نيويورك تايمز: روسيا وإيران تستعرضان تحالفهما ضد الولايات المتحدة
بدأ رئيسي رحلة يومين إلى موسكو لإبراز الروابط المتينة بين دولتين لهما مصالح متباينة في كثير من الأحيان، وتاريخ من العلاقات المتوترة، ولكن لهما، جنبًا إلى جنب مع الصين، خصم واحد هو الولايات المتحدة.

ترجمات - السياق
اعتبرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أن اللقاء الذي ضم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره الإيراني إبراهيم رئيسي، في موسكو الأربعاء، جاء كمحاولة من البلدين لإظهار وقوفهما ضد الولايات المتحدة.
وقالت "نيويورك تايمز" إن رئيسي جلس على طاولة طويلة مع بوتين على مسافة متباعدة، مراعاة لإجراءات فيروس كورونا، وذكّر الرئيس الإيراني نظيره الروسي بأن طهران "تقاوم أمريكا منذ 40 عامًا".
وقال رئيسي إنه قدّم إلى موسكو مسودات وثائق بشأن التعاون الاستراتيجي، من شأنها تعزيز التعاون المشترك على مدى العقدين المقبلين، وأوضح الرئيس الإيراني في أول زيارة دولة له منذ توليه منصبه في أغسطس الماضي: "نحن في إيران ليس لدينا حدود لتوسيع العلاقات مع روسيا".
وأضاف أن طهران تريد تطوير علاقات مع موسكو "لا تكون مؤقتة بل دائمة واستراتيجية"، وتابع: "الظروف الحالية الاستثنائية تتطلب تعاونًا كبيرًا بين بلدينا ضد الأحادية الأمريكية".
مسرح سياسي
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أنه كان هناك نوع من المسرح الجيوسياسي في الكرملين، في لحظة حرجة لواشنطن وخصومها.
وبدأ رئيسي رحلة يومين إلى موسكو لإبراز الروابط المتينة بين دولتين لهما مصالح متباينة في كثير من الأحيان، وتاريخ من العلاقات المتوترة، ولكن لهما، جنبًا إلى جنب مع الصين، خصم واحد هو الولايات المتحدة.
وذكرت أن زيارة رئيسي كانت فرصة لكي يظهر بوتين أن موسكو لديها أصدقاء تستطيع الاعتماد عليهم وقت المواجهة مع الغرب، موضحة أنه لتأكيد هذه الرسالة، شملت زيارة الرئيس الإيراني خطابًا ألقاه أمام مجلس الدوما، وهو تكريم نادر يمنح لزعيم زائر.
وأشارت إلى أن إيران تواجه عقوبات اقتصادية من الغرب، في وقت تجري محادثات مع الدول الموقعة على الاتفاقية النووية عام 2015 لإحيائها، لكن رئيسي أعرب عن دعم تكتيكي لبوتين في أوكرانيا.
وفي هذا الإطار، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان: إن الرئيسين اتفقا على إطار اتفاق يغطي التعاون الاقتصادي والعسكري.
اتفاق أسلحة
وعما إذا شمل اللقاء بين بوتين ورئيسي، اتفاقًا لبيع صفقة أسلحة روسية جديدة لإيران، قالت "نيويورك تايمز": "لم يوقع أي اتفاق علني، لكن لم يعرف المدى الذي سيذهب فيه الكرملين لبيع إيران الأسلحة الروسية المتقدمة، إلا أن الكرملين يبدو عازمًا على إرسال رسالة للغرب بأنه يبحث عن قوة مواجهة له، في إشارة للمناورة البحرية التي ستعقدها روسيا مع الصين وإيران".
أما إيران، فإنها تريد إرسال رسالة للغرب، بأن لديها بدائل في حالة عدم رفع العقوبات المفروضة عليها.
لكن رغم كل هذا التقارب، فإن "نيويورك تايمز" تؤكد أن البلدين، لديهما خلافات، ورغم العقوبات المفروضة على موسكو، فإن اقتصاد روسيا، بخلاف إيران، لا يزال مندمجًا مع الغرب، كما عمل بوتين على تقوية العلاقات مع إسرائيل التي تتعامل معها إيران كعدو.
وفي فيينا، تعمل روسيا مع القوى الأوروبية والولايات المتحدة لإحياء الاتفاقية النووية، ومع تصاعد الخلاف مع الغرب، فإن قادة روسيا عبروا عن استعداد لغض الطرف عن الخلافات مع طهران.
انسجام
ونقلت "نيويورك تايمز" عن غريجوري لوكيانوف، الباحث المتخصص بالعلاقات الدولية في المدرسة العليا للاقتصاد بموسكو، قوله: إن المسؤولين الروس أصبحوا أكثر انسجامًا في السنوات الأخيرة مع الموقف المعادي للغرب الأكثر تشددًا لبعض نظرائهم الإيرانيين.
وأوضحت "نيويورك تايمز" أن رئيسي تحدث عن "رغبة في التعاون الوثيق مع روسيا رغم شكوك الجمهور الإيراني".
وتعليقًا على رحلة رئيسي إلى موسكو، قال لوكيانوف: "هذه الزيارة ليست موجهة إلى الجمهور المحلي في البلدين، لكن في معظمها، موجهة إلى الغرب، وهناك الآن مؤيدون أكثر في القيادة الروسية لتبني المسار الراديكالي لإيران، الذي كان يُعد غير مقبول في روسيا".
