واجهت عاصفة من الانتقادات... فيديو راقص لرئيسة وزراء فنلندا يهدد مستقبلها السياسي
نفت مارين تعاطيها المخدرات، قائلة إنها شربت الكحول فقط

السياق
بعد أيام من وصفها بأنها «أروع رئيسة وزراء في العالم»، باتت سانا مارين زعيمة فنلندا البالغة من العمر 36 عامًا، في مرمى انتقادات المعارضين، إثر تسريب مقطع فيديو لها، في حفل صاخب.
ظهرت سانا مارين في مشاهد عدة بمسكن خاص، وهي تعانق صديقاتها، وتغني وترقص على أنغام موسيقى البوب الفنلندية، بطريقة عدَّتها المعارضة في بلادها مثيرة للجدل وغير لائقة.
وتقول صحيفة نيويورك تايمز، في تقرير ترجمته «السياق»، إن مقطع الفيديو الذي ظهرت فيه رئيسة الوزراء، جعلها تواجه أسئلة عن احتمال وجود مخدرات، بعد أن سمع صوت يقول: «هذا يمنحك شعورًا رائعًا»، إلا أن الصحيفة قالت إنه لكن لم يكن هناك دليل مباشر على تناول العقاقير.
ورغم ذلك، فإن هذا المقطع كان كافياً لزعيم المعارضة ريكا بيورا، رئيس حزب الفنلنديين، الذي ربما كان حريصًا على إجراء انتخابات أبريل المقبل، ليقترح على رئيسة الوزراء التطوع لإجراء اختبار المخدرات.
وغرَّد النائب ميكو كارنا، عضو حزب الوسط الذي يخدم في حكومة مارين الائتلافية، قائلًا: «من الحِكمة أن تخضع طواعية لاختبار المخدرات».
تساؤلات وانتقادات
وأثار هذا التساؤل عما إذا كانت مارين، التي تقود الحزب الاشتراكي الديمقراطي وأصبحت من أصغر رؤساء الوزراء في العالم في ديسمبر 2019، تم وضعها في مستوى مختلف، بحسب «نيويورك تايمز».
ورداً على مقاطع الفيديو، نفت مارين معرفتها بأي استخدام غير قانوني للمخدرات في أي حفل حضرته، وقالت لإذاعة YLE الفنلندية، إن الكحول فقط هو الذي تناولته، مشيرة إلى أن الحفلات التي حضرتها كانت في مساكن خاصة قبل أسابيع.
وأعربت عن استيائها من التسريب الأخير، قائلة: «مقاطع الفيديو هذه خاصة. تم تسجيلها في أماكن خاصة. أنا مستاءة من نشرها. إنني كنت أقضي أمسية مع الأصدقاء، والاحتفال بصخب، والرقص والغناء».
ونفت مارين تعاطيها المخدرات، قائلة إنها شربت الكحول فقط وشاركت «بطريقة صاخبة»، مضيفة أنها تعلم أنه يجرى تصويرها لكنها كانت مستاءة من نشر الفيديو.
وأضافت: «رقصت، وغنيت، وحضرت، أشياء قانونية، ولم أكن في موقف أرى فيه أو أعرف الآخرين الذين يتعاطون المخدرات».
وقالت مارين: «لديّ حياة أسرية، ولديّ حياة عمل ولديّ وقت فراغ أقضيه مع أصدقائي. إلى حد كبير مثل العديد من الأشخاص في سني»، مضيفة أنها لا تشعر بالحاجة إلى تغيير سلوكها فـ«سأكون بالضبط الشخص نفسه الذي كنت عليه حتى الآن، وآمل قبوله».
وتابعت مارين أن ضباط الأمن التابعين لها كانوا في الخدمة، عندما كانت في الحفل، لكنهم لم يكونوا داخل المساكن.
وقال رئيس المجموعة البرلمانية لحزب الديمقراطيين الاجتماعيين، أنتي ليندتمان، إن لديهم «ثقة برئيسة الوزراء، ولا شك في ذلك»، مضيفًا: «إذا كنت ترقص مع الأصدقاء في حدث خاص، فلا أستطيع أن أرى أن هناك مشكلة كبيرة».
