المتطوعون الأمريكان في أوكرانيا.. لا سلاح ولا مهام قتالية
منذ غزو روسيا لأوكرانيا، قدِم آلاف الأمريكيين وغيرهم من المتطوعين الأجانب، إلى أوكرانيا للمشاركة في القتال

ترجمات -السياق
أعلنت أوكرانيا -على لسان رئيسها فولوديمير زيلينسكي- تشكيل فيلق أجنبي للمتطوعين من الخارج، للقتال إلى جانب قوات بلاده، الدول الغربية رحبت بدعوة كييف حينها، وحثت الراغبين في محاربة الروس على التوجه إلى أوكرانيا.
مراهقون أمريكان وهواة، كانوا ضمن المتطوعين للقتال في أوكرانيا، لكنهم -حسب وصف صحيفة واشنطن بوست الأمريكية- محبطون، إذ إن عددًا منهم يقطنون في مدن بعيدة عن أماكن القتال، وليست لديهم بنادق ولا حتى خوذ.
"واشنطن بوست" رصدت -في تقرير- حالات عدد من المقاتلين، منهم آدم الذي كان يعمل قبل قراره شراء تذكرة طائرة واحدة ذهابًا وإيابًا إلى أوكرانيا، في وظيفتين، حارس أمن، وأمين صندوق في متجر، مشيرة إلى أنه كان يمتلك بنادق يستخدمها في ميادين الرماية، أما القتال فكل ما لديه من خبرة فيه، هو أثناء حصص الدفاع عن النفس في المدرسة.
وتؤكد الصحيفة الأمريكية أن كل ذلك، لم يمنع الشاب البالغ من العمر 24 عامًا من منطقة ثاوزند أوكس، بلوس أنجلوس من السفر إلى العاصمة الأوكرانية هذا الشهر، للانضمام إلى الفيلق الأجنبي لمحاربة القوات الروسية، التي لا تبعد سوى 15 ميلًا عن كييف.
"القيم الأمريكية"
تصف "واشنطن بوست" آدم الذي يرتدي بنطالًا رياضيًا مموهًا، وغير المنزعج من قلة خبرته في القتال، بأنه كان آملًا أن ينقذ أوكرانيا، وأنه سافر إلى هناك، للدفاع عن قيم الديمقراطية والحرية الأمريكية.
وأشار إلى أن ما يفعله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خطأ، لذلك يجب مساعدة الأوكرانيين لمواجهة هذا الغزو.
وأوضحت "واشنطن بوست" أنه منذ غزو روسيا لأوكرانيا، قدِم آلاف الأمريكيين وغيرهم من المتطوعين الأجانب، إلى أوكرانيا للمشاركة في القتال.
ليست مكانًا للرومانسية
وأشارت إلى أنه مع اقتراب الحرب من شهرها الأول، هناك عدد متزايد من المتطوعين يتدفقون على العاصمة الأوكرانية، ويوقعون عقودًا ويحصلون على الأسلحة والزي العسكري والتدريب، قبل نشرهم على الجبهات.
وشبهت الصحيفة الأمريكية هؤلاء المقاتلين، بالفيلق الدولي الذي انضم إليه أكثر من 32 ألف أمريكي وأوروبي، قاتلوا في صفوف الجمهوريين أثناء الحرب الأهلية الإسبانية بين عامي 1936و1939.
تؤكد "واشنطن بوست" أن هذه الحرب ليس فيها مكان للرومانسية ولا دافع للمغامرة، ولا حتى المعتقدات السياسية، التي دفعت هؤلاء المقاتلين إلى السفر لأوكرانيا، مشيرة إلى أن ما سمته "حس المغامرة لدى المتطوعين الحاليين" يتلاشى، عندما تبدأ الطائرات والمدافع الروسية دك العاصمة بصواريخ غراد، أو عندما يشاهدون معارك الشوارع في المدن الأوكرانية.
وبينّت أنه رغم ما يقال عن عدد من الجنود الأمريكيين السابقين في العراق وأفغانستان، فإن المتطوعين الأجانب مثل آدم الذين يحلمون بالقتال، هواة في أحسن الأحوال، وما يدفعهم إلى المعركة، هو حسهم المشترك بما يتعرض له الأوكرانيون.
"سأتمتع بقتل الروس"
ولتأكيد أن أغلبية هؤلاء المقاتلين هواة، نقلت "واشنطن بوست" عن متطوع أجنبي يدعى بريان، كندي، قوله: "لديّ خبرة قتالية بسيطة، لكنني مستعد للقتال والموت مع هذا الرجل"، يقصد "آدم"، مضيفًا: "كنت طوال حياتي صيادًا، ووضعت في فرقة قناصة هنا، وسأقتل كل مَنْ أستطيع قتله من الروس... لم أقتل أحدًا في حياتي، وسأتمتع بهذا هنا".
وكـ "آدم وبريان"، رفض المتطوعون ذكر أسمائهم كاملة، خوفًا على أمنهم، ولحماية أقاربهم، أو أنهم جاءوا من دون إخبار أهاليهم، ورغم ذلك فإنه من غير الواضح ما سيقدمه تدفق هؤلاء المتطوعين، سواء كجنود أم مساعدين طبيين أم موظفين لوجستيين في ساحات القتال.
