هل يمكن أن تكون الصين بديلًا لأمريكا في منطقة الخليج؟

فايننشال تايمز: الصين تخطو فوق أصابع قدم واشنطن بينما يتجه شي إلى السعودية

هل يمكن أن تكون الصين بديلًا لأمريكا في منطقة الخليج؟

ترجمات – السياق

في أول زيارة له إلى السعودية منذ ست سنوات، تهبط طائرة الرئيس الصيني شي جين بينغ هذا الأسبوع، في البلد الخليجي، في زيارة تهدف إلى تعزيز علاقات بكين مع دول الخليج.

إلا أن الزيارة الأولى للرئيس الصيني للمملكة، تأتي بعد خمسة أشهر من تحذير وجهته الولايات المتحدة، إلى بكين، بأنها لن تتنازل عن الشرق الأوسط لها أو لأي شخص، بحسب «فايننشال تايمز»، التي قالت إن رسالة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى الزعماء العرب المجتمعين عندما زار الرياض في يوليو الماضي، نصت على: «لن نغادر ونترك فراغًا تملأه الصين أو روسيا أو إيران. الولايات المتحدة لن تذهب إلى أي مكان».

ورغم ذلك، فإن الصحيفة البريطانية وصفت العلاقات بين بايدن وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان رئيس مجلس الوزراء بـ«المتوترة»، مشيرة إلى أنه رغم تعهد الرئيس الأمريكي بالالتزام بدعم المملكة، فإن الرأي السائد في الخليج أن الولايات المتحدة أصبحت بعيدة بشكل متزايد، وتحول تركيزها إلى مناطق أخرى، بينما الصين من أولئك الذين يحرصون على سد أي فجوة.

وتقول «فايننشال تايمز»، إنه من المقرر أن يلتقي الرئيس الصيني، خلال زيارته للسعودية، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إضافة إلى حضور قمتين مع زعماء عرب وخليجيين، مشيرة إلى أن أيًا من الجانبين لم يقدم تفاصيل لاجتماع الزعيم الصيني المرتقب مع أفراد العائلة المالكة.

الصحيفة البريطانية، قالت إن زيارة الرئيس الصيني، التي تأتي في الوقت الذي يواجه فيه الأخير ضغوطًا متزايدة في الداخل، بسبب معارضة استراتيجيته «صفر كورونا»، تؤكد رغبة بكين في تعزيز الروابط بمنطقة تعدها واشنطن -تقليديًا- تحت دائرة نفوذها.

 

هل تغادر أمريكا؟

من جانبه، قال الخبير في شؤون الصين والشرق الأوسط بمعهد أبا إيبان للدبلوماسية والعلاقات الخارجية في إسرائيل جيداليا أفترمان، إن الجميع يعتقدون أن الولايات المتحدة في طريقها للخروج، مشيرًا إلى أنه في سياق المعركة الاستراتيجية بين واشنطن وبكين، فإن تمكن الصين من تحريك السعوديين 10 أمتار في اتجاههم لا يُعد فوزًا فحسب، بل انتصارًا مزدوجًا، لأنهم يبتعدون في الجهة المقابلة عن الولايات المتحدة.

إلا أن «فايننشال تايمز»، قالت إن المسؤولين الخليجيين حذرون من الوقوع في «فخ» أي نزاعات صينية أمريكية، مشيرة إلى أنهم يحاولون الحفاظ على العلاقات مع البلدين.

فبينما تعتمد المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على واشنطن كمورد للمعدات العسكرية والحماية، سيكون من المستحيل تقريبًا استبدال الأجهزة الأمريكية بما تقدمه الصين، بحسب الصحيفة البريطانية، التي قالت إن ذلك لم يمنع السعودية ودول الخليج الأخرى من الاقتراب من بكين، بشأن التعاون في التجارة والتكنولوجيا، حتى الصواريخ البالستية والطائرات المسلحة من دون طيار.

