التطورات الأخيرة للاتفاق النووي الإيراني... مخاطر كبيرة أم طوق نجاة؟

بعد أيام من مقترح أوروبي، يقضي بتقديم تنازلات جديدة مهمة لطهران، تهدف إلى إنهاء تحقيق الأمم المتحدة في الأنشطة النووية لإيران على وجه السرعة، في محاولة لكسر الجمود في المحادثات بشأن الاتفاق النووي، ردت إيران على المقترح الأوروبي، بينما أعلنت أمريكا أنها تدرس الوضع.

التطورات الأخيرة للاتفاق النووي الإيراني... مخاطر كبيرة أم طوق نجاة؟

السياق

بعد أشهر من المحادثات غير المباشرة، بين طهران والولايات المتحدة، بدت أزمة الاتفاق النووي الإيراني في طريقها للانفراج، إثر أنباء وُصفت بـ«الإيجابية»، أسهمت في إخراج الاتفاق «المتعثر» من حالة الركود الطويلة.

فبعد أيام من مقترح أوروبي، يقضي بتقديم تنازلات جديدة مهمة لطهران، تهدف إلى إنهاء تحقيق الأمم المتحدة في الأنشطة النووية لإيران على وجه السرعة، في محاولة لكسر الجمود في المحادثات بشأن الاتفاق النووي، ردت إيران على المقترح الأوروبي، بينما أعلنت أمريكا أنها تدرس الوضع.

 

الأيام الأخيرة

بعد توقف دام أشهرًا، استأنفت بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا وأمريكا المحادثات مع إيران بشأن الاتفاق النووي، أوائل أغسطس الجاري.

تلك المحادثات قال عنها -قبل أيام- مندوب روسيا لدى المنظمات الدولية في فيينا ميخائيل أوليانوف، إنها تسير في الاتجاه الصحيح، مشيرًا إلى أن النص النهائي للاتفاق النووي، سيكون مشتركًا، يعمل الأوروبيون على تنسيق أفكاره.

وما إن خرجت تصريحات المسؤول الروسي للعلن، حتى كشفت «وول ستريت جورنال»، أن دبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي اقترحوا تقديم تنازلات جديدة مهمة لطهران، تهدف إلى إنهاء تحقيق الأمم المتحدة في الأنشطة النووية لإيران على وجه السرعة.

كانت نقطة الخلاف الرئيسة، في المحادثات التي استمرت 16 شهرًا لإحياء اتفاق 2015، التي وضعت قيودًا على البرامج النووية الإيرانية مقابل تخفيف العقوبات، تحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية في المواد النووية غير المعلنة، التي عُثر عليها في إيران عام 2019.

وتؤكد إسرائيل والمسؤولون الغربيون أن هذه المواد دليل على أن إيران كان لديها -في يوم من الأيام- برنامج أسلحة ذرية سري، وهو أمر نفته طهران، قائلة إنها مهتمة فقط ببرنامج نووي مدني.

وما إن ضغطت إيران في المفاوضات النووية الحالية، لإنهاء التحقيق، قال مسؤولون أمريكيون وأوروبيون إنهم لن يتفاوضوا بشأنه، مشيرين إلى أنه لا علاقة له بالاتفاق النووي.

ومن شأن مسودة الاقتراح المقدم من الاتحاد الأوروبي، أن تدفع إيران للموافقة على معالجة مخاوف الوكالة الدولية للطاقة الذرية قبل دخول الاتفاقية حيز التنفيذ، بحسب «وول ستريت جورنال»، التي توقعت أن تجيب إيران عن أسئلة الوكالة بهدف توضيحها.

ويقول النص إنه إذا تعاونت طهران، فإن الولايات المتحدة والأطراف الأخرى في المحادثات، ستحث مجلس الدول الأعضاء في الوكالة الدولية للطاقة الذرية على إغلاق التحقيق، بينما قال فريق الاتحاد الأوروبي، الذي يرأس المحادثات ويتولى مسؤولية صياغة الاتفاقية، إن هذا هو النص النهائي الذي سيقدمه لإحياء الاتفاق النووي.

موقف إيران

بعد وصول نسخة من النص الأوروبي إلى إيران، قالت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) –الثلاثاء- إن المفاوضين الإيرانيين قدموا ردهم، مشيرة إلى أنهم لم يقبلوا اقتراح الاتحاد الأوروبي.

وقال تقرير وكالة الأنباء الإيرانية إن «الخلافات على ثلاث قضايا أعربت فيها الولايات المتحدة عن مرونتها اللفظية في حالتين، لكن يجب إدراجهما في النص»، مشيرة إلى أن المسألة الثالثة تتعلق بضمان استمرار الصفقة، التي تعتمد على واقعية الولايات المتحدة.

وذكرت الوكالة أن «إيران قدمت ردًا مكتوبًا على مسودة نص اتفاق فيينا، وأعلنت أنه سيتم إبرام اتفاق إذا ردت الولايات المتحدة بالواقعية والمرونة».