تجنيد غير منظم
ونقلت الصحيفة عن خمسة متطوعين، أحدهم من جورجيا، يتولى تجنيد الأمريكيين والأجانب، قولهم: برنامج الحكومة الأوكرانية للمتطوعين بدا غير منظم في بعض الأحيان، مشيرين إلى تجنيد البعض في فرقة بعينها قبل سفرهم من بلادهم، وهناك آخرون حملوا حقائبهم وهبطوا في العاصمة كييف، من دون عقود ولا معرفة باللغة المحلية، على أمل استقبال أحد لهم وإرسالهم إلى الجبهات.
وترى "واشنطن بوست"، أنه بعيدًا عن المنفعة القتالية، فالمتطوعون الأجانب مفيدون في العلاقات العامة، وإظهار التعاطف الدولي مع أوكرانيا.
المكاسب السياسية
ونقلت الصحيفة عن إيلمارق كيهكو، الباحث في شؤون أوكرانيا بجامعة الدفاع السويدية، قوله: "هذه طريقة لربط الناس في الدول الأخرى بالحرب الأوكرانية ونتائجها"، مضيفًا: "ربما كانت النتيجة السياسية أهم على المدى البعيد، من المشاركة الحقيقية في الحرب".
لكن -حسب "واشنطن بوست"- هناك مشكلة في تحول هؤلاء الأمريكيين والأجانب إلى أزمة، مشيرة إلى أنه لو ألقي القبض على مقاتلين أمريكيين، ستكون هناك إمكانية لتحولهم إلى وقود في الحرب الدعائية الروسية، ولو قُتلوا ستتعرض الولايات المتحدة لضغوط من أجل الانتقام.
إسرائيل وأوكرانيا
وبالعودة للحديث عن "آدم"، أوضحت الصحيفة الأمريكية، أن كل ما يتطلع إليه هو الذهاب إلى ساحة المعركة، مشيرة إلى أن خياره الأول كان العمل مع فرق الإسعاف، أما خياره الثاني فهو أن يكون "قناصًا"، إلا أنه لا يملك أي خبرة في أي من المهمتين.
وحسب "واشنطن بوست" فإن آدم -وهو يهودي يحمل الجنسيتين الأمريكية والإسرائيلية- لم يتوقف عن مشاهدة ما يحدث في أوكرانيا، وقارن بين هجوم روسيا على أوكرانيا والنزاع الإسرائيلي الفلسطيني. ويعتقد أن أوكرانيا وإسرائيل تعرضتا لهجمات غير مبررة، وأن البلدين بحاجة إلى مساعدة لقتال أعدائهما.
وأوضح آدم أنه كان يخطط لكي ينتقل إلى إسرائيل والانضمام للجيش الإسرائيلي، لكنه قرر التوقف في أوكرانيا أولًا، التي لا يعرف الكثير عنها، لكنه يعتقد أن هناك رابطة، لأن عائلته تنتمي إلى مهاجرين من ليتوانيا وبولندا.
رحلة الوصول إلى أوكرانيا
وعن طريقة وصوله إلى أوكرانيا، كشفت "واشنطن بوست" أن "آدم" لم يخبر والديه أو أخواته وشقيقه بأنه سافر إلى أوكرانيا، بل أخبرهم بأنه سافر لمساعدة اللاجئين الأوكرانيين، الذين عبروا إلى بولندا، كما أنه لم يتصل بالسفارة الأوكرانية ولا قنصلية بلاده، ولم يسجل في الموقع الخاص بالمتطوعين الأجانب على الإنترنت، مشيرة إلى أنه وصل إلى اسطنبول أولًا، ومن ثم إلى وارسو، ثم وجد طريقه برًا إلى أوكرانيا، مارًا بمدينة لفيف حتى وصل كييف.
4 آلاف أمريكي
وعلى غرار آدم، يبدو أن هناك الكثير من المتطوعين الأجانب الذين لم يسجلوا أسماءهم في كشوف المتطوعين، إذ أشارت "واشنطن بوست" إلى أن نحو 20000 متطوع أجنبي وصلوا أوكرانيا، منهم قرابة 4000 أمريكي، موضحة أن هؤلاء عليهم توقيع عقود بأنهم سيقاتلون حتى نهاية الحرب.
وحسب الصحيفة، فإن هذه العقود تعني أن بنود ميثاق جنيف عن الحرب تسري عليهم، إذ يحصل كل متطوع على 3000 دولار في الشهر.
البيروقراطية والتأخير
وكشفت الصحيفة الأمريكية، عن مشكلات أمنية للمقاتلين الأجانب، إذ يشكو المتطوعون من تأخير العقود، والأوراق البيروقراطية والحصول على البنادق والتدريب الكافي، وانتظار أيام قبل نقلهم إلى الوحدات العسكرية.
وحسب الصحيفة، يبرر الأوكرانيون التأخير، بأن العملية ليست لها علاقة بعدم التنظيم، لكن للتحقق من هوية المتطوعين، إذ إنه لا يُسمح إلا لمن لديهم خبرة قتالية بالمشاركة في القتال، بينما قال مسئول عسكري: عندما لا تكون لديهم خبرة، فلا فائدة منهم، ونخبرهم بأنهم قد ينفعون في مجالات أخرى.
تؤكد "واشنطن بوست" أن القانون يسمح للأمريكيين بالقتال خارج البلاد، بينما ذكرت طلب إدارة بايدن من قدامى المحاربين وغيرهم من الأمريكيين، بعدم الانضمام إلى القوات الأوكرانية والمغادرة إذا كانوا بالفعل في البلاد.