يضغط بذكاء على الجيش ويهادن واشنطن... هل ينجح عمران خان في العودة إلى السلطة؟
رغم ادعائه أنها وراء عزله... عمران خان يبدي رغبته في بناء جسور مع الولايات المتحدة

ترجمات - السياق
أبدى رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان، رغبته في تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، رغم ادعائه بأنها وراء عزله من منصبه في أبريل الماضي، واتهامه لها بأنها تعامل الباكستانيين كـ "عبيد".
وفي مقابلة مع صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، عقب محاولة اغتياله في وقت سابق من هذا الشهر، قال خان إنه لم يعد يوجه اللوم للولايات المتحدة، وإنه يريد علاقة جيدة معها في حال أعيد انتخابه.
كما حذر من أن باكستان على وشك التخلف عن سداد ديونها، وانتقد برنامج صندوق النقد الدولي في البلاد.
وتمت إطاحة خان في أبريل الماضي، بعد تصويت بحجب الثقة يزعم أنه كان نتيجة لمؤامرة بين رئيس الوزراء الحالي شهباز شريف والولايات المتحدة، الشريك الأمني البارز لباكستان الذي قدم للبلاد مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية.
العودة بالانتخابات
وحسب "فايننشال تايمز" يتوقع العديد من المحللين أن يفوز خان وحزبه "حركة الإنصاف" في الانتخابات العامة المقبلة، المقرر إجراؤها العام المقبل، بعد أن ارتفعت شعبيته، الأمر الذي يرجع الفضل فيه جزئيًا إلى خطابه المناهض للولايات المتحدة.
وعن المؤامرة المزعومة التي ينفيها كل من شريف والولايات المتحدة، قال خان خلال المقابلة مع الصحيفة البريطانية: "لقد انتهى الأمر، ويجب أن تتمتع باكستان -التي أريد قيادتها- بعلاقات جيدة مع الجميع، خصوصًا الولايات المتحدة".
وأضاف: "كانت علاقتنا بالولايات المتحدة مثل علاقة السيد والخادم أو علاقة السيد والعبد، إذ تم استخدامنا وكأننا بندقية يتم تأجيرها، لكنني ألوم حكومات البلاد على ذلك أكثر من الولايات المتحدة نفسها".
كان مسلح قد أطلق النار على خان مرات عدة في ساقه، بينما كان يقود مسيرة للمطالبة بعقد انتخابات مبكرة، ويزعم رئيس الوزراء السابق أن لديه أدلة على أن رئيس الوزراء الحالي إلى جانب مسؤولين مدنيين وعسكريين كبار بارزين، قد خططوا لقتله.
وحسب الصحيفة البريطانية، فإنه رغم نفي شريف والمسؤولين الآخرين لهذه المزاعم، فإن محاولة الاغتيال هذه وادعاءات خان أدت إلى دخول باكستان بشكل أعمق في أزمة، في وقت تشهد فيه اضطرابات سياسية واقتصادية بالفعل، إذ يعتقد بعض المحللين أن إسلام أباد، التي عانت فيضانات مدمرة خلال الصيف، مُعرضة لخطر التخلف عن سداد ديونها الخارجية التي تزيد على 100 مليار دولار.
صندوق النقد والتقشف
ولم يفوت رئيس الوزراء السابق، الفرصة، وانتقد خان خلال المقابلة، برنامج صندوق النقد الدولي في باكستان، الذي تم إطلاقه لأول مرة في عهده عام 2019، لكن تمت إعادته مرة أخرى في عهد شريف، لأنه -من وجهة نظره- أدى إلى تبني إجراءات تقشفية مثل رفع أسعار الوقود في وقت تعاني فيه البلاد معدلات تضخم مؤلمة، بحسب وصفه.
وعلق خان على برنامج صندوق النقد قائلًا: "إذا أدت بعض إجراءات صندوق النقد الدولي إلى تقليص الاقتصاد، كيف نسدد القروض التي تستمر في النمو؟ وسؤالي هو: كيف نسدد ديوننا؟... بالتأكيد سنتجه نحو التخلف عن السداد".
أمام ذلك، اتهم بعض النقاد "عمران خان" بتعريض الآفاق الاقتصادية للبلاد للخطر بشكل أكبر، من خلال الإضرار بالعلاقات مع الولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي والشركاء الدوليين الآخرين، الذين تعتمد عليهم باكستان في التمويل، وفقًا للصحيفة البريطانية.
ونقلت "فايننشال تايمز" عن علي ساروار نقفي، وهو دبلوماسي باكستاني سابق، قوله إن رئيس الوزراء السابق سيجد صعوبة في تحسين العلاقات بالولايات المتحدة، مضيفًا: "إذا عاد خان إلى السلطة، فإن علاقات باكستان بالولايات المتحدة ستظل تحت ضغط".
وخلال المقابلة، اعترف خان بأن زيارته لموسكو قبل يوم من غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير الماضي، التي كان يدعي أن الولايات المتحدة انتقمت منه بسببها، كانت "مُحرجة" لكنه قال إن الرحلة كان قد تم ترتيبها قبل أشهر من موعدها.
انتخابات مُبكرة
ويرى عمران خان أن الانتخابات المبكرة السبيل الوحيد لاستعادة الاستقرار السياسي في باكستان، إلا أنه -حسب "فايننشال تايمز"- لم يُحدد خططًا للاقتصاد، حال توليه منصبه، لكنه حذر من أن تأخير الانتخابات سيضر بالبلاد أكثر.
وحسب الصحيفة البريطانية، فإنه رغم شعبيته الكبيرة، سيواجه طريق عمران خان إلى الفوز العديد من العقبات، بما في ذلك القضايا القانونية التي قد تمنعه من الترشح، كما أن اتهاماته بشأن إطلاق النار قد أدت إلى إثارة مواجهة مع الجيش الباكستاني القوي، الذي غالبًا ما يلعب دورًا حاسمًا بالكواليس في سياسة البلاد.
وبينما يقول محللون إن الجيش هو الذي ساعده في الوصول إلى منصب رئيس الوزراء عام 2018، فإن علاقاتهما توترت أثناء توليه منصبه.
ونقلت "فايننشال تايمز" عن محللين متخصصين في الشأن الباكستاني قولهم: إن الانتقادات اللاذعة بين عمران خان والقوات المسلحة في الأشهر الأخيرة تبدو غير عادية.
وفي المقابلة مع الصحيفة، اتهم خان الجيش بإضعاف المؤسسات المستقلة في البلاد، والعمل مع بعض السلالات السياسية، مثل عائلة شريف كما لو كانوا "فوق القانون".
وقال: "يمكن للجيش أن يلعب دورًا بناءً في خططي المستقبلية لباكستان، ولكن يجب أن يكون هناك توازن، فلا يمكن أن يكون لدينا حكومة منتخبة ومفوضة من قِبل الشعب لتحمل المسؤولية بينما تكمن السلطة في مكان آخر".
بينما يرى بعض المحللين أن انتقادات رئيس الوزراء الباكستاني السابق للجيش تبدو كمحاولة ذكية منه للضغط على المؤسسة العسكرية لدعمه والسعي للتأثير في اختيار قائد الجيش الجديد، وهي الاتهامات التي نفاها عمران خان خلال المقابلة، وقال إنه يريد اختيار المرشح الجديد "على أساس الجدارة والكفاءة".