فيصل ندا... الكاتب الذي أضحك الوطن العربي

يُعَد فيصل أحد أبرز كتاب السيناريو القلائل في مصر، الذين برعوا في الكتابة للمسرح والسينما والتلفزيون والإذاعة، وتميَّزت أعماله بالنقد الاجتماعي الساخر.

فيصل ندا... الكاتب الذي أضحك الوطن العربي

السياق
بإعلان وفاة الكاتب والمؤلف فيصل ندا، طُويت صفحة ذاخرة من تاريخ الفن المصري والعربي، أنهت ضحكة طالما أسعدت قلوبنا، بأعمال أضافت جزءًا مهمًا للمكتبة الفنية العربية.

ويُعَدُّ فيصل أحد أبرز كتاب السيناريو القلائل في مصر، الذين برعوا في الكتابة للمسرح والسينما والتلفزيون والإذاعة، وتميَّزت أعماله بالنقد الاجتماعي الساخر.
ولد ندا في القاهرة عام 1940، وتخرَّج في كلية التجارة بجامعة القاهرة، التي بدأ منها مشواره الفني، من خلال فريق التمثيل.

وفي حوارات سابقة، اعترف فيصل بأنه لم يود أن يصبح كاتبًا، فكان حلمه التمثيل، وعرض على والده ذلك، فأخبره أن يكمل تعليمه، ثم يفعل ما يريد، فالتحق بكلية التجارة جامعة القاهرة، آخذًا معه هذا الحلم، الذي رفضه بعد ذلك وابتعد عنه.

أثناء دراسته الجامعية، كوَّن مع زملائه فريقًا للتمثيل، وبهم أنشأ أول مسرح في كلية "تجارة القاهرة"، وحينها كتب أولى رواياته "قيس ولبنى"، وأخرجها مسرحيًا الراحل الكبير فؤاد المهندس.

بعدها عرض عليه أحد الأصدقاء الانتقال إلى التليفزيون، فذهب إلى مبنى ماسبيرو، وكان قيد الإنشاء، وقتئذ، والتقى هناك المخرج حسين كمال، وعرض عليه أعماله، لكن الأخير رفضه بسبب عدم تناسب المحتوى مع البرنامج الذي يقدِّمه.

عاد "ندا" إلى "كمال" مجددًا، وعرض عليه فِكرة تعبِّـر عن محتوى برنامجه، فأعجب بها، واشترط ندا أن يكون بطلها، ليبدأ حلمه بالتمثيل، لكن المخرج حسين كمال واجهه بحقيقة أنه لا يمتلك تلك الموهبة.

ويحكي ندا أن هذا الموقف كان صدمة قوَّمته، فاقتنع بأنه ممثل غير جيد، لكن من الممكن أن يكون كاتبًا كبيرًا متميزًا، وقد كان.

 

من التمثيل إلى الكتابة

هذه الصدمة، هي البداية التي انطلق منها، فقرَّر أن يعكف على تعلُّم كتابة السيناريو، وتوجَّه إلى الكاتب الكبير ثروت أباظة، وطلب منه أن يحول رواية "هارب من الأيام" إلى عمل تليفزيوني، فرحب ثروت بالفِكرة وبعدما انتهى من تأليفها الدرامي، قدَّمها للتليفزيون، لكن الرقابة رفضتها.

ويوضح ندا سبب الرفض، بأنه في ذلك الوقت، لم يكن هناك شيء اسمه مسلسل تليفزيوني، وإنما كانت أعمالًا درامية خفيفة تسمى السهرات، إحداها نصف ساعة تُصوَّر في ديكور واحد، والأخرى ساعة في ديكورين.

لكن المخرج نور الدمرداش اقتنع بموهبته، فأصر على تقديم المسلسل، وبحثا عن بطل جماهيري يكسبه شعبية، فاستقرا على الراحل فريد شوقي، وأعلنا عن العمل، وقبل تصويره، حذَّر الكثيرون شوقى من فشل فِكرة المسلسل متعدِّد الحلقات، فاعتذر عن دور البطولة فيه، فأسندها الدمرداش إلى الراحل عبدالله غيث، وعُرض العمل عام 1963 حلقة كل أسبوع.

يُعَـدُّ هذا العمل من "فلكلوريات" الدراما المصرية، حيث ناقش قضايا اجتماعية مهمة وخطيرة، ما زلنا نعانيها إلى الآن، منها الرشوة والفساد والإرهاب.

المتزوجون

وكانت مسرحية "المتزوجون" التي ألَّفها محطة فاصلة في تاريخه الفني، وأيضا تاريخ المسرح، إذ أداها الفنان الراحل سمير غانم ببراعة منقطعة النظير، كما أنها ناقشت مشكلة العلاقات الأسرية والأزمات الاقتصادية، والفوارق بين الطبقات، في إطار كوميدي.
وتدور أحداثها، بعدما يقع مسعود الشاب الفقير في حب لينا الفتاة الغنية، ويتزوجها رغم رفض والدها، وبانتقال لينا إلى بيت مسعود المعدم، تتصاعد الأحداث، وأيضًا ضحكات الجماهير من مختلف الأعمار والبلدان.

ومن المفارقات الحزينة، أن وفاة الكاتب فيصل ندا، جاءت بعد أيام قليلة من وفاة بطل أشهر أعماله سمير غانم وزوجته الفنانة دلال عبدالعزيز، اللذين نعاهما ندا قبل أيام من وفاته قائلًا: بكل الحزن والأسى، أنعى الفنانة والصديقة العزيزة دلال عبدالعزيز، عندما رأيت دلال شعرت بأنني أمام موهبة تحتاج إلى مَنْ يكتشفها، أسندت إليها بطولة مسرحية أهلا يا دكتور وبطولة مسلسل دعوني أعيش، مع شريهان التي كانت تخطو أولى خطواتها في التمثيل، رحمها الله... لقد لحقت بصديق عمري سمير غانم... خالص عزائي لأسرتها ولكل جمهورها والوسط الفني.