زيادة الصادرات التركية إلى روسيا تثير مخاوف الغرب.. هل تتلقى عقوبات انتقامية؟
بلغت قيمة الصادرات التركية إلى روسيا 2.04 مليار دولار، بزيادة 642 مليون دولار عما كانت عليه في 2021

ترجمات - السياق
رأت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، أن زيادة الصادرات التركية إلى روسيا، تثير مخاوف الغرب من توثيق أكبر للعلاقات بينهما، مشيرة إلى أن صادرات أنقرة إلى موسكو نمت بنسبة 46 في المئة من حيث القيمة على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي، حيث سمحت تركيا لشركاتها بالتدخل لملء الفجوة التي أحدثها هجرة الشركات الغربية، جراء العقوبات التي اتخذها الغرب ضد موسكو بعد غزوها لأوكرانيا في فبراير الماضي.
وحسب الصحيفة، فقد أبدت بعض دول الاتحاد الأوروبي قلقها من النمو التجاري السريع بين روسيا وتركيا، لاسيما بعد لقاء الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان الأخير، الذي استمر أربع ساعات في منتجع سوتشي الروسي.
كان اللقاء قد انتهى بالاتفاق على توسيع التعاون في مجال الطاقة والتجارة، ما أثار تحذيرات من العواصم الغربية، التي طلبت -وفقاً للصحيفة- من أنقرة معلومات عن علاقاتها بموسكو.
زيادة التبادل التجاري
ووفقًا لبيانات التصدير التي جمعتها وزارة التجارة ومعهد الإحصاء التركي، فإنه من مايو إلى يوليو، بلغت قيمة الصادرات التركية إلى روسيا 2.04 مليار دولار، بزيادة 642 مليون دولار عما كانت عليه في تلك الأشهر من عام 2021.
الشهر الماضي وحده، ارتفعت قيمة الصادرات إلى روسيا بنسبة 75% على أساس سنوي، من 417 مليون دولار في يوليو 2021 إلى 730 مليون دولار.
وكانت الزيادة البالغة 313 مليون دولار بين يوليو 2021 ويوليو 2022 هي الأكبر لأي دولة تصدر تركيا إليها.
وبلغت حصة روسيا من إجمالي صادرات تركيا في يوليو 3.9% ارتفاعًا من 2.6% قبل 12 شهرًا.
وحسب "فايننشال تايمز" تأتي الزيادة في أعقاب التراجع الأولي بعد الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا أواخر فبراير، مشيرة إلى أنه في حين أن المبالغ الإجمالية المعنية لا تزال صغيرة نسبيًا، وتتضاءل أمام واردات تركيا الكبيرة من روسيا، التي تهيمن عليها الطاقة، إلا أنه من المرجح أن يثير الدليل على تنامي التجارة بين البلدين غضب المسؤولين الغربيين، بسبب الحديث عن تعميق التعاون الاقتصادي بين أنقرة وموسكو.
وتشير الأرقام الصادرة عن جمعية المصدرين الأتراك -وهي هيئة صناعية- إلى أن مبيعات المواد الكيميائية والفواكه والخضراوات الطازجة وغيرها من المنتجات الغذائية، إلى جانب المنسوجات والأجهزة الكهربائية والأثاث، هي التي أدت لزيادة الصادرات إلى روسيا.
وعد مشترك
توج اجتماع استمر أربع ساعات، بين أردوغان وبوتين في منتجع سوتشي الروسي -هذا الشهر- بوعد مشترك بتوسيع التعاون في مجال الطاقة والتجارة، ما أثار تحذيرات من العواصم الغربية، من أن تركيا قد تواجه خطوات انتقامية إذا عملت كـ"قناة للتهرب" من العقوبات الغربية بحق موسكو.
يذكر أن تركيا -العضو في حلف الناتو التي زودت أوكرانيا بطائرات من دون طيار مُسلحة وتسعى أيضًا للحفاظ على علاقاتها مع روسيا وتعميقها- لم توقع على العقوبات الغربية، واختارت بدلاً من ذلك اتباع ما تسميه نهجًا "متوازنًا" للصراع.