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية عن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان قوله إن «الجانب الأمريكي قبل شفهيًا المطلبين اللذين تقدمت بهما طهران».

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية عن دبلوماسي إيراني لم تذكر اسمه قوله إن «مقترحات الاتحاد الأوروبي مقبولة ما دامت تقدم تأكيدات لإيران بشأن النقاط المتعلقة بالعقوبات والضمانات، وكذلك القضايا المعلقة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية».

يأتي ذلك بينما يعقد البرلمان الإيراني –الأربعاء- جلسة مغلقة لمناقشة تطورات مفاوضات الاتفاق النووي، يحضرها وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني، إضافة إلى رئيس الوفد الإيراني المفاوض علي باقري.

وقالت وكالة فارس الإيرانية للأنباء، إنه من المتوقع أن يشرح أمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني ورئيس منظمة الطاقة الذرية محمد إسلامي لنواب البرلمان -في هذا الاجتماع- آخر تطورات المفاوضات.

 

دراسة الرد الإيراني

من جانبه، قال المتحدث باسم كبير الدبلوماسيين بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إن طهران قدمت ردها الذي أكد أنه يخضع للدراسة.

وأضاف بوريل: «نحن ندرسها ونتشاور مع المشاركين الآخرين في خطة العمل المشتركة الشاملة والولايات المتحدة في الطريق إلى الأمام»، من دون كشف تفاصيل.

الأمر نفسه أشارت إليه الولايات المتحدة، التي قالت –الثلاثاء- إنها تدرس رد إيران على الاقتراح النهائي، الذي توسط فيه الاتحاد الأوروبي لإحياء الاتفاق الدولي لعام 2015 لتقييد برنامج طهران للتطوير النووي، مؤكدة أنها تلقت وثيقة إيران من الاتحاد الأوروبي، وستتقاسم الرد الأمريكي مع حلفائها الأوروبيين.

وقالت الولايات المتحدة إنه لا يمكن إحياء الاتفاق إلا إذا أسقطت إيران قضايا خارجية، في إشارة على ما يبدو إلى مطالب طهران بأن تغلق الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة تحقيقًا في آثار يورانيوم غير مفسرة في إيران، وإزالة الحرس الثوري الإيراني من قائمة الإرهاب الأمريكية.

ورغم ذلك، فإن واشنطن لوَّحت باللجوء إلى الخطة ب، حال عدم قابلية خطة العمل الشاملة المشتركة للتطبيق، بحسب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، الذي قال –الثلاثاء- إن «ما يمكن التفاوض عليه قد تم».

وأضاف متحدث الخارجية الأمريكية، أن واشنطن كانت تنقل ملاحظاتها على ردود طهران إلى الاتحاد الأوروبي بشكل خاص، رافضاً الكشف عن تلك الملاحظات.

 

تسوية عقبة رئيسة

من جهة أخرى، قال ميخائيل أوليانوف، مندوب روسيا الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا، في تصريحات لشبكة سي إن إن الأمريكية، إنه تمت تسوية إحدى العقبات الرئيسة أمام إحياء الاتفاق، التي كانت متعلقة بتحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن آثار اليورانيوم، التي تم العثور عليها في مواقع غير معلنة.

وبينما لم يكشف المسؤول الروسي سبل تسوية تلك العقبة، أكد أوليانوف، أن الدول الأوروبية وروسيا ودولًا أخرى قدَّمت حلاً جيداً، مشيرًا إلى أن اجتماعاً وزارياً بشأن الاتفاق النووي الإيراني قد يعقد الأسبوع الجاري أو الأسبوع المقبل، مع انتقال المحادثات لاستعادة الاتفاق إلى المرحلة الأخيرة.

وساعدت إمكانية إحياء الاتفاق، الذي قد يؤدي إلى رفع العقوبات الأمريكية على إنتاج إيران من النفط، في انخفاض أسعار النفط العالمية، بحسب موقع صوت أمريكا.

 

مخاطر كبيرة

الاتفاق الإيراني معلق منذ انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منه عام 2018، الذي أعاد فرض عقوبات اقتصادية خانقة على إيران، بينما حذر موقع صوت أمريكا، من أن المخاطر كبيرة، لأن الفشل في المفاوضات النووية، من شأنه أن يحمل مخاطر اندلاع حرب إقليمية جديدة، مع تهديد إسرائيل بعمل عسكري ضد إيران، إذا فشلت الدبلوماسية في منع طهران من تطوير قدرات أسلحة نووية.

وقال دبلوماسيون ومسؤولون لـ«رويترز» إنه سواء قبلت طهران وواشنطن العرض «النهائي» من الاتحاد الأوروبي أم لا، فمن غير المرجح أن يعلن أي منهما موت الاتفاق، لأن إبقاءه على قيد الحياة يخدم مصالح الطرفين.