حزب الله.. هل يجر لبنان إلى حرب أهلية؟

فتحي محمود، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، قال لـ السياق: أعمال العنف التي شهدتها لبنان مؤخرًا، تستهدف بالدرجة الأولى، منع أي تحقيق قضائي جاد في انفجار مرفأ بيروت، لأن هذا التحقيق قد يثبت علاقة حزب الله بشحنات نترات الأمنيوم، التي تسببت في الانفجار.

حزب الله.. هل يجر لبنان إلى حرب أهلية؟
مسلح ضمن أحد الميلشيات اللبنانية

السياق

استمرارًا لسياساته المزعزعة للأمن اللبناني، أعاد حزب الله وحليفه حركة أمل، مشاهد الحرب الأهلية خلال الأحداث التي شهدتها منطقة الطيونة جنوبي بيروت، بالتزامن مع الاحتجاجات ضد قاضي التحقيق في انفجار مرفأ بيروت الدامي.

المظاهرة تخللتها اشتباكات وإطلاق نار، بثّتها وسائل إعلام لبنانية مباشرة على الهواء، وظهر فيها مسلحون يطلقون النار من قناصة في أبنية مهجورة، ما أسفر عن 7 قتلى وأكثر من 32 جريحًا.

وفي أول تعليق له بعد التوترات الأخيرة، أكد الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، أن لدى حزبه مئة ألف مقاتل مدربون ومجهزون في لبنان.

وأضاف نصرالله، خلال خطاب، أن حزب "القوات اللبنانية"، أبرز خصومه المسيحيين، يحاول جر البلاد إلى "الحرب الأهلية" وإطلاق الرصاص على مناصريه ومناصري حليفته حركة أمل.

منع التحقيق

عمل حزب الله، الأسابيع الماضية، على تجييش وسائل إعلامه بشكل واضح، لإجبار البيطار على التنحي عن التحقيق، كما عرقل الوزراء الشيعة اجتماعات مجلس الوزراء للسبب نفسه.

وبلغت الحملة ذروتها، بتسيير مسيرات مسلحة من الحزب، في مناطق مسيحية ودرذية لإرهاب الشارع اللبناني، ما أدى إلى الاشتباكات الأخيرة.

ويرى مراقبون، أن هدف المسيرات المسلحة لحزب الله، التلويح بالعنف بعد أن فشلت الألاعيب السياسية، لإغلاق ملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، والهروب من الجريمة.

فتحي محمود، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، قال لـ"السياق" إن "أعمال العنف التي شهدتها لبنان، تستهدف بالدرجة الأولى، منع أي تحقيق قضائي جاد في انفجار مرفأ بيروت، لأن هذا التحقيق قد يثبت علاقة حزب الله بشحنات نترات الأمونيوم، التي تسببت في الانفجار".

ومن المعروف تاريخيًا أن القضاء اللبناني، لم يتمكن -منذ الحرب الأهلية- من معاقبة مرتكبي حوادث الاغتيالات والتفجيرات، رغم معرفة الرأي العام لمعظم مرتكبيها.

ويرجع السياسي المصري، الأمر إلى التدخلات السياسية في أعمال القضاء، وخضوعه لنفوذ النظام الطائفي الحاكم في لبنان، مشيراً إلى أن ذلك سبب في تشكيل محكمة دولية خاصة، لمحاكمة قتلة رفيق الحريري، رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، وعندما أدانت المحكمة أحد كوادر حزب الله، بالضلوع في عملية الاغتيال، رفض الحزب تسليمه.

معرفة الحقيقة

وقال عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، إن حزب الله رغم تأكيده العلني عند وقوع انفجار المرفأ، ضرورة محاسبة مرتكبيه، فإنه عمليًا يهاجم أي قاضٍ يسعى إلى معرفة الحقيقة، وهو ما حدث مع القاضي طارق بيطار، الذي يتولى التحقيق في الموضوع.

