بعد استقوائه بالخارج.. غضب تونسي ضد المرزوقي ومطالب بسحب جوازه

تصريحات المرزوقي قوبلت بانتقاد شديد، إذ دعا الرئيس التونسي قيس سعيد، إلى اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، من أجل سحب الامتيازات التي يتمتع بها المرزوقي كرئيس أسبق للبلاد.

بعد استقوائه بالخارج.. غضب تونسي ضد المرزوقي ومطالب بسحب جوازه

السياق

أثار حديث الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي -حليف حركة النهضة الإخوانية- ردود فِعل غاضبة في بلاده، إثر مطالبته السلطات الفرنسية، بالتوقف عن مساعدة تونس، والتدخل لغلق ما وصفه بـ "قوس الانقلاب".

 وقال المرزوقي، خلال وقفة احتجاجية لعدد من معارضي الرئيس قيس سعيد، في العاصمة الفرنسية باريس: "فرنسا مطالبة -بحُكم علاقتها بالشعب التونسي- بالتدخل ضد ما تم اتخاذه من إجراءات" في إشارة إلى قرارات الرئيس التونسي الاستثنائية في 25 يوليو الماضي، التي أعلن خلالها تجميد أعمال البرلمان، ورفع الحصانة عن النواب، وإقالة حكومة هشام المشيشي.

 

الرئيس يرد

تصريحات "المرزوقي" قوبلت بانتقاد شديد، إذ دعا الرئيس التونسي قيس سعيد، إلى اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، من أجل سحب الامتيازات التي يتمتع بها "المرزوقي" كرئيس أسبق للبلاد.

ودعا سعيد، خلال لقائه وزير الداخلية رضا غرسلاوي، في فيديو بثته الصفحة الرسمية للرئاسة التونسية، القضاة إلى لعب دورهم في هذه المرحلة التاريخية التي تعيشها تونس، والحرص على إنفاذ القانون.

وانتقد الرئيس التونسي، توجيه أطراف وشخصيات سياسية "لفظها الشعب"، طلبًا إلى دول أجنبية من أجل التدخل في تونس، إضافة إلى تآمرهم على الدولة في الخارج، من أجل تصفية حسابات شخصية معه، وإفشال القمّة الفرانكفونية المرتقب تنظيمها في تونس الشهر المقبل، مشدداً على أن تونس دولة ذات سيادة، مضيفاً أنه لن يقبل أن تكون البلاد تحت وصاية أحد.

وأضاف: "أكثر من هذا يوجد أطراف يعتقدون أنهم أبطال، لكن لفظهم التاريخ، ويعملون ضد تونس في كل محفل يزورونه، وكأن الأمر يتعلق بمسألة شخصية، لا بالدولة التونسية".

 

خيانة عظمى

ووجَّه عدد من قيادات الأحزاب السياسية، انتقادات للمرزوقي على خلفية تصريحاته، إذ اعتبرها سرحان نصري، رئيس حزب التحالف من أجل تونس "خيانة عظمى".

 وقال نصري، عبر "فيسبوك": "تصريحات المنصف المرزوقي، خطيرة جدّا وفيها رسائل لبثّ الفوضى وتهديد الأمن الوطني"، وأضاف: "إذا كان واعيًا بما يقول فعليه تحمّل مسؤولية ذلك، وإن كان فاقدًا للصّواب، نتمنى له الشفاء العاجل، ونطلب من أفراد عائلته، نقله على جناح السرعة لتلقّي العلاج".

من جانبه، قال سامي الطاهري، الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، أيضًا من خلال "فيسبوك": "ما صدر عن المرزوقي، تحريض على تونس ودعوات سافرة لتحريك النزعة الاستعمارية الفرنسية ضد البلاد"، موكدًا أن ذلك "خيانة عظمى".

 

إدانات رسمية

على المستوى الرسمي، وجَّه المكتب التنفيذي لنقابة السلك الدبلوماسي التونسي، إدانة شديدة إلى تصريحات المرزوقي، ووصفها في بيان رسمي، حصلت "السياق" على نسخة منه، بـ"اللاوطنية الصادرة عن مسؤول سامٍ سابق، تقلد مهام لها علاقة بالسياسة الخارجية والعمل الدبلوماسي للبلاد"، معتبرًا أنها تصريحات "خطيرة ومشينة، تهدف إلى إفشال القمة 50 للمنظمة الفرانكفونية، المقرر تنظيمها بتونس الشهر المقبل".