ولذلك أصبحت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي غير مرتاحة لتجارة تركيا المزدهرة مع روسيا وإمكانية قيامها بمساعدة موسكو كبديل للواردات والصادرات الأوروبية الأخرى، حسبما قال مسؤولان من الاتحاد الأوروبي لصحيفة فاينانشيال تايمز.
وأوضح المسؤولان أن العلاقة بين الجانبين -التركي والروسي- محط أنظار أوروبا بشكل مستمر، وقال أحدهم: "لا ينظر إليها الاتحاد الأوروبي بشكل جيد... إنها مصدر إزعاج".
أمام هذه المخاوف، طلبت بعض العواصم الأوروبية معلومات من أنقرة بخصوص علاقتها مع الكرملين.
رد تركي
في المقابل، قال متحدث باسم وزارة التجارة التركية لـ "فايننشال تايمز" ردًا على المخاوف الأوروبية: "لم يكن هناك تغيير ملحوظ في أحجام التجارة مع روسيا"، إلا أنه رفض الرد عندما سُئل عن تفاصيل إضافية.
كانت الليرة فقدت ربع قيمتها مقابل الدولار هذا العام، مع تمسك تركيا بسياسة نقدية فضفاضة، رغم التضخم الجامح، بينما ساعدت المنتجات التركية الرخيصة نسبيًا على زيادة مبيعات التصدير.
وقالت وزارة التجارة -من حيث القيمة- إن الصادرات كانت أعلى بنسبة 13 في المئة الشهر الماضي مما كانت عليه في يوليو 2021، مع زيادة المبيعات إلى الولايات المتحدة بنسبة 25 في المئة لتصل إلى 1.32 مليار دولار.
أمام هذه التطورات، كشفت الصحيفة البريطانية، أن بعض المسؤولين الأتراك يحتفلون بالروابط التجارية المتنامية مع روسيا، إذ قال عادل قرايسمايل أوغلو، وزير النقل، عبر "تويتر" إن قفزة بنسبة 58 في المائة بتجارة السيارات عن طريق البحر مع روسيا في الأشهر الثلاثة الماضية، مقارنةً بالأشهر الأربعة الأولى من العام، أظهرت "قيادة تركيا" في فتح الممرات البحرية.
وحسب الصحيفة، تشمل عقوبات الاتحاد الأوروبي المفروضة على روسيا سبع حزم منذ غزو بوتين لأوكرانيا، منها (حظر تصدير التكنولوجيا المتطورة مثل الإلكترونيات المتطورة والبرامج وأنواع الآلات ومعدات النقل والسلع والتقنيات المستخدمة في تكرير النفط والطاقة، وصناعات الطيران والفضاء).
كما أعرب العديد من المسؤولين الغربيين عن قلقهم من فكرة أن أنقرة ترى في خروج الشركات الغربية من روسيا فرصة للشركات التركية للتدخل، الأمر الذي عبر عنه بعض المسؤولين الأتراك ورجال الأعمال.
وقال بيتر ستانو المتحدث باسم الذراع الخارجية والدبلوماسية للاتحاد الأوروبي: "في الوقت الذي تقوم فيه المجموعة الأوروبية بتقليص علاقاتها مع روسيا، ردًا على عدوانها على أوكرانيا، ليس من المناسب زيادة الروابط أو المشاركة مع موسكو"، في إشارة إلى التوسع التجاري بين أنقرة وموسكو.
لكن -حسب الصحيفة البريطانية- أي قرار محتمل ضد تركيا سيكون مُعقدًا بسبب دورها كعضو قوي ومؤثر في "الناتو" ودورها في استضافة ما يقرب من أربعة ملايين لاجئ سوري.
أمام ذلك، يقر المسؤولون الغربيون بأن قدرة أردوغان على التفاوض مع بوتين تظل أحد الأصول، كما يتضح من الصفقة الأخيرة للسماح لأوكرانيا باستئناف صادرات الحبوب المنقولة بحرًا، التي توسط فيها الرئيس التركي إلى جانب الأمم المتحدة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أوروبي قوله: "إنها تركيا... الجميع في الاتحاد الأوروبي يحتاجون إليها، لسبب أو لآخر، ومن ثمّ يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يكون على دراية بقدراته... إذ لا يمكننا أن نقول لأردوغان فقط إن عليه اتباع قواعدنا".