وتابع: "بمجرد استدعاء البيطار بعض المسئولين والنواب، لسؤالهم في التحقيق، وبعضهم من حزب الله، بادر الحزب بشن حملة ضده، قادها الأمين العام للحزب حسن نصر الله بنفسه، بزعم أن البيطار يوجه التحقيق إلى مسار معين، رغم أن هذا القاضي لم يقم سوى باستدعاء بعض المسؤولين لسؤالهم في التحقيقات، ولم يعلن اتهامات ولا توجهات معينة، ما يؤكد خشية الحزب من نتائج التحقيق.

محاولة إنكار

وفي ما يراها مراقبون لبنانيون "محاولة فاشلة"، حاول حزب الله وحركة أمل، نفي تهمة إطلاق النيران، فأصدرا بعد ساعتين من التوترات التي شهدتها منطقة الطيونة، بيانًا مشتركـًا قالا خلاله: "إن المشاركين في التجمع السلمى أمام قصر ‏العدل، تجمعوا استنكاراً ‏لتسييس التحقيق في قضية المرفأ، وعند وصولهم إلى منطقة الطيونة ‏تعرَّضوا لإطلاق نار مباشر ‏من قناصين على أسطح البنايات المقابلة، ‏وتبعه إطلاق نار مكثف أدى إلى ‏شهداء وإصابات خطيرة، حيث إن إطلاق ‏النار كان موجَّهاً على الرؤوس".

ويواصل الجيش اللبناني انتشاره بمنطقة الطيونة، حيث اعتقل 9 أشخاص، وسط دعوات من عواصم عربية ودولية إلى التهدئة.

ويرى مراقبون للشأن اللبناني، أن الأحداث التي افتعلها حزب الله وحركة أمل، أعادت بيروت إلى حقبة سوداء عانت خلالها الحرب الأهلية "1975-1989" وأحداثها الدامية.

لكن، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية قال لـ"السياق"، إن لبنان لن يشهد حربًا أهلية جديدة في الوقت الحالي، رغم كل ما يحدث.

ولفت إلى أن "الظروف الإقليمية والدولية لا تسمح بذلك، فمعظم الجهود الدولية تسعى الآن إلى حل أزمات المنطقة المشتعلة، في سوريا وليبيا واليمن وغيرها"، مشيراً إلى أن تفجُّر الأوضاع في لبنان، سيزيد المنطقة اشتعالًا، وسيدخل إسرائيل طرفًا في ما يحدث، لذلك فإن الأطراف اللبنانية المعنية، خاصة حزب الله، تستقوى بالسلاح وأعمال العنف كوسيلة ضغط، لكنها ليست مستعدة للدخول في حرب أهلية الآن، بحسب قوله.

منع التحقيق

بدوره، قال مكرم رباح الكاتب والمحلل السياسي اللبناني، إن حزب الله وحركة أمل وكل الطبقة السياسية، متفقون على "تشتيت التحقيق"، ومنع أي محقق عدلي من الوصول إلى الحقيقة.

وتساءل رباح في مقابلة مع "السياق"، إن كان حزب الله، يدعي بأنه غير متورط، فلماذا يخاف لهذه الدرجة؟، وأضاف: "حتى لو كان حزب الله غير متورِّط بشكل مباشر بتفجير المرفأ، هو لا شك الآن متورِّط كمذنب وكمتدخل، في منع التحقيق من أخذ مساره".

وبشأن موقف الحكومة، قال مكرم رباح: ليس هناك شيء اسمه حكومة ميقاتي، مضيفاً: "هذه حكومة حزب الله من اللحظة الأولى، وهذه الحكومة للأسف، وُلدت ميتة، لسبب بسيط هو أن نجيب ميقاتي مستعد أن يناور، وأن يساوم على مبدأ العدالة".

وقال رباح: "لو كان ميقاتي رجل دولة، لكان منع هذا الهجوم على القضاء اللبناني، ومنع حتى أن يصبح هذا الموضوع، على طاولة مجلس الوزراء، فبحسب مبدأ فصل السلطات والدستور اللبناني، لا يحق لأحد ومنهم رئيس الجمهورية، وحتى نجيب ميقاتي، أن يتدخل في عمل القضاء".