24 شهرًا تبدأ من تاريخ تعيين رئيس الوزراء.
كما نص على أن رئيس الوزراء يتشاور مع الأطراف المدنية لاختيار الفريق الوزاري من دون محاصصة حزبية، وأن يكون تعيين الحكومات الإقليمية بالتشارو مع القوى الموقعة على الإعلان السياسي.
ونص الاتفاق -كذلك- على أن يكون مجلس الأمن والدفاع برئاسة رئيس الوزراء والوزارات المعنية وست من حركات الكفاح المسلح الموقعة على اتفاق جوبا، على أن تحدد مهامه وصلاحيته وفق الدستور الانتقالي.
وبحسب الاتفاق، فإنه سينشأ مجلس عدلي مؤقت من 11 عضوًا من الكفاءات الوطنية ويعد محلولًا بانتهاء مهامه، على أن ينشأ –كذلك- المجلس الأعلى للنيابة العامة ويحدد القانون عضويته.
وينص الاتفاق على أن يعين رئيس الوزراء المفوضيات المستقلة من قائمة المرشحين، وألا تقل نسبة تمثيل النساء عن 40% في المستويين التشريعي والتنفيذي.
وحدد الاتفاق بعض مهام الأجهزة النظامية، بينها القوات المسلحة والشرطة وجهاز المخابرات العامة.
القوات المسلحة
مؤسسة نظامية قومية احترافية غير حزبية، منظمة هيكليًا طبقًا للقانون للحفاظ على أمن وسلامة الوطن.
يكون رأس الدولة قائدًا أعلى للقوات المسلحة.
يحدد القانون الحالات التي يجوز فيها لمجلس الوزراء أن يلجأ لإشراك القوات المسلحة في مهام ذات طبيعة غير عسكرية.
تتكون القوات المسلحة من مكونات الشعب السوداني، وتخضع لمؤسسات السلطة الانتقالية ولا تستخدم ضد الشعب السوداني.
يحظر تكوين مليشيات عسكرية أو شبه عسكرية، ويحظر مزاولة أنشطة استثمارية، إلا تلك المتعلقة بالمهام العسكرية.
تخضع بقية الشركات لإشراف وزارة المالية.
تكون مهام القوات المسلحة في الفترة الانتقالية:
الالتزام بالنظام الدستوري واحترام سيادة القانون، وسيادة البلاد وحماية حدودها.
تنفيذ السياسات المتعلقة بالإصلاح الأمني وصولًا لجيش أمني احترافي واحد.
تنفيذ الترتيبات الأمنية الواردة في اتفاق جوبا للسلام.
دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة.
مراجعة شروط القبول بالكليات الحربية.
تنفيذ مهام القوات المسلحة في الدستور الانتقالي بقيادة القوات المسلحة.
قوات الدعم السريع قوات عسكرية تتبع القوات المسلحة ويحدد القانون أهدافها ومهامها ويكون رأس الدولة قائدًا لها.
قوات الشرطة
تعمل على إنفاذ القانون وتختص بحماية المواطنين وخدمتهم وتخضع لسياسات وقرارات مجلس الوزراء.
ينشأ جهاز للأمن الداخلي ويتبع وزارة الداخلية.
يحظر تشكيل قوات شرطية خاصة أو إنشاء وحدات تحد من الحريات العامة.
إصلاح قوات الشرطة وإزالة التمكين فيها مع عدم التمييز فيها على أي أساس.
يحظر على قوات الشرطة ممارسة أي أعمال استثمارية أو تجارية.
جهاز المخابرات العامة
يختص بالأمن الوطني وتقتصر مهامه على جمع المعلومات وإرسالها للجهات المختصة.
يحظر الجهاز من ممارسة العمل التجاري والاستثماري إلا في إطار أدائه لمهامه.
يتبع الجهاز رئيس الوزراء ويحدد القانون مهامه وميزانيته.
يعين رئيس الوزراء المدير العام للجهاز ونوابه.
تتخذ الحكومة الانتقالية لإصلاح وتحديث جهاز المخابرات العامة.
قضايا الاتفاق النهائي
تطوير الاتفاق الإطاري بمشاركة جماهيرية واسعة من أصحاب المصلحة والقوى الموقعة على الاتفاق السياسي في 5 قضايا أساسية.
العدالة والعدالة الانتقالية
قضية تحتاج إلى مشاركة أصحاب المصلحة وأسر الشهداء، على أن تشمل كل من تضرروا من انتهاكات حقوق الإنسان منذ عام 1989 حتى اليوم.
الإصلاح الأمني والعسكري من أمهات القضايا، فمن دون إصلاح وبناء جيش واحد مهني، وفق ترتيبات أمنية، فإن السودان لن يحقق الديمقراطية ولا السلام ولا التنمية.
اتفاق جوبا وإكمال السلام
تنفيذ اتفاق جوبا مع تقييمه وتقويمه بين الموقعين على الاتفاق السياسي وأطراف الاتفاق.
تفكيك نظام 30 يونيو الذي اختطف الدولة السودانية ومؤسساتها وشرعن حزبتها، لبناء دولة ديمقراطية على نحو يحترم القانون واحترام الحقوق الأساسية.
الالتزام بحل أزمة الشرق بوضع الترتيبات المناسبة لاستقرار السودان، بما يحقق السلام العادل ضمن الحقوق الدستورية لمواطن الإقليم ومشاركة جميع أصحاب المصلحة في العملية السياسية الجارية.
وعن ذلك الاتفاق، قال المبعوث الأممي في السودان فولكر بيتس، إنه من المهم أن تبدأ المرحلة الثانية لهذه العملية السياسية على الفور، لمعالجة القضايا العالقة لإتمام اتفاق سياسي شامل، وإصلاح قطاع الأمن الذي سيؤدي لتشكيل جيش مدني واحد.
وأوضح المبعوث الأممي، في كلمته بعد توقيع الاتفاق، أن هذه المرحلة تتطلب مشاورات واسعة النطاق مع جميع أصحاب المصلحة، مشيرًا إلى أنها تتطلب كذلك جهودًا للتواصل مع القوى التي لم تنضم لتوقيع الاتفاق الإطاري.
وعبر المبعوث الأممي عن آماله بأن يمهد هذا الاتفاق الطريق سريعًا لتشكيل حكومة مدنية، تستطيع أن تعالج الوضع الأمني والإنساني والاقتصادي، مشيرًا إلى أن تشكيل حكومة ذات مصداقية أمر بالغ الأهمية لاستعادة هيبة الدولة، ولتهيئة الظروف اللازمة لجلب الدعم الدولي.
وقال المبعوث الأممي إن الاتفاق يقود السودان لحكومة متوافق عليها، لإجراء حوار سوداني شامل، للتقسيم العادل للثروة وتمهيد الطريق لإتمام عملية السلام مع الحركة الشعبية، وحركة تحرير السودان.
وأشاد فولكر بيتس، بجميع أصحاب المصلحة السودانيين وبالخطوة «الشجاعة» التي اتخذتموها لتجاوز الخلافات وإيجاد حل مشترك لإصلاح هذا البلد، مشيرًا إلى أن هذا الاتفاق الإطاري ليس مثاليًا، لكنه يوفر أساسًا جيدًا لاستعادة الحكم المدني.
وشجع المبعوث الأممي جميع الأطراف على الانضمام للعملية السياسية، وعلى المشاركة البناءة، موجهًا رسالة شكر للمجتمع الدولي، داعيًا لاستئناف المساعدات والدعم الدولي.