مسؤول إيراني يعترف: مقاطع التعذيب المسرَّبة من سجن إيفين صحيحة

لقطات مسرَّبة تكشف انتهاكات مروِّعة في سجن إيفين... ومسؤول إيراني يعترف

مسؤول إيراني يعترف: مقاطع التعذيب المسرَّبة من سجن إيفين صحيحة

ترجمات – السياق

بينما كان الحارس الموجود في غرفة التحكُّم، في سجن إيفين الإيراني "سيئ السمعة"، يمارس عمله، فجأة انتبه إلى أن الشاشات التي أمامه توقَّفت، قبل أن تعرض شيئاً مختلفاً عن لقطات المراقبة، التي كان يشاهدها.

كُتبت على الشاشات عبارة: "هجوم إلكتروني"، ليتجمع حراس آخرون حوله، وهم ممسكون بهواتفهم الجوالة، يصوِّرون أو يجرون مكالمات عاجلة، وكُتبت على الشاشات جملة تقول: "احتجاج عام حتى يحصل المعتقلون السياسيون على الحرية".

بعد ذلك، أرسل حساب على الإنترنت، يزعم أنه لمجموعة من المتسللين، لقطات من الاختراق، وأجزاءً من كاميرات مراقبة استولى عليها، إلى وسائل إعلام في الخارج.

 

فضح النظام

وقال المتسللون المزعومون، إن الهدف من الاختراق، إظهار الظروف القاتمة، وفضح ما يدور داخل السجن المخصَّص للسجناء السياسيين.

وأظهرت اللقطات التي عُرضت، رجلًا يحطِّم مرآة الحمام، في محاولة لقطع شرايينه، وفي مشهد آخر كان السجناء -وحتى الحراس- يضربون بعضهم، في لقطات وثَّقتها كاميرات المراقبة.

بينما تظهر بعض المقاطع، أنه يمكن رؤية غرفة التحكُّم في كاميرات المراقبة، وتظهر أقسامًا مختلفة من السجن على الشاشات.

النزلاء ينامون في غرف مفردة، مع أسرة بطابقين مكدَّسة بثلاثة مرتفعة مقابل الجدران، ولفوا أنفسهم بالبطانيات للتدفئة، وفقًا للوكالة.

وقال المتسللون: نريد أن يسمع العالم صوتنا، من أجل حرية جميع السجناء السياسيين".

 

مسؤول إيراني يعترف

بالمقابل، أقر محمد مهدي حاج محمدي، رئيس منظمة السجون الإيرانية، بصحة المقاطع التي تظهر عمليات التعذيب داخل السجن.

وقال محمدي، إنه يتحمَّل المسؤولية عن هذه "السلوكيات غير المقبولة"، في هذا السجن الذي يضم العديد من المعارضين السياسيين، والمعتقلين الأجانب أو المزدوجي الجنسية، الذين تستعملهم طهران عادة كورقة مساومة مع الغرب، بحسب ما نقلت وكالة أسوشيتد برس.

وتعهد بتجنُّب تكرار مثل هذه الحوادث المريرة، ومواجهة الجناة، قائلًا: "أعتذر لله تعالى، وللمرشد الأعلى الغالي، ولأمتنا العظيمة، ولضباط السجون النبلاء، الذين لن يتم تجاهل جهودهم، بسبب ما يرتكبه آخرون"، بحسب الوكالة.

 

لقطات قاسية

اختراق سجن إيفين، ليس الأول، إذ ضربت إيران حوادث قرصنة محرجة، وسط توترات مستمرة بشأن برنامجها النووي المتسارع، ومع استمرار تعليق المحادثات مع الغرب، بشأن إحياء الاتفاق النووي، بين طهران والقوى العالمية.

وقال أربعة سجناء سابقين في إيفين، إضافة إلى ناشط إيراني بمجال حقوق الإنسان في الخارج، لوكالة أسوشيتد برس: إن مقاطع الفيديو تشبه مناطق من سجن شمالي طهران.

وتطابقت بعض المشاهد أيضاً، مع صور السجن التي التقطها صحفيون سابقاً، كما شوهدت في صور الأقمار الاصطناعية، التي تم الوصول إليها من وكالة أسوشيتد برس.

كما تُظهر اللقطات أيضًا، صفوفًا من آلات الخياطة، التي يستخدمها السجناء، وزنزانة حبس انفرادي مع "حمام" ومناطق خارجية من السجن، وهناك صور لساحة في الهواء الطلق في السجن، وحمامات السجناء والمكاتب داخل السجن.

