كيف تفلت إيران من جرائم القتل؟

السؤال المطروح على البيت الأبيض هو: إلى متى يظل أعمى عن هذه التحركات؟ ومتى يدرك كيف يعمل النظام الإيراني؟

كيف تفلت إيران من جرائم القتل؟

ترجمات - السياق

سلَّطت مجلة واشنطن إكزامينر الأمريكية، الضوء، على الجرائم التي تقف وراءها السلطات الإيرانية، وكيفية إفلاتها من العقاب، مشيرة إلى العملية الأخيرة التي استهدفت الكاتب البريطاني من أصل هندي سلمان رشدي، وقبلها محاولة اغتيال مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق جون بولتون، ووزير الخارجية السابق ومدير وكالة المخابرات المركزية مايك بومبيو، التي ثبت أن وراءها تخطيطًا إيرانيًا.

وأشارت إلى أنه -الأسبوع الماضي- طعن هادي مطر، البالغ من العمر 24 عامًا، الذي نشأ في الولايات المتحدة، لكنه موالٍّ للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، الكاتب سلمان رشدي، بينما كان يستعد لإلقاء محاضرة غربي نيويورك.

وبينت المجلة، أن الحكومة الإيرانية استقبلت الخبر باحتفاء شديد، إلا أنها نفت مسؤوليتها عن الحادث، وقالت وزارة الخارجية في بيان: "ننفي بشدة وجود أي علاقة بين المهاجم وإيران".

في المقابل، جاء في صحيفة كيهان، التي عين الزعيم الأعلى الإيراني علي خامنئي رئيس تحريرها: "ألف تحية… للشجاع المطيع الذي هاجم المرتد والشرير سلمان رشدي في نيويورك… يجب تقبيل يد الرجل الذي أصاب عنق عدو الله".

كان زعيم الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979، الراحل الخميني، قد أصدر فتوى عام 1989 تدعو المسلمين -في جميع أنحاء العالم- إلى قتل المؤلف الهندي المولد، بعد إدانة روايته لأنها تجديف، ما أجبره على قضاء سنوات مختبئًا.

حيل إرهابية

ووصفت "واشنطن إكزامينر" التصريحات والمواقف الإيرانية بأنها حيل لا تنطلي على أحد، إذ إنه في الوقت الذي تنفي فيه الخارجية علاقة طهران بالحادث، تشيد كبريات الصحف التابعة للمرشد الأعلى بالهجوم الإرهابي.

وأشارت إلى أن تاريخ إيران مع هذه الحوادث الإرهابية يعود لعقود، فعام 1989، قتل مأجورون إيرانيون، معارضين أكرادًا في فيينا بالرصاص، وبين عامي 1992 و1994، ضرب إرهابيون إيرانيون أهدافَا إسرائيلية ويهودية، في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس.

وبحسب تقارير إعلامية، فإنه بالهجوم الأول الذي قُتل فيه 29 شخصا عام 1992، تم تفجير السفارة الإسرائيلية، والهجوم الثاني، عام 1994، استهدف مقر مركز للجالية اليهودية، ما أسفر عن قتل 86 شخصًا، بمن فيهم المفجر.

وعام 2007، بدأ الحرس الثوري الإيراني اختطاف السفن، وأسر عدد من البحارة البريطانيين والأمريكيين.

عام 2019، بعد أن أسقطت إيران طائرة أمريكية من دون طيار بـ 176 مليون دولار، تجنب الرئيس دونالد ترامب الانتقام، واكتفى بالقول للصحفيين حينها: "لقد ارتكبت إيران خطأ كبيرًا".

ورأت المجلة الأمريكية، أن ترامب كان مخطئًا في تجنُّب الانتقام، تمامًا مثل أولئك الموجودين في إدارة الرئيس الحالي جو بايدن، الذين يتجنبون معاقبة إيران على أفعالها، التي كان آخرها قول واشنطن إن تنفيذ "مطر" للهجوم على رشدي (عمل فردي)، ليس له علاقة بالإدارة الإيرانية.