وتقول كبيرة المديرين في شركة Janes IntelTrak الاستشارية نيسا فيلتون، إنه في حين أن الصين لا تشكل تهديدًا للدور التاريخي للولايات المتحدة كراعٍ للأمن الإقليمي، فإن العلاقات السياسية المتزايدة سواء على رأس الحكومة، أو عبر التصويت في المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة أو متابعة المبادرات الاستراتيجية المشتركة، من المتوقع أن يمثل مشكلة لمصالح الولايات المتحدة على المدى الطويل.

وتابعت فيلتون: «هذا التعاون الأوسع نطاقًا يشير إلى الانفتاح على التنويع بعيدًا عن العلاقات التقليدية لهذه البلدان (دول الخليج) مع الولايات المتحدة».

بينما قال ويلي لام، الخبير في السياسة الصينية بالجامعة الصينية في هونغ كونغ، إن الرئيس الصيني في حاجة إلى صرف الانتباه بسبب عدم الرضا المحلي.

ويواجه "شي" على المستوى المحلي، قلقًا واسع النطاق بسبب الركود الاقتصادي الحاد والمعارضة المتزايدة لسياساته، التي اندلعت في احتجاجات أواخر الشهر الماضي، في العديد من المدن الكبرى، بحسب «فايننشال تايمز».

 

النفط... محور علاقات السعودية والصين

تقول الصحيفة البريطانية، إن المملكة العربية السعودية تتصدر قائمة الوجهات للاستثمار الأجنبي الصيني المعلن في منطقة الخليج خلال العشرين عامًا الماضية، بـ 106.5 مليار دولار، متقدمة على الكويت بـ97.6 مليار دولار و46 مليار دولار للإمارات، وفقًا لبيانات شركة Janes IntelTrak الاستشارية.

وقالت «فايننشال تايمز»، إن العلاقات بين بكين والرياض مدعومة بالنفط، فالسعودية أكبر مورد للخام إلى الصين، بينما بكين الشريك التجاري الأكبر للمملكة، مشيرة إلى أن النفط سيلوح في الأفق بشكل كبير خلال زيارة هذا الأسبوع، التي ستعقد في أعقاب اجتماع مهم لأوبك بلس، وفرض أوروبا حدًا أقصى لسعر النفط الروسي.

لكن علاقة الصين بالمملكة ودول الخليج الأخرى، تجاوزت النفط في السنوات الأخيرة، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالتكنولوجيا، وهو أمر عارضته الولايات المتحدة في بعض الأحيان، بحسب الصحيفة البريطانية، التي قالت إن هذا التعاون، لاسيما ذلك الذي يتعلق بتقنية هواوي 5G، واحتمال السماح لمنشآت أمنية صينية بالعمل في الخليج، يثير قلق الإدارة الأمريكية.

 

قلق أمريكي

من جانبه، قال بريت ماكجورك، كبير مسؤولي الشرق الأوسط في إدارة بايدن، بمؤتمر في البحرين الشهر الماضي، إن «هناك شراكات معينة مع الصين من شأنها أن تضع سقفًا لما يمكننا القيام به».

وبينما اتفقت الولايات المتحدة مع السعودية على تقنية 5G، إلا أن المملكة لا تزال تواصل تعاونها مع هواوي، بحسب «فايننشال تايمز»، التي قالت إن هذا التعاون أثار مخاوف أمريكية بسبب التكهنات بأن الرياض قد توقع اتفاقًا مع بكين لتسوية تجارة النفط بعملة الرنمينبي.

و«رنمينبي» الاسم الرسمي للعملة الصينية المعتمدة في الصين منذ تأسيسها عام 1949، وتعني الكلمة «عملة الشعب».

إلا أن مسؤولين حكوميين سعوديين قالوا لـ«فايننشال تايمز»، إن أي صفقة من هذا القبيل، لن تشمل تجارة النفط التي هي بالدولار لكنها ستمتد إلى قطاعات أخرى، بينما قال مسؤول سعودي كبير إنه ليس على علم بأي صفقة تجارية للرنمينبي، سيتم الاتفاق عليها هذا الأسبوع، لكنه أضاف أنه «لا حرج في ذلك... إنها أكبر شريك تجاري للسعودية».