وأشارت، إلى أن روسيا حشدت نحو 100 ألف جندي حول أوكرانيا، بينما طالبت بضمانات بأن حلف شمال الأطلسي (الناتو) لن يتوسع إلى أوكرانيا أو في أي مكان آخر في أوروبا الشرقية.
وأمام هذه التطورات، يقول المسؤولون الغربيون إن بوتين قد يشن غزوًا لأوكرانيا في أي وقت، وهددوا بفرض عقوبات قاسية على روسيا وتقديم دعم عسكري جديد لأوكرانيا إذا فعل ذلك، أما رئيسي، فإنه في الجزء العلني من لقائه مع بوتين، لم يذكر أوكرانيا، لكنه كرر ازدراء الكرملين طويل الأمد للتحالف العسكري الغربي.
وقال رئيسي، بحسب رواية الحكومة الإيرانية عن الاجتماع، إن "نفوذ حلف الناتو تحت أي ذريعة في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى، تهديد للمصالح المشتركة للدول المستقلة".
ورأت "نيويورك تايمز" أن رئاسة رئيسي عززت "قوة الفصيل المتشدد الذي انتقد الحكومة الوسطية السابقة للرئيس حسن روحاني، باعتبارها متوائمة للغاية مع الغرب، ما جعل إيران أقرب إلى موقف بوتين".
إجراءات ضد كورونا
وعن سبب بُعد المسافة بين بوتين ورئيسي خلال اللقاء، إذ جمعتهما طاولة كبيرة، قالت "نيويورك تايمز": إن بوتين التقى رئيسي، رغم جهود الكرملين المكثفة لحمايته من كورونا، حيث ينتشر متحور أوميكرون في موسكو بشدة، مشيرة إلى أن الزعيمين جلسا على بُعد نحو 20 قدمًا، تنفيذًا لإجراءات التباعد الاجتماعي.
ولتفسير ذلك، قال المتحدث باسم بوتين في وقت لاحق لوسائل الإعلام الروسية، إن ترتيب الجلوس كان بسبب "تدابير الضرورة الصحية".
تكنولوجيا روسية
وحسب "نيويورك تايمز" كشف مسؤولون إيرانيون أن الاتفاقية التي مدتها 20 عامًا والتي ناقشها الرئيسان بوتين ورئيسي، تركز على نقل التكنولوجيا من روسيا، وشراء المعدات العسكرية الروسية والاستثمارات الروسية في البنية التحتية للطاقة الإيرانية.
وقالت إيران إن الاتفاق سيُصاغ على غرار اتفاق اقتصادي وأمني شامل تم توقيعه في سبتمبر الماضي بين إيران والصين.
وذكرت الصحيفة، أنه بموجب هذا الاتفاق، ستستثمر الصين نحو 400 مليار دولار في مجموعة من المشاريع في إيران، مقابل النفط المخفض لمدة عقدين.
ونقلت الصحيفة عن محمود الشورى، نائب مدير معهد الدراسات الإيرانية والأوراسية في طهران، قوله: "نحن نسعى بالتأكيد إلى اتفاقية طويلة الأمد مع روسيا لأنها ضرورة، لكن الأهم من الشراكة الاقتصادية مع روسيا التحالف العسكري والاستخباراتي".
وقالت الصحيفة إنه في روسيا، يعتقد العديد من المحللين أن احتمال زيادة التعاون العسكري الروسي مع الخصوم الأمريكيين الآخرين أحد أفضل نقاط نفوذ الكرملين ضد واشنطن.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن سفنًا حربية من الأسطول الروسي في المحيط الهادئ دخلت الثلاثاء ميناء تشابهار الإيراني على خليج عمان، قبل مناورة بحرية مشتركة مزمعة مع إيران والصين.
البرنامج النووي
وبالانتقال إلى الملف النووي الإيراني، رأت "نيويورك تايمز" أن أكثر القضايا الشائكة التي تواجه موسكو وطهران، مستقبل البرنامج النووي الإيراني، وأشارت إلى أنه في تصريحاته المتلفزة الأربعاء، قال بوتين لرئيسي: "من المهم للغاية الاستماع إلى موقفك" من المفاوضات في فيينا.
ونقلت عن دبلوماسيين -شاركوا في المفاوضات- قولهم: إن إيران لم يتبق أمامها سوى أسابيع قليلة لانتهاك الحدود الأصلية لإنتاج قنبلة نووية، لدرجة أن إحياء الاتفاق حينها سيكون بلا معنى.
وحسب "نيويورك تايمز" يعتقد المحللون أن روسيا تواصل لعب دور بنّاء في محادثات فيينا، حيث ترفض وصول إيران لإنتاج قنبلة نووية، كما ترفض بالمقابل أي ضربة أمريكية أو إسرائيلية لطهران، كبديل للاتفاق النووي.
وأوضحت أن هذا يعني أنه من المحتمل أن يضغط بوتين على إيران للتحرك بشكل أسرع، رغم أنه قد يميل إلى استخدام التعاون الروسي في المحادثات كأداة ضغط للمساومة في المواجهة بين روسيا والغرب بشأن أوكرانيا.
وتعليقًا على هذه التوقعات، نقلت "نيويورك تايمز" عن علي واعظ، مدير ملف إيران في "مجموعة الأزمات الدولية"، قوله: "روسيا لا تريد إيران مع قنبلة نووية، ولا أن تُقصف إيران"، مضيفًا: "الروس بارعون جدًا في تجزئة خلافاتهم مع الغرب".