الحجاب وعدم إصدار أصوات.. شروط طالبان لإعادة الفتيات إلى بعض المدارس
أعيد فتح مدارس للمراهقات، في مقاطعتي سار إي بول وجوزجان، وغالبًا ما يزورها ممثلو طالبان، الذين يأتون إلى المدرسة ويتحققون من سجل حضور الطلاب

ترجمات - السياق
كشفت «وول ستريت جورنال»، أن حركة طالبان المسلحة، سمحت للفتيات في المدارس المتوسطة والثانوية، باستئناف الدراسة في مقاطعات عدة شمالي أفغانستان، في إشارة إلى كيفية تأثر سياسات الجماعة بشأن القضايا الرئيسة، بالاختلافات الثقافية داخل البلاد.
وقالت الصحيفة، في تقرير، إن حركة طالبان المسلحة، أعادت فتح المدارس الثانوية للطلاب في جميع أنحاء أفغانستان، لكنها لم تقل شيئًا عن أقرانهم من الإناث، اللائي مُنعن من الذهاب إلى المدرسة بعد الصف السادس.
إلا أنه في أربع مقاطعات أفغانية شمالي أفغانستان -حيث كان للمرأة دور نشط في المجتمع، أكثر من دورها في الجنوب والشرق الأكثر تحفظًا- أعيد فتح مدارس ثانوية للفتيات، بموافقة مسؤولي حكومة طالبان المحليين.
وبينما قالت «وول ستريت جورنال»، إن القرار الذي لم يتم إعلانه على نطاق واسع، أكده المدرسون والطلاب والمتحدث باسم «طالبان»، في خطوة تشير إلى درجة من استعداد الحركة المسلحة لتشكيل السياسة بشأن الاختلافات الثقافية في جميع أنحاء أفغانستان، على عكس التسعينيات، عندما فرضوا قواعد اجتماعية قاسية، على كل شخص تحت حُكمهم.
وأشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أنه في مقاطعتي بلخ وقندز، اللتين تضمان أكبر مدينتين في الشمال هما مزار الشريف وقندز، أعيد افتتاح مدارس للمراهقات منذ شهر، مؤكدة أن كبار مسؤولي طالبان الإقليميين، التقوا مديري المدارس هناك، وأمروهم بإعادة الفتيات إلى المدرسة، وفقًا لأشخاص حضروا الاجتماعات، أو تم إطلاعهم عليها.
فرحة غامرة
من جانبها، رحبت شمايل صوفيدة، مديرة ثانوية فاطمة بلخي في مزار الشريف، بالقرار، قائلة: «نحن وطلابنا سعداء للغاية بإعادة افتتاح مدارس الفتيات، وبإمكانهن متابعة دروسهن».
وفي بلخ، قالت معلمة، إن أكبر مسؤول تعليمي في «طالبان» طلب من المعلمين إقناع الفتيات بالعودة إلى المدرسة، مشيرة إلى أنه طالب المعلمات بالذهاب إلى الطالبات اللاتي لا يحضرن الفصول، وطرق بابهن وإخبارهن بضرورة الحضور إلى المدرسة.
«وول ستريت جورنال»، قالت إنه أعيد فتح مدارس للمراهقات، في مقاطعتي سار إي بول وجوزجان، وغالبًا ما يزورها ممثلو «طالبان»، الذين يأتون إلى المدرسة ويتحققون من سجل حضور الطلاب.
شروط مجحفة
قالت صدف، طالبة في الصف العاشر في ساري بول: «إذا كانت المعلمة مريضة، فإن طالبان تحيي غيابها»، مشيرة إلى أن حركة طالبان أمرت الطالبات، بالقدوم إلى المدرسة مرتديات الحجاب الإسلامي، من دون الكعب العالي ولا الصنادل، وعدم إصدار أصوات أثناء المشي.
إلا أنه حتى عندما أعيد فتح المدارس، لم تعد الطالبات إلى الصف، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إنه في إحدى مدارس مدينة قندوز الشمالية، تغيب ثلث الطالبات البالغ عددهن ثلاثة آلاف، وفقًا لمديرها.
وأكدت أن العديد من العائلات فرت من المدينة، بينما لا يثق آخرون في تأكيدات حركة طالبان، بأن الفتيات مسموح لهن بالذهاب إلى المدرسة، في وقت يشعر فيه البعض بالقلق، من أن مقاتلي «طالبان» سوف يضايقون بناتهم المراهقات في طريقهن إلى المدرسة.
