أطفال ونساء مأرب في خطر... يد لمليشيا الحوثي تقتل وأخرى تمنع الغذاء
تقرير أممي يحذِّر من كارثة في مأرب... مليشيا الحوثي تزيد أوجاع اليمنيين وتقتات على معاناتهم

السياق
طفل واحد يموت كل 10 دقائق و2.3 مليون مصابون بسوء التغذية، إضافة إلى 21 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية... حصيلة أممية، سلَّطت الضوء على معاناة آلاف اليمنيين، التي فاقمتها المليشيات الحوثية.
فما يقرب من خمسة ملايين شخص، على بعد خطوة واحدة من المجاعة والأمراض المصاحبة لها، بحسب تقرير أممي، حذَّر من تزايد الاحتياجات الإنسانية، بما في ذلك الافتقار إلى المأوى، بين مجتمعات النازحين، مع استمرار القتال في محافظة مأرب اليمنية.
وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في تقرير اطلعت «السياق» على نسخة منه، إن ما يقرب من 24 ألف شخص شُــرِّدوا بسبب المليشيات الحوثية والاشتباكات المسلحة في محافظة مأرب منذ بداية العام، مشيرًا إلى أن المنطقة تستضيف ربع النازحين داخليًا في اليمن، البالغ عددهم أربعة ملايين، الذين سعوا إلى الحصول على الأمان في المراكز الحضرية ونحو 150 من المخيمات العشوائية.
مساكن خاصة
وأشار التقرير الأممي، إلى أن عشرات العائلات النازحة، أجبرت على بناء مساكن خاصة بها، بالبطانيات والأغطية البلاستيكية القديمة، بسبب ندرة الموارد من الشركاء في المجال الإنساني.
من جانبها، قالت المتحدِّثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إيكاتيريني كيتيدي، إن المستوطنات التي تستضيف ما يقرب من 190 ألف شخص، أصبحت الآن فوق طاقتها، والظروف «يرثى لها».
وأضافت المسؤولة الأممية، أن الملاجئ التي أصبحت غير كافية، تضرَّر الكثير منها، بسبب الفيضانات الأخيرة وحوادث الحريق بسبب الطهي المفتوح.
وأشارت إلى أن المياه النظيفة والمراحيض والكهرباء والمرافق الصحية شحيحة، مؤكدة أن 80% من النازحين من النساء والأطفال، الذين يعانون خيارات المأوى المحدودة، بسبب الازدحام وانعدام الخصوصية، والوصول المحدود إلى الخدمات الأساسية، مثل المراحيض أو المياه.
وقالت المتحدِّثة الأممية، إن الأمم المتحدة تتخوف من إجلاء النازحين، بعد بناء تسعة من كل 10 مستوطنات على أراض خاصة ومن دون اتفاقيات إشغال، مؤكدة أن الإجلاء مصدر قلق في المراكز الحضرية، حيث ارتفعت أسعار الإيجارات، بعد موجة النزوح الأخيرة.
فـ«85% من العائلات النازحة، غير قادرة على دفع الإيجار، لأن فرص كسب العيش نادرة، وربع النازحين في مأرب ليس لديهم مصدر دخل»، تقول كيتيدي، مشيرة إلى أن المزيد من النزوح بسبب الإجلاء، لن يؤدي إلا إلى استنزاف مواردهم وزيادة احتياجاتهم.
انعدام الأمن
ومع وصول منظمات الإغاثة إلى 21% فقط من السكان، بسبب انعدام الأمن، دعت كيتيدي جميع أطراف النزاع، إلى ضمان الوصول من دون عوائق، إلى المستوطنات لضمان التوصيل الآمن للمساعدة المنقذة للحياة.
يأتي التقرير الأممي، بعد تصريحات وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيثس، أمام مجلس الأمن الدولي، بأن ما يقرب من ثلثي سكان البلاد التي مزَّقتها الحرب (نحو 20 مليون شخص)، يعتمدون على المساعدات الإنسانية، لسد احتياجاتهم اليومية.
العدائيات الحوثية
وأكد المسؤول الأممي، أن «العدائيات الحوثية» أسفرت عن مقتل أو جرح ألف ومئتي شخص هذا العام، وانهيار المؤسسات والخدمات العامة، الأمر الذي حرم المدنيين من المياه النظيفة والصرف الصحي والتعليم والرعاية الصحية، وساعد في نشر الكوليرا وفيروس كورونا، مشددًا على ضرورة وقف إطلاق النار.
وأشار غريفيثس، إلى أن الأمطار الغزيرة التي لم تشهدها اليمن، أدت إلى تأثُّر أكثر من 100 ألف شخص بالفيضانات، الأسبوع الماضي.
وقال إنه في ظِل كل تلك المشكلات الإنسانية، يمثِّل منع حدوث المجاعة في اليمن أولوية قصوى، مشيرًا إلى أن أكثر من 20 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة، بينهم 5 ملايين شخص على حافة المجاعة والأمراض المصاحبة لها.
