فورين بوليسي: ترامب وبايدن تركا أفغانستان تنهار

رأت فورين بوليسي أن الصفقة الثنائية لترامب مع طالبان، ثم تمسك بايدن الديمقراطي بها، تسببت في تفكك قوات الأمن الأفغانية.

فورين بوليسي: ترامب وبايدن تركا أفغانستان تنهار

ترجمات - السياق

رأت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، أن الإدارات الأمريكية -باختلاف توجهاتها السياسية (جمهوري وديمقراطي)- تسببت في انهيار أفغانستان، مشيرة إلى أن الرئيسين، السابق دونالد ترامب والحالي جو بايدن، تركا طالبان تتولى زمام الأمور في البلد الآسيوي بسهولة.

وقالت المجلة في تقرير: إن الانهيار الكارثي للجمهورية الأفغانية، والاستيلاء اللاحق على البلاد، على يد ما وصفتهم بـ"عصابة من الإرهابيين، ومهربي المخدرات، وكارهي النساء، كان نتيجة مباشرة للقرارات التي اتخذها رؤساء الولايات المتحدة المتعاقبون، بالتعامل مباشرة مع طالبان، والوفاء بوعود من جانب واحد، بسحب القوات العسكرية التي كانت ضرورية لبقاء الدولة".

وأشارت إلى أن ما سمته (هذا الاستنتاج المدمر) هو ما توصل إليه مكتب المفتش العام الخاص بإعادة إعمار أفغانستان -هيئة الرقابة الرئيسة للحكومة الأمريكية في أفغانستان- الذي قدَّمه في تقرير إلى لجنتين بالكونغرس.

 

صفقات خاسرة

ورأت "فورين بوليسي" أن الصفقة الثنائية لترامب مع طالبان، ثم تمسك بايدن الديمقراطي بها، تسببت في تفكك قوات الأمن الأفغانية، مشيرة إلى أن انهيار تلك القوات، دفع أعضاء بارزين في الحكومة الأفغانية، بمن فيهم الرئيس أشرف غني ومستشاره للأمن القومي، حمد الله محب، إلى الفرار من البلاد، مع دخول طالبان العاصمة كابل في 15 أغسطس 2021، ليفسحوا بذلك المجال أمام طالبان، لاستكمال هزيمة الحكومة الأفغانية وإعلان النصر.

وأوضحت المجلة أن مكتب المفتش العام لإعادة إعمار أفغانستان، خلص إلى أن الاتفاق المعيب بين ترامب وطالبان، الذي وقِّع في 29 فبراير 2020، وقرار بايدن بمتابعة شروط الانسحاب -رغم فشل طالبان في الوفاء بالتزاماتها، مثل قطع العلاقات مع تنظيم القاعدة-  دمر معنويات قوات الدفاع والأمن الوطنية الأفغانية.

وكشفت المجلة أن واشنطن دعمت الجيش الأفغاني والقوات الخاصة والقوات الجوية والشرطة العسكرية، بما يقرب من 90 مليار دولار، بين عامي 2002 و2021.

وحسب المجلة، يقول مكتب المفتش العام، إن الأفغان اعتمدوا على القوات الأمريكية، وعلى الضربات الجوية بشكل حاسم، ما منح حكومة أشرف غني –حينها- تفوقها الوحيد في ساحة المعركة ضد طالبان.

وأشارت إلى أن ترامب لم يوافق على سحب القوات الأمريكية فحسب، وإنما أيضًا المتعاقدين الذين أبقوا طائرات الهليكوبتر والطائرات المقاتلة في الجو.

ورأت أن الانسحاب السريع للقوات الأمريكية، ضاعف المشكلات القائمة بالأساس، من تدني الرواتب في الجيش الأفغاني، التي كانت لا تُدفع في كثير من الأحيان، وتداعي الخدمات اللوجستية، وهو ما أدى لعدم وصول الطعام والذخيرة إلى الجنود، وكذلك ما سمتها القيادة الفاسدة، التي كانت تسرق الأسلحة والوقود، والتي كان ينتهي بها الأمر -في كثير من الأحيان- إلى أيدي مسلحي طالبان.

وبينت أنه إضافة إلى ما سبق، كان ما سمته جنون العظمة، الذي تملك أشرف غني حينها، من أن الصفقة مجرد وسيلة لإطاحته، من أسباب جعل سقوط كابل حتميًا.

 

توابع الصفقة

وعن توابع الصفقة بين ترامب وطالبان، بينت "فورين بوليسي" أن النتائج جاءت في تقرير مؤقت عن انهيار قوات الدفاع والأمن الوطنية الأفغانية، إضافة إلى نقاط الضعف في تطويرها خلال عقدين، الذي قُدِّم إلى لجنتي الإشراف والإصلاح، والخدمات المسلحة بمجلس النواب الأمريكي.