وقالت «وول ستريت جورنال»، إن قرار طالبان، بفرض قيود شديدة على تعليم الفتيات، بعد توليها السلطة، أحد أكثر الدلائل الملموسة على تراجع حقوق المرأة الأفغانية، مشيرًا إلى أن الطريقة التي تعامل بها حكومة كابل الجديدة النساء، علامة على ما إذا كانت طالبان أصبحت أكثر اعتدالًا، ومقبولة من المجتمع الدولي، منذ إطاحة الجمهورية الأفغانية في 15 أغسطس الماضي.
وأواخر التسعينيات، فرضت حركة طالبان قيودًا صارمة على الأفغانيات، ومنعتهن من التعليم والعمل، ومن مغادرة المنزل بلا ولي أمر.
طالبان ترد
من جانبه، قال عاكف مهاجر، المتحدث باسم وزارة قمع الرذيلة وتعزيز الفضيلة التابعة لحركة طالبان، المكلفة بفرض الامتثال الديني، في مقابلة، إن مدارس ثانوية للبنات كانت مفتوحة في أربع مقاطعات شمالية، مضيفًا أن عمليات إعادة الفتح هذه «ستستمر في جميع أنحاء البلاد».
وقالت «وول ستريت جورنال»: من غير الواضح متى تتم إعادة فتح المدارس الثانوية للبنات في جميع أنحاء البلاد، أو إذا كانت ستتم إعادة فتحها، بينما تجنبت قيادة طالبان في كابل -حتى الآن- اتخاذ موقف واضح بشأن تعليم الإناث، مؤكدة أن لجنة من علماء الإسلام، يجب أن تدرس القضية أولاً.
وردا على سؤال عن استبعاد الفتيات من المدرسة، قال أمير خان متقي، وزير خارجية طالبان: إن العقبة ثقافية في جزء منها.
وتحاول طالبان، تقديم صورة للأمان والحالة الطبيعية، منذ استعادة السلطة، لكن مراسلة صحيفة وول ستريت في أفغانستان، قالت إن العقوبات القاسية والعنف وقمع الحريات الأساسية، أصبحت حقيقة.
وتسكن شمال أفغانستان مجتمعات الطاجيك والهزارة والأوزبك، حيث تكون المواقف تجاه المرأة أكثر ليبرالية، مما هي عليه في معقل البشتون الريفي جنوبي أفغانستان، مهد طالبان ومعقلها التقليدي.
ننتظر خطة
بدورها، قالت شكرية هيسارناي، معلمة في ولاية هلمند الجنوبية، إنها تنتظر منذ أسابيع إجابة من مسؤول التعليم المحلي في طالبان عما إذا كان يمكن إعادة فتح المدارس الثانوية للفتيات، مشيرة إلى أنه لم يجب عن أسئلتها، إلا أنه قال: «نحن ننتظر خطة».
وتساءلت هيسارناي: كيف يمكن أن تكون المدارس مفتوحة في الشمال ومغلقة في الجنوب؟ إذا كان هناك قانون، ينبغي تطبيقه في كل ركن من أركان الدولة(..) كل مسؤول يتخذ قراراته بنفسه في مقاطعته.
وتقول «وول ستريت جورنال»، إنه في جنوب وشرق أفغانستان الأكثر تحفظًا ثقافيًا، هناك المزيد من المقاومة السياسية داخل صفوف طالبان، للسماح للفتيات بالذهاب إلى المدرسة، وضغط أقل من السكان لتحقيق ذلك، كما قال باشتانا دوراني، ناشط التعليم الأفغاني الأصل من محافظة قندهار.
«إنه قرار من المفترض أن تتخذه القيادة، لكن بدلا من ذلك تم اتخاذه في المحافظات»، قالت دوراني، مشيرة إلى أن الأمر «مثل نظام فيدرالي(..) هناك شعور بأنهم يتخذون القرار بفتح مدارس للفتيات، في الأماكن التي لن يواجهوا فيها تحديات، بينما يواجهون في الجنوب المزيد من التحديات(..) طالبان في قندهار أكثر محافظة بكثير، إنهم يرون في المدارس مشاريع كافرة».
دوراني قررت تولي الأمر بنفسها، من خلال مؤسستها التعليمية الخيرية المسماةLearn ، فأنشأت مدرسة سرية للمراهقات، مشيرة إلى أن نحو 100 فتاة تتراوح أعمارهن بين 13 و18 عامًا، مسجلات في المدرسة التي تعمل منذ 10 أيام في مكان غير معروف.
وتتوقع دوراني، أن يجبر الضغط الدولي، والوعد بالمساعدات الإنسانية، طالبان في النهاية، على إعادة فتح المدارس الثانوية للفتيات في جميع المقاطعات، مضيفة: عليهم أن يفعلوا شيئًا(..) إن لم يكن من أجل الشرعية، فمن أجل المال».