حريق حقل شاديجان النفطي... هل يعد استمرارًا لحرب الظل بين إيران وإسرائيل؟

أعلنت إيران –الثلاثاء- السيطرة على حريق في حقل شاديجان النفطي الجنوبي، مشيرة إلى أنه ناتج عن عمل تخريبي، من دون أن تكشف المتسبب فيه.

حريق حقل شاديجان النفطي... هل يعد استمرارًا لحرب الظل بين إيران وإسرائيل؟

السياق

عمليات تخريبية واغتيالات، وحوادث وفاة غامضة، إضافة إلى اندلاع حرائق في منشآت مهمة، سلسلة من الحوادث المتعاقبة في إيران، عجزت السلطات عن تفسيرها.

إلا أن تلك الحوادث دائمًا ما تصاحبها تطورات في الملف النووي الإيراني، ما دفع مراقبين إلى تفسير أسبابها، بأنها استمرار لحرب الظل بين إيران وإسرائيل منذ أعوام، التي مُنيت فيها طهران بخسائر فادحة.

 

فما الجديد؟

آخر تلك الحوادث، التي دائمًا ما تسجل بأيد مجهولة، أعلنت إيران –الثلاثاء- السيطرة على حريق في حقل شاديجان النفطي الجنوبي، مشيرة إلى أنه ناتج عن عمل تخريبي، من دون أن تكشف المتسبب فيه.

وفي تصريحات لوكالة رويترز، قال مسؤول بشركة نفط محلية للتلفزيون الرسمي، إن إيران سيطرت –الثلاثاء- على حريق في حقل شاديجان النفطي الجنوبي نتج عن عمل تخريبي.

المسؤول الذي لم يكشف التلفزيون الرسمي هويته، قال إن الحريق شب في ساعة مبكرة من صباح اليوم، نتيجة عبث مجهولين، إلا أنه أكد السيطرة عليه بسرعة، مشيرًا إلى أن «الوضع تحت السيطرة ولا داعي للقلق».

إلى ذلك، اعترف الرئيس التنفيذي لشركة مارون لاستخراج النفط والغاز، قباد ناصري، بأن الحريق الذي اندلع صباح الثلاثاء في إحدى آبار حقل شادغان، بالقرب من مدينة الفلاحية جنوبي غرب الأهواز كان بسبب "تلاعب مجهولين" بالبئر.

ولم يوضح ناصري طبيعة ما وصفه بـ"التلاعب" الذي يبدو أنه ناجم عن عمل تخريبي.

واكتفى بالقول إن الحريق اندلع الساعة 6:20 من صباح الثلاثاء، بسبب تلاعب مجهولين بإحدى آبار في حقل "شادغان" للنفط، وتم احتواؤه على الفور، وأوضح أن الحقل في أمان، والبئر المتضررة تحت إدارة موظفي شركة مارون للنفط والغاز، وقد بدأت عمليات تصليحه.

وحسب ناصري، يجرى التحقيق في حجم الضرر، وسيتم إعلانه خلال 24 ساعة، إلا أنه أكد أن البئر ستعود قريبًا إلى الإنتاج.

 

طائرة مسيرة

اندلاع الحريق في الحقل النفطي، جاء بعد يوم من إعلان العميد كيومرث حيدري قائد القوة البرية التابعة للجيش الايراني، أن الطائرة المسيرة «آرش2»، صممت خصيصًا لحيفا وتل أبيب، مشيرًا إلى أن لديها قدرة إعادة تحديد الهدف قبل إصابته وهي مخصصة للقضاء على إسرائيل.

وأوضح العميد حيدري -في مقابلة مع التلفزيون الإيراني مساء الأحد- أن المسيرة آرش2 انضمت إلى القوات البرية، مشيرًا إلى أن قدرتها الدقيقة على إصابة الأهداف، شبيهة بدقة إصابة الأهداف لدى صاروخ فتح.

تأتي تلك التطورات، بينما أعلنت إسرائيل -مساء الاثنين- أنها تعمل على استراتيجية قدمتها لألمانيا لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، مشيرة إلى أن إيران النووية ستزعزع استقرار الشرق الأوسط وتتسبب في سباق تسلح نووي يعرض العالم للخطر.

وبينما أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي -خلال لقائه المستشار الألماني أولاف شولتز- أن العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني خطأ فادح، أشار إلى أنه قدم للمستشار الألماني معلومات استخبارية حساسة وذات صلة بالملف النووي الإيراني.

وقال المسؤول الإسرائيلي إن رفع العقوبات وضخ مئات المليارات من الدولارات في إيران، سيؤدي إلى موجات من الإرهاب، ليس فقط في الشرق الأوسط، لكن أيضًا في أوروبا.

 

ليس الأول

الحريق -الذي اندلع الثلاثاء في المنشأة النفطية الإيرانية- ينضم إلى الحوادث التي سجلت بأيد مجهولة في إيران خلال الفترة الماضية، بل إن بعض المراقبين أدرجه ضمن حروب الظل المندلعة بين إسرائيل وإيران منذ سنوات.

وبحسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز، فإن إسرائيل اتبعت العام الماضي استراتيجية جديدة في التعامل مع إيران، كثفت بموجبها نطاق وتواتر هجماتها داخل البلد الآسيوي، عبر استهداف المواقع النووية والعسكرية والمنشآت الحساسة.