كما طالبت نقابة السلك الدبلوماسي التونسي، بسحب جواز السفر الدبلوماسي الممنوح للمرزوقي.

من جانبها، أصدرت وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين في الخارج بيانًا، أطلعت "السياق" عليه، أكدت خلاله أن "تونس التي تظلّ متمسكة بسيادتها وباستقلالية قرارها الوطني، لتحرص كل الحرص، على صون علاقاتها مع كل شركائها الدوليين، على أساس الندية والاحترام المتبادل، لا تقبل التدخل في شؤونها الداخلية، بأي شكل من الأشكال".

 

تقسيم للشعب

محمد صافي الجلالي، المتحدث السابق باسم حزب المبادرة الدستورية التونسي، يقول لـ"السياق": أعضاء حركة النهضة وأنصارها، غضبوا من وصف الرئيس سعيد، لهم بـ" الشياطين".

واعتبر أن خطاب المرزوقي خطير ويقسم الشعب، وقال: "لا يعقل أن يصدر من رئيس دولة تجاه شق من مواطنيه، إلا أنني أوجِّه لهم السؤال وكذا أنصار المرزوقي الذي يدعو إلى تدخل الخارج في شؤون تونس، لإعادة منظومة الخراب والدمار: ألم تمارسوا على الدساترة والتجمعيين غداة 14 يناير 2011 أبشع أنواع الشيطنة والسباب، وأطلقتم عليهم أبخس وأشنع التوصيفات؟ ألم تنعتوهم بأبشع النعوت التي جاد بها قاموس اللغة العربية الفصحى؟ أذلك حلال عليكم.. وحرام على غيركم"؟!

 

على خطى الحليف

من جانبها، دعت حركة النهضة، التي فشل رئيسها راشد الغنوشي، في الاستقواء بالخارج، إلى حشد أنصارها للتظاهر، وسط العاصمة التونسية، للاحتجاج على القرارات الاستثنائية التي اتخذها سعيد، في 25 يوليو.

وشهدت ساحة المسرح البلدي والجزء المقنطر من شارع بورقيبة، المؤدي إلى المدينة القديمة، اعتداء أنصار النهضة على مراسلي التليفزيون الرسمي ورشقهم بالحجارة، ما تسبَّب في نقل الفريق الصحفي كله إلى المستشفى لتلقي العلاج.

وتداول نشطاء تونسيون بمواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو لأنصار النهضة يعمدون إلى طعن أمني بآلة حادة في ساقه، ما تسبَّب له في حالة إغماء.

يأتي ذلك بعد فشل "النهضة" في إثارة غضب الشارع التونسي، من خلال ترويج شائعة عن اعتذار نجلاء بودن -رئيسة الوزراء المكلفة- عن عدم تشكيل الحكومة.

 

لعبة الشائعات

بدوره، يقول مختار اللواتي الصحفي، المستشار الإعلامي التونسي لـ"السياق": لعبة الشائعات ليست جديدة، تظهر في فترات احتداد الصراعات السياسية المرتبطة بالأزمات، مشيراً إلى أن مرحلة ما بعد 25 يوليو من أخصب الفترات بذرًا للشائعات، حسب قوله.

وأضاف اللواتي: ليس بالضرورة أن تكون وراء الشائعات حركة النهضة وحدها، فأحلافها المباشرون، مثل حزب قلب تونس وائتلاف الكرامة، وغير المباشرين مثل بعض فصائل اليسار والأحزاب الموصوفة بالديمقراطية، ما فتئت كلها معًا أو بالتناوب، تقوم بكل شيء يساعد في تشويه عمل رئيس الدولة، سواء بالحضور والقصف الإعلامي الكثيف، أو التظاهر في الشارع، أو اختلاق أخبار زائفة وبثها، لبلبلة الرأي العام ومحاولة شق صف المؤيدين للرئيس ولإجراءاته الاستثنائية.

وتابع: "هذا مفهوم بالنظر إلى ما كان الغنوشي، يحمله من حلم مجنح، بالمرور من رئاسة مجلس النواب، إلى رئاسة الجمهورية".