شكرًا للسعودية
وفي إشارة إيجابية، أفاد المسؤول الأممي، بارتفاع معدل التمويل الإنساني، منذ انعقاد مؤتمر إعلان التعهدات لدعم اليمن، معربًا عن شكره لكل المانحين، بينهم المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، مبينًا أن خطة الاستجابة الإنسانية لليمن، تلقت دعما بنحو 50%، وهو أكبر دعم تتلقاه أي استجابة إنسانية في العالم، على حد تعبيره.
وأشار غريفيثس، إلى أن هذا الدعم يمكن المنظمات الإنسانية والشركاء، من مساعدة 10 ملايين شخص، شهريًا، في مختلف أنحاء اليمن، «ولولا هذا الدعم لكان اليمن قد وقع في براثن المجاعة».
وأكد أن الاتحاد الأوربي وسويسرا والسويد ستعقد فعالية إنسانية لدعم اليمن، خلال اجتماعات الجمعية العامة الشهر المقبل، قائلًا إن الاجتماع فرصة للعالم، لإظهار وتجديد تعهده بمعالجة هذه المأساة.
ورحب غريفيثس، بإعلان صندوق النقد الدولي، بأن اليمن سيحصل على احتياطيات بنحو 665 مليون دولار، ما يساعد في تخفيف الأزمة الاقتصادية والإنسانية الحادة.
أزمة سياسية
سياسيًا، أعرب محمد خالد الخياري، الأمين العام المساعد للشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ، في إدارتي الشؤون السياسية وبناء السلام، وعمليات السلام، أمام مجلس الأمن، عن أسفه لعدم حدوث مزيد من التقدُّم في جهود الأمم المتحدة المستمرة، للتوصل إلى اتفاق بين الأطراف اليمنية، على أساس خطة النقاط الأربع المقدَّمة إلى الطرفين، التي تتألف من: وقف إطلاق النار، وإعادة فتح مطار صنعاء، وتخفيف القيود المفروضة على تدفق الوقود والسلع الأخرى عبر ميناء الحديدة، واستئناف المفاوضات المباشرة بين الأطراف اليمنية.
وأضاف أن مليشيا الحوثي تشترط لاستئناف مشاركتهم في العملية السياسية، فتح ميناء الحديدة ومطار صنعاء، مؤكدًا أن استمرار النشاط العسكري في أنحاء متفرقة من اليمن، يهدِّد بإغلاق الطرق المؤدية إلى مأرب، مجددًا دعوته إلى جميع الأطراف لوقف فوري، لأي محاولات لتحقيق مكاسب بالقوة.
حصيلة مؤسفة
هنريتا فور، المديرة التنفيذية لمنظمة اليونيسف، أكدت أن طفلا يمنيًا واحدًا يموت كل 10 دقائق، بسبب أمراض يمكن الوقاية منها، بما في ذلك سوء التغذية وانعدام التحصين، مشيرة إلى أن 21 مليون شخص في اليمن، بمن فيهم أكثر من 11 مليون طفل، بحاجة إلى مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة، و2.3 مليون طفل مصابون بسوء التغذية.
وأضافت المسؤولة الأممية، أن تعليم الأطفال تأثَّر بالحرب، مشيرة إلى أن مليوني طفل في سن الدراسة، لا يمكنهم الذهاب إلى المدرسة، ومدرسة واحدة من كل ست مدارس، غير صالحة للاستخدام، بينما لم يتلق ثلثا المعلمين مرتباتهم، بصورة دورية، أكثر من أربع سنوات.
وضع مأساوي
وفي إشارة إلى الوضع المأساوي، الذي فرضته المليشيات الحوثية، قالت المسؤولة الأممية: «أن تكون طفلًا في اليمن، يعني أن تشهد كيف يعاني والداك، في سبيل توفير الغذاء لك، يعني أنك- حتى وإن كنت محظوظًا بالذهاب إلى المدرسة- فإنك يمكن أن تموت، إما بسبب طلقة أو انفجار أو لغم، في طريقك إلى المدرسة».
فالأطفال في اليمن، بحاجة إلى سلام شامل ومستدام، بحسب فور، التي دعت أطراف الصراع إلى طاولة الحوار للتوصل إلى تسوية، تضع حقوق الأطفال أولوية "«حينها فقط سيتمكن الأطفال اليمنيون، من طي صفحة هذا الكابوس والتفرُّغ لبناء مستقبلهم».
التصريحات الأممية، توافقت مع تصريحات مندوب اليمن في الأمم المتحدة، التي دعا فيها المجتمع الدولي، إلى تحمُّل مسؤولياته والضغط على مليشيات الحوثي، لحملها على التفاوض ووقف العمليات العدائية.