وبينما قالت الصحيفة الأمريكية، إن تلك الاستراتيجية حققت نجاحات لتل أبيب، قالت إنها كشفت اختراقات أمنية وصفتها بـ«الكارثية» في إيران.

آخر تلك الحوادث، تصفية حسين طائب رئيس جهاز استخبارات الحرس الثوري في يونيو الماضي، بضربة وصفتها «نيويورك تايمز»، بأنها موجعة، خاصة أن الرجل كان له وجود مخيف في إيران، برئاسته جهاز الاستخبارات الضخم و«سحقه» المعارضين والخصوم السياسيين.

وفي يونيو تعرض الضابط في فيلق القدس الإيراني، العقيد علي إسماعيل زادة، لعملية اغتيال، وسط انتشار روايات متناقضة، بين حديث عن انتحاره، وأخرى زعمت أنه جرت تصفيته لدوره في اغتيال العقيد حسن صياد خدايي.

في المقابل، حاولت إيران استهداف الإسرائيليين بتركيا، في الشهر نفسه، إلا أن خطتها مُنيت بالفشل، بعد تعاون بين تل أبيب وأنقرة، أحبط الهجمات الإيرانية التي كان مخططًا لها.

وفي يونيو الماضي، تعرضت ثلاثة مصانع إيرانية للصلب إلى هجوم سيبراني، أجبر أحدها على وقف خط إنتاجه، في هجوم لم يسجل بأيد مجهولة، بل تبنته مجموعة من القراصنة تعرف بـ " Gonjeshke Darande" ، أعلنت مسؤوليتها –كذلك- عن هجوم مماثل في نوفمبر 2021، أدى إلى تعطيل محطات الوقود في إيران.

وتقول «نيويورك تايمز»، إن العملاء الإسرائيليين نفذوا في إيران عمليات اغتيال باستخدام ربوتات يتم التحكم فيها عن بُعد، وأطلقوا النار من مركبة متحركة، ووجهوا طائرات مسيرة إلى منشآت صاروخية ونووية حساسة، مشيرة إلى استجواب عميل من الحرس الثوري داخل إيران.

 

حوادث غامضة

في يونيو الماضي، عُثر على عالم الجوفضاء الدكتور أيوب انتظاري، الذي وصف بأنه «مهندس المسيرات» في مدينة يزد وسط إيران مسممًا، إضافة إلى قتل العقيد إسماعيل زادة الذي تضاربت الروايات في الإعلام الإيراني المعارض في الخارج بشأن وفاته مرجحة فرضية اغتياله.

وبقتل عالم الجوفضاء أيوب انتظاري في يونيو الماضي، يكون رابع شخصية علمية وعسكرية تفقدها إيران خلال الشهر نفسه، بعد قتل عالم شاب في حادث غامض بمنشأة عسكرية وعقيدين بفيلق القدس.

وفي مايو الماضي، اغتيل العقيد بالحرس الثوري الإيراني حسن صياد خدايي في طهران، من قبل شخصين بدراجة نارية أطلقا خمس رصاصات عليه أمام منزله.

وفي الشهر نفسه، أعلنت وزارة الدفاع الإيرانية قتل المهندس قدبيغي وإصابة آخر جراء حادث صناعي، في منطقة بارشين العسكرية شرقي طهران، التي تضم مجمعاً عسكرياً أجرت فيه إيران اختبارات تفجير قابلة للتطبيق في المجال النووي.

وفي الشهر نفسه، نشر موقع يديعوت أحرونوت الإسرائيلي خبرًا بوفاة عالم نووي إيراني يدعى كامران ملابور، في منشأة نطنز النووية، في ظروف غامضة، إلا أن أيًا من وسائل الإعلام الإيرانية لم يتحدث عن الأمر.

وفي فبراير 2022، اندلع حريق في قاعدة عسكرية للحرس الثوري غربي إيران، ما ألحق أضرارًا كبيرة بالموقع المستهدف، بينما لم تكشف إيران سبب الوفاة.

وفي يناير 2022، توفي العالم النووي الإيراني الدكتور علي هاشمي، الذي كان يعمل في منشأة الماء الثقيل النووي بمدينة أراك وسط إيران، في ظروف غامضة.

وفي نوفمبر 2022، اغتيل العالم النووي البارز محسن فخري زادة بالقرب من العاصمة طهران، وفي مايو 2021، أصيب 12 شخصاً من رجال الإطفاء، إثر اندلاع حريق كبير في مستودع للمواد الكيميائية بمدينة الأهواز جنوبي إيران، بينما لم تعلن السلطات الإيرانية سبب الحريق، ولا الأضرار التي لحقت بالمستودع.

وفي الشهر نفسه (مايو 2021)، اندلع حريق في مصنع للمواد المتفجرة والمفرقعات في محافظة أصفهان وسط البلاد، أدى إلى إصابة 9 عمال بجروح ولم تحدد أسبابه، كما شب حريق عند مدخل مدينة ‎بوشهر جنوبي البلاد التي تضم محطة بوشهر النووية.

وتعرض مفاعل نطنز النووي لانفجار غامض، في يوليو 2020، في حادث وصفته السلطات بأنه «عملية تخريب» تستهدف البرنامج النووي الإيراني.

وفي الشهر نفسه شب حريق كبير في ميناء بوشهر، أدى لاحتراق 7 سفن على الأقل.