سوق الغاز الأوروبية تحت ضغط كبير بسبب توتر العلاقات بين الجزائر والمغرب
الجزائر تخطط لإغلاق خط أنابيب، ينقل الغاز إلى المغرب وإسبانيا والبرتغال 30 أكتوبر، مضيفاً أن المغرب غاضب من الجزائر، لدعمها جبهة البوليساريو، التي تطالب باستقلال الصحراء الغربية، وسط إصرار الرباط على أنها تتمتع بالسيادة على المنطقة المتنازع عليها، منذ فترة طويلة.

ترجمات – السياق
قال الكاتب البريطاني، جون ديزارد، إن سوق الغاز الأوروبية، تواجه ضغوطًا أكبر بسبب النزاع على الصحراء الغربية بين الجزائر والمغرب، واتجاه الجزائر لإغلاق خط أنابيب، ينقل الغاز إلى المغرب وإسبانيا والبرتغال، محذِّرًا من شتاء قارس محتمل، سيضرب القارة الأوروبية، بسبب نقص الغاز.
وقال الكاتب البريطاني، في مقال بصحيفة فايننشال تايمز: "حتى الآن، سمع الجميع عن الضغوط على إمدادات الغاز الأوروبية، لصالح مجموعة غازبروم الروسية والتأثير الروسي، مضيفاً أنه لم تتم مناقشة، كيف تؤثر نزاعات شمال إفريقيا، في إمدادات الغاز الشتوية لإسبانيا، التي من المحتمل أن تزيد الضغط التصاعدي على أسعار الطاقة في أوروبا".
أسباب الأزمة
وقال ديزارد: إن الجزائر تخطط لإغلاق خط أنابيب، ينقل الغاز إلى المغرب وإسبانيا والبرتغال 30 أكتوبر، مضيفاً أن المغرب غاضب من الجزائر، لدعمها جبهة البوليساريو، التي تطالب باستقلال الصحراء الغربية، وسط إصرار الرباط على أنها تتمتع بالسيادة على المنطقة المتنازع عليها، منذ فترة طويلة.
وأوضح الكاتب، أن العلاقات بين البلدين تدهورت هذا الصيف، عندما اتهمت الجزائر، جارتها المغرب، بلعب دور في حرائق الغابات الخطيرة، التي اندلعت في أراضيها، مشيرًا إلى أن التوتر وصل مداه، عندما منحت محكمة العدل الأوروبية انتصارًا قانونيا لجبهة البوليساريو، يقضي بعدم شمول صلاحية الاتفاقية التجارية، بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، الصحراء الغربية.
واعتبر ديزارد، أن إسبانيا البلد الأوروبي الأكثر تضررًا من قرار محكمة العدل الأوروبية، لأن الصحراء الغربية كانت مستعمرة إسبانية، ويحمل بعض مواطني البوليساريو جوازات سفر إسبانية، ويعتمد أسطول الصيد الإسباني -في العقود الأخيرة- على مياه الصحراء الغربية، لما يصل إلى ثلث ما يصطاده.
علاقات متشابكة
وأشار الكاتب، إلى أن العلاقات الأوروبية مع المغرب والجزائر متشابكة ومتباينة، موضحًا أنه بالنسبة للمغرب، فإن هذه العلاقات تمتد إلى ما هو أبعد من الصيد، حيث تشمل تدفق المهاجرين واستثمارات لتصنيع السيارات، إضافة إلى تعاون أمني وإن كان مضطربًا، وسياحة وإمدادات الخضار المغربي إلى موائد الأوروبيين، فضلًا عن أن المغرب يقيم علاقات قانونية خاصة مع فرنسا، تمتد أبعد من المعاهدات الأوروبية.
أما عن العلاقات الأوروبية الجزائرية، فقال ديزارد: إن الجزائر تمتلك أيضًا علاقات مع أوروبا، لكنها تختلف قليلًا عن جارتها، ونضالها في الحقبة الاستعمارية من أجل الاستقلال عن فرنسا، جزء من هويتها الوطنية، وتشتري قواتها المسلحة معدات كثيرة من روسيا والصين".
وأضاف: "يصل غاز الجزائر إلى إيطاليا مباشرة، عبر خط أنابيب تحت البحر، يتدفق الغاز إلى إسبانيا والبرتغال عبر خطي أنابيب تحت البحر، الأول الذي بُني بين عامي 1996 و1997، ويمر عبر المغرب، يستخدم بعض الغاز لمولداته الخاصة، والثاني ينتقل مباشرة من الجزائر إلى إسبانيا".
ورأى الكاتب أن "هذا هو المكان الذي أصبحت فيه العلاقات الخارجية، بين الاتحاد الأوروبي وإسبانيا، أكثر إشكالية، خاصة في سوق الغاز الدولي الضيق، ومع عدم كفاية تخزين الطاقة الأوروبية قبل الشتاء".
شراكة استراتيجية
واستشهد ديزارد، بمدى تأثير قرار المحكمة الأوروبية بشأن غاز الصحراء الغربية في القارة العجوز، قائلًا: في 29 سبتمبر -اليوم الذي أصدرت فيه محكمة العدل الأوروبية قرارها- أصدر جوزيف بوريل، مسؤول العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي بيانًا مع نظيره المغربي، أكدا فيه الشراكة الاستراتيجية، وتعهدا بـ"اتخاذ الإجراءات اللازمة للتأكد من الإطار القانوني" في العلاقات التجارية، وهو ما قد يغضب الجزائر، ويؤدي إلى تشددها في حل الخلاف مع المغرب.
وأضاف: "كما هو متوقع، وصل في اليوم التالي وزير الخارجية ووزير الطاقة الإسبانيان إلى الجزائر واجتمعا مع نظيريهما، وناقشا بين موضوعات عدة، توسيع قدرات أنبوب الغاز الجزائري الإسباني قريبا بنسبة 25%".
وأوضح الكاتب، أن مثل هذه اللقاءات، مهمة للغاية لأوروبا، مشيرًا إلى أن إسبانيا ستعاني لزيادة كميات الغاز المستورد في هذا الشتاء، عبر موانئ الغاز الطبيعي المسال، مؤكدًا أن المستهلكين الإسبان أبدوا غضبهم من زيادة أسعار الطاقة، وهو ما دفع مدريد إلى استهداف شركات الطاقة، التي عملت 3 مليارات يورو من الطاقة الإسبانية، كشركة الطاقة المتجددة إيبردرولا.
وأضاف الكاتب البريطاني: "مع إغلاق خط الأنابيب، يتعين على المغرب إيجاد طرق لا تعتمد على الغاز الجزائري، رغم أن قطاع الطاقة لديه خطط لهذه الحالة الطارئة، ولديه محطات طاقة تعمل بالفحم يمكنه استخدامها، ويمكن أن يتحول إلى مصادر أخرى للوقود الأحفوري المستورد، لمولدات الغاز الخاصة به".
وتابع: "قد يخطئ الأوروبيون في اعتقادهم، أن الجزائر والمغرب يؤطران هذا الخلاف بعوامل اقتصادية وتقنية، هناك مشاعر عميقة بشأن السيادة والتوازن العسكري والثقافة، ولن يكون من السهل على الاتحاد الأوروبي، التنقل في مثل هذه البيئة، لتأمين الإمدادات".