وجذبت تلك الحفلات بعض الشخصيات الثقافية والإعلامية الشعبية، بمن في ذلك المغنية وكاتبة الأغاني ألما وشقيقتها آنا، والشخصيتان الإذاعيتان تيني ويكستروم وكارولينا تومينين، وجانيتا أوتيو المصورة التي التقطت صورة للسيدة مارين في مهرجان موسيقى الروك في سترة جلدية وسراويل قصيرة وحذاء، انتشرت بعد ذلك على نطاق واسع.
لا خصوصية
إلى ذلك، قالت إميليا بالونين أستاذة العلوم السياسية بجامعة هلسنكي، إنه من الصعب هذه الأيام على سياسي بارز أن يتمتع بخصوصية.
وأضافت بالونين: «المرء لا يتمتع بالحرية في هذا اليوم وهذا العصر. في هذه الأيام يمكن بث مقاطع فيديو في أي مكان (...) كانت تدرك بوضوح أنه تم تصويرها»، مشيرة إلى أن احتفال رئيسة وزراء فنلندا يمكن أن يرتبط بعدم المسؤولية.
وتقول «نيويورك تايمز»، إنه في الواقع، استولى البعض على مقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، للإشارة إلى أنه سلوك غير لائق، بالنظر إلى المشكلات التي يواجهها الناس، في فنلندا.
وربط بيتري كويتينن، الذي عرّف نفسه على «تويتر» بأنه أب لأربعة أطفال، ذلك بالفيديو المسرب، قائلاً: «تعاني فنلندا ارتفاعًا قياسيًا في أسعار الكهرباء ونقص الرعاية الصحية ومتخصصي رعاية المسنين، وهذه هي الطريقة التي تقضي بها زعيمتنا وقتها».
لكن فابيان زليج، الرئيس التنفيذي لمركز السياسة الأوروبية في بروكسل، تساءل: «هل يمكن لأحد أن يشرح لي لماذا يُنظر ذهاب سياسي إلى حفلة ويرقص على أنه مشكلة؟!».
أصبحت مارين رئيسة للوزراء، بعد أن اضطر سلفها إلى الاستقالة بسبب تعامله مع إضراب عمال البريد.
مارين، التي كانت أصغر رئيسة حكومة في العالم -وهو اللقب الذي يحمله الآن الرئيس التشيلي غابرييل بوريك- لا تخفي أنها تشارك في الحفلات، فغالبًا ما جرى تصويرها في المهرجانات الموسيقية.
من هي سانا مارين
عام 2019، أصبحت سانا مارين البالغة من العمر 34 عامًا، أصغر رئيسة وزراء في العالم، بعد أن اختارها حزبها خلفًا للزعيم السابق أنتي رين.
وتقول «بي بي سي» إن مارين تأتي من خلفية متواضعة، مشيرة إلى أن والدها انفصل عنها عندما كانت صغيرة، وفي سنواتها الأولى ربتها والدتها بمفردها.
عام 2015، تحدثت عن وصمة العار التي واجهتها عندما كانت والدتها في علاقة مثلية.
وبعد أن درست في جامعة تامبيري وعملت في الحكومة، جرى انتخابها لعضوية البرلمان الفنلندي عام 2015 وهي تبلغ من العمر 29 عامًا.
أزمة خارجية
تأتي تلك الأزمة الداخلية، التي تضرب فنلندا ورئيسة وزرائها، بينما تواجه هلسنكي أزمة خارجية مع روسيا، على وقع تخليها والسويد عن سياسة الحياد التي اتبعتها منذ سنوات، وسعيهما معًا للانضمام إلى حلف الناتو.
ورغم أن قرار انضمام السويد وفنلندا إلى «الناتو» موجَّه ضد روسيا، فإن الرئيس فلاديمير بوتين، قال إن «بلاده لن تنزعج إذا انضم البلدان إلى حلف شمال الأطلسي»، لكنه حذر من أنها سترد على أي تهديدات.
وأضاف بوتين: «في حال نشر وحدات وإقامة بنية تحتية عسكرية هناك، يتعين علينا الرد بشكل متماثل وإثارة التهديدات نفسها في تلك الأراضي، التي نشأت منها التهديدات بالنسبة لنا»