وأشارت إلى أنه من المقرر تقديم التقرير في وقت لاحق من العام الحالي 2022، لافتة إلى أن الاستنتاجات تتوافق -حتى الآن- مع روايات الأحداث، التي قالت بها قوى فاعلة في الحكومة الأفغانية، بما في ذلك حمد الله محب، مستشار الأمن القومي الأفغاني السابق، الذي قال إن انهيار قوات الدفاع والأمن الوطنية الأفغانية، بدأ في فبراير 2020 مع اتفاق ترامب وطالبان.

ولتوضيح ذلك، قال محب أمام اتحاد أكسفورد -وهي جمعية نقاش بإنجلترا- إن صفقة ترامب والمحادثات اللاحقة مع قادة المتمردين -وكثير منهم إرهابيون تُلاحقهم العقوبات الدولية- أديا إلى تبييض صفحة حركة طالبان كـ (حكومة مرتقبة) عن طريق استبعاد الحكومة المدعومة من التحالف الغربي.

وأضاف مستشار الأمن القومي الأفغاني السابق: "قاتلت قوات الأمن بشجاعة بقدر ما تستطيع، إلا أنها بعد ذلك عندما شعرت بأنها معركة خاسرة، كان هناك تدهور في الروح المعنوية، وانتهى الأمر بتوقفهم عن القتال"، متابعًا: "أعتقد، كما في أي حرب، أنه من المهم معرفة من هو العدو، وعندما يكون هذا الخط ضبابيًا، يصبح من الصعب على أي جندي أن يكون قادرًا على الاستمرار في القتال".

من جانبها -حسب المجلة الأمريكية- ألقت إدارة بايدن باللوم على الجيش الأفغاني في انهيار البلاد، إذ قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي: إن الجيش الأفغاني يفتقر إلى الإرادة السياسية للقتال.

وحسب "فورين بوليسي" وجد مكتب المفتش العام أن القوات الأفغانية ما كان يمكنها البقاء والاستمرار بمجرد تبخر الدعم الأمريكي فجأة، وهو الذي مكنها من صد تمرد شرس 20 عامًا، مبينة أنه من دون هذا الدعم هربت القوات الأفغانية والميليشيات المدنية التي قاتلت إلى جانبها، أمام تقدُّم طالبان.

وأشار مكتب المفتش العام -في تقريره- إلى أن بعض عواصم الأقاليم جرى الاستيلاء عليها بعد قتال بسيط، أو من دون قتال على الإطلاق.

 

عوامل الفشل

وأوضحت "فورين بوليسي" أن مكتب المفتش العام الدولي حدد ستة عوامل، أسهمت في فشل قوات الدفاع والأمن الأفغانية، تصدرت قرارات ترامب وبايدن القائمة، تلاها فقدان الدعم الجوي الأمريكي وأشكال الدعم الأخرى.

وشملت العوامل الأخرى التغييرات المتكررة، التي أجراها أشرف غني على قيادة قوات الدفاع والأمن الوطنية الأفغانية، وتعيينه الموالين في المناصب القيادية، وعدم وجود خطة للأمن القومي، وعدم استدامة قوات الدفاع والأمن الوطنية الأفغانية، بسبب ارتفاع عدد الضحايا ومعدلات الاستنزاف، مع استغلال طالبان لنقاط الضعف تلك.

ورأت المجلة أن وجود القوات الأمريكية، ساعد في إقناع قوات الدفاع والأمن الوطنية الأفغانية، بأن الحكومة ستواصل دفع رواتبهم، على الأقل نظريًا، والتخلص من المسؤولين الفاسدين.

وبالمثل -حسب المجلة- لأنه كان هناك وجود أمريكي، اعتقدت النخبة الأفغانية أن البقاء في البلاد آمنًا، إلا أنه سرعان ما تراجعت هذه الثقة مع نمو شرعية طالبان، وبدأت القوى الفاعلة في الصراع، من الحكومات الإقليمية إلى وسطاء السلطة المحليين والدول المجاورة، التحوط في تحالفاتها.

ونقلت المجلة الأمريكية عن مصادر قولها: إن بعض أمراء الحرب تعاملوا مباشرة مع قيادة طالبان، بينما حظي قادة الحركة المتشددة بالتكريم في موسكو وبكين وطهران وإسلام أباد.

وأشارت المجلة إلى أن التنازلات الأمريكية لطالبان -بما في ذلك إطلاق سراح الآلاف من سجناء طالبان مقابل لا شيء، من دون استشارة الحكومة في كابل- ساعدت أيضًا في قلب الموازين ضد استمرار الجمهورية الأفغانية.

ونقلت المجلة عن أحمد شجاع جمال، المدير العام السابق للعلاقات الدولية في مجلس الأمن القومي الأفغاني، الموجود في المنفى، وويليام مالي، الخبير في شؤون أفغانستان في الجامعة الوطنية الأسترالية، قولهما: إن المجتمع الدولي، بعد أن لاحظ التحول في السياسة الأمريكية، عدل موقفه وفقًا لذلك.

ورأى الكاتبان أن ما سمياها (التنازلات الأمريكية) والتوجهات المتغيرة للمجتمع الدولي، عملت أيضًا في غير صالح الدولة الأفغانية، ما عجَّل بسقوطها في أيدي طالبان.