بدأ يتحدث ويمزح.. آخر تطورات الحالة الصحية لسلمان رشدي
المشتبه الذي وُلد في كاليفورنيا، عُثرت على هاتفه صور للجنرال الإيراني قاسم سليماني، الذي قُتل في غارة أمريكية

السياق
رغم مرور يومين على طعن الروائي البريطاني سلمان رشدي، فإن تداعيات الحادث تتواصل، بإدانات دولية ووعيد من وسائل إعلام إيرانية بتكراره مع مسؤولين أمريكيين سابقين، بينهم الرئيس السابق دونالد ترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو.
وبينما قال الكاتب البريطاني الأمريكي عايش تيسير، عبر «تويتر»، إنه «تم رفع جهاز التنفس الصناعي عن سلمان رشدي وبات يتحدث ويمزح»، كانت التحقيقات تتواصل في الجهة المقابلة مع منفذ الهجوم على الروائي البريطاني، البالغ من العمر 75 عامًا.
ماذا عن الحادث؟
الروائي البريطاني المولود في الهند، الذي أدت روايته «آيات شيطانية» إلى تهديدات بالقتل من إيران في ثمانينيات القرن الماضي، كان على وشك إلقاء محاضرة الجمعة في ولاية نيويورك الأمريكية، إلا أنه تعرض للهجوم، من قِبل شاب أمطره بعشر طعنات.
ووفقًا للشرطة الأمريكية، فإن سلمان تعرض لطعنة واحدة على الأقل في رقبته وأخرى في بطنه قبل نقله إلى المستشفى، بعد أن ركض رجل على خشبة المسرح وهاجمه هو ومن كان أجرى المقابلة معه.
وقالت الشرطة إن هنري ريس، 73 عامًا، الذي أجرى المقابلة مع سلمان رشدي، تعرض لإصابة طفيفة في الرأس أثناء الهجوم، مؤكدة أنه عولج من إصابة في الوجه بمستشفى قريب وخرج منذ ذلك الحين.
إلا أن وكيل سلمان رشدي قال لشبكة «إيه بي سي نيوز» الأمريكية، إنه من المحتمل أن يفقد الروائي البريطاني إحدى عينيه، بعد أن قطعت الأعصاب في ذراعه وتعرض الكبد للطعن والتلف.
منفذ الهجوم
منفذ الهجوم على سلمان رشدي، شاب أمريكي لبناني الأصل، يدعى هادي مطر ويبلغ من العمر 24 عامًا من ولاية نيوجيرسي، قال عنه علي قاسم تحفة رئيس بلدية قرية يارون، إن هادي مطر من أصول لبنانيّة ووُلد ونشأ في الولايات المتحدة، بينما والده ووالدته من يارون.
وقالت مصادر لشبكة «إيه بي سي نيوز» الأمريكية، إن المشتبه الذي وُلد في كاليفورنيا، عُثرت على هاتفه صور للجنرال الإيراني قاسم سليماني، الذي قُتل في غارة أمريكية بطائرة من دون طيار، وأبو مهدي المهندس زعيم الميليشيات الموالية لإيران في العراق، وقتل أيضًا على يد القوات الأمريكية.
واستعادت الشرطة رخصة قيادة مزورة من ولاية نيو جيرسي، يبدو أنها استخدمت صورة المشتبه به مع الاسم المستعار حسن مغنية، في إشارة محتملة إلى حسن نصر الله، زعيم حزب الله اللبناني، وعماد مغنية، الذي كان رقم المجموعة.
وقال مسؤولو إنفاذ القانون الذين تم إطلاعهم على التحقيق في هجوم سلمان رشدي لشبكة «إيه بي سي نيوز»، إن «التحقيق الأولي في الوجود المحتمل للجاني المشتبه به على وسائل التواصل الاجتماعي، يشير إلى التزام محتمل أو تعاطف مع التطرف الشيعي والتعاطف مع النظام الإيراني والحرس الثوري».
ويصف المحققون الهجوم بـ «محاولة اغتيال على ما يبدو» من قِبل فرد لديه مؤشرات قوية على الدعم الأيديولوجي للنظام الإيراني، مشيرين إلى أن الحادث وقع خلال «اضطراب المؤامرة» على ما يبدو مرتبطة بالوضع الحالي للتوترات بين الولايات المتحدة وإيران.
ويشير المحققون إلى أن إيران تواصل تهديد أعدائها في جميع أنحاء العالم، كجزء من لعبتها المعلنة للانتقام لقتل سليماني والمهندس.
