تصريحات الريسوني.. هل محاولة إخوانية لإشعال نار الفتنة بين الجيران؟
ما قاله الريسوني تخطى كونه تصريحات، بل وصل إلى تهديدات علنية

السياق
بين كل حين وآخر يتجدد الجدل والحرب الكلامية بين الجزائر والمغرب بشأن قضية الصحراء الغربية، على المستويين الشعبي والرسمي.
غير أن آخر محطات هذا الخلاف المغاربي كانت خطيرة، حيث طالب رئيس ما يسمي "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين"، أحمد الريسوني، بالدعوة "للجهاد"، الأمر الذي أشعل غضبًا عارمًا في الجزائر.
وقال الريسوني، في حوار بثه موقع بلانكا بريس: "لو يدعو جلالة الملك محمد السادس ملايين إلى الجهاد، سواء بالمال أم بالنفس، لتنظيم مسيرة مثل المسيرة الخضراء نحو الصحراء الغربية وتندوف، فالشعب المغربي مستعد لأن يذهب ويقيم بالأسابيع والأشهر هناك"، مضيفًا: لا نقيم مسيرة فقط لمدينة العيون بل تندوف نفسها، لكن للأسف الدولة عوضًا عن أن تعتمد على الشعب، ذهبت للاعتماد على إسرائيل، وستكتشف السراب وستعود إلى الشعب"، حسب قوله.
تهديدات علنية
تصريحات الريسوني لم تقف عند حدود الجزائر بل طالت نواكشوط أيضًا، إذ قال إن وجود موريتانيا نفسها خطأ، فضلًا عن الصحراء، على المغرب أن يعود إلى ما قبل "الغزو الأوروبي".
بالمقابل، رأي كثيرون من المتابعين أن ما قاله الريسوني تخطى كونه تصريحات، بل وصل إلى تهديدات علنية بقوله: "نحن مستعدون لقطع آمال من يفكرون في فصل الصحراء واختلاق أي مشكلة للمغرب، الملايين مستعدون إذا دعا جلالة الملك إلى ذلك".
تزامنًا مع هذه التصريحات، التي أطلقت قبل أسبوعين ومازال يتردد صداها، قال ملك المغرب في عيد العرش: لن نسمح لأحد بالإساءة إلى أشقائنا بالجزائر، مؤكدًا رفضه لأي إساءة إلى الجزائر وشعبه، مضيفًا أن الحدود التي تفرق بين الشعبين المغربي والجزائري، لن تغلق أجواء التواصل والتفاهم بينهما.
نفي الاتحاد
من جتهته، خرج ما يسمى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين متبرئًا من تصريحات رئيسه قائلًا إنها تمثله فقط.
وأكد بيان الاتحاد –المدرج على قوائم الإرهاب في عدد من الدول العربية- ومقره العاصمة القطرية الدوحة- أن دستور "الاتحاد العالمي" ينص على أن أن الرأي الذي يسند إلى الاتحاد هو الرأي الذي يتم التوافق، والتوقيع عليه من الرئيس والأمين العام بعد المشورة، ثم يصدر باسم الاتحاد.
وبناءً على هذا المبدأ فإن المقابلات أو المقالات لـ"سماحة الرئيس"، أو الأمين العام تعبِّـر عن رأي قائلها فقط، ولا تعبِّـر بالضرورة عن رأي الاتحاد.
وأضاف البيان أن ما تفضل به فضيلة العلامة الريسوني، في هذه المقابلة أو في غيرها عن الصحراء، هذا رأيه الخاص قبل الرئاسة، وله الحق في أن يعبِّـر عن رأيه الشخصي مع الاحترام والتقدير له ولغيره، لكنه ليس رأي الاتحاد.
غضب جزائري
لم تنزل تصريحات الريسوني بردًا على صدور الجزائريين، بل أثارت غضبهم وحفيظتهم.
إلى ذلك وصف رئيس حركة البناء الوطني الجزائرية عبدالقادر بن قرينة، التصريحات بالمثيرة للفتن بين الشعوب.
وقالت حركة البناء -المقربة من جماعة الإخوان المسلمين ذات الصلة بالريسوني- إن ما قاله صدم مشاعر الجزائريين وكثيرين من شعوب المنطقة المغاربية كالموريتانيين والصحراويين.
و أكدت الحركة أن "خطابه الاستعلائي وأسلوبه الاستهتاري غير مسؤول، وفيه تطاول على سيادة الدول وكرامة الشعوب".
وانتقدت استغلال الريسوني مصطلح "الجهاد" لدخول أراضٍ جزائرية في ولاية تندوف، التي تضم مخيمات للاجئين من الصحراء الغربية.
تصريحات خطيرة
أثارت التصريحات الأخيرة لرئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أحمد الريسوني ردود فعل مستنكرة بالجزائر، خاصة من الأحزاب ذات التوجه الإسلامي المرتبطة بالاتحاد، لكن باقي الأحزاب أبدت اختلافها وتحفظها على تصريحات الريسوني.
حزب التجمع الوطني الديمقراطي ندد بهذه التصريحات التي وصفها بالخطيرة، وقال أمينه العام الطيب زيتوني، إن هذه دعوة صريحة للإرهاب، وتمثل تهديدًا لأمن وسلامة المنطقة ووحدة شعوبها، مضيفاً أن استغلال الدين لأطماع توسعية وأغراض عدوانية يجلب الخراب والدمار على الشعوب المغاربية ويدخلها في دائرة التناحر والحرب".
بدورها، قالت حركة مجتمع السلم الجزائرية، إن الريسوني يتحمل تبعات تصريحه، ضمن الظروف الدولية والإقليمية المتوترة، وهذا الحديث "يلهب نيران الفتنة" مضيفة بدل الدعوة إلى الفتنة وإلى سفك الدماء بين المسلمين، كان الأولى للريسوني أن يدعو إلى الجهاد بالمال والنفس لتحرير سبتة ومليلية المغربيتين".
ووصفت الحركة -التي يقودها عبدالرزاق مقري- ما بدر من الريسوني بـ"السقطة الخطيرة والمدوية لعالمٍ من علماء المسلمين، يفترض فيه الاحتكام إلى الموازين الشرعية والقيم الإسلامية، لا أن يدعو إلى الفتنة والاقتتال بين المسلمين، وفق ما سماه الجهاد بالمال والنفس".
ودعت علماء الأمة إلى "التبرؤ من هذا الموقف الخطير، الذي سيحدث فتنة بين الدول والشعوب"، كما أعلنت تحفظها على "الشخص بعينه في استغلال منصبه بالهيئة العالمية التي يرأسها، والتي يبدو أنه سيحوِّلها إلى ساحة للفتنة والاحتراب بين المسلمين".
غضب موريتاني
بالمقابل، أثارت تصريحات رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين المغربي أحمد الريسوني جدلًا في موريتانيا، وسط مطالبات بـ"الاعتذار".
ورغم أن موريتانيا لم تعلق بشكل رسمي على تصريحات الريسوني، فإن وسائل التواصل الاجتماعي في البلاد ثار فيها جدل كبير بشأن ما أدلى به رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.