 

ضرب سجين

رغم عدم وجود صوت في مقاطع الفيديو، فإنهم يتحدَّثون عن الوضع الكئيب، الذي يواجهه السجناء داخل السجن.

ويظهر أحد المقاطع، ما يبدو أنه رجل هزيل، ملقى من سيارة في ساحة انتظار السيارات، ثم يتم جره عبر السجن، ويظهر آخر عالِمًا يسير على الدرج، ويمر بجانب الرجل من دون توقُّف.

كما شوهد حراس في مقطع فيديو آخر وهم يضربون رجلاً يرتدي زي السجن، بينما يوجِّه أحد الحراس لكمة لسجين داخل زنزانة، كما يتقاتل الحراس كما يفعل السجناء.

ومن المشاهد القاسية، التي أظهرتها المقاطع، يُحشر كثيرون من السجناء في زنازين من غرفة واحدة، بينما لا أحد يرتدي الكمامة، وسط مخاوف على صحة السجناء من انتشار عدوى كورونا.

عدالة علي

الحساب، الذي شارك مقاطع الفيديو مع "أسوشيتد برس"، يطلق عليه "عدالة علي"، في إشارة إلى السخرية من المرشد الإيراني علي خامنئي.

وذكرت المجموعة، التي اخترقت كاميرات المراقبة، أن لديها "مئات" غيغا بايت من البيانات، مما وصفته باختراق تم إجراؤه منذ أشهر، ولم تجب عن أسئلة بشأن المتورِّطين في التسريب.

وربط الحساب، توقيت تسريبه بتولي الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي مهامه، وهو أبرز المسؤولين المتورِّطين في انتهاكات حقوق الإنسان، وأهمها إعدام الآلاف عام 1988 نهاية الحرب العراقية الإيرانية.

مجموعة المخترقين، كتبت في الرسالة على الشاشات في غرفة التحكُّم في السجن: "سجن إيفين وصمة عار على عمامة رئيسي السوداء ولحيته البيضاء".

 

عقوبات صارمة

وتواجه إيران، التي فرض الغرب عقوبات عليها منذ فترة طويلة، صعوبات في الحصول على أجهزة وبرامج حديثة، غالبًا ما تعتمد على الإلكترونيات المصنَّعة في الصين أو الأنظمة القديمة.

ويبدو أن نظام غرفة التحكُّم، الذي شوهد في الفيديو، على سبيل المثال، يعمل بنظام Windows 7، الذي لم تعد Microsoft توفِّر له تصحيحات، وذلك يسهل على المتسلل المحتمل استهدافه، إذ تعد الإصدارات المقرصنة من Windows والبرامج الأخرى شائعة في جميع أنحاء إيران.

في الأشهر الأخيرة، استهدف هجوم إلكتروني، شبكة السكك الحديدية في إيران، وفي الوقت نفسه، يُشتبه على نطاق واسع، في أن الهجوم الإلكتروني الأكثر شهرة -فيروس ستوكسنت الذي دمَّر أجهزة الطرد المركزي الإيرانية، في ذروة المخاوف الغربية من برنامج طهران- كان من صُنع أمريكي وإسرائيلي.

 

انتهاكات السجناء

من الناحية النظرية، السجن تحت سيطرة نظام السجون الإيراني، لكنه يضم أيضاً وحدات متخصِّصة للسجناء السياسيين وذوي العلاقات الغربية، يديرها الحرس الثوري.

وبعد أن شنَّت إيران حملة قمع على المتظاهرين، في أعقاب إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد عام 2009، انتهى الأمر بالعديد من المحتجين المعتقلين في سجن إيفين، آنذاك دفع المشرِّعون للإصلاحات في إيفين، بعد تقارير عن انتهاكات في السجن، ما أدى إلى تركيب كاميرات المراقبة.

استمرت المشكلات، ومع ذلك، ذكرت تقارير للمقرِّر الخاص للأمم المتحدة جافيد رحمن -مراراً وتكراراً- أن سجن إيفين موقع لانتهاكات السجناء.

وحذر رحمن في يناير، من أن السجون الإيرانية تواجه "اكتظاظاً ونقصاً في النظافة، إلى جانب عقبات لا يمكن التغلُّب عليها لمواجهة كورونا.

وذكر أن "سجناء الرأي والسجناء السياسيين أصيبوا بفيروس كورونا، أو عانوا أعراضه، مع حرمان العديد من الاختبارات أو العلاج، أو يعانون التأخر في تلقي نتائج الاختبارات والعلاج".