وأمام قاضٍ في ولاية نيويورك، دفع مطر ببراءته من تهمة «محاولة قتل» الكاتب البريطاني الذي لا يزال في حال الخطر بالمستشفى، غير أنه تمكن من التفوه ببعض الكلمات مساء السبت، بحسب «فرانس 24».
وتقدم محامي مطر، 24 عامًا، بالدفوع نيابة عنه خلال جلسة استماع رسمية في محكمة غربي نيويورك.
علاقة الحادث بإيران
الخميني، المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الراحل، الشخصية الشيعية البارزة ،كان أصدر في 14 فبراير 1989، فتوى تبيح قتل رشدي، بسبب كتابه «آيات شيطانية».
وبينما لم تلغَ الفتوى بحق الكاتب، استهدفت هجمات العديد من مترجمي الرواية، جُرح بعضهم وقتِل آخرون مثل الياباني هيتوشي إيغاراشي الذي قضى طعنًا عام 1991.
وفي إيران هنأت صحيفة «كيهان» المحافظة المتشددة منفذ الهجوم، قائلة: «مبارك لهذا الرجل الشّجاع المدرك للواجب الذي هاجم المرتدّ والشرّير سلمان رشدي»، مضيفة: «لنقبّل يَد من مزّق رقبة عدوّ الله بسكّين».
سوق الكتب في طهران، السبت، فكان الجميع على عِلم بالهجوم الذي تعرّض له الكاتب البريطاني في الولايات المتحدة، لكنّ مؤيّدي العملية فقط هم من يعبّرون عن آرائهم، بحسب «فرانس 24».
من سلمان رشدي؟
وُلد سلمان رشدي في 19 يونيو 1947 ببومباي ونشأ في عائلة مثقفين مسلمين غير متديين وتقدّميّين.
أثار غضب العالم الإسلامي بروايته «آيات شيطانيّة» ما دفع الخميني إلى إصدار فتوى عام 1989 تدعو إلى قتله.
اضطر الروائي -منذ ذلك الحين- إلى التواري والعيش في السرّيّة متنقلًا من مخبئ إلى مخبئ تحت حماية الشرطة.
وأجرت مجلة «شتيرن» الألمانية مقابلة مع سلمان رشدي، قبل أيام من الهجوم في نيويورك، قال فيها: «منذ بدأت أعيش في الولايات المتحدة، لم تعد لديّ مشكلات، فحياتي عادت إلى طبيعتها»، مبديًا تفاؤله رغم تهديدات القتل اليومية، بحسب مقتطفات نشرتها المجلة، التي قالت إنها ستنشر المقابلة في 18 أغسطس.
أثر الحادث في «آيات شيطانية»
في الولايات المتحدة، سجل موقع أمازون زيادة في الطلبات على «آيات شيطانية»، بينما قالت مكتبة «ستراند بوكستور» النيويوركية لـ«فرانس 24» إن «الناس يأتون لرؤية ما كتبه والاستعلام عما لدينا في المخزون».
ردود فعل
دان الرئيس الأمريكي جو بايدن ما وصفه بـ«الهجوم الشرس» على الكاتب البريطاني الأمريكي سلمان رشدي، مشيدًا بالأخير لـ«رفضه الترهيب والإسكات»، مؤكدًا أنه وزوجته السيدة الأولى جيل وجميع الأمريكيين وجميع الناس يصلون من أجل «تعافيه».
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن ما وصفه بـ«نضال سلمان رشدي هو نضالنا، وهو نضال عالمي»، بينما ندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالهجوم الذي وصفه بـ«المروِّع».
كما ندد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو -السبت- بـ«الهجوم الجبان والإساءة لحرية التعبير»، بينما أكد رئيس الحكومة الإسرائيلية، أن الاعتداء «نتيجة عقود من التحريض على القتل من قِبل النظام الإيراني المتطرف».
صحيفة «شارلي إيبدو» الفرنسية الهزلية التي استهدفها هجوم أقدم على إعدام جميع أعضاء هيئة تحريرها تقريبًا عام 2015، قالت إن «لا شيء يبرر فتوى، لا شيء يبرر حكمًا بالإعدام»، في إشارة إلى الفتوى الإيرانية.
وأعلن اتحاد الكتاب في ألمانيا -مجددًا- تضامنه مع سلمان رشدي، بينما قالت كلاوديا جودريان الأمينة العامة لمركز القلم في ألمانيا في بيان الأحد: «عينت رئاسة مركز القلم بألمانيا سلمان رشدي عضوًا شرفيًا كعلامة على التضامن مع هذا المناضل الشجاع من أجل حرية الكلمة».