وأشارت إلى أن (الصمت الأمريكي) تواجهه دائمًا مكافأة من المرشد الأعلى في إيران للجناة، متسائلة: "لماذا تسقط واشنطن -مرارًا وتكرارًا- في فخ العذر للمارق"؟

العمى الثقافي

وأرجعت "واشنطن إكزامينر" وقوع واشنطن مرارًا في فخ (عذر المارق)، إلى أسباب عدة أبرزها: "العمى الثقافي"، مشيرة إلى أن الحكم على طهران بالمعايير الأمريكية فشل، حيث يختلف هيكل القيادة العسكرية عن الثقافة، لافتة إلى أن الجيش الأمريكي تسلسل هرمي صارم، يحدده الرئيس كقائد أعلى للقوات المسلحة، ومن ثمّ فإن الرتب داخله محددة جيدًا، وتتدفق الأوامر والمهام إلى أسفل سلسلة القيادة.

في المقابل -حسب المجلة- يتطور هيكل القيادة والاستراتيجية في إيران بشكل مختلف، إذ إنه في حين أن الغرب يعتمد على كتابات المؤرخين الحربيين نيكولو مكيافيلي وكارل فون كلاوزفيتز، القائمة على (الغاية تبرر الوسيلة)، يلجأ الإيرانيون إلى كتاب يعود لنحو ألف عام يعرف بـ "مرايا الأمراء"، الاسم الذي يُطلق على النصوص المماثلة للآداب السلطانية في الموروث الغربي.

وأشارت المجلة إلى أنه بدلاً من تبسيط القيادة، يكرر الإيرانيون ذلك لإجبار البيروقراطيات على التنافس والإبلاغ عن بعضها.

وبينّت أن الفلسفة نفسها تنطبق على الإرهاب، إذ إنه بعد غزو العراق عام 2003، ناقش المحللون ما إذا كان "فيلق بدر" أو "جيش المهدي" من الميليشيات الموالية لإيران أم لا، فكان الجواب: كلاهما، أي إبقاءهما بأي شكل تحت سيطرة طهران.

وبالمثل، عام 2010، أوقف الأمن الكويتي، خليتين إرهابيتين إيرانيتين، إحداهما تتبع فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، والأخرى تابعة للمخابرات الإيرانية، بينما أظهرت الاستجوابات أن أيًا منهما لم يكن على علم بوجود الآخر.

وتعليقًا على ذلك، وصفت المجلة الأمريكية، طهران بأنها "ديكتاتورية لا مثيل لها"، حيث لا يصدر المرشد أوامر للبيروقراطية لتتبعها فحسب، بل يقودها أيضًا.

وأوضحت أن المرشد الأعلى، يصدر إرشادات لما لا يستطيع التابعون القيام به، تاركًا لهم استقلالية لفعل أي شيء غير ممنوع صراحةً، فضلًا عن أن خطبه الأسبوعية تحدد الخطوط الحمراء التي يجب عدم تجاوزها.

وأضافت: "من الناحية العملية، يعني ذلك أن الضباط الإيرانيين من المستوى المتوسط ​​يتمتعون باستقلالية أكبر من نظرائهم الأمريكيين، لكن ذلك يعني أيضًا أنه نادرًا ما يكون هناك أثر ورقي يقدِّم دليلا قويًا وماديًا للإدانة المباشرة للقيادة".

وحسب المجلة، تضيف السياسة الإيرانية إلى هذا التعتيم، أنه في حين يرى بايدن أن الإصلاحيين في إيران صادقون، فإن الحقيقة هي أن ثنائية "المتشدد مقابل المصلح" لعبة المواقف الشرطية الجيدة والشرطية السيئة التي يعمل فيها المعسكران بالسيطرة الثيوقراطية نفسها.

وتابعت: "معًا -الإصلاحيين والمحافظين- يشكلون نظامًا من الإنكار المعقول، يمكن لإيران من خلاله مهاجمة أعدائها من دون دفع الثمن".

وخلصت المجلة، إلى أنه بينما يتجول القتلة الإيرانيون من كاليفورنيا إلى نيويورك إلى واشنطن، فإن السؤال المطروح على البيت الأبيض هو: إلى متى يظل أعمى عن هذه التحركات؟ ومتى يدرك كيف يعمل النظام الإيراني؟!